الرئيسية » الهدهد » محافظ تونس عمر منصور لـ”وطن”: لا أفكّر في الترشّح للرئاسة مطلقا وهذه استراتيجيّتي لسنة 2017

محافظ تونس عمر منصور لـ”وطن”: لا أفكّر في الترشّح للرئاسة مطلقا وهذه استراتيجيّتي لسنة 2017

“خاص-وطن”-حاوره عبد الحليم الجريري” السيّد عمر منصور هو محافظ ولاية تونس المثير للجدل، حيث أنّ له تحركات نشطة خلقت له قاعدة من المتابعين المنقسمين بين مؤيد ومنتقد.

بدأ الحديث عن عمر منصور يستشري في مواقع التواصل الإجتماعي إبّان تنفيذه لحزمة قرارات أبرزها قرار هدم منصّات مقاه فارهة بمنطقة البحيرة 2 في العاصمة تونس، وهو ما لم يسبقه إليه أي محافظ قبله، قراره الجريء هذا أثار موجة من الإنتقادات والإستحسانات على وجه السّواء، لكنّه تذرّع حسب متابعتنا لردوده على منتقديه بأنّه لا يفعل شيئا أكثر من أنّه يطبّق القانون.

  المحافظ عمر منصور مولود سنة 1958، تحصّل على الإجازة في الحقوق وشغل خطة مساعد وكيل جمهوريّة بالمحكمة الابتدائية بمحافظة تونس منذ سنة 1984 إلى سنة 1988 ثمّ  أصبح قاض مستشار بالمحكمة الابتدائيّة بجندوبة ثمّ حاكم ناحية بقرمبالية ثمّ مستشارا بمحكمة الاستئناف بتونس.

تمّ تكليفه بمأموريّة بديوان وزير العدل سنة 1995 وهو من بين مؤسّسي المحكمة الجنائيّة الدوليّة كما شغل خطة عميد لقضاة التحقيق في سنة 2000 ثم وكيلا للجمهوريّة بالمحكمة الابتدائيّة بتونس سنة  2008 ثمّ رئيسا لدائرة بمحكمة التعقيب بتونس وانتهى بشغل خطة محافظ لجهة أريانة فوزيرا للعدل واليوم هو محافظ على جهة تونس.

صحيفة “وطن” التقت بالمحافظ عمر منصور في حوار حصريّ قال لها فيه إنّ تنفيذه لقرار الهدم الذي أثار الرّأي العام لا يندرج في إطار عمله على تسليط الضوء على إسمه بقدر ما هو تفعيل للقانون وزجر لمخالفيه، مضيفا أنّه يعمل على خلق مناخ خال من الشوائب والإخلالات ويحاول زرع عقليّة احترام القانون خاصّة لدى شريحة الشباب.

وعلّق منصور على الأنباء القائلة بإمكانيّة تولّيه حقيبة وزارة الدّاخليّة أنّه وبمعيّة كلّ زملائه في الحكومة باختلاف مناصبهم ليسوا يتنازعون أية كراس، وأنّ كل فرد منهم لديه خطّة تخصّه وأنّهم يعملون على التّعاون فيما بينهم مضيفا أنّ الذي يريد خدمة الدّولة بشرف يخدمها من أيّ موقع، وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:

-قلتم إن الملفات حسب تقديركم تُفتَحُ بالأولويات، هل كان من أولوياتكم هدم فضاءات المقاهي الخارجية بمنطقة البحيرة 2 بالعاصمة تونس؟؟

–أولوياتنا ليست الهدم بل هي الإعتناء بالمسائل الكبرى، وكلمة المسائل الكبرى تعني نظافة البيئة وتعني العودة إلى الثقافة السليمة ونشر عقلية الرياضة والإهتمام بالثقافة خاصّة لدى شريحة الشباب لانتشالهم من الإنحراف والضياع وصقل فكرهم وإبعاده عن الإجرام، كلّ هذا لا نستطيع القيام به وسط الأوساخ وفي بيئة قاتمة وغير نظيفة.

أولوياتنا تهتمّ بالإستثمار والتشغيل أيضا، وفي إطار كلّ هذا يجب أن يكون محيطنا خاليا من الشوائب ليست فقط البيئية وإنّما أيضا القانونيّة، وذلك بأن يقع تطبيق القانون وزجر الخارجين عنه. 

-هنالك من قال إنّك كنت تريد تسليط الضوء على إسمك من خلال هذا القرار الصارم، ما رأيك؟؟

–يعني أن الإنسان الذي يريد أن يطبّق القانون ويعمل بجديّة ينشد من وراء ذلك تسليط الضوء على إسمه؟ هذا في الحقيقة قول عقيم وأنا لا أشتغل لإسمي بل تلك هي طريقة عملي، فمنذ تولّيت منصب محافظ على جهة أريانة كانت تلك هي طريقة عملي ولم تتغيّر البتّة.

