الرئيسية » تقارير » القصة الكاملة لحقل الدرة الكويتي: من الأطماع الفارسية الى الفجور السعودي

القصة الكاملة لحقل الدرة الكويتي: من الأطماع الفارسية الى الفجور السعودي

وطن- في عام ١٩٧٥ قامت وكالة المخابرات الأمريكية، برفع السرية عن ملف بالغ الحساسية نتيجة دعوى قضائية من قبل زوجة الملحق العسكري الإسرائيلي “يوسف ألون” الذي اغتيل في امريكا عام ١٩٧٣، لم تعثر الزوجة في هذا الملف على أي شيء يتعلق باغتيال زوجها، ولكن كان هناك بعض ما يخص”ألوناتنا” نحن العرب.

ففي هذا الملف كانت ثمة شكوى مريرة من شاه إيران، محمد رضا بهلوي للامريكيين يتهم فيها الملك فيصل بن عبدالعزيز بأنه لا يعطي إيران نصيبها من “المنهوب” من دول الخليج ويستأثر وحده بكل شيء.

كانت بريطانيا للتو قد تركت دول الخليج العربي للامريكيين. وقام الامريكيون بأسلوب مختلف عن البريطانيين في أدارة أمور دول الخليج، والتي وضعتها تحت “العين” السعودية مع شاه ايران والذي منحه الامريكيون صفة “شرطي الخليج”، رد الملك السعودي على الأمريكيين بأن اتهام الشاه ليس في مكانه وأن إيران تتقاسم كل شيء مع السعودية، مذكرا بعونه للشاه بالحصول على الجزر الإماراتية الثلاث، ابو موسى وطنب الصغرى والكبرى.

بناء على هذا “الإتفاق” استباح حكام السعودية دول الخليج، منذ عهد الملك فيصل وحتى يومنا هذا في كل شيء، بالطبع لم يكن النظام السعودي قبل ذلك أقل تعسفا – (بعد قيامة الدرعية ما شاف جيرانها ليلة هنية) – ولكنه الآن ازداد شراسة وصار يستقوي بالسيد الأمريكي وبرخصة أمريكية، بل وبشراكة أمريكية، فحين استولى الملك فيصل على أكبر كنز نفطي على وجه الأرض وهو حقل “الشيبة” من الإمارات، كان بارونات النفط من ورثة روكفلر شركاء معه.

في عام ١٩٦٠ وأثناء استعداد الانجليز لمغادرة الكويت تمهيدا لاستقلالها، هدد عبدالكريم قاسم رئيس الوزراء العراقي بالنيابة ووزير الدفاع وقائد الجيش، بأنه لن يسمح للكويت بالاستقلال والتي اعتبرها جزء من العراق، وأنه في حالة انسحاب الانجليز فإنه سيقوم بضم الكويت.

قلق حكام الكويت من هذا التهديد، فدخلت أمريكا على الخط وقدمت بعض الحلول لحماية الكويت من اي غزو عراقي محتمل، ونصحت حكام الكويت بإنه لبعدها عن الكويت (نتحدث عن عام ١٩٦٠) لا تستطيع التدخل بطريقة عاجلة، لكن الكويت أمام خيارين، أما الجيش الأردني أو الجيش الايراني لقربهما من الكويت حيث يمكنهما التدخل بشكل عاجل، وعليها أن تختار ما بينهما لترتب أمريكا الأمر، فاختارت الكويت إيران لقربها منها ومن العراق، فتم ترتيب الأمر مع الشاه والذي وافق على ذلك.

لم تكن موافقة الشاه هذه مجانية، فلتمظ لسانه على ما يستطيع الحصول عليه من الكويت ثمنا لهذه الموافقة. لذا طلب الشاه من الشيخ عبدالله السالم الصباح أن تقوم شركة الانجلو- إيرانية بمشاركة الكويتيين بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الكويتية، ومن بينها المياه التي يقع فيها حقل الدرة الآن، ورد عليه حاكم الكويت بأنه لا يمانع في ذلك، خاصة وأن شركة النفط الانجلو-إيرانية لديها إذن مسبق من حكام الكويت ومنذ الثلاثينات من القرن المنصرم بالاستكشاف عن النفط والغاز في بر وبحر الكويت، وتم التنقيب ولم يتمكنوا من العثور على شيء آنذاك في تلك المنطقة.

