الرئيسية » تقارير » المفكرة التونسية ألفة يوسف لـ”وطن”: “بن علي” وطني والإسلاميون ليسوا وطنيين

المفكرة التونسية ألفة يوسف لـ”وطن”: “بن علي” وطني والإسلاميون ليسوا وطنيين

تونس – حاورها لـ”وطن”: شمس الدين النقاز

قالت المفكرة التونسية ألفة يوسف في حوارها مع “وطن” إن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت الإسلام السياسي في تونس قبل 14 من يناير لأن التعامل معهم أسهل من التعامل مع القوى الوطنية على غرار بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي.

وأضافت “يوسف”  أن “هؤلاء الحكام وطنيون ولا يلائمون المشروع الأمريكي الذي لا يريد منا أن نتقدم فهل تتصوروا فعلا أن الأمريكيين يريدون فعلا أن نحيى في ديمقراطية؟ لو كان الأمر كذلك لما كانت السعودية أقرب حلفائهم وهي أكثر من دكتاتورية. الأمريكيون يريدون مصالحهم فقط.”

وعن تشكيكها في وطنية الإسلاميين أكدت المفكرة التونسية” الإسلاميون هم أنفسهم لا يؤمنون بمسألة الوطن وليس لهم وطن وإنما هم يؤمنون بالأمة، يعني كلمة ليس وطني ليست سبة.”

وقالت يوسف إن الإسلاميين في تونس لم يسلموا الحكم ديمقراطيا “وإنما سلموه بعد اغتيالين وبعد دماء سالت ومازالت ستسيل في تونس، وكذلك بعد اعتصام الرحيل وبعد صفقة حصلت بين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي في باريس، وليس الأمر متعلقا بتسليم ديمقراطي للحكم.”

وعن الإتهامات للنخبة المثقفة في تونس بأنها تخاطب العامة من برجها العاجي أجابت الدكتورة ألفة يوسف “لا أعرف ما معنى برج عاجي أعتقد أن جل المفكرين لهم حساب فيسبوك ويتحدثون في الإذاعات عندما يطلب منهم ذلك، فليس من المطلوب أن يأتي مثلا مفكر أو فيلسوف ويجلس في الساحة ويخاطب الناس، ليس هذا دوره فهو يقوم بعمله عندما يدعى إلى الإعلام ويتكلم وهو يقوم بعمله في الجامعة وفي ميدان البحث.”

وإليكم نص الجزء الثاني من الحوار

-قلتم إنكم تصديتم بعد 14 يناير للمشروع الظلامي، فما هو هذا المشروع؟

المشروع الظلامي هو المشروع الوهابي وحكم الشعوب وفق الشريعة الإسلامية التي هي لا علاقة لها بالدين الإسلامي.

هناك خلط كبير لدى الناس بين الشريعة وبين الدين، فالشريعة هي قوانين بشرية فسّر بها الناس النصوص المقدسة والنصوص الإلاهية وهي التي بدأ تدوينها وتنظيفها مع الشافعي في أصول التشريع.

الشريعة هي حكم وفق تمثّلات معينة نجد شبيها لها ما هو موجود اليوم في السعودية وهذا هو المشروع الظلامي، إضافة إلى أنها كل ما هو قتل للفنون ودحر لها واضطهاد للمرأة وللمجتمع بصفة عامة، وعدم الخروج على الحاكم وهذا ما نراه في السعودية.

هم كانوا يريدون أن يحوّلوا تونس إلى ذلك ونجحوا نسبيا على مستوى العقليات لأنهم اشتغلوا كثيرا على هذا المستوى ونجحوا نسبيا.

-لهذا قلتم رحم الله تونس المدنية التي بناها الآباء والأجداد؟

نعم لأن تونس المدنية اليوم في خطر.

أولا لنكن واضحين، نحن لسنا مدنيين، فدستورنا ليس مدنيا ونحن جربنا منذ وقت بورقيبة إلى الآن ما يسميه المعتزلة المنزلة بين المنزلتين وفشلنا في ذلك.