على مستوى آخر، إذا كان عملي قد نال استحسان المواطن فأنا في خدمته بالطريقة التي ترضيه. 

-ألا ترى أنّ البلاد في مرحلة بناءٍ وليست في مرحلة هدم؟

–نحن نبني من خلال الهدم، فعندما نضع حدّا للفوضى فنحن نبني، وعندما نرفع من شأن القانون فنحن نبني، الدولة هي القانون ونحن نريد بناء دولة سليمة، هل رأيت دولة تبنى على أنقاض الفوضى والبلطجة والخروج عن القانون؟ الدولة يجب أن تبنى على أسس سليمة أولّها إعادة الهيبة للقانون والعدالة.

-ألا تر أنّك تساهم في رفع نسبة البطالة من خلال احالة العشرات من العملة على البطالة بعد غلق هذه المقاهي ؟

–هذا ليس صحيحا، لأنّ تطبيق القانون يرحّب به الجميع ونحن لدينا في تونس من يعيش من الفوضى والخروج عن القانون، ثمّ إننا أمرنا بإغلاق المحلات التي لا تتوفر فيها الظروف الصحيّة الملائمة لمدّة معيّنة إلى حين تسوية أصحابها لوضعياتهم القانونيّة.

-ألم تتعرّض لمضايقات من جهات متنفّذة على خلفية تنفيذك لقرارات الهدم تلك؟

–تقريبا لم يضايقني أحد، على أساس أن الجميع يعرفون طبعي، وأسأل أحيانا على موضوع فأفسّر، ولكن يقلقني أحيانا أن أطالب بالتروّي والتعقّل والإنقياد وراء المبادئ بالتجزئة في أمور لا نقاش فيها بالنسبة لي، نحن نتعقّل في التعامل مع المواطن المخالف من خلال انتهاج سياسة المراحل معه قبل أن نبدأ في العقاب وهنالك من امتثل لواجباته وهنالك أيضا من تعنّت فطبّق عليه القانون.

-هل تعتبرُ أنّ المحافظين الذين سبقوك لم يكونوا مهتمين بتطبيق القانون؟

–أنا لست هنا لتقييم عمل أي شخص آخر، أنا لا أتحدّث إلا عن عملي فقط.

-يعني ألا تر أي تقصير من محافظين سبقوك في شغل خطّتك؟

–ربّما يكونوا قد قدّموا إضافات من نوع آخر، لكلّ حادث حديث ولكلّ زمن أولوياته، كلّ خطّة أشغلها لديّ فيها منهجي في العمل ولا أهتمّ بغير هذا.

-لماذا لم نر قرارات إزالة مثلا للذين ينتصبون اعتباطيا في سوق المنصف باي؟

–بالنسبة لسوق المنصف باي ليس لدينا فيه بناء فوضويّ بل لدينا فيه فوضى انتصاب لأناس لا حقّ لهم في الإنتصاب هناك، ومنهم من ليس لديه رخصة في النشاط أساسا، وأنا قمت في شأنهم باجتماع هنا في مقرّ المحافظة وأعدت النظر في وضعياتهم وحددت أسماء من ليس لهم حق في النشاط وقمت بتشريكهم في قرعة نظّمت على إثرها مواقعهم الجديدة في الإنتصاب.

المشكل هو أنّ بعض أعمال المحافظة تصل إلى مسامع الإعلام في حين تغيب عنه بعض الأعمال الأخرى، فتجد أن قرارات كقرارات الهدم في منطقة البحيرة أخذت حيزا كبيرا لدى الإعلام، في حين أنّه لم يركّز في قرارات تنظيم الإنتصاب في أماكن أخرى عديدة من المحافظة فالمسألة إذن متعلّقة بالإعلام وليس بنا.

أنا بعد شهر من توليّ محافظة أريانة قضيت على الإنتصاب الفوضوي في أريانة وهو الذي يعتبر موروث سنوات.

-أين وصل موضوع الفضاء الذي قلتم إنكم تهيؤونه للباعة المتجوّلين بالعاصمة؟

–قطعنا فيه أشواطا مهمّة وبإمكانك ملاحظة ذلك من خلال مرورك قرب شارع “المنجي سليم” حيث يوجد مأوى فتحنا فيه أشغال تهيئة لمساحة خصصناها لهؤلاء الباعة، كذلك بالقرب منه تجد فضاء عليه أشغال تسبيط بالخرسانة الإسفلتية حيث سيكون جاهزا بعد تمتيعه بالإنارة العموميّة، كذلك غير بعيد عن هذين المكانين لدينا مكان متروك سيعدّ لهؤلاء الباعة قرب منطقة “سيدي البشير”، فنحن إذن عند وعدنا ونقوم بمساع حثيثة لإعداد فضاء للباعة المتجولين وإبعادهم عن مخالفة القانون.

