الرئيسية » تقارير » التاريخ المنسي بالوثائق: هكذا ناصب دحلان العداء للزعيم عرفات فهل تورط باغتياله؟

التاريخ المنسي بالوثائق: هكذا ناصب دحلان العداء للزعيم عرفات فهل تورط باغتياله؟

وطن (خاص) لا يكاد القيادي الفتحاوي المفصول والهارب إلى أبوظبي يفوت مناسبة إلا ويعلن فيها أنه من تلاميذ الزعيم الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات بل يصور نفسه أنه تربى على يده ويلجأ أنصاره عادة – ومعظمهم يتسلمون مخصصات شهرية – منه إلى ربط صوره مع صور عرفات بطرحه رمزا بديلا للشعب الفلسطيني.

ومع مرور نحو ١٢ سنة على جريمة اغتيال عرفات لا يزال الفاعل مجهولا وسط تقاعس ملحوظ من قبل السلطة الفلسطينية عن كشف القاتل إلا أن قليلين من الفلسطينيين يتذكرون كيف ناصب محمد دحلان الزعيم الفلسطيني عرفات العداء واعلن اغتياله معنويا وأمنيا قبل أن يغتال بالسم.

“وطن” قامت باستعراض الصحف والمواقع الإلكترونية التي تحدثت عن مواقف دحلان في العام الأخير الذي سبق اغتيال عرفات ودوره في تقويض سلطاته ونص الرسالة الخطيرة المسربة التي أرسلها إلى شاؤول موفاز ويعترف فيها بدوره انه ملتزم بتعهد القضاء على عرفات كما قطعه أمام الرئيس الأمريكي وقتذاك “جورج بوش”.

هاني الحسن: إسرائيل تخطط لاغتيال عرفات بواسطة أحد الفلسطينيين.. ودحلان وراء الفوضى في غزة

وقبل اغتيال عرفات بأشهر كشف وزير الداخلية الفلسطيني السابق هاني الحسن النقاب عن وجود نية اسرائيلية لاغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بواسطة احد الفلسطينيين.

ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط في لقائها مع هاني الحسن

وشن الحسن هجوما شديدا على محمد دحلان متهما اياه بأنه وراء الفوضى والمظاهرات التي حدثت في مدينة غزة، وتم فيها التهجم على اللجنة المركزية لحركة فتح وحرق صور بعض اعضائها. وقال هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمستشار السياسي للرئيس عرفات في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان دحلان اعد اثناء توليه حقيبة الداخلية في حكومة ابو مازن، خطة امنية قدمها الى الولايات المتحدة ورفض تسليمها الى اللجنة المركزية لحركة فتح وهو ما اثار شكوكا وريبة حول مضمونها.

واضاف: وقد حاولنا كثيرا مع رئيس الوزراء السابق، وكذلك مع دحلان، من اجل ان نطلع على مضمون هذه الخطة، الا ان كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وهو ما اثار شكوكا وريبة حول مضمون هذه الخطة. ومن هنا جرى الصراع خاصة انه تمت تعيينات كثيرة في مواقع امنية عديدة كان شكلها ومضمونها مريبين، من ذلك تعيين 19 ضابطا في مواقع امنية هامة من دون استئذان اللجنة المركزية وكذلك من دون موافقة الرئيس ياسر عرفات الذي هو القائد العام، والذي لا يجوز اجراء مثل تلك التعيينات من دون موافقته.

وأوضح هاني الحسن ان الرسالة التي نشرتها صحيفة اردنية والموجهة من دحلان الى موفاز تكشف حجم المخاطر التي تستهدف الساحة الفلسطينية والرئيس ياسر عرفات شخصيا. وأكد هاني الحسن ان كل حكومة فلسطينية ستأتي سوف تواجه نفس المصير الذي عرفته حكومة ابو مازن اذا اعتمدت على الخارج واهملت الداخل.

وذكر الحسن انه عندما سقطت حكومة ابو مازن فان دحلان ومجموعته التي تسيطر على الأمن الوقائي في غزة فقدوا صوابهم لانهم كانوا يعرفون ان وزير الداخلية في الحكومة المقبلة لن يكون من بينهم وان دحلان جاء الى هذا المنصب غدرا وبطريقة غير شرعية.