سنة 1959 كان من المنطقي أن يقول بورقيبة تونس دولة عربية إسلامية لكن اليوم بعد أكثر من 50 سنة لم يتغير شيء في البلاد، فكيف يمكن أن تكون الدولة إسلامية؟ أنا لا أفهم ذلك،فالدولة هي مؤسسات، فهل الدولة تصلي وتصوم وتحج.

ما معنى أن تكون الدولة عربية ونحن نعرف أن عدد اللذين يتكلمون العربية بلغة سليمة في تونس لا يتجاوز المائة شخص يمكن.

فهذه ترهات لا معنى لها ولم نستطع أن نقطع معها، وأنا أقولها دائما إنني مؤمنة ومسلمة ولكن أعتقد أن الإسلام هو شأن فردي وجماعي من منظور أن الدولة عليها أن تحمي الشعائر ولا بد أن يكون للدولة علاقة بالأديان كما هو الشأن في سائر البلدان، ولكن لا معنى أن تقول إن الدولة مسلمة لأنه بكل بساطة الدولة ليست شخصا وليست كائنا حيا.

-لماذا قلت إن كل من دعم اخوان انتهى نهاية شنيعة؟ وعلى ماذا استندت في استنتاجك؟

هذه مسائل تاريخية فالسادات مثلا دعم الإخوان وبعد مدة قتلوه، والتكتل دعم الإخوان فراح هباءً، كذلك نجيب الشابي في وقت من الأوقات دعم الإخوان فلم يستطع تحقيق حلمه التاريخي بالرئاسة.

الأمثلة كثيرة ومتعددة لأن الإخوان هم مثل الطائفة وهم أقوياء بذلك ومواقفهم لا تتغير، فمواقفهم عام 1980 هي نفسها عام 2020 وليس كما يدعيه البعض من أنهم تغيروا أو تطوروا لأنهم إذا تبدلوا لن يصبحوا إخوانا وإنما شيئا آخرا.

لا يمكن أن يبقى الحزب إسلاميا وفي الآن نفسه يقول إنه تطور، فلكي يتطور يجب عليه أن يقطع بين الدين والدولة، ولكن مادام هناك علاقة بين الدين والدولة فلا يمكن لنا أن نتحدث عن تطور أو تقدم في المواقف والرؤى.

-لكن حركة النهضة تنفي اخوانيتها وسلمت الحكم ديمقراطيا؟

هم ينفون اخوانيتهم ويمكن أن يقولوا ما يشاؤون، وأنا لا أصدقهم بكل بساطة لأن تصديقي إياهم يقوم على إقرارهم بفصل الدين عن الدولة.

أما عن تسليم الحكم ديمقراطيا فهم لم يسلموه ديمقراطيا وإنما سلموه بعد اغتيالين وبعد دماء سالت ومازالت ستسيل في تونس، وكذلك بعد اعتصام الرحيل وبعد صفقة حصلت بين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي في باريس، وليس الأمر متعلقا بتسليم ديمقراطي للحكم.

-قلتم في تدوينتكم أيضا إن الولايات المتحدة الأمريكية عندما دعمت الإسلام السياسي أصبحت أوضاعها في تأخر فما يدريك حزب صغير في دولة صغيرة، فكيف دعمت الولايات المتحدة الإسلام السياسي؟

دعم أمريكا للإسلام السياسي حقيقة، فمنذ جاءت كونداليزا رايس إلى تونس وقابلت بن علي في أواخر 2008 ورفض بن علي طلبها بتسريح الإسلاميين وإشراكهم في الحكم.

كان هناك برنامج بدأ مع حرب الخليج الأولى ثم تجسم مع الهجوم على العراق بوضع الإسلاميين في الحكم لأن التعامل معهم أيسر من التعامل مع القوى الوطنية  مثل صدام حسين الذي دمرت بلاده ولا يعني هذا أن صدام حسين ملاك ولكن كان وطنيا وبن علي كان وطنيا ومعمر القذافي وحسني مبارك أيضا كانوا وطنيين.

