الرئيسية » الهدهد » مأساة أسرة فلسطينية نزحت في جنح الظلام بعد اتصال من جيش الاحتلال

مأساة أسرة فلسطينية نزحت في جنح الظلام بعد اتصال من جيش الاحتلال

وطن – نشر موقع ميدل إيست آي، تقريرا عن الواقع الوحشي للحياة اليومية لسكان غزة في ظل الحرب الإسرائيلية على القطاع، والتي تشمل فرض حصار كامل، حيث يعيش السكان بالقليل من الطعام، وبدون مياه ولا أدوية، فيما يكافح الآباء المنكوبون لتلبية احتياجات أطفالهم بينما تضعف أجسادهم.

واستهلّ الموقع تقريره بالقول: “بعد ستة أيام من ولادة طفلها الأول، اضطرت سلمى راضي (اسم مستعار) إلى إخلاء منزلها في شمال غزة هرباً من القصف الإسرائيلي المستمر والبحث عن ملجأ في وسط قطاع غزة، حيث تقيم الآن هي وزوجها في منزل صغير، مع 43 شخصا آخرين”.

وبينما هي نازحة وخائفة وفي حالة صحية سيئة، تكافح سلمى من أجل رعاية الطفل عمر، الذي ولدته بعد محاولتين للتلقيح الاصطناعي.

تروي معاناتها قائلة: “كنت لا أزال أنزف بشدة بعد الولادة عندما اضطررنا إلى إخلاء منزلنا، وتركنا كل شيء ورائنا.. حملت ابني وحقيبة واحدة وركضت مع زوجي في الظلام لمدة ساعة تقريبًا حتى وجدنا سيارة أجرة”.

قبل الفجر، في الساعة الرابعة من صباح ذلك اليوم، تلقى الزوجان رسالة هاتفية مسجلة من جيش الاحتلال، يأمرهما بالإخلاء قبل القصف الوشيك على مدينة غزة.

وتضيف سلمى: “بدأنا نركض حول المنزل ولا نعرف ماذا نفعل. أخذنا أوراقنا الرسمية وأموالنا وتركنا كل شيء خلفنا: أكوام الأطعمة المعلبة التي اشتريناها في بداية الحرب، وملابسنا، وغرفة النوم الجميلة والأشياء”.

ولم تحضر راضي الحليب لابنها منذ أن كانت ترضعه. ولكن بعد أيام قليلة من نزوحهم، توقف ابنها عن الرضاعة الطبيعية.

وتتابع: “كان يبدأ بالبكاء بشكل هستيري كلما حاولت إرضاعه. كان يبصق الحليب ويرفض تناوله. بقي حوالي يوم كامل دون طعام. لم أكن أعرف ماذا أفعل أو لماذا كان يرفض الرضاعة الطبيعية”.

  • اقرأ أيضا:
ولادة في الشوارع والسيارات.. حوامل غزة ضحايا وحشية الغارات الإسرائيلية

تجربة شاقة للوصول إلى الطبيب

وبعد محاولات عديدة لإجراء اتصالات هاتفية على شبكات الاتصالات المتضررة بشدة، تمكنت سلمى أخيرًا من الوصول إلى طبيبها. وقيل لها إن القلق والخوف يغيران طعم وملمس حليب الثدي، ولهذا السبب يرفض طفلها تناوله.

وتقول: “أنا أيضًا لا آكل جيدًا، وبالتالي لا أستطيع إنتاج ما يكفي من الحليب. بصراحة، في السنوات الماضية، كنت أتوق إلى إنجاب طفل. كنت أبكي وأدعو ليلًا ونهارًا حتى يرزقني الله بطفل، لكنني الآن نادمة”.

وتضيف: “أنا نادمة على إنجابي طفلاً، وأشعر بالذنب لأنني أحضرته إلى هذا العالم حيث يعاني بالفعل وسيستمر في المعاناة لبقية حياته طالما أنه فلسطيني”.

وتتابع: “أنا لا أقول هذا لزوجي، لكنني نادمة حقًا على كل الأيام التي صليت فيها من أجل إنجاب طفل”.

لا يوجد طريق آمن

وعندما شنت إسرائيل حربها على قطاع غزة، هرع محمود، زوج سلمى، إلى السوبر ماركت لتخزين الطعام والخبز ومياه الشرب والأدوية. لكن عندما اضطروا إلى الفرار من منزلهم، لم يتمكنوا من أخذ أي منه معهم.