خبر الجزيرة الذي نقلته عن لقاء اجرته صحيفة البيان الإماراتية مع دحلان

دحلان: عرفات بلا جدوى

وفي خبر نقلته قناة “الجزيرة الفضائية” عن صحيفة “البيان” الإماراتية التي أجرت لقاء مع دحلان قال فيه: ان مهمة عرفات انتهت، وإن المناطق الفلسطينية تواجه التدمير تحت سلطته، والمحيطون به فاسدون”. وبشر بقيادات فلسطينية شابة هو من بينهم.

هجوم دحلان على عرفات في الأردن

وفي اجتماع عقده محمد دحلان مع نخبة من رؤساء التحرير والكتاب في الأردن بتاريخ 29/7/2004 شنّ هجوماً لا هوادة فيه على عرفات، فقال: “لقد طعنني في وطنيتي بعد أن رتبْت له استقبالاً جماهيرياً لدى وصوله إلى غزة.. صارت لدي رغبة في التحدي (…) ما بطلعله لا هو ولا غيره أن يخونني”. إضافة إلى سيل من الانتقادات وجّهها دحلان ضدّ عرفات في عدد من المجالس الخاصة والعامة.

لقاء قناة العربية مع دحلان

دحلان يهدد عرفات قبل اغتياله بثلاثة أشهر

وفي خبر نشرته قناة العربية قبل اغتيال عرفات بثلاثة أشهر كرر وزير شؤون الأمن الداخلي الفلسطيني السابق محمد دحلان نداءه بالإصلاح في لقائه مع جيزال خوري في برنامج “بالعربي” الذي بثته قناة “العربية” يوم 1-8-2004، كما وجه في حوار آخر تهديدا إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بتسيير حركة احتجاجات كبيرة في غزة تضم 30 ألف فلسطيني إذا لم تنفذ الإصلاحات التي اتفق بشأنها.

وقال دحلان في اللقاء الذي أجرته “العربية” إنه مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وأنه لا يقف ضده في شيء وإنما يطالب بتطبيق مطالب وثيقة 2001 والتي تحض على إنهاء الفساد المالي والإداري بالسلطة.

وتعليقا على ما بدا أنه تأييد للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من جانب حركة حماس خلال الأزمة الأخيرة في غزة، قال دحلان إنه يتفهم أسباب التآلف والتكاتف الذي سببته الأزمة بينهما.

وكان خالد مشعل زعيم حركة حماس قد ألمح إلى أن دحلان ليس فوق مستوى الشبهات في حوار سابق معه نشرته وسائل الإعلام وأكد أن الحركة تقف إلى جانب الرئيس الفلسطيني في مواجهة حالة الفلتان الأمني ودعوات الإصلاح التي أطلقت في توقيت غريب تنفيذا لأجندة خاصة تهدف للسيطرة على غزة في حالة الانسحاب الإسرائيلي منها، وطالب في ذات الوقت بفتح ملفات الفساد بشكل شامل بدلا من الاكتفاء بالحديث عن الفساد المالي وحده.

وقد توعد دحلان في وقت سابق بتظاهرات حاشدة في غزة إذا لم يطبق الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الإصلاحات الأمنية خلال الأيام العشرة المقبلة. وأعلن دحلان في حديث إلى صحيفة “الوطن” الكويتية “أن الوضع الفلسطيني لم يعد يحتمل الفساد ولا بد من تطبيق الإصلاحات التي أقرها ياسر عرفات”. وأضاف الوزير السابق “أنه إذا لم يتم تطبيق الإصلاحات قبل العاشر من أغسطس/آب الجاري، فإن حركة احتجاجات كبيرة تضم 30 ألف فلسطيني ستسير في قطاع غزة دعما للإصلاحات”.

وفي إشارة واضحة إلى الرئيس الفلسطيني، نقلت الصحيفة عن دحلان قوله “إن العقلية التي تدير الوضع الفلسطيني لم تعد ذات جدوى فالخسائر لا تحصى والحياة الفلسطينية مدمرة”. وتابع “أن مجموع ما حصلت عليه السلطة من مساعدات دولية بلغ نحو خمسة مليارات دولار ذهبت أدراج الرياح ولا نعرف مصيرها حتى الآن”.