في عام ١٩٦٧ اعادت الكويت التنقيب من جديد لتعثر على كميات هائلة من الغاز والنفط في حقل الدرة.

ولاا أدري على ماذا اعتمد الايرانيون في مطالبتهم بالمشاركة في هذا الحقل، ان كانت بسبب حادثة المشافهة التي مضى عليها ٦٣ عاما، فلا الشرع ولا القانون الدولي يمنحها ذلك.

شرعا، وافق الرجل وجرى التنقيب ولم يعثروا على شيء وغادرت شركة الانجلو إيرانية وانتهت تحت هذا المسمى وأنتهى معها الشاه نفسه، بل حتى اثناء التنقيب كانت تعمل بصفة غير قانونية على الاقل ايرانيا، وبقرار حكومي وبرلماني ايراني، وحين عادت حينها، عادت لتنهب في الظلام بعد الانقلاب على محمد مصدق الذي امم صناعة النفط بكاملها واستولى على الشركة وما تملك في ايران، وبعد اعادة الشاه محمد رضا للحكم والذي عزل بسبب لصوصية وتجاوزات هذه الشركة وبسبب شراكته معها في كل الإجرام الذي قامت به بحق الشعب الإيراني.

أما أن تم الاحتكام للقانون الدولي كما يريد الإيرانيون، فقد كان اتفاق مشافهة وجرى قبل استقلال الكويت، وأنتهى بعدم العثور على شيء، وان كان هناك ثمة خلل فتتحمله بريطانيا اس كوارث الخليج التي كانت وستكون.

ولم تعترض الكويت على الاحتكام الدولي بل طالبت بما يجب ان يكون قبل ذلك، وهو ترسيم الحدود رسميا ما بين البلدين، وهو ما تسد ايران اذنيها عنه ليقينها بأن ترسيم الحدود سيكشف عن بطلان ادعاءها بأن جزء من هذا الحقل يقع في مياهها الإقليمية.

في نهاية عام ٢٠٠٩، تحدثت حكومة حسن روحاني عن عذر مختلف لإثبات أحقية مطالبها بالشراكة في حقل الدرة الكويتي، وهو أن الحكومة الإيرانية آنذاك هي من دفعت رسوم الاستكشاف وتكاليف التنقيب عن الغاز والنفط في هذه المنطقة والتي أدت فيما بعد الى اكتشاف حقل الدرة!، ولعمري أن في هذا استغباء طفولي عجيب!، فمنذ بدء عصر النفط لم يسبق لدولة على وجه الأرض أن دفعت لشركة نفطية أجنبية رسوم استكشافها وتنقيبها عن النفط، فشركات النفط العالمية هي من تدفع كل شيء مقابل استكشافها وتنقيبها لحكومات الدول التي ستنقب فيها، وكانت شركة النفط الانجلو-إيرانية تدفع حتى رواتب أعضاء الحكومة الإيرانية ورشاوى بلا حدود لشاه إيران، وحتى الصرف على حفلاته الباذخة في طهران وعواصم الغرب مع رجاله والتي بلغت شذوذا يقشعر منه الابدان.

ثم من الذي قام بالدفع للشركة في ذلك الوقت (١٩٦٠) مع كون ذلك مستحيلا؟ من فعل ذلك يكون قد ارتكب خيانة عظمى خاصة بعد التاميم، فالشركة كانت مدانة في القانون الايراني بكل الآثام التي ارتكبت بحق الايرانيين وهي فعلا كانت كذلك.

ثم إذا قصدت حكومة حسن روحاني بالشركة التي نقبت في ذلك الوقت، بالشركة الوطنية الإيرانية – الاسم البديل بعد التاميم- فهذا جنون أيضا فمنذ عام ١٩٥١ ولسنوات طويلة والشركة محاصرة بالكامل من قبل بريطانيا وامريكا وكانت شبه مفلسة وممنوعة من التصدير وحتى حين صدرت شحنة يتيمة لدولة غربية سرا، كشفتها بريطانيا وبددت حمولتها في ميناء عدن، وذلك انتقاما من الإيرانيين بسسب تاميم شركة الانجلو إيرانية للنفط، ايضا لاجبار إيران على القبول بالشركات الأمريكية ومعها الشركة البريطانية للنفط (بمسمى جديد)! وهو ما تم فيما بعد.

