الرئيسية » الهدهد » هل يُقتَل 300 ألف سوداني قبل نهاية حرب البرهان وحميدتي؟

هل يُقتَل 300 ألف سوداني قبل نهاية حرب البرهان وحميدتي؟

وطن– “في المرة الأخيرة التي تَقاتل فيها رئيسٌ عسكري ونائبه في شرق إفريقيا.. قُتل نحو 400 ألف شخص.. كان ذلك في جنوب السودان”.. هكذا استهلّت صحيفة “فاينانشيال تايمز” تقريراً، تضمّن التحذير من سيناريو مشابه في السودان، لكونه يشهد اقتتالاً دامياً بين قائدين عسكريين (عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع).

التقرير قال: “الآن صراع دموي على السلطة يزعزع استقرار جارتها الشمالية، السودان، حيث يخوض منافسان عسكريان، كلاهما يدرس في ميادين القتل في دارفور.. صراعٌ حذّر الاتحاد الإفريقي من أنّه يمكن أن يتصاعد إلى صراع شامل، مهدّدًا الأمن في جميع أنحاء المنطقة”.

من جانب آخر، يوجد الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، الذي يحظى بدعم مصر ويفتخر بقوات برية وجوية قوية، ويعارضه عضو آخر في المجلس العسكري الانتقالي الحاكم وهو الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، وهو يشرف على قوات الدعم السريع شبه العسكرية، وهي إحدى أكبر الجماعات المسلحة في المنطقة، وتحظى بدعم خليجيين أقوياء ويشتبه في أنّ لها صلات بكيانات روسية تستفيد من صادرات الذهب المشبوهة.

الرجلان اللذان يتّهم كلٌّ منهما الآخر بإطلاق الطلقة الأولى في الاشتباكات الأخيرة، يحملان مصير السودان بأيديهما، وقال دبلوماسي غربي كبير محاصر في العاصمة الخرطوم: “قد ينتهي هذا فقط عندما يفوز أحدهم في هذه المعركة”.

قاتل الرجلان في دارفور في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان البرهان قائداً للجيش في ظلّ حكم الديكتاتور عمر البشير، وقاد حميدتي، تاجر جمال من أصل تشادي، ميليشيا الجنجويد على ظهور الخيل في قتالهم المشترك ضد المتمردين في المنطقة الغربية.

تحوّلت هذه القوة في عام 2013 إلى الحرس البري للبشير، الذي لم يكن يريد تركيز القوة في القوات المسلحة. وقد نفى الرجلان ارتكاب فظائع في دارفور، حيث قُتل ما يصل إلى 300 ألف شخص ونزح 2.7 مليون شخص.

لقد وحّدوا قواهم في انقلابين أخيرين، الأول ضد البشير في عام 2019 بعد شهور من الاحتجاجات في الشوارع، والثاني ضد رئيس الوزراء المدني السابق عبد الله حمدوك في عام 2021، وبعد ذلك أصبحا الحاكمين الفعليين للسودان. ويقدّر محللون أنّ كلا الرجلين لديه عشرات الآلاف من المقاتلين تحت إمرتهما.

لكن التحالف بين البرهان وحميدتي كان دائمًا هشّاً، قال بن هانتر، محلل شرق إفريقيا في شركة Verisk Maplecroft للاستخبارات الخطرة: “لقد تقاسموا السلطة في الحكومة منذ عام 2019، لكنّ وجود قوتين مسلحتين داخل دولة واحدة كانا دائمًا وصفة للصراع الأهلي”.

أدّت عملية سياسية بدأت بعد أشهر من الاحتجاجات بعد الانقلاب في أكتوبر 2021 إلى اتفاق مبدئي في أواخر العام الماضي كان من المفترض أن ينتهي بصفقة لإجراء انتخابات ديمقراطية، لكنّ الاتفاق أدى فقط إلى تأجيج التوترات بين الزعيمين العسكريين.