هؤلاء الحكام وطنيون ولا يلائمون المشروع الأمريكي الذي لا يريد منا أن نتقدم فهل تتصوروا فعلا أن الأمريكيين يريدون فعلا أن نحيى في ديمقراطية؟ لو كان الأمر كذلك لما كانت السعودية أقرب حلفائهم وهي أكثر من دكتاتورية. الأمريكيون يريدون مصالحهم فقط.

فكانوا يظنون أن مصالحهم تمر عبر التحالف مع الإسلام السياسي، وقد كشف المصريون عن صفقات كبيرة عقدها مرسي مع الأمريكان فيما يخص سيناء وتسليم الطاقة فيها إلى آخره، بالإضافة إلى حماية أمن إسرائيل. هذه أهداف أمريكا التي كانت تتوهم أن الإسلام السياسي سيوفرها لها ولكن القدر أراد شيئا آخر.

-قلتم إن بن علي وطني فهل يعني ذلك أن الإسلاميين السياسيين ليسوا وطنيين؟

الإسلاميون هم أنفسهم لا يؤمنون بمسألة الوطن وليس لهم وطن وإنما هم يؤمنون بالأمة، يعني كلمة ليس وطني ليست سبة.

قد يكون موقفك أنك لا تؤمن بالوطن وتؤمن مثلا بالبشرية، فالإسلاميون لا يؤمنون بمفهوم الوطن وإنما بمفهوم الأمة الإسلامية. ولذلك أعتقد أن “داعش” أو سواها من القوى الحربية التي وضعت على طريق العالم اليوم تمثل فعلا ما يتصوره الإخوان.

-وهل هذا الحزب الذي تقصدونه في تدوينتكم عندما قلتم “فما يدريك حزب صغير في بلاد صغيرة” هو نداء تونس؟

نعم هو نداء تونس.

-ما الذي تقصدينه بلعنة الإخوان لا ترحم أبدا؟

هي عبارة استعملتها مجازا لأن هذه العبارة يستعملونها تاريخيا في الحديث عن لعنة الفراعنة، لأن من يفتح تابوتا للفراعنة أو يحاول نقل مومياء من موميائهم يحدث له مشكل وهذا له أمثلة كثيرة في التاريخ.

نفس الشيء لاحظنا وأنا ذكرت بعض الأمثلة لا أستحضرها كلها من يعود إلى التاريخ ويقرأ سواء تحدثنا عن أشخاص أو عن أفرد أو أحزاب أو جماعات فإنهم يسيرون إلى الوراء وليس الى الأمام .

هو حتى السبسي أصابته لعنة الإخوان.

-لماذا تعادي النخبة المثقفة في تونس الإسلام السياسي ؟

أعتقد أن كلمة تعادي هي كلمة قوية جدا، فأنا أختلف مع الإسلام السياسي بالضبط مثلما أختلف مع الفاشية ومع من يدعون إلى اغتصاب الأطفال الصغار.

هو اختلاف في توجهات فكرية ورؤى سياسية لا يصل حد التهديد، والعكس هو الصحيح.

نحن -وأنا أحترز عن كلمة مثقف- المفكرين أو الباحثين لا نهاجمهم بمعنى أننا نهددهم في حياتهم، في حين المقابل صحيح فهم فعلا يهددون حياتنا وأنا أعاني منذ سنتين ونصف تهديدا بالقتل من جماعة الإسلام السياسي.

وقد خاطبني أخيرا واحدا منهم وقال لي نفس السؤال لماذا تعادين الإسلام السياسي، قلت له يكفي بكل بساطة أنني مهددة منهم فقال لي أنت يهددك شق من الإسلام السياسي ليس كله فأجبت له بين شقوق نداء تونس وشقوقكم كيف يمكن أن أتعامل، فدعني في تصوري وأفكاري، فهي على الأقل مجرد أفكار ومناقشة فكرة بفكرة.