وأضاف “نحن قررنا العمل في الميدان وما جرى في غزة هو تعبير عن مطالبنا بالإصلاح, وسر قوة الإصلاحيين في الميدان أنهم حملوا الانتفاضتين الأولى والثانية وأنهم يحاربون الفاسدين, ما مكنهم من الفوز بالانتخابات بنسبة 95% مؤخرا في قطاع غزة”.

العلاقة بين دحلان وعرفات من التزلف واضطهاد الخصوم إلى الانقلاب

ويعد الإنذار الذي وجّهه محمد دحلان لعرفات بضرورة “الإصلاح” قبل العاشر من شهر آب/أغسطس و“إلا فإن تيار “الإصلاح الديمقراطي” في حركة “فتح” سيستأنف الاحتجاجات المطالبة بـ”الإصلاح” ومكافحة الفساد”، هذا الإنذار فاجأ الكثير من المطلعين على العلاقة التي كانت تجمع عرفات بدحلان، وتحرّك الأخير ضدّ كل من كان ينتقد (الرمز) عرفات، وتعذيبهم بحجّة أن الهدف من نقدهم هو نزع الشرعية عن “القيادة التاريخية” للشعب الفلسطيني.

محمد دحلان في غزة

من المعروف والشائع لدى الفلسطينيين الذين كانوا في تونس أن محمد دحلان كان من أكثر المتزلّفين لياسر عرفات بين كل من خدم في مكاتب منظمة التحرير بتونس، حتى أصبح دحلان حديث الفلسطينيين هناك لما أثاره من اشمئزاز لدى العديد منهم لكثرة تزلّفه لعرفات. وتشير بعض القيادات الفلسطينية بأنه لو لم يكن دحلان بهذا التزلّف لما وصل إلى ما هو عليه، خاصة وأنه تسلّم الأمن الوقائي في غزة وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، ولا يملك أي خبرة سياسية أو عسكرية تؤهله لهذا المنصب.

رسالة دحلان إلى موفاز

ولم يطل المقام بدحلان حتى انتقل بمواقفه من عرفات مائة وثمانين درجة، متغافلاً عن التصاريح السابقة في تمجيد “الرمز”، مستشعراً أن الانتقادات الإسرائيلية والأميركية ضد عرفات فرصة لا تُعوّض للانقلاب الذي طالما حلم به وخطّط له في لقاءاته الأمنية المتكرّرة مع القادة الإسرائيليين، والرسالة التالية تشير لماذا انقلب دحلان على عرفات. في 13/7/2003 وجّه محمد دحلان رسالة إلى شاؤول موفاز يقول فيها “إن السيد عرفات أصبح يَعد أيامه الأخيرة، ولكن دعونا نذيبه على طريقتنا وليس على طريقتكم، وتأكدوا أيضاً أن ما قطعته على نفسي أمام الرئيس بوش من وعود فإنني مستعد لأدفع حياتي ثمناً لها”. ويضيف دحلان “الخوف الآن أن يقدم ياسر عرفات على جمع المجلس التشريعي ليسحب الثقة من الحكومة، وحتى لا يقدم على هذه الخطوة بكل الأحوال لا بد من التنسيق بين الجميع لتعريضه لكل أنواع الضغوط حتى لا يُقدم على مثل هذه الخطوة”.

نص رسالة دحلان إلى موفاز ما نشرته صحيفتنا “وطن” في عددها المطبوع عن الرسالة وقتذاك

بدأنا العمل ضد المقاومة

نقلت الصحف في 27/7/2003 لقاء جرى بين محمد دحلان ووزير الخارجية الأمريكي كولن باول ومستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس. وقد طلبا منه معرفة كيف يتم الحفاظ على وقف النار. فردّ دحلان “إني تحدثت مع 200 مطلوب، أنا شخصياً. كان هناك من أقنعتهم بوقف العمليات، وكان هناك من لم أقنعهم، ولكني حذرتهم”. كيف فعلت ذلك سألت رايس، أجاب دحلان “مع معظمهم هاتفياً، ومع 20 سجيناً موجودين داخل السجون في (إسرائيل) تحدثت بشكل غير مباشر”.

