الرئيسية » الهدهد » جولة في عقل نتنياهو.. إلى متى يستمر تجنب المواجهة مع حزب الله؟ (تحليل)

جولة في عقل نتنياهو.. إلى متى يستمر تجنب المواجهة مع حزب الله؟ (تحليل)

وطن- نشر موقع “المونيتور” الأمريكي، تقريراً عن توافق حزب الله اللبناني على تجنّب المواجهة في أعقاب الصواريخ التي أُطلقت من جنوب لبنان تجاه شمالي إسرائيل، لكنه طرح سؤالاً عن المدة التي تستمرّ فيها عدم المواجهة.

استهلّ الموقع تقريرَه بالقول، إنّ راديو جيش الاحتلال أفاد ظهرَ يوم الجمعة، بأنّ الجيش دعا سكان منطقة غلاف غزة لاستئناف أنشطتهم الطبيعية بعد “ليلة من إطلاق الصواريخ من القطاع وكذلك من لبنان والضربات الإسرائيلية التي أعقبت ذلك على أهداف تابعة لحركة حماس في غزة”.

وبحسب اليونيفيل والسلطات الإسرائيلية، أشارت إسرائيل وحزب الله يوم الجمعة، إلى أنهما لا يسعيان للحرب، وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت: “لا أحد يريد تصعيداً في الوقت الحالي”.

وعلى الرغم من أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله التقى في بيروت، مسؤولين كباراً من حماس يوم الخميس، قبل ساعات فقط من الهجوم الصاروخي على إسرائيل.

وردّت إسرائيل بضربات جوية فقط ضد أهداف حماس في جنوب لبنان في وقت متأخر من يوم الخميس، وليس ضد حزب الله.

ويضيف التقرير: “المثير للدهشة أنّ التصريحات الإسرائيلية الرسمية بشأن إطلاق الصواريخ من لبنان لم تلُم حزب الله.. وفقاً لصحيفة هآرتس، تمّ إبلاغ مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر بأنه لم يكن متأكداً من علم حزب الله بالهجوم سابقاً. ومن الواضح أنّ إسرائيل ترغب في إبعاد حزب الله عن هذه التطورات الأخيرة، ولكن لماذا؟”

الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله
الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله

هجوم غيَّر الموازين

في 13 مارس، تمكّن مهاجم لبناني من دخول إسرائيل وزرع متفجرات وسط إسرائيل، وأصاب سائقًا بجروح بالغة، عجَّل ذلك الحدث بالأزمة الحالية، حيث قامت المخابرات الإسرائيلية بتقييم الجرأة المتزايدة مع خصومها.

تلك الحادثة أشارت بوضوح إلى أنّ حزب الله يزداد جرأةً في عملياته ضد إسرائيل، وصنع حزب الله آلاف الصواريخ والقذائف في السنوات الأخيرة.

يذكر التقرير: “يفضّل الجيش الإسرائيلي، عدم مواجهة حزب الله بشكل علني أقوى وأكثر جرأة.. من جانبها أصبحت المجموعة التي تتخذ من لبنان مقراً لها، منسّقة بشكل متزايد مع حماس، ولكن من الواضح أنها ليست مستعدة أيضًا لبَدء حرب مع إسرائيل”.

وبينما تجنّبت إسرائيل إلقاءَ اللوم على حزب الله في إطلاق الصواريخ، يشكّ قلة في تورط نصر الله أو على الأقل في دعمه.

وفي الخطب والتصريحات الأخيرة، بدا نصر الله مبتهجًا بسبب الاضطرابات الداخلية عبر الحدود التي دفعتها الحكومة إلى إضعاف المحكمة العليا في إسرائيل.

جولة في عقل نتنياهو.. إلى متى يستمر تجنب المواجهة مع حزب الله
جولة في عقل نتنياهو.. إلى متى يستمر تجنب المواجهة مع حزب الله

نتنياهو يدفع ثمن أفعاله

عواقب تآكل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للديمقراطية الإسرائيلية، بدعم من حكومة غير مسبوقة في تطرفها ومثقلة بالمحرضين وعديمي الخبرة، قوّضت بوضوح الردع الذي تمّ تحقيقُه بشقّ الأنفس، والذي حافظ على الهدوء النسبي على طول الحدود اللبنانية لمدة 17 عامًا.

لكن بينما يُعتقد أن الجماعة التي تتخذ من لبنان مقرّاً لها يتزايد تنسيقُها مع حماس، يبدو أنّ حزب الله ليس مستعداً بعدُ لشنّ حرب شاملة ضد إسرائيل.