-ما هو تفريقكم بين الإسلام والإسلام السياسي؟

بكل بساطة،الإسلام دين شأنه في ذلك شأن كل الأديان وكل شخص يتعامل معه من منظوره الخاص بمعنى أن العلاقة بين الإنسان وبين الإلاه هي علاقة خاصة وشخصية والله وحده هو الذي يحاسب عليها، بينما الإسلام السياسي هو أن يصبح الدين وسيلة من أجل السلطة وهذا ما حصل من أول التاريخ من عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والفتنة الكبرى.

عندما يتكلم شخص أو شق أو جماعة باسم الإسلام لتفرض موقفا سياسيا فهنا يبدأ الخطر، لأنه قد يأتيك شق آخر ويتكلم باسم الإسلام أيضا، ونصبح هنا في إطار صراعات وحروب لا نهاية لها.

-ما هي مآخذكم على إسلاميي تونس؟

إسلاميو تونس لم يتغيروا وبقي حلمهم فرض تصورهم وتمثلهم للدين.

الفرق بيني وبينهم أن لي تمثلا للدين ولكن لا أريد أن أفرضه على أحد في حين هم يتصورون أنفسهم أصحاب الحق الشرعي في حكم البلاد ومشكلتهم الأساسية كالعادة المرأة وأهدافهم هي تغيير المجتمع.

لا أعتقد انهم تغيروا فأنا أعرفهم منذ الثمانينيات عندما كنت في المعهد في أول المراهقة، واليوم مهما يقولون فإنهم ظلوا كما هم يحملون ذات المشروع الوهابي الإخواني المعروف.

-قلتم أيضا إن من ثوابت 14 جانفي إفلاس الطبقة السياسية فهل تنزهون الطبقة أو النخبة الثقافية عن ذلك؟

الطبقة الثقافية لا علاقة لها بالسياسة أنا أعني بالطبقة السياسية من يشتغل في مجال السياسة.

من اشتغل في مجال السياسة من الطبقة الثقافية يصبح سياسيا ويحاسب على أنه سياسي، ولكن الطبقة الثقافية تتكلم وتنشئ أفلاما و كتبا أو مسرحيات ولا تدخل في باب ما أعنيه بالسياسي.

-أنا أتحدث هنا عن إفلاس الطبقة الثقافية ثقافيا وليس سياسيا؟

بما أنني أنتمي للطبقة الثقافية فيمكن لأي شخص أن يقول إنها مفلسة إذا شاء ورأى ذلك أنا أتحدث هنا عن الطبقة السياسية.

-حسب رأيك، ما هي أسباب ودوافع الهجمة الشرسة على النخبة المثقفة في تونس اليوم؟

أولا أنا أعتقد أن هذا الإطلاق والتعميم مبالغ فيه، لأنه ليس هناك هجمة شرسة على النخبة، فهناك أشخاص كثيرين يتابعون النخبة ويهتمون بما تكتب، وهناك بعض الناس فعلا يهاجمون ما يسمى بالنخبة وأنا أعتقد أن هذا طبيعي لأن الناس كانوا صامتين قبل 14 يناير وربما هذا الشيء الإيجابي الوحيد نسبيا الذي حصلت عليه تونس ولاسيما عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي و كما تعرف فإن التونسي جبان، فعندما يختفي خلف الحاسوب يمكن أن يقول ما يشاء ويترك العنان لعقده.

وقد قامت حركة النهضة وأتباعها بتقزيم النخبة لأن مشكلة النهضة مع النخبة هي أن هذه النخبة تصنع الأفكار والعقول، لهذا قال حمادي الجبالي مثلا نكبتنا في نخبتنا مثلا.

هناك نوع من أنواع الإنشقاق، والحركات الإسلامية لا تحيى إلا في الإنشقاق وفي الشرخ الإحتماعي الذي حاول البعض إنشاءه بين النخبة وغير النخبة، لذلك أقول دائما إن هذه أوهام فأنا في بعض الأحيان يهاجمني شخص فأجيبه بكل هدوء وأجد أن هذه الإجابة فقط كفيلة بتهدئته.