وفي 26 تموز/يوليو 2003 نشرت صحيفة الحياة اللندنية أن محمد دحلان ناقش مع كوندوليزا رايس في واشنطن خطته التي تركز على شراء الأسلحة التي في حوزة المجموعات الفلسطينية المسلحة. وتقضي الخطة بأن يُدفع 6000 دولار لقاء كل بندقية يتم شراؤها من (المجموعات الفلسطينية المسلحة)، ويدفع هذا المبلغ الحكومتان الأميركية والبريطانية والاتحاد الأوروبي. كتائب الأقصى هاجمت في بيان لها محمد دحلان على هذه الأخبار المؤكدة ووصفته بأنه ((مشروع أمريكي-إسرائيلي))، وأنه ((شخص تم فرضه على السلطة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني)), وأكدت الكتائب عدم الثقة بمحمد دحلان عندما يتحدث عن أو باسم كتائب شهداء الأقصى.

تعهدات دحلان لكوندليزا رايس

وفي 8/8/2003 نشرت صحيفة معاريف العبرية أن محمد دحلان تعهد لكوندوليزا رايس بأن يعمل على تأميم مؤسسات حماس ومصادرة سلاح منظمات (الإرهاب). ولكن لا يبدو أن طريق دحلان سهل، ولا سيما حين يفعل عرفات كل شيء كي يضع له العصي في العجلات. وهذه الحقيقة أدت بدحلان المحبط إلى استخدام تعابير لا سابق له ضد زعيمه. وحسب تقارير عن جهات أمريكية وإسرائيلية قال دحلان “هذا الكلب –يقصد عرفات-، هذا الكذاب، يهدم كل شيء، يفجر كل شيء، لا يسمح لنا بعمل أي شيء”.

كوندليزا رايس

لم يتوان محمد دحلان في لقاء عام جرى في غزة في شهر تموز/يوليو الماضي ونشرته صحيفة “نيويورك تايمز” بأن سمّى المقاومة الفلسطينية بـ”الإرهاب”، وانتقد قادة فتح وقال “إنهم ضد الانتفاضة، وفي الوقت ذاته هم مع الانتفاضة (…) هم ضدّ الإرهاب وفي الوقت نفسه مع الإرهاب”. ونقلت الصحيفة عنه أيضاً أن الوقت حان لاتخاذ قرار “نحن عند مفترق طرق (…) إما أن نحصل على استقلال فلسطيني، أو نذهب إلى وضع مماثل لوضع الصومال”.

في محاضر قمة العقبة التي نشرتها الصحف الإسرائيلية، ولم ينفها دحلان، قال الأخير لأرييل شارون “نحن بدأنا العمل بكثافة، ووضعنا أخطر الأشخاص من حماس والجهاد وكتائب الأقصى تحت المراقبة. بحيث لو طلبتم الآن مني أخطر خمسة أشخاص فإني أستطيع أن أحدد لكم أماكنهم بدقة، وهذا يمهد لردكم السريع على أي عمل يقومون به ضدكم. ونعمل الآن على اختراق صفوف التنظيمات الفلسطينية بقوة حتى نتمكن في المراحل القادمة من تفكيكهم وتصفيتهم”. ويضيف دحلان “أما بالنسبة لكتائب الأقصى فقريباً ستصبح الكتاب المفتوح أمامنا بعد تصفية أهم القيادات فيها”.

وفي تجاهله لتأثير صواريخ القسام على (إسرائيل) والتقارير التي تحدّثت عن الانهيارات النفسية التي تحدث في صفوف الإسرائيليين من جراء سقوطه على المستوطنات، وصف دحلان إطلاق صواريخ القسام بـ((الاستهبال))، بل ووصل به الأمر إلى اتهام حماس بأنها كانت السبب وراء فرض الحصار الإسرائيلي على عرفات من جراء عملياتها. لمّا اشتدّ نقد محمد دحلان لجبريل الرجوب أصدر الأمن الوقائي في الضفة الغربية تعميماً يفضح تعاون دحلان في تسليم المجاهدين في بيتونيا، ومما جاء في التعميم “كان محمد دحلان يعلم ويشارك في اجتماع القيادة الفلسطينية يوم الخميس 28/3/2002 والذي أفضى عن قرارات من أهمها اعتقال المزيد من المعتقلين السياسيين وبالأخص أهم عشرة مطلوبين في منطقة رام الله. وتم الاتفاق على إصدار بيان من قبل الرئيس عبر وسائل الإعلام يعلن فيه الرئيس وقف إطلاق النار وإجراء اعتقالات فورية”.