في حين ساد هدوء متوتر على طول الحدود مع لبنان يوم الجمعة، وكذلك على طول الحدود الجنوبية مع قطاع غزة، حيث أطلقت الصواريخ على إسرائيل يومي الأربعاء والخميس، كانت الأنظار كلها على المسجد الأقصى في القدس، وكان المصلون يتجمعون للصلاة في ثالث جمعة من رمضان، ويعتقد أنّ مشاهد دخول الشرطة الإسرائيلية للمكان المقدس واشتباكاتها مع المصلين الذين تحصّنوا بأنفسهم هناك؛ أشعلت الهجمات من لبنان وغزة.

بناءً على تقييمات استخباراتية وخبراء، استعدت إسرائيل لأسابيع لاحتمال التصعيد على الجبهات الثلاثة خلال شهر رمضان، ومع ذلك، فإنّ نتنياهو، الذي لطالما روّج له بخبرته في الشؤون الأمنية وبراغماتيته في مثل هذه القضايا، قرّر أن يُقيل وزير الدفاع يوآف غالانت في 26 مارس، لإصداره تحذيرًا عامًا بشأن العواقب الوخيمة للتعديلات القضائية للحكومة على أمن إسرائيل.

لكن يبدو أنّ الانتقادات القاسية من قبل الجماعات الإسرائيلية المؤيدة للديمقراطية والضغوط القوية من واشنطن أجبرت نتنياهو على إبقاء غالانت في منصبه في الوقت الحالي.

في أثناء وجوده في المنفى السياسي لمدة 18 شهرًا، هاجم نتنياهو وأعوانه حكومة يمين الوسط التي أطاحت بهم من السلطة واتهموها ببيع حزب “القائمة” مقابل دعمه، وزعم نتنياهو ورفاقه أنّ الحزب العربي قيَّد أيدي الحكومة، ودعوا مرارًا وتكرارًا إلى تشكيل حكومة يمينية.

هذه الرغبة، التي تحقّقت قبل ثلاثة أشهر، أظهرت مرة أخرى أنّ الحكومات اليمينية المتطرفة غير قادرة على التعامل بفعالية مع المقاومين والخصوم الآخرين، التي تغذّيها الشجاعة وتفتقر إلى الشرعية الدولية.

ويُظهر التاريخ أنّ حكومات الوسط أو يسار الوسط هي التي تشنّ الحرب في كثير من الأحيان، بينما تحافظ الحكومات اليمينية، مثل حكومة رئيس الوزراء مناحيم بيغن، على السلام التاريخي مع مصر، ورئيس الوزراء المتشدد بشكل واضح أرييل شارون لم يكتسب الشرعية الدولية إلا لعملية السور الواقي عام 2002، التي سيطرت على المدن الفلسطينية في الضفة الغربية بعد أن عانت إسرائيل من مئات الهجمات وسقوط القتلى. كما أنّ شارون هو الذي انسحب من قطاع غزة عام 2005.

نتنياهو لا يملك ذرة شرعية متبقية، والإدارة الأمريكية تتجاهله وتتراجع شعبيته العالية باستمرار، ويعتقد الأصدقاء والأعداء أنه لم يعد مسيطرًا ويتمّ التلاعب به من قبل أفراد الأسرة المتطرفين والحلفاء القوميين المتطرفين، وهذا هو ثمن التطرف.

وسهّلت مشاكل نتنياهو الداخلية، وردود الفعل المدنية والعسكرية القاسية على تطرفه وابتعاد إدارة بايدن، عودة التحالف القديم المناهض لإسرائيل، وهو التحالف الممتد من طهران عبر دمشق وبيروت وصولاً إلى مقر السلطة الفلسطينية في رام الله.

وكان قرار نتنياهو المتهور بإقالة وزير دفاع متمرس، وهو لواء يتمتع بعقود من الخبرة القتالية والقيادة، في خضمّ مخاوف أمنية خطيرة ونشر العصيان بين طياري وجنود الاحتياط؛ أمرًا محيرًا.

يجب أن تحاول المنظمات الاستخباراتية، بما في ذلك وكالات الاستخبارات الأمريكية، فهمَ ما حدث لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمةً، والمعروف منذ سنوات بكونه رجلَ دولة حَذِراً، ونادرًا ما كانت أفعاله تتماشى مع صخبته.

على الرغم من تحذير رئيس الوزراء بشأن الانتقام من إطلاق الصواريخ من لبنان، فإن سلوك نتنياهو في الأسابيع الأخيرة يظهر بوضوح أنّ سيطرته تتدهور بين الأعضاء المتشددين والمتدينين في حكومته وائتلاف الكنيست.

وختم التقرير: “هل يمكن أن يغير التصعيد الجديد شيئًا؟.. مزيج من الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية، والتداعيات الاقتصادية والدبلوماسية المتوقعة لتعديلاته الدستورية والتهديد من حزب الله وإيران الذي كان يختمر منذ حرب لبنان الثانية يمكن أن يغير الأمور نظريًا. من ناحية أخرى، إذا فقد نتنياهو بالفعل السيطرة على حكومته، فقد يكون الأوان قد فات”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.