المشكلة هي أن الصورة التي تقدم له عن النخبة صورة سلبية فيها إسهام بأنه محتقر ومهمش وقد لعبوا على هذه الأوتار في هذه “الثورة” بين ظفرين، لعبوا على وتر التقسيم والتفرقة بين الناس فيوهمون الإخر مثلا هم نخبة وهم يحتقرونك هم من الساحل وأنت من الجنوب وهم يفقرونك إلخ…

فأعتقد أنه لا يجب التعميم لأن هناك كثيرين يهتمون بما تكتبه النخبة، وهي مرحلة ستمر عندما يعود الوئام والمحبة والثقة إلى البلاد لأن ثورة 14 يناير كشفت ما كان موجودا من حسد وكره وحقد بين أفراد الشعب الواحد.

-من هي هذه الجهات التي لعبت على هذه الأوتار؟

اللذين برمجوا لهذه الثورة التي لم تكن صدفة، فهم يعرفون جيدا ما يوجد في بلادنا، لعبوا على السنة والشيعة وعن العلاقات بين الحنسين والعلاقات بين الجهات من تهميش.

فالإعلام التونسي نفسه سار في هذا المجال واعتمد على نفس الألفاظ ونفس الطريقة في تقديم الأمور وأنا لهذا أرفض منذ مدة الظهور في الإعلام التونسي لأنه من غير المعقول أن يتلخص اللإعلام في شخصين يصيح الواحد والآخر وكأننا في صراع ديكة وليس هناك أي رغبة لا في تحليل ولا في تفكير ولا في تعمق في المسائل.

فقط صراعات وخصومات وجدل وهذا أمر لا يخدم تقدم البلاد.

-لكن ألا تعتقدين أن هذه النخبة ظلت في برجها العاجي ولا تحسن التعامل مع عامة الشعب؟

لا أعرف ما معنى برج عاجي أعتقد أن جل المفكرين لهم حساب فيسبوك ويتحدثون في الإذاعات عندما يطلب منهم ذلك، فليس من المطلوب أن يأتي مثلا مفكر أو فيلسوف ويجلس في الساحة ويخاطب الناس، ليس هذا دوره فهو يقوم بعمله عندما يدعى إلى الإعلام ويتكلم وهو يقوم بعمله في الجامعة وفي ميدان البحث.

في أمريكا مثلا هل تسمع بكبار الجامعيين يجلسون في مقهى مع الناس ويناقشون معهم قضايا.

كل شخص يقوم بدوره دائما نعود إلى مشكلة من هو أفضل وليس أفضل، في تونس دائما هناك مشكلة الحسد وقلة الثقة في النفس، ليس هناك شخص أفضل أو شيء أو جماعة أفضل.

ما معنى برج عاجي لماذا لا أقول إن النجار في برجه العاجي لأنه لا يأتي ويجالسني في هذا المقهى ولا يتحدث معي حول آخر الأفلام السينمائية. كل واحد يقوم بدوره، فهناك مشكلة حب وثقة فقدت بين الناس وليس هناك شخص أفضل من الآخر وإنما كل يقوم بدوره فقط.

-هل تلزمنا ثورة ثقافية في تونس؟

ستأتي ثورات ليست مبرمجة وليس كما يتصور الناس أن هناك برمجة للثورات.

الثورات المبرمجة هي كتلك التي رأيناها فشلت.

الثورات الحقيقية تكون نتيجة لتراكمات مثل الديمقراطية التي لا تأتي على أسنة الرماح وعلى الطائرات، وإنما هي نتيجة لتطور.

أنا لو كانت في السلطة اليوم لأغلقت هذه القنوات الخاصة كلها وقل عني دكتاتورية أو أطلبها بأن تحترم أخلاقيات العمل الصحفي، فهناك أشياء من غير المعقول أن تمر في التلفزة لأنك بذلك تصنع جينا كاملا.

