الرئيسية » تقارير » بشار رفض تقديم أي تنازلات.. العالم العربي يزن ثمن تأهيل الأسد وموقف قطر والكويت مخالف

بشار رفض تقديم أي تنازلات.. العالم العربي يزن ثمن تأهيل الأسد وموقف قطر والكويت مخالف

وطن- كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن رفض رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تقديم أي تنازلات لوزراء خارجية العرب مقابل عودته للجامعة العربية.

وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تُصرّ فيه الكويت وقطر على رفض المصالحة مع سوريا، إلا أنّ عدداً من الدول العربية ومنها السعودية والأردن والعراق ومصر بدأت بالفعل، الاستعداد للمفاوضات مع دمشق.

بشار الأسد لن يتنازل للدول العربية بأي شيء مقابل إعادة تأهيله

وأكدت فايننشال تايمز، Financial Times في تقرير نشرته، الإثنين، على إحجام قطر والكويت في الانخراط في دعم الخطط التي تقودها السعودية، لدعوة الأسد إلى قمة جامعة الدول العربية هذا الشهر.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن مسؤول سعودي -لم تذكر اسمه- قولَه: “لا أعتقد أننا كنا سنتواصل مع سوريا إذا لم نتواصل مع إيران قبل ذلك”.

وتابع ذات المسؤول قوله: “فتح قناة النقاش مع سوريا لا يعني بأن الأمور تمت تسويتها.. ولكن بدون هذه القناة لا يمكننا التفاوض بشأن ما نريد”.

وتحت عنوان “العالم العربي يزن ثمن إعادة تأهيل الأسد”، أشارت الـFT إلى أنّ “العرب لم يُقرروا بعد، إعادة الأسد إلى الجامعة العربية”. معتبرةً أنّ “وقف تجارة الكبتاغون يتصدّر الاهتمامات العربية”.

وتقول الصحيفة في السياق، إنّه “لفترة طويلة، عومل الرئيس السوري بشار الأسد باعتباره منبوذاً دوليًا بسبب وحشية نظامه، لكنه في الفترة الأخيرة يقوم بدور مختلف يتمثّل في استضافة كبار الشخصيات العربية”.

تشير سلسلة من الزيارات في الأشهر الأخيرة إلى أن عزلة الأسد الإقليمية التي استمرت اثني عشر عامًا قد تقترب من نهايتها، مع القليل من التكاليف التي سيدفعها جراء الانتهاكات القاسية التي ارتكبتها قواته في أثناء سحق الانتفاضة التي خرجت ضد نظامه وخوض الحرب الأهلية التي تلت ذلك.

بشار الأسد لن يتنازل للدول العربية بأي شيء مقابل إعادة تأهيله
بشار الأسد لن يتنازل للدول العربية بأي شيء مقابل إعادة تأهيله

ما التنازلات التي ستقدّمها دمشق؟

يقول مسؤولون ومحللون في المنطقة، إن الجدل يتحوّل مما إذا كانت إعادة تأهيل الأسد أمرًا معقولاً على الإطلاق، إلى التنازلات التي سيطلبها من دمشق.

وتنقل الـFT عن جوزيف ظاهر، الخبير السوري في معهد الجامعة الأوروبية في إيطاليا، قولَه: “إن التطبيع مع الأسد يبدو حتميًا بشكل متزايد”.

ويتابع ظاهر بقوله: “قد تكون هناك بعض الاختلافات بين الدول العربية، لكن هذه الاختلافات بدأت تتضاءل بشكل كبير، بينما تنامت مصلحة هذه الدول المشتركة في ترسيخ شكل من أشكال الاستقرار الاستبدادي الإقليمي”.

تقود هذه المجموعة من الذين يريدون إعادة تأهيل الأسد، دولتا الإمارات والسعودية، اللتان التقى وزير خارجيتهما -على التوالي: عبد الله بن زايد وفيصل بن فرحان- الأسد في دمشق في 18 أبريل/نيسان الماضي، في أول زيارة علنية لمسؤول سعودي منذ عام 2011.

وقد جاءت تلك الزيارة بعد زيارة نظيره السوري، فيصل المقداد، إلى الرياض، لمناقشة “عودة سوريا إلى محيطها العربي “، بتاريخ 12 أبريل/نيسان الماضي.

وفي الوقت نفسه، يشعر الأسد بالثقة، ففي اجتماع عُقد مؤخراً لوزراء الخارجية ناقشوا فيه إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية.

وفي الصدد، تنقل الـFT عن مسؤولين -لم تذكر هويتهم- قولَهم إنّ بشار لم يبدِ أي اهتمام بالتسوية مع الدول العربية.

وقال أحد هؤلاء المسؤولين في تعليقه على موقف دمشق: “يريد السوريون الاستسلام التام”، ويضيف: “يمزح البعض حتى أنهم قد يطلبون اعتذارًا”.