إسرائيل وعناق الدببة مع دحلان

في البداية التزمت “إسرائيل الرسمية” الصمت حيال ما جرى من صراع على مقاليد الأمور في حركة فتح وفي السلطة بين دحلان من جهة وبين ياسر عرفات من جهة أخرى، تمهيداً للسيطرة على قطاع غزة مستقبلاً بعد تنفيذ خطة فك الارتباط. لكن منذ البداية كان موقف “إسرائيل” معروفاً مما جرى من أحداث. فقد قال وزير الحرب الصهيوني شاؤول موفاز تعليقاً على ما جرى ((موقف (إسرائيل) معروف، فنحن مع كل قيادة فلسطينية تكون بديلاً عن عرفات وتكون قادرة على التوصل معنا إلى ضبط الأمن على حدودنا مع قطاع غزة بعد تنفيذ خطة فك الارتباط)).

دحلان في اجتماع مع موفاز

اكتفاء (إسرائيل) بالصمت أو بالتصريحات الفضفاضة إزاء ما جرى كان نابعاً من حرص إسرائيلي على عدم التخريب على دحلان كما قال وزير القضاء الإسرائيلي يوسيف لبيد، الذي قال ((نحن نتطلع إلى أن يتولى شخص مثل دحلان قيادة السلطة في قطاع غزة ويكون قادراً على ضرب حماس والجهاد، لكن يتوجب علينا ألا نقوم بمعانقة دحلان عناق الدببة، حتى لا تظهر حركته كما لو أنها كانت فيلماً إسرائيلياً))، على حد قول لبيد.

رئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون علّق بشكل عام على ما يجري أمام وزرائه منوهاً إلى ما يعتبره ((إنجازاً كبيراً)) حيث قال ((هناك البعض حتى من بين الوزراء الذين يجلسون حول هذه الطاولة من شكك في صوابية الخطوة التي أقدمت عليها عندما أعلنت أنه يتوجب تغيير قيادة السلطة الفلسطينية وباستبدالها بقيادة تكون قادرة ومستعدة للتجاوب مع مصالحنا الأمنية، وهاهم بعض الفلسطينيين يتوصلون إلى نفس القناعة التي حاولت القوة الإسرائيلية تجسيدها على أرض الواقع)).

لكن بخلاف ما كان يتمناه فلم يصمت الإسرائيليون طويلاً كعادتهم، وفاجأوه بالحديث عن حقيقة الاتصالات التي ربطته بهم عندما كان يشرع في تنفيذ خطته الهادفة للسيطرة على حركة ((فتح))، ومن ثم على السلطة الفلسطينية بشكل كلي. فقد كشف مدير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي دوف فايسغلاس أن اتصالات حثيثة جرت بين دحلان واثنين من أكثر قادة الأجهزة الأمنية الصهيونية تطرفاً في قمع الفلسطينيين، ومن ناحية ثانية يُعتبران من أكثر المراهنين على دور دحلان لتحقيق الأهداف الإسرائيلية. فقد تبين أن دحلان يجري اتصالات مع كل من آفي ديختر، رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية ((الشاباك))، وهو الجهاز الذي يتولى بشكل عملي مهمة قمع الشعب الفلسطيني، والتصدي لمقاومته الباسلة، فضلاً عن أن ديختر –وبخلاف بقية قادة الأجهزة الأمنية- مازال يدعي أن القوة العارية وحدها القادرة على وقف المقاومة. أما الثاني فهو الجنرال عاموس جلعاد، مسؤول قسم التخيط السياسي في وزارة الحرب الصهيونية، وهو من كشف زميل سابق له بأنه قام بـ((فبركة)) تقييمات استخبارية من أجل إقناع الحكومة الإسرائيلية بأن رئيس السلطة الفلسطينية ليس أهلاً لأن يكون شريكاً للدولة العبرية في أي تسوية سياسية، إلى دعوة جلعاد إلى قتل عرفات. فهل كانت مجرد مصادفة أن يختار دحلان الاتصال بهذين المتطرفين من بين قادة الاجهزة الأمنية؟

رهانات إسرائيلية علنية على ما جرى

الذي كان بادياً للعيان منذ أن انطلقت حركة التمرد التي أعلن دحلان تأييدها لها، هو استغلال (إسرائيل) لها في كل المجالات، على الشكل التالي:

1- حرص الناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية على استغلال عمليات حرق المؤسسات العامة واختطاف المسؤولين، وهي عمليات قام بها من يتسترون بدعوات الإصلاح في الساحة الفلسطينية في شن حملة إعلامية دعائية، بالقول أن مثل هذه التصرفات تثبت أن الفلسطينيين لا يستحقون الحصول على دولة، وكيان سيادي، كما قال ذلك صراحة وزير الدولة الإسرائيلي عوزي لانداو.