فالثورة الثقافية اليوم بهذه الطريقة يلزمها ألف سنة إلا إذا تغيرت الأوضاع.

-لكن لماذا لا تمارس النخبة دورها العلمي والبحثي بعيدا عن المس ببعض الثواب في هوية الشعب العربية الإسلامية؟

ما معنى المس ببعض الثوابت العربية والإسلامية لم أفهم؟

-كالتشكيك في فرضية صلاة الجمعة وشرعية صلاة الإستسقاء وتحليل الخمر والزنا؟

كل شخص يمكن أن يعبر كما يشاء.

فلا معنى لمفهوم الهوية العربية الإسلامية لأن في هذه الهوية أناس تشرب الخمر وفيها من حلل الخمر، فأبو حنيفة يحلل النبيذ، كذلك فإنّ الهوية العربية الإسلامية فيها مثليون مثل أبو نواس وفيها من يقول إن صلاة الجمعة يمكن أن تكون دون خطبة هذا كله قاله مسلمون من القرن الثاني والثالث والرابع.

-لكن ما ذكرته استثناءات؟

المسألة ليست مسألة استثناء أو غير استثناء إنما هي مسألة حرية، هل الناس تؤمن بحرية الشخص في التفكير أم لا. فعندما تقول أمال قرامي أو الطالبي شيئا فهم أحرار في أقوالهم.

في نهاية الأمر هل معنى هذا أن كل كلام يجب أن يقوله مفكر أو غير مفكر هو بالضرورة يلائم ما يراه أغلب الناس.

فهل سنقوم بالإستفتاء أو الإنتخاب بالأغلبية، فهذا يكون في الإنتخابات وليس في الأفكار وإلا فإن قال شخص يجب إلغاء العبودية لوجد مقتولا أو مذبوحا ولما وجدنا إلغاء للعبودية.

هذه هي الكلمات التي يستعملها الإسلاميون ثوابت الهوية العربية الإسلامية، هذا كلام ليس له معنى لأن كل شخص يمثل هوية بمفرده.

أنت من أجبرك على شرب الخمر لو أجبرك شخص أن تشرب الخمر لكنت أول المدافعين عنك، ولكن أن يقول الطالبي في رأيه أن الخمر حلال فهذا رأيه مثلما يقول القرضاوي إن الخمر حرام مثلا هذا مثال ذكرته.

فليس من حق أي شخص أن يصادر رأي الآخر في التعبير سواء كان مفكرا أو مثقفا أو نادلا في مقهى أو بائع ملابس أو شيئا من هذا القبيل.

هي أفكار تريد أن تناقشها ناقشها فيما عدا ذلك يجب أن نتعلم كيف نحيي مع قبول أننا لا نسيطر على العالم.

مشكلة العرب والمسلمين اليوم أنه ليس لهم من الإسلام شيئا لأن الإسلام في جوهره هو أن تعي بأن الحياة تسير كما تريد هي في هذا الإختلاف شئنا أم أبينا. لماذا لا أنزعج أنا عندما يقول الإسلاميون يجب أن ترتدي المرأة الحجاب.

لا يزعجني ذلك لأن هذا رأيه لكن عندما يجبرني على ارتداء الحجاب أو يقول لي يا كافرة فهذا شيء آخر فيما عدا ذلك له أن يتصور ما يشاء.

-هل يعني كلامك أن الحرية لا تتصادم مع التحليل والتحريم؟

في نهاية الأمر لا أحد لا يمكن أن يحلل أو يحرم ومن يتصور أنه يحلل أو يحرم فهو لم يفهم شيئا في الإسلام.

أنا يمكنني أن أحلل وأقول لك قتل النفس حلال فهل يعني هذا أن الناس سيقتلون بعضهم بعضا ويمكن أن أقول لك بعد قليل إنها حرام، فهذا كلام ونحن نتوهم أن الكلام يغير الواقع فـ”داعش” مثلا تعتبر قتلاها شهداء والأمن الوطني يعتبر قتلاه شهداء وكل يقول أنا على صواب.