ثم هل يعقل أن الإيرانيين أقل دهاء من ابن سعود، الذي كان يرسل وزيره -لكل شيء- عبدالله السليمان لخيام المستكشفين والمنقبين عن النفط، ويستلم منهم المقدم حتى قبل أن بدقوا اوتاد خيامهم، وبعد القبض يقوم بدقها معهم!.

أما عن “المطالبات الإيرانية” فمطالباتها لا تنتهى بدء من البحرين وحتى مكة المكرمة والمدينة المنورة، والاستجابة لمطلبها بالشراكة في هذه الحقل يعني ان ابتلاع ايران لدول الخليج بكاملها مع الأخ الاكبر نفسه، سيكون مسألة وقت إن لم تستيقظ العرب قبل فوات الأوان.

لم يكن حقل الدرة أول حقل تحاول الاستيلاء عليه، لقد استولت إيران على حقل لولو السعودي ولم تنبس السعودية ببنت شفه وتسترت على الأمر تجنبا للاحراج، مع أنه أيضا يقع في المياه الكويتية التي ضمت بليل لصالح المنطقة المحايدة عام ١٩٢٢، في اتفاقية المحمرة وبروتكول العقير الذي تم توقيعهما مع ابن سعود دون اخذ رأي الكويتيين وحتى حضورهما.

وكم من المحزن أن الكويت تستقوي بالسعودية في هذا الظرف العصيب الذي تمر به الآن، وقد سبق وان جعلت منها شريكا في هذا الحقل على طريقة “للاخ ولا للغريب” ومع ذلك لم تضع السعودية اعتبارا لهذا المبدأ، مع ان السعودية مثلها مثل ايران لا تمتلك من مياهه الاقليمية قيد انملة، بل حين جعلت الكويت من السعودية شريكا، منحتها الكويت اذنا باستخدام ممر ومنطقة برية للتمكن من الوصول لحقل الدرة، لكن السعوديين رفضوا الخروج منها واعتبروها ملكية سعودية!، ولم يخرجوا منها إلا بعد سنوات وبعد شكاوى كويتية مريرة.

ولا يعتقد القاريء ان الكويت أعطت الشراكة للسعوديين في حقل الدرة بهذه البساطة، في عام ١٩٧٧ هددت الكويت السعوديين لكف تحرشاتهم ومطالبهم بالشراكة بحقل الدرة عبر اللجوء للمحكمة الدولية لأن قضيتها واضحة وكل خبراء القانون الدولي الذين عرضت القضية عليهم بينوا أن دعوى الكويت واضحة جدا وستنتصر في دعواها تماما دون أدنى شك، خاصة وأن السعوديين ارتكبوا حماقة فاضحة عندما أصروا على إلغاء خط “جزيرة فيلكة” الكويتية من خريطة حد المياه الفاصل بينهما، كي يظهر أن جزء من حقل الدرة يقع في المياة السعودية، ومع كل هذا قررت الكويت أن لا “تشرشح” الأخ الاكبر، ومنحتهم المشاركة.

حتى أن السفير الأمريكي في الكويت – آنذاك- فرانك مايسترون، تعجب كثيرا عندما بلغه تضحية الكويت بايقاف رفع القضية للمحكمة الدولية رغم وضوح نجاحها، فقط كي لا تضع الأخ الاكبر في خزي أمام العالم.

