الرئيسية » تحرر الكلام » ثقافة الرعب في الإعلام العربي|

ثقافة الرعب في الإعلام العربي|

برزت في الآونة الأخيرة وخصوصاً في موسم شهر رمضان المبارك العديد من البرامج المتخصصة في الترويج لثقافة الرعب علی هيئة برامج يقول القائمون عليها أنها”مقالب” ويريدون من خلالها الترويح عن نفوس المشاهدين كما يزعمون لكن المنطق يكشف ماهو أقبح من ذلك بكثير في هذه البرامج التي اخذت ضجة اعلامية كبيرة،وحتی نكون منطقيين فإن هذه البرامج”الخطيرة” تروج لانتشار ثقافة الرعب في اوساط المجتمع وترسيخها في نفوس الكثير من المتابعين لها،وهو مايعكس دناءة وسذاجة الوسائل الاعلامية المنتجة لهذه البرامج التي تنال قصب السبق في تحجيم المجتمع،وعلی سبيل المثال يقوم احد هذه البرامج باستضافة شخصية ما في احد الفنادق وبعد وصولها بلحظات تندلع النيران في الفندق ويعيش الضيف اجواء مفعمة بالرعب والخوف وهو يری مايحدث وحوله الاطفاء يساعده في الخروج من المأزق ثم يتبين انه مجرد” مقلب،

برنامج آخر يشهر السلاح في وجه الضيف ويدعوه لإصدار بيان وحوله “مقاتلين يرفعون راية تنظيم الدولـــة”ويشعر الضيف انه اقترب من النهاية في حال رفض الاوامر  ثم يتبين انه”مقلب”

ووصل الأمر الی الترويج ل عالم الجن والأشباح في احد هذه البرامج واستخدام الحيوانات المفترسة ضد الضيف في برنامج آخر،وهذا الأمر مقرف جداً لإن المقلب في البرامج السابقة كان عبارة عن فيلم رعب أخاف الجمهور المتلقي أكثر مما اضحكهم خصوصاً”الأطفال” وجعلهم يتأثرون بشكل سلبي ويفكرون بطريقة سلبية في كيفية تسويق هذه المقالب في المجتمع المحيط بهم وهذا أمر خطير يهدد أمن المواطن مستقبلاً إذا أن انتشار “مقالب” بهذه الدرجة من الخطورة والرعب في اوساط المجتمع سيؤدي حتماً الی فقدان الأمان وقد نصل الی مواجهة احداث حقيقية خطيرة ونضع في الحسبان ان وراءها قد يكون”مقلب” لأحد الأصدقاء أو الزملاء،والأشد خطورة أن يسمح للأطفال بمتابعتها لإن الطفل في هذا السن يتأثر كثيراً في المحتوی الإعلامي الذي يشاهده وقد يقوم بتقليده ربما أمام أقرانه وبغض النظر عن الشخصيات المستضافة في هذه البرامج، فإن ديننا الحنيف ينهانا عن ترويع الأشخاص وحذر كثيراً من ترويع الأمنين وشدد في هذه المسألة حتی وصل الی حد النهي عن استخدام الالات الحادة في المزاح مع الطرف الآخر وهو يعلم أنه مزاح لا أكثر،فمابالك باستخدام النار أو الحيوانات المتوحشة أو السلاح الناري في إخافة الأشخاص من أجل”برنامج رمضاني”،والإسلام جاء حاملا معه التشريعات الكفيلة بحفظ أمن الإنسان وعدم ترويعه وهناك شواهدكثيرة علی ذلك هذا من ناحية،

ومن منظور إنساني فلا ينبغي أن نغفل تكاليف الحلقة الواحدة فقط من هذه البرامج والتي تصرف من اجل أشياء لاطائل منها وهو أمر يحز في النفس إذ أن العالم العربي يعيش وضع مأساوي نتج عنه الاف المشردين والنازحين الذين تقطعت بهم السبل في سوريا وفلسطين واليمن والعراق وهم أولی بهذا المال وأولی بالوقت أيضاً فمالذي يضير قناة أن تستبدل نصف ساعة من التهريج بعرض قضية انسانية تهم ملايين من المسلمين،لكن الحقيقة التي تقف حائلا دون ذلك باعتقادي هي أن الإعلام العربي للأسف أصبح مشغولا بتحرير”مفاتن المرأة وجسدها”أكثر من انشغاله بتحرير العقول من الجهل المطبق وتحول من منبر لكشف الحقائق الی منبر لكشف”الانحطاط الاخلاقي”ومن مقر لمعايشة الواقع وملامسة الهموم الی مطبخ لصناعة الوهم وتسويق الكذب.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.