في نهاية الأمر ما هو الحل هل الحل أن نقتل بعضنا بعضا؟هذا ليس حلا جربه قبيل مع هابيل ولم يصل الى نتيجة وندم على فعلته بعد ذلك لذلك يجب أن نتعلم التعايش في إطار الإختلاف الفكري في يسر وهدوء.

-هل نكبة تونس في نخبتها كما يقول بعض السياسيين؟

أصلا ما معنى نخبة تونس هناك نخبة في الرياضة وفي الصناعات التقليدية وفي الفن والسياسة في كل المجالات هناك نخبة.

فهذا كلام لا معنى له ويدخل في إطار الغيرة لأن كلمة نخبة يتصورونها شيء إيجابي.

نخبة يعني تميز في مجاله مثل الذي يصنع حذاءً جميلا فهو نخبة في مجال صناعة الأحذية فيما عدا ذلك نكبة تونس في هذه التفرقة وفي هذا الشرخ الذي نشأ بين الناس وفي قلة الثقة والكره والخوف من الآخر وفي الحقد والحسد وفي عدم تعلم أن الحياة مارة وأنه يمكن أن نتعايش معا في هدوء ويسر دون أي تشنج.

نكبتنا في التشنج والصراع.

لماذا يعتبرك البعض شخصية مثيرة للجدل؟

لا أعرف.بكل بساطة لأنه لا علاقة لي بالشخصية التي يصورونها فأنا نفسي عندما أشاهد نفسي في الشخصية التي يصورونها أقول كم أنا مثيرة للجدل ولكن في واقع الأمر الصورة أراد القدر أن تكون وتصنع هكذا.

أنا أعتقد أنني امرأة بسيطة جدا أعبر عن رأيي بكل بساطة وتلقائية.

-ما هي قراءتكم لمستقبل المنطقة في ظل الفتن والصراعات والحروب التي تعصف بها؟

في هذه السنة سوف تسير الأمور نحو الأحسن في رأيي خاصة بعد القرار التاريخي للتصالح بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

وسيكون هناك تغير في الأفق وستسير الأمور نحو الأحسن وأعتقد أنه لا يمكن أن تبلغ الأمور مبلغا أبشع مم بلغته، وسيتم تجاوز هذه المحنة وتطويقها وستمر البشرية من هذه المرحلة الحرجة الدموية.

ستقع حوادث إرهابية أخرى في العالم بلا شك ولكن شيئا فشيئا سيتم تطويق هذا كله وستتحول الخارطة العالمية من أمريكا التي تسيطر وحدها على العالم إلى شراكة في السيطرة على العالم وتوزيع للبلدان الصغرى التي نحن منها على القطبين روسيا وأمريكا بأشكال مختلفة.

-كيف تعيش ألفة يوسف في ظل التهديدات بالقتل؟

أعيش ككل البشر وككل الناس أعتقد أن الموت قادم فإذا كتب لي أن يكون موتي عبر عملية إرهابية فسيكون وإذا لم يكتب فحتى لو تجمع كل إرهابيي العالم لقتلي فلن يستطيعوا بكل بساطة.

قد يعجبك أيضاً

5 رأي حول “المفكرة التونسية ألفة يوسف لـ”وطن”: “بن علي” وطني والإسلاميون ليسوا وطنيين”

  1. ليس بالمفكر كل من يحسن الكتابة ويستظهر احداث الماضي او تصرفات جماعات وطوائف ،هو كل من يقدم حلول لمعضلة ، العالم الاسلامي في مأزق ومتخلف عن الركب ، ما هو الحل ؟

    رد
  2. هذه من مخلفات الماضي مضى عليها الدهر ، هؤلاء من بنوا علمان الذين يتشدقون بالديموقراطية وعندما يختار غيرهم باسلوبهم تطفح روائحهم النتنه بما تخفي صدورهم من انانيه وحب النفس وهم على من يدفع اكثر معة ، اقول لهؤلاء لقد انكشف الغطاء ولاتنفع العابكم القديمة

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.