في عام ١٩٧٨ قامت الكويت بأول تجربة نفطية في العالم عبر الحفر العميق للوصول لمكامن النفط ( ٢٠ الف قدم) وذلك في حقل برقان، أكبر حقل نفطي كويتي وثاني أكبر حقل نفطي في العالم، اعترضت السعودية على الحفر العميق، مع ان البئر داخل حدود الكويت ولكنه على مقربة من المنطقة المحايدة، رفضت الكويت هذا التعنت والعنجهية وبدأت بالحفر، بعد بلوغ عمق ٩ آلاف، استيقظت الكويت على حريق نشب ليلا في معدات الحفر وتعدى لمخزونات نفطية وغازية ليستمر الحريق لمدة شهرين، والله وحده من يعلم من هو الفاعل.

حتى سلطنة عمان وهي أقل دول الخليج حظا بمخزون الطاقة، وتحتفظ بعلاقات وطيدة مع إيران، الا ان إيران لم ترحمها واستولت على حقل بخا النفطي العماني، وقامت بتسميته “هنجام”، ومع استمرار مطالبة عمان به وعدتها ايران فقط ب٢٠% من انتاجه، وهو ما رفضته جملة وتفصيلا.

أما ما نهبته إيران من العراق وفي ظل صمت مريب من قبل حكامه الجدد، فحدث ولا حرج، فمعظم حقول النفط التي تقع على حدود العراق- إيران، نهبت من قبل ايران بالكامل، حتى حقل جبل الفوقي الغزير بانتاج النفط، والبعيد داخل حدود العراق في ميسان، قامت إيران باقتحامه بقوة عسكرية واحتلته بالكامل عام ٢٠٠٩ لتضمه لحقل عراقي آخر استولت عليه أيضا في ميسان وهو حقل ابو غراب، حيث قامت بطرد العمال العراقيين منه واستبدالهم بايرانيين.

واذا ابتعدنا أكثر سنجد ان ٧٠% من نفط إيران من إمارة الأحواز العربية التي احتلتها إيران عام ١٩٢٥ والتي تحتوي على رابع مخزون نفطي في العالم، ناهيك عن عشرات الجزر العربية التي احتلت في هذه الفترة وما سبقها وصولا إلى الجزر الإماراتية الثلاث.

فعلى العرب أن لا يستهينوا بأي تهديد ايراني، فلا ننسى أن إيران تكبدت أكثر من مليون قتيلا و٢٠٠ مليار دولار في سبيل الاحتفاظ بالممر المائي لشط العرب في حربها مع العراق.

مأساة الكويت أنها وقعت ما بين فكي كماشة، فارسي يطالب بكل ما وقع تحت تاج كسرى في الزمن الغابر، وأخ أكبر يطالب حتى في المياه التي سبح فيها جنود ابن سعود، اخوان من اطاعوا الله!.

فجور الأخ الأكبر الذي ما بعده فجور:

منذ عام ١٩٦٧ والذي اكتشف فيه حقل الدرة وحتى يومنا هذا والكويت تحاول استخراج الغاز والنفط منه، كان هو الحقل الوحيد للغاز الذي تملكه، فقد كانت الكويت ثرية بالنفط لكن لا حظ لها في الغاز ، سوى هذا الحقل وحقل الخفجي في المنطقة المحايدة والمنهوب سعوديا، مع ما اكتشف مؤخرا من غاز في حقلي الصابرية وام نقا.

ولو نظرنا إلى المعوقات التي اعاقت الكويت من استخراج الغاز من حقل الدرة، لوجدنا أن جلها من السعودية، “الأخ الاكبر” لذرائع ما أنزل الله بها من سلطان، وليت الأمر توقف عند هذا، فلم تترك السعودية للكويت حتى الاستفادة من غازها بالمشاركة في المنطقة المحايدة في حقل الخفجي، فقد كانت السعودية تبيعه ولا تعطي الكويت مليما واحدا، لا منه ولا من الحقول النفطية الأخرى في المنطقة المحايدة، في حين كانت تترك الكويت تستورد الغاز من دول أخرى.

رأى العالم كله وزير النفط الكويتي عبد المطلب الكاظمي وهو يصافح الملك فيصل بن عبد العزيز لحظة اغتيال الأخير عام ١٩٧٥، لكن الذي لا يعلمه سوى القليل هو أن الكاظمي جاء ليقدم رجاء حارا للملك فيصل ويشرح له مدى خطورة الرفض السعودي المتكرر للاتفاق الكويتي الياباني على استخراج الغاز المكتشف حديثا في الجزء الكويتي كويتية ضمن المنطقة المحايدة، وهو الذي أصبح فيما بعد اتفاقا سعوديا يابانيا!!.

