الرئيسية » تقارير » السعودية باعت الثورة المصرية مرتين: حين دعمت صعود السيسي وحين منعت سقوطه

السعودية باعت الثورة المصرية مرتين: حين دعمت صعود السيسي وحين منعت سقوطه

تحت عنوان عريض “استقرار مصر” تتصاعد المخاوف بشأن مستقبل الثورة المصرية، فبعد شهور تصدرت فيه الأوساط السياسية الحديث عن قرب تنحية نظام السيسي، لأنه أوشك أن يورط مصر بسيناريو الدولة الفاشلة في ظل انهيار شامل لكافة القطاعات وتعاظم الفساد والقمع، وتوقعات بتخلي أبرز الدول الخلبجية الداعمة له عنه، وتسريبات عن بحث بدائل محتملة بمرحلة ما بعد السيسي، عاد الحديث إلى اعتبار “استقرار مصر أولوية ومنع سقوطها بما يبرر بقاء نظام السيسي بالفترة الراهنة”، فهل يبيع الخليج الثورة المصرية مرتين؟ وهل تدفع الثورة ثمن أزمات الخليج الإقليمية وبخاصة في اليمن وسوريا، وهل بحق بقاء السيسي يضمن وجود تحالفات إقليمية قادرة على تحقيق الحسم العسكري في حال فشل الحلول السياسية والمفاوضات الجارية؟

يرى مراقبون أن التحولات العنيفة التي تشهدها المنطقة وأهمها فشل المفاوضات السياسية بسوريا، وتوقع فشل المفاوضات اليمنية، بما يرجح خيارات الحسم العسكري، وعمودها قوات برية في إطار التحالف العربي باليمن أو التحالف الإسلامي العسكري بقيادة الرياض، والقوات العربية المشتركة الجاري تشكيلها، في ظل تعاظم النفوذ الإيراني، وتعاظم أزمة اللاجئين السورييين، جميعها أسباب جعلت السعودية ودول الخليج تعطي أولوية لإنهاء هذه الأزمات، ظنا منها أن خلخلة الأوضاع بمصر بالوقت الراهن أمر غير محتمل، قد لا تحتمله المنطقة، وقد يعرقل التحالف السني الذي تشكله السعودية مع تركيا، ومن ثم تم إرجاء ملف تغيير النظام في مصر.

يشار إلى أن دول أوروبية تفضل بقاء النظام المصري كضرورة لمحاربة داعش والتدخل العسكري في ليبيا.

في المقابل يرى آخرون أن هذه الرؤية ليست دقيقة فالأنظمة المستبدة هي سبب الفوضى وعدم الاستقرار واستمرارها هو مصدر تهديد لأمن المنطقة، منهم الكاتب والصحافي البريطاني ديفيد هيرست الذي يرى أن “تنظيم داعش عملية لصرف الأنظار عن مخاض النضال الحقيقي بالمنطقة، وهو التحرر من الديكتاتورية وولادة حركات ديمقراطية حقيقية” وانتهى في مقاله بموقع “هافينغتون بوست” الأمريكي إلى أنه “يمكن أن تتعلم القوى الأجنبية دروساً من تاريخ المنطقة، ومنها أن الشرذمة والتجزئة تقود إلى مزيد من الفوضى، وإن المنطقة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى المصالحة وإلى مشاريع مشتركة وإلى الاستقرار، ولن يأتي ذلك من خلال خلق كيانات طائفية مدعومة من قبل قوى أجنبية، وأنه سوف يستمر النضال والصراع وسوف تستمر الفوضى إلى أن تتمكن شعوب المنطقة من تحطيم الأغلال وتعيد اكتشاف روح ميدان التحرير”.

على عكس هيرست رأى مراقبون أن استقرار المنطقة مرهون بنظام إقليمي عماده السعودية ومصر الآن في مواجهة إيران وميلشياتها منهم الكاتب والأكاديمي السعودي خالد الدخيل الذي قال في مقاله بصحيفة الحياة اللندنية تحت عنوان “السعودية ومصر: ماذا ستحقق الزيارة الملكية؟” أنه أنه حتى وقت قريب، كانت الشكوى العربية تتمحور حول تدخلات الدول الكبرى و «مؤامراتها». تبين أن دول الجوار تتدخل أيضاً، وأن الميليشيات باتت تنافس الدول. بعض هذه الميليشيات تغوَّل على الدولة في الداخل، وبعضها الآخر تحول قوة إقليمية في الخارج. تحت وطأة الميليشيا افتقد العراق القدرة على بناء جيش وطني. في لبنان الدولة في حال شلل شبه كامل. لا يستطيع لأكثر من سنة ونصف السنة الآن انتخاب رئيس له بسبب نفوذ الميليشيا. وسورية التي كانت مثالاً لقوة النظام السياسي وسطوته، أصبح مستقبلها ومستقبل رئيسها رهينة لتدخل روسي، ودور أميركي، ونفوذ إيراني، ومصالح ميليشيات من كل حدب وصوب.