واليوم، لا تستطيع سلمى وزوجها العودة إلى منزلهما للحصول على المواد الغذائية التي اشتراها، بعد أن قامت إسرائيل بعزل شمال قطاع غزة ومدينة غزة عن المنطقتين الوسطى والجنوبية من خلال قصف الطرق التي تربطهما.

وأضافت: “الطريق الوحيد المتبقي لنا للعودة إلى منازلنا الآن هو شارع الرشيد على الطريق الساحلي، لكن من يقود سيارته يتعرض للاستهداف من قبل الزوارق الحربية والدبابات الإسرائيلية”.

  • اقرأ أيضا:
ولادة في الفصول وأمراض تنهش البطون.. كارثة صحية مفجعة بين نازحي غزة بمدارس الأونروا

مجزرة على شارع الرشيد

وكانت قوات الاحتلال قد استهدفت مجموعة من النازحين الذين كانوا يقودون سياراتهم في شارع الرشيد في طريقهم إلى جنوب قطاع غزة، وهو الشارع الذي حذر الجيش الإسرائيلي الناس من الانتقال إليه حفاظًا على “سلامتهم”، واستشهد في هذا الاستهداف ثمانية أشخاص، بينهم أطفال.

مجزرة شارع الرشيد
استهدفت قوات الاحتلال مجموعة من النازحين على شارع الرشيد الساحلي

وبعد ساعات قليلة، تم استهداف مجموعة من سيارات الإسعاف التي كانت تنقل عدداً من الجرحى إلى معبر رفح الحدودي جنوباً، في نفس الشارع، رغم أن وزارة الصحة الفلسطينية كانت قد قامت بالتنسيق مع الصليب الأحمر قبل نقلهم. وأصيب سائق سيارة الإسعاف، وعادت سيارات الإسعاف إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة.

استهداف سيارات الإسعاف أمام مستشفى الشفاء
استهداف سيارات الإسعاف أمام مستشفى الشفاء

“أسوأ كابوس لدينا”

مع قيام إسرائيل بقطع إمدادات المياه والغذاء عن غزة، يقول أصحاب أسواق البقالة إنهم لن يتمكنوا من إعادة تخزين الرفوف الفارغة حتى ترفع إسرائيل حصارها عن القطاع المحاصر بالفعل.

وفي مخيم النصيرات للاجئين، وهو أحد أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في وسط قطاع غزة، لجأ عشرات الآلاف من السكان هربا من القصف على مدينة غزة وشمال قطاع غزة.

ومع وجود عدد قليل من الأسواق والمخابز التي لا تزال مفتوحة، يكافح السكان والنازحون للحصول على الطعام والخبز.

تقول سلمى: “مع وجود حوالي 44 شخصًا، نصفهم من الأطفال، يقيمون معًا في منزل واحد، نحتاج إلى الطعام والمياه طوال الوقت.. ينتهي الأطفال من تناول وجبة الإفطار وبعد 30 دقيقة يبدأون في طلب الغداء أو وجبة خفيفة لأنهم لا يحصلون على ما يكفي من الطعام”.

أزمة الخبز في غزة
يعاني سكان القطاع من شح شديد في توفر الخبز

وتضيف أن الأطفال، الذين يحتاجون عادة إلى حمولة واحدة من الخبز على الإفطار، لا يحصلون الآن إلا على ربع تلك الكمية وبضع قطع من الخيار.

وتذكر: “لكي نحصل على كيس خبز علينا أن نستيقظ فجرا ونسير حوالي 60 دقيقة للوصول إلى المخبز الوحيد الذي لم يتعرض للقصف في منطقتنا بعد.. ننتظر في طابور حيث يقف المئات من الأشخاص الذين قدموا من جميع مناطق القطاع، وبعد حوالي ساعتين أو ثلاث ساعات نحصل أخيرًا على كيس خبز واحد”.

ونظراً لعدم توفر الدقيق والماء والوقود اللازم لتشغيل الآلات وخبز الخبز، أصبح أصحاب المخابز يبيعون لكل شخص كيساً واحداً فقط من الخبز لتغطية احتياجات أكبر عدد ممكن من الأسر.

أما العائلات التي تحتاج لأكثر من كيس، فعليها إرسال عدة أفراد للوقوف في الطابور خارج المخبز وشراء كيس واحد لكل منهم.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.