دفعت الكويت منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا مئات المليارات من الدولارات من أجل استيراد الغاز من إيران وغيرها، مع انها كان بالإمكان توفير هذه المبالغ لو تمكنت من استخراج غازها الذي وقف في وجهه التعنت السعودي.

وحين استقوت الكويت قليلا عام ٢٠١٤ واستجمعت قواها بالمطالبة بنصيبها من هذه الحقول حسب الاتفاق، قامت السعودية بإغلاق المنطقة المحايدة والمشتركة بين البلدين، باكملها في وجه الكويت، مع ان ثلثي أراضيها اصلا أراض كويتية.

فمن خلال معاهدة المحمرة وبرتوكول العقير التابع لها عام ١٩٢٢، قام المقيم السياسي في الخليج العربي بيرسي كوكس، وهو أحد أشد اليهود المتزمتين في الإدارة البريطانية، بضم أكثر من ثلثي اراض الكويت ضمن هذه المنطقة المحايدة ما بين نجد والكويت، ارضاء لصديقه ابن سعود الذي كان ينتظر منه الكثير ضد الأتراك وحلفاءهم ال الرشيد، وحتى فلسطين كانت حاضرة في هذه الاتفاقية وبروتكول العقير المرتبط بها، وقد ذكر احد الكتاب البريطانيين وهو كينيث وليمز الذي كان شاهدا على بروتكول العقير، في كتابه “ابن سعود” بأنه جرى في هذه الاتفاقية، اول حل حقيقي لمعضلة اليهود!، (ابن سعود- سيد نجد وملك الحجاز – كينيث وليمز – ص. ١١٥)

هل توقف الأمر عند هذا الحد؟ ابدا ..

في عام ٢٠٠٤ بلغ احتياج الكويت من الغاز، مليار قدم مكعب يوميا، وهو ما كانت تريد استيراده من الخارج، وحقل الدرة بين ناظريها والذي لديه القدرة على إنتاج هذه الكمية المطلوبة يوميا تماما مع ٨٤ الف برميلا من النفط، ومع ذلك لم تستطع أن تفعل شيئا، لأن الأخ الاكبر لا يريد!.

توجهت الكويت نحو قطر لاستيراد هذه الكمية، فتعهدت لها قطر بما تريد مع بناء أنابيب لنقل الغاز ما بينهما.

اصطدم القطريون بمعارضة شديدة من السعودية لهذا الإتفاق، رافضة مد الأنابيب، فرد القطريون: بانهم سيمدون الانابيب تحت مياه البحر، فقالت لهم السعودية: وحتى تحت البحر!. فلنا شريط مياه في البحر ولن نسمح بالمرور من خلاله، وهو الشريط البحري الذي يفصل قطر عن بقية دول الخليج، وسبق وان استولى عليه الملك فيصل مع حقل الشيبة من خلال اتفاقية جدة عام ١٩٧٤ التي اجبر الشيخ زايد على التوقيع عليها بالقوة.

ثم قال القطريون بانهم سيمدون الانابيب من قطر إلى ميناء كلاوه ثم عسلوية في ايران ومن ثم إلى الكويت وبهذا سيتجنبون مرور الأنابيب تحت شريط الشريط البحري السعودي مع ما في هذا من خسارة في مد أطول للانابيب ودفع أجرة للايرانيين بسبب مرور الأنابيب من خلال مياههم، فرد السعوديون بالرفض تماما وبأي وسيلة!!.

وتوقف المشروع.. وغضبت قطر جدا ولكن كان في هذا الغضب اول أحرف البراءة من هكذا أخوة.

