الرئيسية » تحرر الكلام » في عالم الفوضى

في عالم الفوضى

و هل تظنين يا عشتار بأن هذا العالم يسير بشكل فوضوي ؟!

لا … !!

نعم … !!

هو كذلك …

يسير بالفوضى المنظمة …

أنت لا تعلمين ما هي الفوضى المنظمة …

هي تلك اللعبة القذرة التي تمارسها الدول الكبيرة في الخفاء … لتسرق لقمة الدول الطامحة بالحياة .. فتدخلها في دوامة الجوع و القهر … تسحق شعبها … وتنشر فيه الفساد … مدمرة كل القيم الأخلاقية التي يحملها … و لا تسأليني كيف … لأن الواقع يتحدث عن ذاته …

نعم … حينها يصاب الجسم بالمرض … و العقل بالاعتلال …

هي اللعبة التي يرسمون لنا فيها مستقبلنا من دون أن نعلم …

نعتقد بأننا أحرار في خياراتنا … من دون أن ندرك بأن هذه الخيارات أعدت لنا مسبقا …

دائرة …

نعم دائرة …

مرسومة للجميع … من الكبير إلى الصغير …

يولد الطفل منا …

و من اللحظة الأولى ترسم حدوده …

اسمه … جنسيته .. دينه … طائفته …

يحدد له من هو عدوه …

يبرمج دماغه البريء على جدول محدد …

ست سنوات … نزرع فيه اللغة حتى نستطيع حشو عقله بإرث لا علاقة له به …

و بعدها … يأتي دور المدرسة … لتتابع دورها في الحشو …

هذا عدوك … هذا تاريخك … هذه أمتك …. فدافع عن وجودك … الخطر محيط بك من كل مكان ….

نتخرج من الجامعات يا عشتار … لتضيق الدائرة أكثر … رغيف الخبز يناديك … اركض خلفي و أنت الحامل لذاك الإرث الثقيل 

تناضل … تجاهد … تعيش صراعات في داخلك ما بين الخير و الشر … ما بين أحلامك الطفولية التي سحقتها عجلات الزمن … و واقع تكرهه و لكنك مجبر على التأقلم معه …

هذه هي المعادلة …

خياراتك التي أعدت لك مسبقا … و الدائرة التي رسمت حولك …

نعم يا عشتار …

هذا هو عالمنا … عالم الفوضى المنظمة ..

عالم الدول التي تبني أمجادها و تفتخر بتطورها و حضارتها على أجساد الشعوب المسحوقة بالهمّ و القهر و الجوع …

عالم يقنعنا بأننا أحرار … و هو يرسم حولنا سجونا تضيق بمرور الزمن …

عالم .. لا يكتب على علبة التبغ تاريخ انتهاء الصلاحية … في حين أنه يكتبه على قارورة الزيت أو العسل ؟!!

على الهامش :

أكتب لك يا عشتار و أنا أشرب فنجان قهوتي الصباحي من شرفة منزلي المفتوحة نحو السماء …. و قد حطت أمامي حمامة بكل طمأنينة … لتأكل من بقايا الخبز التي أضعها يوميا …

فأسأل نفسي : تراها هل رأتني مجرد حائط لا يخيف ؟ أم أن الحياة أجبرتها على تقبّل الخطر أم أنها توسمت بي السلام ؟ !!!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.