الرئيسية » تقارير » واشنطن بوست: قادة الخليج يخشون “تخلي” أمريكا عن حمايتهم من غضب شعبي قد يطيح بهم

واشنطن بوست: قادة الخليج يخشون “تخلي” أمريكا عن حمايتهم من غضب شعبي قد يطيح بهم

 

وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرياض الأربعاء للانضمام إلى قمة مجلس التعاون الخليجي, وقد صُوَرت الزيارة، وعلى نطاق واسع، بأنها محاولة لإعادة بناء العلاقات الأمريكية المثيرة للجدل، حاليَا، مع حلفائها الخليجيين.

 

وتركز كثير من نقاش التوترات بين الولايات المتحدة والسعودية حول شكوى أنظمة الخليج من الصفقة النووية مع إيران ورفض أمريكا للتدخل في سوريا.

 

وكما كتب المحلل السياسي الأمريكي، مارك لينش، فإن الدافع العميق وراء هذه التوترات، هو الخوف الوجودي على مصير أنظمتهم بسبب الثورات العربية وسقوط الرئيس المصري حسني مبارك.

 

ويرى في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن القادة العرب يخشون من أن واشنطن قد لا ترغب أو غير قادرة على المسارعة لنجدتهم حال مواجهتهم لتعبئة شعبية جديدة.

 

وقال إن الإمعان في السياسات المضللة والعقيمة في الرد على موجة الثورات الشعبية، داخل بلدانهم وفي جميع أنحاء المنطقة، فاقم مشاكلها الداخلية ووضعها على خلاف حاد مع الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وفقا لما كتبه.

 

ومن المألوف أن تجد الكثير من حالات التوتر السطحي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في تاريخ تحالفهم السياسي. في العادة، يمكن فهم مواقفهم العامة بالتخلي أو الاستياء على أنها لعبة مساومة واضحة إلى حد ما، يشكو فيها الشركاء المستقلون خوفهم من التخلي عنهم، وهذا من أجل الضغط على أسيادهم لمزيد من الدعم المالي والعسكري أو السياسي. بينما يسعى الشريك الأقوى نحو تلبية تلك المطالب دون المساس بالمصالح الجوهرية الخاصة به. وإذا كانت اللغة السائدة هي الطمأنينة والالتزام، فإن المنطق وراء ذلك أكثر برودة من المفاوضات.

 

ولاعتمادهم على لعبة المساومة، شعر زعماء دول الخليج بالإحباط ليس من ضعف أوباما، ولكن من رفضه إخضاع المصالح الأمريكية لخياراتهم المفضلة. ومع ذلك، فإن التوازن العام هو أيضا ضمن نطاق سياسة التحالف العادية، وفقا لما كتب “لينش”.

 

وقد ظفر السعوديون بتمرير العديد من القضايا الهامة بما يعاكس أهم أولويات أوباما الخاصة، ومن هذه القضايا استعداد أوباما ليغض الطرف عن القمع الطائفي في انتفاضة البحرين، الدعم لحرب مدمرة في اليمن، مليارات الدولارات من مبيعات السلاح والقبول على مضض بالانقلاب العسكري المدعوم من الخليج في مصر.

 

ولم تكن هذه التنازلات سهلة بالنسبة لأوباما، لكن إدارته نظرت إليها بوضوح أنها ثمن مقبول لأن تطغى على أبرز أولوياته الخاصة. منذ البداية، حدَد أوباما الاتفاق النووي الإيراني على رأس الأولويات الاستراتيجي لإدارته، واحتفظ بتركيز ووضح مثيرين للإعجاب لتحقيق هذا الهدف، وفقا لما كتبه الباحث السياسي “مارك لينش”.

 

كما تمكن أوباما من مقاومة الضغط السعودي للتدخل العسكري في سوريا، والذي أدرك أنه أن يؤدي إلى مستنقع كارثي، حتى ولو كان غير قادر على منع التسليح المتهور للثوار في سوريا. ومنذ ظهور “تنظيم الدولة”، وضع أوباما على رأس أولوياته وحشد الدعم الإقليمي واسعا لحملته لاحتواء وتفتيت، وفي نهاية المطاف هزيمة التحدي الجهادي.

 

وظهرت المخاوف المزدوجة للسعودية من الوقوع في الفخ وتخلي أمريكا عنها، إذ يعتقد الكثيرون في الخليج أن أوباما يسعى إلى تسوية مع إيران على حسابها، هذا إن لم يكن إعادة الارتباط كاملا تجاه طهران. ما هو أكثر من ذلك، إنهم يشكون في كثير من الأحيان أن عدم رغبة أوباما للتدخل في سوريا تثير تساؤلات حول الالتزام الأميركي للدفاع عسكريا عن حلفائها.

 

ويقول الكاتب إن الحدة غير العادية في توتر العلاقة الحاليَة متجذرة في الشعور العميق بالتهديد الوجودي الذي تشعر به معظم الأنظمة الخليجية منذ الثورات العربية. وقد رأت إدارة أوباما في هذه اللحظة الاستثنائية من التعبئة الشعبية فرصة لإحلال الديمقراطية في منطقة راكدة سياسيًا.

 

ورغم أن الاعتقاد السائد حول تخلى أوباما عن الرئيس المصري السابق مبارك مضلل، إلا أنه هزَ بشدة القادة العرب الذين بدأ القلق ينتابهم فجأة من أن واشنطن قد لا تكون قادرة أو راغبة في حمايتهم إذا ما واجهوا تحديا مماثلا. ذلك أن الأنظمة العربية رأت في الانتفاضات الشعبية باعتبارها تهديدا مباشرا لقبضتهم على السلطة، وهو الأمر الوحيد الذي يشغل اهتمامهم حقا.

 

ووفقا للكاتب، فإن هذا الخوف الوجودي حول مصير الممالك يساعد على تفسير الطبيعة غير المنطقية للخلاف الحاصل بينهما، وحالة القلق الواضحة لدول الخليج. وفي كل حديثهم عن تراجع دور أمريكا، يدرك قادة الخليج جيدا أنه لا مكان آخر يلجؤون إليه، لذا، فقد عمقوا اعتمادهم العسكري على الولايات المتحدة.

 

وبالتالي، فإن استياء الخليج من واشنطن كان دافعه مخاوفهم الأمنية العميقة الداخلية وفشل السياسات بقدر ما حركته التفسيرات التقليدية مثل إيران وسوريا. وقد ضمنت ردودهم على الانتفاضة العربية بقاءهم على المدى القصير، ولكن هذا سيكلفهم كثيرا في المستقبل.

 

 

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.