الرئيسية » الهدهد » نظام السيسي يحطم أسر المعتقلين السياسيين ويجبر نساءهم على طلب الطلاق

نظام السيسي يحطم أسر المعتقلين السياسيين ويجبر نساءهم على طلب الطلاق

وطن- نشرت صحيفة ميدل إيست آي، تقريراً مؤلماً، تحدث عن الحياة القاسية للمعتقلين السياسيين وزوجاتهم في مصر، وسط تصاعد ملحوظ لظاهرة الطلاق القسري على إثر الظروف الصعبة التي يواجهونها.

وقال التقرير: “بعد سبع سنوات من الإرهاق العاطفي والجسدي، كانت سارة تجد صعوبة في الاستمرار في زواجها.. لكن لم تكن أفعال زوجها، أنس، هي التي دفعتها إلى التفكير في الطلاق، ولكن بدلًا من ذلك استمرار سجنه من قبل السلطات المصرية، وهو عبء متزايد الصعوبة مع أمل ضئيل في إطلاق سراح أنس، أو حتى تحسين ظروف الزيارة”.

ولّت أحلام الحياة الأسرية العادية، لتحلّ محلّها حقيقة تواجهها العديد من النساء المصريات الأخريات، في انتظار الإفراج عن أزواجهن وخطيباتهن، من بين الآلاف الذين تم اعتقالهم في مصر منذ 2013.

خطبت سارة وأنس في فبراير 2015، ثم وقّعا عقد زواجهما في العام التالي، لكن أنس اختفى قبل فترة وجيزة من حفل زفافهما في صيف 2016.

في حديثها إلى موقع ميدل إيست آي، قالت سارة إن اختفاء أنس المفاجئ كان تجربة مؤلمة، وأضافت: “لقد وعد بالاتصال بي.. لكن 45 يومًا مرت دون أي اتصال”.

بحثت يائسة، عن أي علامة تدل على وجود زوجها حتى اكتشفت أنه تم القبض عليه ومتورط في قضية عسكرية، بتهمة ممارسة نشاط سياسي غير قانوني، وهو اتهام تنفيه عائلته.

يتجنب موقع ميدل إيست آي تحديد التفاصيل الدقيقة لقضية أنس حتى لا يتم التعرف عليه، مما قد يؤدي إلى تداعيات على أنس وسارة وعائلتهما الممتدة.

اتهمت جماعات حقوق الإنسان السلطات المصرية بتعذيب السجناء، وقالت إن المحاكمات، خاصة تلك التي تركز على القضايا السياسية، غالباً ما تكون غير عادلة.

زيارات مذلّة

خلال العامين الأولين من اعتقال أنس، تم تمديد حبسه شهريًا، بحسب سارة. لكنها كانت لا تزال تأمل في الإفراج عنه وزارته مرة في الأسبوع، لتبدأ رحلتها الطويلة إلى السجن في منتصف الليل.

قالت سارة: “عشت بعيدًا في محافظة نائية واضطررت للسفر إلى سجن طرة في جنوب القاهرة.. كنت أحمل أكياسًا ثقيلة من الطعام، وكنت أنضم إلى طابور طويل إلى جانب عائلات المجرمين والمعتقلين السياسيين خارج السجن”.

وأضافت: “المنطقة كانت مليئة بالحشرات والقمامة، مما تسبب في خوفي.. لم أكن لأدخل من البوابة الأولى للسجن [حتى] قرابة الساعة الـ11 صباحًا أو الـ12 ظهرًا، وأنا أتحمل أشعة الشمس الحارقة دون أن أنام”.

إهانات لفظية

تقول سارة إن الإهانات اللفظية كانت شائعة في أثناء انتظار رؤية السجناء، متذكّرة حادثة هدد فيها ضباط الأمن باغتصاب زوجات السجناء قبل دخولهن لرؤية أزواجهن.

تم اتباع المزيد من قوائم الانتظار عند كل بوابة، بما في ذلك عمليات التفتيش الجسدي، والتي وصفت فيها سارة درجة من التحرش الجنسي.

عندما استؤنفت الزيارات أخيرًا، تذكرت سارة: “كنت سأعقد اجتماعات قصيرة مع أنس، تدوم من خمس إلى عشر دقائق فقط. تم فصلنا بسياجين من الأسلاك الفولاذية بفجوة متر واحد. الأسوار، جنبًا إلى جنب مع الزيارات المتزامنة والمحادثات الصاخبة، جعلت من المستحيل بالنسبة لي أن أراه أو أسمعه بوضوح”.

موضة متنامية

سارة واحدة من العديد من النساء المصريات اللواتي يواجهن نفس المعضلة المتمثلة في الموازنة بين واجبهن وحبهن لشركائهن مع الحفاظ على صحتهن العقلية، وتحمل ضغوط أسرهن وأصدقائهن الذين يطلبون منهن الانفصال من أجل مصلحتهن.

