الرئيسية » تحرر الكلام » داود أوغلو: “فتش عن الإنسان”!

داود أوغلو: “فتش عن الإنسان”!

ما يزال الإنسان يجتذب صاحب هذه الكلمات، يسافر خلف كلماته إلى آفاق نورانية، خلف ووراء وبعيداً عن هذا العالم الذي يفور ويمور ويموج بكل أنواع الظلمة.

  أما أولئك الذين سادوا الكون و”زعموا” أنهم أصحاب “حضارة”، والأخيرة “تلعنهم” آناء الليل وأطراف النهار لما يفعلونه بها وبالعالم كله، إذ يصطفون “الأقذار” قادة للدول التي يستضعفونها، وإذ يصدرون الآلام والمحن إلى العالم بخاصة الأجزاء التي ضعف “الإنسان” فيها، أو قارب الوفاة، ثم هم يَدعون إنهم “سدنة” السلام، وإنهم أرادوه للإنسانية، ولكن البشرية تتأبى الدواء السهل الرخيص وهرولتْ، وما تزال خلف الموت والدمار والدماء من قبل والفناء..فلكم وددتُ أن ينمحوا من فوق الخارطة، بعيداً عن صاحب هذه الكلمات، أو يتغيروا ب”فعلها” .. أمنيتان عزيزتان بالطبع!

   السيناريو”رخيص” الذي “تُجرعه” الولايات المتحدة الأمريكية، والسائرين خلفها في طريق ظلمات الاستبداد، للعالم. وهم، طوال الوقت، “يحتقرون” العقل ونور الروح بداخلنا، وإلا فلنستمع إلى مقولة  “أوباما”، عبر حواره مع شبكة “سي إن إن” الثلاثاء الماضي، فيقول إنه ما كان أحد يتوقع سقوط الرئيس الأسبق المصري حسني مبارك، ولكنه، أوباما، كان ينتظر مزيداً من الشفافية من الثورة المصرية ضمن الربيع العربي، ولكنها سقطت في فخ التدين بعيداُ عن المدنية!

   مَنْ علم مثل هذا “الحكمة”؟

  وإذا كنت قد فوجئتَ بسقوط مبارك الذي كان يسقط من فوق جسر العمر منذ ربع قرن على الأقل، الذي لم يستطع من فرط الأعياء ملاقاتك  بعد وفاة حفيده محمد علاء، رحمه الله، فذهبت إليه، واكتفى بالبقاء بأعلى السلم فيما رحت تقفز مهرولاً فوق درجات السلم إليه، وإذا ما كانت مخابراتك “الوقحة” التي ما تترك أمراً فيه مصلحتك إلا دلتك عليه، وإذا كنا مصدقين مثل هذه “السخافات” والمخابرات الحربية “المصرية” كانت تتوقع “هبّة او انتفاضة” شعبية في 2010م، ثم مالك ومال الذين يحكمون طالما جاء بهم صندوق انتخابي؟.. أم إن الديمقراطية لديك “صنم” عجوة إذا جعتَ أكلتَه؟ ومن قال لك إن الذين تسميهم “إسلاميين” “فاشية دينية” مثل فاشية الكنسية “لديكم” في العصور الوسطى؟ ثم إن الكلمات اعتراف ضمني بتدخلكم في مصر وبلاد الربيع العربي كما تسمونه وقد أحلتموه جحيماً ولنسل عن هذا سوريا الحبيبة؟

   لكن السيد “اوباما” لم يحدثنا عما يفعله العسكر في مصر، عن آلاف القتلى والمصابين والأضعاف من المعتقلين وأضعاف الأضعاف من المطاردين والمهجرين؟ لم يحدثنا الرئيس الأمريكي عن القبض على ناشط منذ ساعات بتهمة “نية” التحريض ضد ترسيم الحدود؟ ودعنا من الترسيم ومكنوناته، فقط “بنية” تم القبض عليه، ثم يقول لنا السيد “أوباما” عن “قمع القوى المدنية” من قبل التيار الديني؟!

    وما فعل الإخوان في شيئاً مما فعله ويفعله العسكر سوى أن الأوائل أحسنوا الظن في العالم وفي أمثالك، وتعجلوا قطاف حسن ظنهم!

                                         “1”

    أمات الساسة الإنسان بداخلهم، ويريدون إفناءه في العالم، فإما أن يغيبوه عقلياً ووجدنياً، فيحيا مضللاً، وهل يحيا الإنسان ضالاً؟ والحقيقي منه لا ينظر إلا بنور الله، وإما قتلوه!

  مساء الأربعاء الماضي وصباح الخميس كانت “البشرية” التي تئن في جراحها، إما بفعل الإضلال الغربي لها، وإما بفعل الاستضعاف وما يتتبعه من جراح، كانت البشرية التائهة الزائغة على موعد مع الرقي الإنساني البشري، غير المعهود في هذا الوجود.

   دامت صداقتهما أكثر من ربع القرن، فرسا رهان، يحتفظان بالصداقة معينًا ودليلاً على الاخلاص، ولكن أحدهما سمح للآخر، موافقاً المقدرات والمقادير، أن يسبقه دائماً، فحين كان رئيساً للوزراء كان مستشاراً أو مساعداً له، ولما كان رئيساً للجمهورية صار “رئيس الوزراء” .