-لم تتقلّد أيّ منصب مهمّ إلا عندما فاز حزب النداء في الانتخابات الرئاسية والتشريعيّة، ألا يدلّ ذلك على أنّك قريب منه وأنّ قصّة استقلاليّتك وهميّة؟

–طوال مسيرتي المهنيّة تقلّدت مناصب مهمّة كثيرة، منها ما هو في القضاء، وكنت أشارك في إنجاز الإتفاقيات الدّولية الكبيرة وأنا عضو مؤسس للمحكمة الجنائية الدوليّة ومشارك في عقد الإتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب واتفاقية إفريقيا لمكافحة الإرهاب واتفاقية الدّول الإسلامية لمكافحة الإرهاب وغيرها من الإتفاقيات، كما كنت عميد القضاة الوحيد الذي ظلّ على رأس العمادة طيلة ثماني سنوات.

-هي مناصب محترمة ولكنها ليست في مقدار المحافظة أو الوزارة.

–أنا لم تتصل بي أحزاب بل اتصلت بي السلطة وعلى رأسها رئيس الحكومة، ولا وجود لعلاقة بين تقلدي لمناصب المحافظة والوزارة وبين وصول حزب النداء إلى الحكم، بل هي المصادفة المحضة.

-المنظّمَة التونسية لمناهضة التعذيب تقول إنّ عدد الانتهاكات في السجون ارتفع في شهر نوفمبر الماضي مقارنة بالشهور التي سبقتهُ ولكنك أنسبت ذلك -وأنت كنت وزيرا للعدل- إلى ممارسات فرديّة من بعض رجال الشرطة، هل حاول عمر منصور تطبيق القانون على هؤلاء المخالفين وهو المعروف بصرامته أمام القانون؟ 

–بلغني في يوم من الأيام عن طريق الإعلام أنّ هنالك انتهاكات وتعذيب في سجن النساء، كنّا عندها بالصدفة في أريانة ندشّن ساحة الورد وكان معي جمع من الإعلاميين الشبان الذين أعلموني بخبر هذه الإنتهاكات، إقترحت لحظتها على الجميع القيام بزيارة فجئية لسجن النساء حتّى إذا ما وجدنا مخالفات فتسجّل في حينها أمام الإعلام، وفعلا قمنا بزيارة السجن المذكور وقد أتحت للفريق الإعلامي الذي رافقني بأن يسبقني إلى غرف السجينات لتسجيل ملاحظاته ولم تكن توجد ملاحظات تذكر.

-إذن ما الذي دعا منظّمة مناهضة التعذيب إلى التّعبير عن استيائها ؟

–لعلّها سجّلت خروقات سابقة لعهد تولّي منصب وزارة العدل، وليس لديّ سبب يجعلني أخفي أي تجاوز إن وجد.

-ولكنك قلت إنّه مازالت توجد تجاوزات فرديّة من أناس معيّنين في مراكز الإيقاف.

–الأمر خارج عن طوعي مادام في مراكز الإيقاف وهو من مشمولات وزارة الدّاخليّة، لكن ما وجدناه من تجاوزات في سجن النساء كان بسيطا ويتمثّل في بعض التدخّلات العنيفة من أعوان السجن في فضّ النزاعات بين السجينات وأوصينا بتجنّبه كما تعهّدنا بتتبّع المخالفين. 

-حسب مراقبين، 80% من رجال الشرطة مازالوا يطلبون الرشوة من المواطنين، هل لديكم إجراء تعتزمون اتخاذهُ تِجاهَ هؤلاء؟

–شخصيّا لا ولم أتعرّض لهذه الظاهرة لصفتي ربّما، ولكنني أطلب من المواطنين عدم التعامل مع الشرطة بالرشوة، هذه الظاهرة الإجتماعيّة موجودة وعلينا محاربتها كعقليّة قبل محاربتها بالقانون، نعم نحن مع تتبّع المخالفين قانونيّا وكشفهم لكن قبل كلّ شيء علينا أن ندعو التونسيين إلى عدم سلك مسلك الرشوة حتّى تقلّ هذه الظاهرة أوّلا.