بشار الأسد لن يتنازل للدول العربية بأي شيء مقابل إعادة تأهيله

قطر والكويت في مواجهة التهافت العربي على بشار الأسد

تقول الـFT إنه لا تزال بعض الدول العربية مترددة في علاقة بإعادة تأهيل نظام بشار الأسد، حيث أحجمت قطر والكويت عن دعم المخُططات التي تقودها السعودية لدعوة الأسد إلى قمة جامعة الدول العربية هذا الشهر.

ويأتي الموقف القطري والكويتي المعارض، في الوقت الذي بدأ فيه كبار المسؤولين من العديد من الدول العربية، بما في ذلك السعودية والأردن والعراق ومصر، بدأوا بالفعل العمل على القضايا التي يجب طرحها مع دمشق.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن أحد الدبلوماسيين -لم تُشر إلى هويته- قولَه إن “مثل هذه المفاوضات ستختبر ما إذا كان الأسد “جادًا أم لا” بشأن العودة إلى المجموعة الدبلوماسية العربية”.

ويشار هنا إلى أنّ معظم الدول العربية، قطعت علاقاتها مع الأسد في عام 2011 عندما بدأ في قصف السوريين وتعذيبهم بالغاز كجزء من الجهود المبذولة لهزيمة الثورة الوليدة التي أدى إلى نزوح أكثر من 14 مليون شخص داخلياً، أو لجأوا إلى الخارج.

ولكنّ تمسُّكَ الأسد بالسلطة بدعم عسكري من روسيا وإيران، واستعادته للسيطرة في نهاية المطاف على معظم البلاد المُمزقة، سرعان ما تبعه تشكّل ضغط عربي بقيادة إماراتية لإعادة إشراكه.

حيث أعادت أبو ظبي، فتح سفارتها في دمشق في عام 2018، ثم البحرين في نفس السنة، في اليوم ذاته مع الإعلان الإماراتي.

ترامب منع الدول العربية من التطبيع مع الأسد

يقول أندرو تابلر، وهو مسؤول أمريكي سابق وزميل أقدم في السياسة العربية في مركز أبحاث معهد واشنطن، إن الضغط من إدارة ترامب منع الآخرين من المتابعة، حسب ما ذكرت الـFT.

في تلك المرحلة، استهلك التنافس بين إيران والسعودية المنطقة، لذلك لم تكن هناك شهية تذكر لإعادة خطوط الحوار مع الأسد، تتابع الصحيفة البريطانية.

دعمت دول الخليج منذ فترة طويلة جماعات المعارضة وعارضت الوجود المتزايد لإيران في سوريا، لكن المواقف تجاه طهران قد تغيرت، مدفوعة جزئياً بما يقوله المسؤولون الإقليميون وهو عدم وجود اتجاه واضح من الولايات المتحدة في المنطقة.

ناهيك عن رغبة الإمارات والمملكة في تهدئة التوترات مع إيران ووكلائها، وهي تهدئة مهّدت الطريق للانفراجة الدبلوماسية التي توسّطت فيها الصين بتاريخ 10 مارس/آذار الماضي، بين إيران والسعودية.

قال أحد كبار المسؤولين السعوديين، حسب ما نقلت عنه الـFT، إنه في حين أن إعادة إشراك سوريا لم تكن “شرطاً” للصفقة للتصالح مع إيران، فإن “لأحدها تأثيراً على الآخر”. مضيفاً: “لا أعتقد أننا كنا سنتواصل مع سوريا إذا لم نتواصل مع إيران”.

حتى تركيا، وهي دعم رئيسي للفصائل الثورية المعارضة للأسد، أظهرت علامات مؤقتة على أنها يمكن أن تغير موقفها من بشار الأسد ونظامه.

في أعقاب زلزال فبراير/شباط الماضي، الهائل الذي ضرب تركيا وسوريا، خففت الولايات المتحدة مؤقتاً من قيود العقوبات لتسهيل تدفق المساعدات إلى سوريا، مما خلق لحظة للقادة العرب لاغتنامها، ما تسبّب في دهشة المسؤولين الأمريكيين، كما قال تابلر.

على عكس عام 2018، لم تتمّ مواجهة التحركات الأخيرة بتراجع قوي من واشنطن.

قطر والكويت في مواجهة التهافت العربي على بشار الأسد
قطر والكويت في مواجهة التهافت العربي على بشار الأسد

بايدن لا يُعارض “كلياً” التطبيع العربي مع الأسد

تنقل الـFT عن محمد علاء غانم، رئيس المجلس السوري الأمريكي، وهي مجموعة ضغط تعارض الأسد قولَه: “لم تكن سوريا أولوية قصوى لإدارة بايدن”، وقال غانم: “الولايات المتحدة انتقلت من “لا يجب أن تجرؤ على التطبيع مع الأسد” إلى “إذا طبعتَ مع الأسد فتأكّد من الحصول على شيء منه”.