ونصّ جزء من الصفقة على أنّ قوات الدعم السريع يجب أن تخضع لسيطرة الجيش، لكن الميليشيا القوية أرادت أن تظلّ قوة مستقلة. وقال حميدتي إنّ قوات الدعم السريع قامت بدور حرس الحدود بقمع المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون إلى ليبيا ومصر في طريقهم إلى أوروبا.

وصرح حميدتي لصحيفة فاينانشيال تايمز أواخر عام 2021: “بموجب القانون، تدعم قوات الدعم السريع القوات المسلحة السودانية”، وانهار هذا “الدعم” يوم السبت عندما اندلع القتال بين القوتين في الخرطوم.

وحذّر حميدتي من أنّ هناك “حملة ضد قوات الدعم السريع من مجموعات داخل السودان، وقد تكون هناك دول تقف وراءها، وقال: “هؤلاء هم أعداء النجاح وأعداء الديمقراطية، إنهم يعملون ضد السودان”.

الصراع في السودان له بالفعل تداعيات إقليمية، وقد زعمت قوات الدعم السريع أنّ 30 جنديًا مصريًا “استسلموا” لهم، وقال الجيش المصري إنّه “يتابع من كثب الأحداث في السودان في سياق وجود القوات المصرية التي تجري مناورات مع نظرائها السودانيين”.

يحذّر محللون من أنه لا يمكن استبعاد حرب أهلية طويلة الأمد تجرّ الجيران. تلقى البرهان تدريبًا في الكلية العسكرية في مصر، وقد تلقّى الدعم من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. قال محللون ومطّلعون سياسيون سودانيون إنّ هذه العلاقة نشأت جزئيًا بسبب انعدام الثقة المتبادل بين حميدتي وقوات الدعم السريع كمجموعة عسكرية غير مندمجة يمكن أن تسبب مشاكل للدول المجاورة.

“المصريون وراء البرهان.. لقد بذلوا قصارى جهدهم في الماضي للتأكد من عدم انهياره”.. يقول مسؤول غربي.

وتلقى حميدتي الدعم من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وقد نشر ذات مرة قوات برية تابعة لقوات الدعم السريع في اليمن في التحالف الذي تقوده السعودية يقاتل المتمردين الحوثيين.

وأضاف المسؤول: “لقد أعطوه الكثير من النقود على مدى السنوات العشر الماضية. بالنسبة لهم، حميدتي هو الرهان الأقوى في الخرطوم في الوقت الحالي، إنه أكثر الوحدات تنظيماً”.

كما أقام علاقات وثيقة مع روسيا، وزار حميدتي موسكو قبل أيام فقط من بدء الرئيس فلاديمير بوتين غزوه الشامل لأوكرانيا العام الماضي، بينما تربح الشركات الروسية المرتبطة بمجموعة فاغنر العاملة في السودان من صادرات الذهب غير القانونية، وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية. ولقوات الدعم السريع صلات بمناجم الذهب في دارفور.

حاول كلا الزعيمين إعلان مؤهلاتهما الديمقراطية، وأخبر البرهان صحيفة فاينانشيال تايمز بعد الانقلاب الأخير في أكتوبر 2021 أنه بمجرد اكتمال الانتقال إلى الديمقراطية، سيعود الجنرالات إلى الثكنات وسيتمّ إجراء تصويت في عام 2023، وقال: “بعد ذلك سأغادر وأهتم بعملي الخاص.. سأترك القوات المسلحة أيضًا”.

وقال حميدتي يوم الاثنين: “المعركة التي نخوضها الآن هي ثمن الديمقراطية.. نحن نناضل من أجل شعب السودان لضمان التقدم الديمقراطي الذي طالما تاقوا إليه”، لكن ادّعاءه بدعم الانتقال الديمقراطي قوبل بالرفض من قبل أمجد فريد زعيم مدني ومستشار سابق لحمدوك.

وقال فريد إنّ “الحرب الشاملة” بين الرجلين “هي أكبر دليل على أن قيادة المؤسسات العسكرية لا تهتم بأمن البلاد أو بأمن مواطنيها”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.