محافظ تونس عمر منصور

-ألا تعتبر نفسك ارتقيت من منصب محافظٍ بجهة أريانة الى وزارة العدل ثمّ انحدرت مجددا عندما صرت محافظا على جهة تونس من جديد؟

–عندما نكون قادرين على الإضافة فهنا نستطيع أن نميز بين الإرتقاء والإنحدار، والمسألة ليست مسألة مناصب، إذ أنه يمكن لك أن ترتقي إلى منصب لا تقدّم فيه المأمول فتكون بذلك قد انحدرت ولم ترتق، أنا أعمل من موقعي كمحافظ على أريانة أو وزير للعدل أو محافظ على تونس وإسمي في صعود وهذا هو الإرتقاء بالنسبة لي، وفي اعتباري الإرتقاء في ترابط تامّ مع قيمة العطاء.

-ما الذي دعاك الى تعريض نفسك إلى خطر من خلال تدخلك لاقناع مواطن بالتراجع عن تفجير نفسه داخل مركز للبريد؟؟ أليس هو نفس الشيء الذي قلناه في بداية الحوار بأنك تريد التسويق لنفسك؟

–لم أكن أريد التسويق لإسمي بتاتا، بل الموضوع هو أنّ لديّ مسيرة مهنيّة مع الجنايات وكنت دائما أفاوض الناس ولم أغلق مكتبي أمام أحد حتّى عندما كنت وكيلا للجمهوريّة، حيث كنت أتحدّث مع أعتى المجرمين وأفاوضهم في أمورهم وكانت لديّ خبرة في التعاطي الليّن معهم.

بالنسبة للمواطن الذي هدّد بتفجير نفسه في مركز البريد فإنني علمت من مصادري بأن مشكله مشكل إجتماعي فعرفت أنّه بإمكاننا التفاوض أنا وهو بعيدا عن أي أضرار قد تصيبه أو تصيبنا فلأي مشكل إجتماعي هنالك حلّ بالنسبة لي.

-علمنا بأنك استقبلته في مكتبك، ماذا قدّمت له في الأخير من مساعدة؟

–أنا استدعيته بعد الحادثة مباشرة إلى مكتبي لإبعاده عن أي اشكالية قد تقع له مع رجال الأمن، ثمّ أحيل مباشرة إلى البحث ليسوّي وضعيته مع الإشكالات الأمنية التي عرّض لها نفسه، ثمّ أوصيته بزيارتي بعد ذلك لنحلّ مشكلته إذا كان بوسعي ذلك.

-ماهي الدلالة على مشاركتك في تظاهرة mannequin challenge ؟؟ ألا تريد تقديم نفسك على أنك المحافظ الرياضي الذي يشارك الشباب في نشاطاته؟

–أوّلا لم يكن لديّ علم بهذه التظاهرة وقد حدثت قدرا أثناء وجودي هناك على عين المكان، وكنت قد عملت على أن يجمع أنفار من الشباب العاطلين عن العمل من الذين يتمتّعون بملكة الرسم لتصوير رسوم على الحيطان المحيطة بذلك المفترق المروري وأشرفت عليه، وحدث أن طلبوا منّي المشاركة  في تظاهرة « mannequin challenge » فلم أكن من الرافضين، بل إنني أنا الذي صمّمت الوقفات وطريقة التقاطها بآلات التصوير، وليس في الأمر إرادة منّي لتسليط الضوء على إسمي أو ما شابه بقدر ما هو تشجيع لأفكار الشباب الذين أعدّ لهم استراتيجيّة جديدة للسنة المقبلة بالمناسبة، كما سأعمل بالتوازي مع ذلك على بعث برامج ثقافيّة واجتماعيّة أهمّها استغلال دور الثقافة المتروكة لتلقين الشباب العاطل عن العمل مهنا وحرفا قد يستغلونها للكسب والعيش بكرامة، بالإضافة إلى مشاريع أخرى سوف أعلن عنها في الإبّان.

-ألا تتعرّض لانتقادات أو توبيخات من رئاسة الجمهورية على خلفية تحركاتك النشطة في كلّ مناسبة؟

–لا أبدا، فأنا لا أفتعل هذه الحركات بل هي من صلب تعاملاتي وأنا تلقائيّ جدّا فيها ولا أبتغي من ورائها شيئا إلّا أن يحس الناس بها فقط، ثمّ لا توجد جهة قيّمت عملي ومع هذا أنا الذي لديّ تحفظات على أدائي وأحبّ أن أرتقي به أكثر.

-هنالك أنباء عن إمكانية توليك لوزارة الداخليّة، ما مدى صحتها؟

–أنا وكلّ زملائي في الحكومة باختلاف مناصبهم لسنا نتنازع أية كراسي، وكل فرد منّا لديه خطّة تخصّه ونحن نعمل على التّعاون فيما بيننا كائن ما يكون، والذي يريد خدمة الدّولة بشرف يخدمها من أيّ موقع.

-هل يمكن لنا أن نراك مترشّحا للانتخابات الرئاسيّة في قادم الأيّام؟

–لا أفكّر في هذا الموضوع ولا يجول لي بخاطر مطلقا.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.