امرأة تواصلت معها “ميدل إيست آي” انتظرت لمدة تسع سنوات بعد أن تم القبض على زوجها في يوم زفافهما قبل أن تقرر إنهاء زواجهما، وتم القبض على زوج امرأة أخرى خلال شهر العسل، قررت في النهاية الحصول على الطلاق.

طلب أفراد عائلة إحدى المطلقات من موقع “ميدل إيست آي”، عدم الاتصال بها، لأنها تزوجت مرة أخرى وكانت تخضع للعلاج.

والعدد الدقيق للزيجات التي انتهت بالطلاق نتيجة السجن في مصر غير متوفر، لكن هبة حسن، مديرة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، قالت إن هناك زيادة ملحوظة في حالات الطلاق بين المسجونين.

وأضافت: “من ملاحظاتي، بدأت الظاهرة بعد نحو ثلاث إلى أربع سنوات من الانقلاب، وأثّرت في المقام الأول على النساء اللاتي تمت خطوبتهن أو حصلن على شهادة زواج رسمية، لكنهن لم يبدأن بعدُ في العيش معًا في نفس المنزل”.

وتابعت: “في البداية، أبدت الزوجات والأمهات مزيدًا من الصبر في أثناء انتظار إطلاق سراح أزواجهن. ومع ذلك، مع إطالة فترة الاحتجاز وتكثيف الضغوط، تغيرت هذه الديناميكية”.

وأشارت إلى أن هناك عددًا من الأسباب للطلاق، بما في ذلك المخاوف الأمنية، والقضايا المالية، والصحة النفسية، فضلاً عن ضغوط الأسرة والمجتمع الأوسع.

وذكرت: “ظروف السجن القاسية هي السبب الرئيسي للطلاق”. وأوضحت أن الزوجات يواجهن صعوبات في زيارة أزواجهن وحتى التواصل معهم، وأن كل زيارة تنتهك حقوقهم الإنسانية الأساسية وتعرضهم للإذلال وأعباء إضافية.

ولفتت إلى حوادث أبلغتها بها عن ضغوط مورست خلال الزيارات لدفع الزوجات نحو الطلاق. تساءل أفراد الأمن علانية عن سبب استمرار النساء في الزيارة رغم الإذلال. وطبقاً لحسن، قيل للنساء: “اطلّقي وحرري نفسك”.

وشدّدت أيضًا على الصعوبات المالية التي تواجهها زوجات المحتجزين، حيث كان الأزواج في كثير من الأحيان هم المعيلون الأساسيون قبل سجنهم. ولذلك فإن الوضع يجبر الزوجات على العمل أو الاعتماد على الدعم من الأسرة الممتدة أو التبرعات الخيرية لإعالة أسرهن وتمويل النفقات المرتبطة بزيارة السجن، لكن هذا يمكن أن يسبب مشاكل أيضًا.

وذكرت الباحثة: “في بعض الحالات، قد تشعر أسرة الزوجة بالتردد في تحمل المسؤوليات المفروضة عليهم كأسرة محتجز، بالنظر إلى العبء الهائل الذي تحملوه لسنوات دون أن تلوح في الأفق نهاية في الأفق”.

وتابعت: “في ظل العبء النفسي ونقص الدعم، تواجه الزوجة وزوجها المسجون تحديات هائلة.. إنهم غير قادرين على تقديم الدعم المتوقع لبعضهم بسبب ظروفهم الصعبة”.

وقالت الباحثة المصرية: “تسعى العديد من الزوجات للحصول على الدعم من المستشارين والأخصائيين النفسيين للتعامل مع هذه الأعباء. ومع ذلك، بالنسبة لبعضهم، يصبح من الصعب بشكل متزايد تحمل الضغوط المستمرة والاحتجاز المطول دون أي حل”.

وأوضحت أنه نتيجة لذلك، تتخذ بعض النساء في النهاية القرار الصعب بالحصول على الطلاق.

استنزاف عاطفي

بالنسبة لسارة، أصبح واقع الوضع الذي تواجهه واضحًا بعد أن حُكم على أنس بالسجن مدى الحياة في يوليو 2018، ثم خُفِّض لاحقًا إلى 15 عامًا في السجن بعد الاستئناف، وبعد شهر من الصمت تبين أنه نُقل إلى سجن آخر لقضاء عقوبته.

في تلك المرحلة، بدأت سارة تتلقى ضغوطًا من العائلة والأصدقاء، الذين كانوا قلقين بشأن حالتها العقلية، وما إذا كانت ستتمكن من أن تصبح أمّاً في يوم من الأيام.

وقالت سارة: “كنت ممزقة باستمرار بين انتظار أنس وتحمل المعاناة النفسية والجسدية، أو تركه هو وكلانا يعاني من آلام الانفصال”.

قالت سارة إنها أدركت في النهاية حقيقة أنّ أنس لن يخرج من السجن على الأرجح في أي وقت قريب، وأنّ خططهم للحياة معًا يجب أن يتم تأجيلها، ربما إلى أجل غير مسمى، وفي النهاية، اتخذت قرارًا بالطلاق.

قالت سارة: “لقد كنت منهكة عاطفياً وجسدياً.. استسلمت وقبلت الواقع”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.