    ولإن البشرية فينا تجتذبنا دائماً إلى أسفل، ولأسباب حزبية متعددة، ثار الخلاف بين الرفيقين السياسيين لكن المُسلمينِ بحق وانتشر منذ مساء الأربعاء 4 من مايو/ آيار الحالي، وكانت صورة، لعلها ليست الأخيرة لهما، نشرتها مواقع إليكترونية تدمي القلب.

   على اليمين يمضي أحمد داود اوغلو، والصورة “مُغيمة” أو مُبهتة في هذا الجانب تقول بأن الرجل مضى، ترك الطريق وذاهب إلى آخر بمفرده بعيداً عن العدالة والتنمية الحزب ولجنته المركزية واللجان الفرعية، والمحافظات التركية ال 68 التي زارها جميعاً العام الماضي قبل إعادة الانتخابات البرلمانية، وبعيداً عن لقاءات زعماء العالم، والدستور الذي وعد الا يكون فيه اسم تركيا، بل اعتبره دستوراً سيتم إهدائه للبشرية، وبشر به قبل ولادته، بعيداً عن زخم السياسة، و”جعلها” له ملء السمع والبصر طوال الوقت.

    على يمين “الحقيقة” ويسار الصورة إلى الناحية الاخرى كان يمضي الرئيس “رجب طيب أردوغان” مبتسماً والصورة رائقة في الجانب الخاص به!

                                               “2”

      خلاف!

ككل خلافات سياسيّ العالم إذاً، بقاء الأقوى وانسحاب “الآخر”.

    لكن العينين توقفتا طويلاً، وحق لهما التوقف والتأمل أمام الكلمات التالية:

“اليوم الجميع يمرون باختبار، لن نتراجع عن الأشياء التي آمنّا بها”، مضيفاً “سأدوس على نفسي، إن هذه المناصب الفانية التي يظن البعض بأنهم لن يتركوها، سأدفعها بظاهر كفي، وخلال حركتي في هذا المنصب لن أكسر قلب أي من رفاق القضية”.

    كانت الكلمات فارقة علمتْ النفس أن الإنسان إذا وجدته وجدت معه المسلم، ثم السياسي، والأكاديمي، ومختلف النواحي الخلقية البشرية، وإذا انعدم الإنسان فلا تبحث بعد عن شىء، وما ارهق البشرية وزادها عنتاً ورهقاً وقسوة حياة إلا انعدام واختفاء الإنسان عنها ومنها وفيها!

    “خياركم في الجاهلية .. خياركم في الإسلام” صدق الصادق المصدوق الصادق والعد الأمين، مَنْ كان إنساناً أحسن والداه تربيته، وكانت أصوله طيبة خيّرة فهذا هو الذي يستطيع العالم الافتخار به، وليس للأمر علاقة بالفقر والغنى بل بشىء يسميّه أبناء البلد في بلادي “الأصل”!

    والصبر عند الصدمة الأولى، كما قال معلم البشرية، أيضاُ، صلى الله عليه وسلم، والرجل في لحظات احتدام الصراع نطق بهذه الكلمات أما ترجمتها:

“أخذت الصدمة في صدري.. لكنني لن أسمح لأحد بأن يتألم معي”!

                                       “3”

      الخميس الماضي كنا على موعد مع تفاهة من تفاهات “قائد إنقلاب مصر” أسماها كلمة مختلفة، وافتتح القصيدة بالكفر من حكاية عن راكب نقل عام، حافلة أو أتوبيس شاهد السيسي يسير بدون حراسة على “كورنيش الإسكندرية”، ولا تمر بالكلمات قبل أن تقول “سبحان الله”، ثم خلص من المداخلة و”الحوار” بأننا في مصر أصلاً ليس لدينا دولة!

   استلمها دولة ثار أهلها وأفنوا آلاف الشهداء، وتصدوا له ليمرغ كرامة الوطن في الأرض، ويضيع مقدراته، ثم يعاير الناس أو المصريين بنتيجة تدميره لبلادهم فيما هو “بلطجي” ربما نادر أو لم يرى التاريخ مثل حالته من مرض نفسي لم يمر بالبشرية، جعله يلعق حذاء الرئيس مرسي، ثم حينما يتملك منه ومن أتباعه.. يتسبب في الموت بمنتهى القسوة لهم ثم يسميهم أهل الشر، و”لحم أكتافه” من خيرهم كما يقولون!

    أين هذا من الإنسان “أحمد داود أوغلو” وخطابه الارتجالي في نفس اليوم إذ يقول عن “أردوغان”؟  المُختلف معه الذي جعله يترك الحياة السياسية كلها:

ـ لن أسمح لأحد أن يتكلم عنه ببنت شفة .. نحن صديقان منذ ربع القرن، وعرضه عرضي، وشرفه شرفي، .. ساختار “الرفيق قبل الطريق” فإن اختلفا، ونطق المثل بالعربية، فلن أتخلى عن الطريق وسأترك “انا” الرفاق، إننا لسنا هنا لنعلم تركيا صورة المسلم بل العالم!

                                              “4”

   أزاحها “أوغلو” بطرف يده السياسة والمناصب والدنيا الفانية فيما يُقتلُ لأجلها السيسي الملايين!

   يال الإنسانية لما تفتقد الإنسان إلا “قليلاً جداً” منها .. ومنهم “داود أوغلو”!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.