2- تشتيت جهد المقاومة: التقييمات التي أعدتها المؤسسات الاستخبارية الإسرائيلية في مطلع الأحداث أكدت أن هذه الأحداث ستفيد الدولة العبرية، إذ إنها ستعمل على تشتيت جهود الفلسطينيين وبالذات حركات المقاومة، حيث إن هذه الأحداث ستشد الأذرع العسكرية في هذه المرحلة أو تلك للانخراط فيها، وترك المواجهة مع (إسرائيل). وسائل الإعلام الإسرائيلية حرصت على ترديد البيانات التي يطلقها الفرقاء في فتح من أجل تشجيع مواصلة الاحتكاك. وتطوعت وسائل الإعلام الإسرائيلية لإجراء عشرات المقابلات مع ممثلي الفريقين لتحقيق نفس الغرض دون أن يعي أي منهم خطورة ما يقدمون عليه. في الوقت نفسه فإن انخراط عناصر الأجهزة العسكرية في الأحداث يسهّل عمليات رصدهم وإلقاء القبض عليهم والمسّ بهم، بسبب ميلهم للتحرك بشكل أكبر وعلني فيتم رصد تحركاتهم من قبل العملاء والمنظومة الاستخبارية الإسرائيلية التي تعمل على مدار الساعة.

3- المسّ بصدقية حركات المقاومة: أكد عدد من المعلقين الأمنيين والمختصين بالشؤون الفلسطينية من الصحافيين الإسرائيليين أن الأحداث عملت على المسّ بصدقية الحركات الفلسطينية في أوساط الرأي العام الفلسطيني. وأشار روني دانئيل مراسل القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن القيادات العسكرية الإسرائيلية تبدي ارتياحها لأن انشغال جهات تدعي انتسابها إلى أذرع عسكرية يؤدي في النهاية إلى المسّ بصدقية هذه الأذرع، وبالذات ((كتائب شهداء الأقصى))، حيث نشط معسكر دحلان وكذلك موسى عرفات في تجنيد الكثير من منتسبي الأجهزة الأمنية الذين ادعوا أنهم أعضاء في ((كتائب شهداء الأقصى)).

4- فرض جدول أولويات جديد للشعب الفلسطيني: وهناك نقطة أبدى الإسرائيليون ارتياحهم لها، وهي حقيقة أن الأحداث الأخيرة فرضت جدول أولويات مغايراً للشعب الفلسطيني. فبدلاً من التركيز على مقاومة الاحتلال والتجند لمواجهته تمّ إلهاء الناس بالحديث عن ((الإصلاح)) المزعوم.

هناك بعض المراقبين من قال إن التدخل الإسرائيلي في الصراع داخل فتح تعدى مرحلة الرهان إلى مرحلة التدخل العملي والتنسيق مع معسكر دحلان. ومنهم من قال إن تعمد (إسرائيل) تشديد الخناق على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالذات أثناء بدء عملية التمرد، كان الهدف منه منح المناخ المناسب لحركة دحلان بالنجاح.

لكن على كل الأحوال فقد أقرت (إسرائيل) بفشل مخطط دحلان وانهياره بشكل كبير. وقد ادعى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي أهارون زئيفي فركش، أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست أن حركة دحلان فشلت، لأنها بدات مبكرة ولأنه لم يستخدم كل قوته في المواجهة. لكن ما لم يقله فركش هو أن الشعب الفلسطيني هو الذي أحبط هذه الحركة، لانه يعي أن الذين يطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد ليسوا أقل فساداً من خصومهم.

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “التاريخ المنسي بالوثائق: هكذا ناصب دحلان العداء للزعيم عرفات فهل تورط باغتياله؟”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.