ولذلك خلص “الدخيل” إلى أن المدهش أن هذا الوضع الخطر، بما ينطوي عليه من تهديد للجميع، فشل في تحفيز النظام العربي على الدفاع عن نفسه. هناك إجماع على أن الأمل بإنقاذ هذا النظام معلق على تعاون مصري- سعودي. وهو أمل قد يتحقق شيء منه في زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر. ما يبقي على جذوة هذا الأمل أن الرياض والقاهرة هما آخر ما تبقى من أعمدة النظام العربي.

في الوقت نفسه هناك تخوفات بشأن مسألة تعدد الولاءات والقيادة وهل بالفعل سيكون نظام السيسي متوافقا تماما مع الأجندة السعودية للحل في سوريا واليمن وليبيا والعراق؟ فنظام السيسي كان مؤيدا للتدخل الروسي ولنظام الأسد، ولم يدعم خيار التدخل البري المحتمل في سوريا مرجحا الحل السياسي، ويعد السيسي من الداعمين لنظام الأسد.

أزمات إقليمية مشتعلة..تصاعد الحسم العسكري     

تتجه الأزمة السورية واليمنية لخيارات الحسم العسكري في ظل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا واستمرار الخروقات الحوثية في اليمن، في ظل تصعيد إيراني، فهل تكون هذه التطورات ذريعة لتجديد الدعم الخليجي لنظام السيسي على أمل مشاركته في أي تدخل بري محتمل؟

في سوريا أعلنت جماعات من فصائل المعارضة السورية، اليوم الإثنين، بدء معركة “رد المظالم” ضد قوات النظام رداً على انتهاكات اتفاق هش لوقف العمليات القتالية مطبق منذ نهاية فبرايرن وذكرت في بيانها، أنّها سترد “بقوة” على وحدات الجيش التي تطلق النار على المدنيين.

وتشمل هذه الجماعات فصائل تقاتل تحت لواء “الجيش السوري الحر” وجماعة “أحرار الشام” الإسلامية.وأرسل هذا البيان، لوكالة “رويترز”، رئيس المكتب الإعلامي لجماعة “جيش الأنصار”، محمد رشيد، الذي قال إن هذه “الجماعات أنشأت غرفة عمليات مشتركة”. ولم تحدد موقعاً جغرافياً للمعركة الجديدة.

وكانت طائرات النظام السوري، قد جددت أمس الأحد، غاراتها الجوية على مناطق سيطرة المعارضة، في أرياف إدلب وحماة (شمالاً). وأسفر القصف عن مقتل وإصابة أكثر من ثلاثين من المدنيين.

في اليمن اعتبرت مصادر سياسية مطلعة أن فرص نجاح مفاوضات الكويت اليمنية متاحة في حال أبدي الحوثيين وممثلي الرئيس السابق انضباطا ولم يتم افتعال الإعاقات والعراقيل لإفشال هذه الفرصة السانحة للتوصل لتسوية سياسية.

وحذرت المصادر في تصريحات لـ اليمني اليوم من فشل مفاوضات الكويت مشيرة الى أن البديل سيكون الحسم العسكري والذي سيكون خيارا اضطراريا لإنهاء الانقلاب بعد تعثر الحل السياسي.

خشية انهيار الأوضاع؟

“السعودية تخشى انهيار الأوضاع بمصر” في ظل هذا التخوف جاءت حصيلة زيارة سلمان للقاهرة “مذكرات تفاهم واتفاقيات بقيمة 25 مليار دولار” كحصاد زيارة الأيام الخمس للملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، كما وقعت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية اتفاقية مع شركة «أرامكو السعودية»، قبل وصول الملك سلمان إلى القاهرة ببضعة أيام، لتوريد كميات من المنتجات البترولية لمدة 5 سنوات، بقيمة إجمالية 23 مليار دولار، وبواقع 700 ألف طن شهريا، بفائدة 2% وسيتم سداد مستحقاتها على 15 سنة مع فترة سماح ثلاث سنوات، وسيدفع الصندوق السعودي للتنمية مقابل المواد البترولية لشركة «أرامكو» بشكل فورى على أن يستعيد تلك المبالغ من مصر على أقساط.

تجاه هذا الدعم السعودي تباينت الآراء فهناك من يرى أنه دعم طويل الأمد للدولة المصرية بغض النظر عن نظام السيسي نفسه ودوره في المنطقة، بينما رآى آخرون أنه سيطيل أمد بقاء النظام لفترة على الأقل لحين انتهاء دوره في الملفات الإقليمية الخليجية الساخنة.

عن “شؤون خليجية”

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.