الرئيسية » الهدهد » تحليل يثير صدمة.. الاتفاق السعودي الإيراني لن يوقف حروباً بالوكالة بالمنطقة

تحليل يثير صدمة.. الاتفاق السعودي الإيراني لن يوقف حروباً بالوكالة بالمنطقة

وطن– نشرت صحيفة “ميدل إيست آي” تحليلاً عن مآلات الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وفرص هذه الخطوة في وقف الحروب بالوكالة التي تُشعل المنطقة.

التحليل الذي كتبه رانج علاء الدين، وهو زميل زائر في مركز بروكنجز الدوحة، ومتخصص في التاريخ الحديث للشرق الأوسط، استهلّه بالقول إن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران التي أُعلن عنها في 10 مارس، واجتماع وزيرَي خارجيتهما في 6 أبريل، أثارت توقّعات بإحلال سلام دائم في الشرق الأوسط.

وخاض البلدان حروباً بالوكالة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وحافظا على صراع جيوسياسي شرس على النفوذ في المنطقة، وفقاً لـ”ميدل إيست آي“.

ومن خلال توفير منصة للاتفاقية والعمل كوسيط، تدخلت الصين بشكل فعّال حيث فشلت الولايات المتحدة في السابق.

لكن لا يزال هناك عدد من التحديات البارزة التي يمكن أن تقوّض السلام بين الرياض وطهران، وتقلّل من احتمالات تحقيق سلام دائم في المنطقة، ومن بين هذه التحديات الحروب بالوكالة في الشرق الأوسط التي أودت بحياة مئات الآلاف من الأشخاص.

ومن أنقاض مثل هذه النزاعات، برزت جهات فاعلة مسلحة من غير الدول كلاعبين مهمين سيكون لهم رأي حاسم في مستقبل المنطقة، ويمكنهم إما تمكين أو إفساد السلام الهشّ بين المملكة العربية السعودية وإيران.

وشهد العقد الماضي ضخَّ قوًى شرق أوسطية وغربية، مواردَ هائلة في صراعات بالوكالة عبر الحدود، ومن السمات الأساسية والدائمة لطابع الحرب دور وانتشار كلٍّ من الحروب بالوكالة والجهات الفاعلة المسلحة.

تميل الحروب بالوكالة إلى أن تكون مطوّلة بطبيعتها، بسبب الهيكل التنظيمي للأطراف المتحاربة من غير الدول ومشاركة جهات خارجية، ويزيد العنصر الأخير من استدامة مثل هذه النزاعات، إذ يمكن للقوى الخارجية أن تزوّد الجهات الفاعلة غير الحكومية بالدعم المادي مثل الأسلحة والمال، لكنّها في الوقت نفسه تنكر التورط، وهذا يقلل من الضغط على الدول لإنهاء مشاركتها في مثل هذه الحروب؛ لكنه يسمح لها بمواصلة السعي وراء تطلعاتها الجيوسياسية.

علاوةً على ذلك، عندما ترى جميع الأطراف أنّ مشاركتها تقدّم عوائد محدودة وتكاليف لا تطاق، فإنها تفكر إما في إنهاء مشاركتها أو أن تصبحَ أكثر قابلية للتسوية، ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا ينطبق على المملكة العربية السعودية وإيران.

كما تبرز الصراعات في سوريا واليمن، من بين صراعات أخرى، يمكن أن يستمرّ الصراع لما يقرب من عقد من الزمان، على الرغم من الجهود المتكررة لوضع نهاية تفاوضية. إنّ فكرة التسوية الدائمة هي في حدّ ذاتها مفهوم صعب في حالة الحروب الأهلية.

وغالبًا ما يتمّ التقليل من الآثار من الدرجة الثانية للنزاعات، وهذا يشمل تأثيرها على الوعي العام والذكريات الجماعية للظلم والقمع التي تخلقها، والتي تنشئ المظالم وظروف انتكاس الصراع، وتضيف هذه الظروف إلى مرونة الجهات المسلحة غير الحكومية.

وبالنسبة إلى الجماعات الأكثر رسوخًا مثل عصائب أهل الحق في العراق والحوثيين في اليمن، فإنّ إراقة الدماء التي اجتاحت المنطقة منذ الانتفاضات العربية عام 2011 أتاحت فرصة لتضخم صفوفها.

وفي الوقت نفسه، وسّعت مجموعات مثل حزب الله نطاقَ وصولها عبر الحدود، من خلال نشر المقاتلين والإشراف عليهم في سوريا والعراق.