وأشار غانم إلى التصريحات الأخيرة لمسؤول أميركي كبير قال، إنه بينما يجب “معاملة سوريا على أنها مارقة”، إذا أرادت الدول العربية إعادة إشراك الأسد، فعليها “الحصول على شيء مقابل ذلك”.

في الواقع، حتى الرياض، التي قادت المبادرات الدبلوماسية الأخيرة لدمشق، لم تلتزم بعدُ بالتطبيع الكامل مع الأسد دون بعض التحرك من الجانب السوري.

وقال المسؤول السعودي الكبير، الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته: “فقط لأنك فتحت قناة للنقاش، لا يعني ذلك أنه يتم فتحه بالكامل، ولكن بدون تلك القناة.. لا يمكنك التفاوض بشأن ما تحتاجه”.

الكبتاغون السوري على طاولة المناقشات العربية مع الأسد

إلى ذلك، قال دبلوماسي عربي آخر -لم تذكر الصحيفة هويته- إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية “يجب أن تكون نتيجة جُهد”.

بعد اجتماع الرياض لوزراء الخارجية العرب، قال الدبلوماسي المذكور، إن لجنة من مسؤولين رفيعي المستوى من السعودية والأردن ومصر والعراق اجتمعت للعمل على الخطوات التالية.

وتابع ذات المتحدث بقوله: “لقد توصلنا إلى إجماع حول القضايا التي يجب التركيز عليها”، بما في ذلك المخدرات والقضايا الإنسانية واللاجئين، “هذه قضايا نريد من النظام أن ينجزها”.

واكتسبت المبادرة زخماً، الاثنين، عندما التقى وزراء خارجية تلك الدول في عَمان (الأردن) لمناقشة تلك القضايا، وهذه المرة مع وزير الخارجية السوري فيصل مقداد.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية، إن الاجتماع يهدف إلى مناقشة مبادرة بلاده “للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية”.

بعد محادثات، الاثنين، قالت وزارة الخارجية الأردنية إن دمشق وافقت على العمل على خطوات “لإنهاء تهريب المخدرات” على الحدود مع الأردن والعراق، ومعالجة اللاجئين والمفقودين والنازحين داخلياً.

“حقوق الإنسان لن تكون أولوية..”

تقول الصحيفة البريطانية، إنه قد يكون من الصعب إحراز تقدم كبير في علاقة بمحاولات بعض الدول العربية إعادة تأهيل بشار الأسد.

وتنقل عن بعض الخبراء قولَهم: “إن الزعماء العرب لن يضغطوا على الأسد بشأن الانتهاكات في زمن الحرب لتجنب لفت الانتباه إلى سجلاتهم في حقوق الانسان”. كما أن ملايين اللاجئين في الخارج، الذين يخشون أن يجبرهم التقارب مع الأسد على العودة إلى سوريا، هي أيضًا مشكلة مستعصية حيثُ لا يزال الكثير خائفين من العودة”.

“الكبتاغون في المقابل.. أولوية”

من المرجّح أن تتحول المناقشات بين الدول العربية وبشار الأسد، إلى التركيز على الكبتاغون، وهو عقار الأمفيتامين الذي يسبب الإدمان بشكل كبير، والذي أصبحت تجارته شريان الحياة الاقتصادي لدمشق، وقد تأثرت السعودية والإمارات والأردن بشدة بتهريب المخدرات عبر حدودها.

تقول كارولين روز، مديرة معهد نيولاينز للأبحاث في تجارة الكبتاغون: “لقد صعد الكبتاغون الآن إلى قمة جدول الأعمال في مناقشات التطبيع”.

وأضافت: “لقد استخدم النظام (السوري) تجارة الكبتاغون كوسيلة ضغط، لكن من الغباء التفكير في أنه سيوقفها”.

في غضون ذلك، ليس من الواضح ما الذي ستعنيه إعادة تأهيل الأسد للجيوب الخارجة عن سيطرة النظام، بما في ذلك الشمال الغربي، الذي يخضع إما لسيطرة المعارضة أو تركيا، والشمال الشرقي الذي تسيطر عليه القوات الكردية (قوات سوريا الديمقراطية قسد) المدعومة من الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، تقول دارين خليفة، محللة شؤون سوريا في مجموعة الأزمات الدولية، إن “إعادة العلاقات السّياسية مع الأسد تترك الأسئلة الرئيسية دون معالجة”، مضيفة: “لقد أثبتت دمشق مرارًا وتكرارًا أنها غير مستعدة للانخراط في حل سياسي، هذه ليست الطريقة التي يعمل بها الأسد”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.