كان وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز هو من منع مد الأنابيب بين قطر والكويت والذي أصر اصرارا غريبا وشاذا على قراره هذا (مع أنه في صالح السعودية)، بعد ٣ سنوات صار الامير سلطان هو من يرجو قطر كي توقف برنامجا عابرا في قناة الجزيرة يحكي قصة صفقة اليمامة والذي كان الامير سلطان وأولاده وانسباءه أبطال فسادها، ولم يلتفت له القطريون، حتى بلغ به ان يطلب من نساءه ان يقدمن الرجاء والاستعطاف لشيخات قطريات علهن يساعدن في ايقاف بث البرنامج، وتم الرفض، تماما كما رفض ان يلتفت لهم من قبل، وبث البرنامج وهو الذي -كما قيل- انه ادخل الأمير سلطان في دوامة من الحزن والكآبة والغم حتى مات بعد اربع سنوات، فقد

كانت فضيحة شرف عابرة للقارات تفرجت عليها كل العرب.

فطرقت الكويت أبواب العراقيين بحثا عن الغاز، فوجدت مفاتيحه في يد الإيرانيين، فتوجهت للايرانيين، فقالوا للكويتيين: سنزودكم بكل ما تريدوه ولكن بشرط: اقتسام حقل الدرة!.. فرفضت الكويت هذا العرض كاملا، لتضطر إيران التنازل عن هذا الشرط، كي تبيع غازها.

هل هذا ما تريده السعودية؟ ولصالح من يفعلون هذا .. ثمة شيء مريب لا بد من كشفه، حتى اعدى الأعداء لا ينتقم بكل هذا الفجور.

والى أين يريدون دفع دول الخليج.. ولمن؟ للعلم لم تكن الإمارات بهذا السوء، وعلى يقين حتى محمد بن زايد نفسه ما كان ليبلغ هذه الدرجة من الانحطاط التي بلغ فيها أن يعادي أمته ويرتمي في أحضان الصهاينة لولا فجور الأخ الاكبر، وهو الذي قالها بصراحة للسفير الأمريكي: نعم إيران عدوتنا ولكن السعودية عدوتنا الكبرى!، كما كشفت عن ذلك وثائق ويكليكس.

ثم تأتى قطر التي بلغت درجة عالية من التقدم في شتى الميادين وصارت محل اعتزاز واحترام من كافة العرب والعالم المتحضر، الا أن الأخ الأكبر حاصرها وبلغ به حتى التخطيط لاحتلالها والتهجم عليها في كل المحافل، وكأنهم لا يريدون لأي دولة خليجية أن يرتفع لها شأنا، ليظلوا هم الأسياد، ولا ادري أسياد على ماذا؟!. وهي الدولة مع ما كل ما تمتلكة من أرض واسعة وثروات كبيرة ومع وجود اقدس مدينتين على وجه الأرض فيها، لكنها لا زالت تحتاج غيرها ليحمي كل هذا، فلا تمتلك حتى جيشا حقيقيا أسوة بغيرها من الدول، خوفا من أن ينقلب على هذه الأسرة العاقة.

أما سلطنة عمان فقد بلغ بها القرف من الأخ الاكبر أن تعتزل العالم كله، وكانت كمن اعتزل في شعب من الشعاب- لا تعرفوني ولا أريد أن اعرفكم- وهي الدولة التي كانت في يوم من الأيام حديث الدنيا، عندما وصلت شهرتها الآفاق حين بلغت امبراطوريتها من وسط أفريقيا وحتى مشارف الهند.

أما البحرين فهي مع الاخ الاكبر كالساذجة تماما في قصة الأديب الروسي انطون تشيخوف في رائعته “الساذجة”!.
آن للسعودية أن تستيقظ وتعلم أنها في سفينة واحدة مع دول الخليج والعرب عامة في هذا البحر الهائج الذي لا يعلم احد ما في غده، وأن سياسة العداء والانتقام والفجور ليست في صالح قوة العرب التي هي من قوتها لو كانت تعي.

كما أن السعودية لم تعد كالسابق تحكم من قبل أسرة كبيرة قوية، وان كانت متشعبة وبنفسيات غريبة ولكن مع اختلافها الشاذ الا أنها كانت تصب في صحن واحد. الآن تحكم من قبل شخص واحد جمع كل آفات من سبقه، ولكن مصيره غير واضح بعد انتهاء رمزية وجود والده والذي اقترب، و “لله الأمر من قبل وبعد”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.