وبالنسبة للجماعات التي ظهرت أو نظّمت استجابة لما بعد الربيع العربي في الشرق الأوسط، مثل قوات الحشد الشعبي العراقية -التي تأسست في أعقاب الحرب على داعش في عام 2014، أو هيئة تحرير الشام في سوريا التي تشكلت في عام 2017- أتاحت الحروب بالوكالة والدعم المادي من الرعاة الخارجيين الفرصةَ للانتقال من الميليشيات الخرقاء إلى الفاعلين الاجتماعيين السياسيين المتمرسين في المعارك والغني بالموارد والمنضبطين من الناحية التنظيمية.

في الأساس، بدأت الجماعات المسلحة في إعادة تشكيل الدولة ومؤسساتها وفقًا لوجهة نظرها الأيديولوجية وأهدافها السياسية. في العراق، حصلت قوات الحشد الشعبي على مقاعد برلمانية، ولديها ميزانية تصل إلى مليارَي دولار، وتعمل كمساعد للقوات المسلحة العراقية.

حتى أنها أنشأت شركتها التجارية الخاصة التي أقرّتها الدولة بميزانية تشغيل لا تقلّ عن 67 مليون دولار .

البعض الآخر، مثل وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، التي تسيطر على موارد النفط في شمال شرق سوريا، وهيئة تحرير الشام في سوريا، التي تحكم من خلال حكومة الإنقاذ السورية، فضلاً عن عدد كبير من الجماعات المتحالفة مع إيران، والتي تسيطر على مناطق جنوب سوريا، ويمثّل نهر الفرات في دير الزور تحديات للأمن الإقليمي.

تمّ تصوير ذلك بشكل ملحوظ من خلال التصعيد هذا الأسبوع بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، والمواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران الشهر الماضي.

الجماعات المسلحة بمنزلة مفسدين

هذا الأسبوع، وصل مبعوثون سعوديون وعمانيون إلى العاصمة اليمنية صنعاء للتفاوض على اتفاق وقف إطلاق نار دائم مع المسؤولين الحوثيين وإنهاء الصراع المستمر منذ ثماني سنوات هناك.

ومع ذلك، فإنّ فكرة عملية السلام بين الدول التي تركز على إنهاء الحروب بالوكالة يمكن أن تكون مشكلة إذا حاولت تهميش الجهات الفاعلة أو التقليل من مرونتها ومقاومتها للتغيير، والأهم من ذلك، قدرتها على العمل كمفسدين.

إسرائيل وإيران، على سبيل المثال، غارقة في حرب الظل التي تنتج ثورات في لبنان وسوريا والعراق.

في اليمن، قال المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات العربية المتحدة كجزء من التحالف الذي تقوده السعودية، إنه لن يكون ملزَماً باتفاق بين السعودية وخصومها الحوثيين.

في لبنان، أعرب كلٌّ من حزب القوات اللبنانية المدعوم من السعودية وحزب الله المدعوم من إيران عن شكوكهما في أنّ الاتفاق السعودي الإيراني سيُنهي الجمود الرئاسي في لبنان.

بناء السلام المعقد

في الأساس، من الصعب تصوّر سيناريو تقوم فيه إيران بإلغاء التعبئة أو السيطرة على حلفائها، وليس عندما يكون لديهم تأثير تحوّلي على عرض إيران لقوتها في المنطقة.

في سوريا وحدَها، حشدت إيران وتواصل الإشراف على عشرات الآلاف من مقاتلي حزب الله وغيرهم من المقاتلين من العراق وباكستان وأفغانستان، الذين قاتلوا إلى جانب النظام السوري لهزيمة المتمردين وإنهاء الانتفاضة.

وضعت الصين مصداقيتها على المحك من خلال العمل كضامن للسلام بين المملكة العربية السعودية وإيران.

تدخل بكين منطقة غير مقيدة، حيث تمارس الجهات المسلحة غير الحكومية سلطة وشرعية أكبر، وبالتالي يمكنها تحديد معالم السلام في المنطقة. هنا، تفتقر بكين إلى الخبرة المؤسسية وسجل الإنجاز لإدارة تعقيدات بناء السلام.

يتمّ التعامل مع مثل هذه التعقيدات حقًا فقط، على المدى الطويل، من خلال الإصلاح الأمني ​​والحوكمة الرشيدة، وهي عمليات تخفف من الآثار السياسية والإنسانية بعيدة المدى التي تعاني منها الجماعات المسلحة واقتصاد الحرب.

في حين أنّ هذه تشكّل أجزاءً أساسية من المشاركة الغربية مع المنطقة، فمن غير الواضح ما إذا كانت الصين ستحذو حذوَها.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.