الرئيسية » غير مصنف » بعد إسدال الستار!

بعد إسدال الستار!

تفاهات

بقي طوال العمر يدخر أسئلة تافهة.. وهو يدري إن الإجابة عنها ليست خيراً من تركها في مدن وعشوائيات الشعور:

ـ أين يذهب الممثلون بعد نهاية الفيلم العربي القديم ؟

ـ ما معنى عدم القدرة على السيطرة على الوجدان؟

ـ كيف يمكن لإنسان أن “يترك” حقيقي قضاياه ويتفرغ للتفاهات؟

حتى ألتقاك فعلم إنه كُتب على كل إنسان حظه من التفاهات .. لا المتركمة في حواشي ودواخل تكوينه بل المتمثلة في بشر يأتون إلينا، ولو في مرحلة متقدمة من العمر ..فنتفرغ معهم لأسئلة بالغة المرارة من قبيل:

ـ أين كنا من قبل؟

وكيف شغلتنا مصاعب الطريق والحياة عن التعايش مع “ترهات” وصغائر تشكل تكوين آخرين سنلاقيهم .. فلا نعرف كيف نعاملهم .. مع جاد التفكير الذي اعتدنا عليه ولا يناسبهم، ومحاولاتنا خلق أطر جديدة للتفكير بعد استواء العمر بالغ البشاعة..

احتار بك أنت بالتحديد:

ـ أين يمكن أن يمضي بك؟

من ذاكرته .. من ذهنه .. من ماضيه، بعد سنين، بل من حاضره الآن..

صار في الطريق طويلاً.. عاد للخلف عشرات السنوات، أخت الأستاذ محسن المُطلقة في نهاية المرحلة الابتدائية التي تقدم له دون أقرانه الطعام الساخن، فورة غضب أخوها لما بدأ الدرس وصراخه:

ـ عامل لي فيها “دون جوان” و”جاي” تاكل هنا ..إياك أن تمضغ شيئاً في بيتنا؟

عدم فهمه سبب فورة دم معلم الكيمياء، آحاد البنات وإن كثرن.. اللواتي تخلص في حياته منهن بلباقة أو بدون، وجود طارىء دائماً في الذهن يجعله يهتف به طوال الوقت:

ـ ما الذي يسميه الناس ب” الحب” إلا تفاهات وكلام “فارغ” كمثل طعام أخت الاستاذ محسن..

مؤخراً علم أين يمكن أن يمضي بقصته القليلة التفاصيل الباهظة التفكير .. سيذهب بها إلى حيث يذهب الممثلون بعد نهاية الفيلم العربي القديم!

إحراج

وانتِ تتعمدين وضع قناع الضيق من محاولاته “فرض” الحيادية على محياه كلما ألتقاك بخاصة أمام الآخرين كان الذهن منه يذهب بعيداً:

ـ أوطاننا تكاد تحترق. ومنذ كَتَبَ نذر نفسه ل”محاولة” رفعتها بكلمة أو رأي هنا او هناك.. وأنت، أيضاً، واحدة من ضمن منظومة أولئك الذين يدفعون ثمناً لمواقفهم .. كيف انشغلتما عن الحياة البالغة القسوة بقصة “تافهة” عن عماد الدين والمصباح المسحور عن واقع لم يترك خيانة او خطيئة إلا احتواها؟

وكيف تسمحين لخائن بالالتفاف حولك .. هل لإنك تريدين عمل “بازلت” مصغر من قوانين الحياة داخل “معملك السياسي”؟

وكيف بعد تفضيلك الخونة تحاولين العودة إليه وإظهار الطمأنينة للقائه؟

هل احتوتنا أحداث السياسة ودفعتْ بنا إلى الاحتراب حتى مع نفوسنا قبل أن نعرف إننا أكثر نداوة من الانشغال بها؟!

يُحرج من مجرد أن يقول لك!

نداوة

يحرج جداً لما يجىء اسمك..

لما يعاتبه أحد في نداوة لسانه لما يتذكرك..

لما يُقال له لماذا تركتْ كسباً ومالاً بقربها .. ومثلك لا يُترك .. ومثلها لا ….؟

يُحرجُ مع “ناظم حكمت” الشاعر التركي المجيد، يرحمه الله، أن يُقال إنه دخل في “قصة ميل” فيها: عتاب .. وترك .. وملاحقة خاصة .. واسئلة مريرة .. فيما الناس تُقتلُ وتصاب في بلده .. وبلاد أخرى..

يُحرجُ منك لطول أمد رجائاتك فيه ..ومعرفته إن البيئة التي تربيتِ فيها مختلفة تماماً عن بيئته وتكوينه .. يُحرجُ أكثر لما يعرف إن سقفاً إن احتواكما سوف يتشقق بعد حين .. كلاكما يمضي في طريق .. ولكنكما تقاطعتما، عفواً، دون قصد من كلاكيكما في محن الحياة..

يُحرجُ وهو يعرف إنك عنيدة شغوفة به، مثله، لا تريدين من الحياة الآن سوى الاستثار به، وهو يعرف إنها حالة شاقة من الجنون سوف تتلاشى مع بدء تحققها على أرض الواقع..

يحرج من العالم وطوفانه المقبل .. وخطوط النهاية الوشيكة من العمر والعالم، يحرج من سني عمره وبنائه المحكم في عيون الآخرين من مجرد وجودك في حياته .. يحرج من نفسه أن خرجتْ منه في غفلة من العمر . . وعادتْ فحبسها عنك .. وفيما تمارس العصيان المدني والحربي تحاولين فض حصارها بالقوة .. فيما هو بينكما لا يملك إلا أن يمسك “رتاجاً” .. قفلاً من حنين .. يمعن فيه من إحكام الابواب على نفسه “منك” ويقف بعيداً محاذراً أن تأتي عيناه في “نداوة” عينيك!

ميسون

عاش عمره يستتفه التفكير الطويل في بيت الشعر:

هل تحبني ميسون؟ .. أم توهمتُ والنساء ظنون؟!

لم تكوني ميسون ولا التوهم المُدعا.. بل عرفتُ مبكراً منك إجابة سؤال الراحل الشاعر .. و كنتِ على الدوام كلمة بيت الشعر الأخيرة!

قسوة

رفض أن يستدير ليراك وأنت تطلبين كعادتك حينما تشعرين بإنك تفتقدينه، رفض الاستدارة ليرى أصبعين منك يشيران إلى رغبتك في “الانفراد” به ولو في زحام البشر لشرح المواقف، كانت حيلتك الأخيرة ناجحة معه.. من قبل.. بل “ناجعة”.. يقبل فيها اعتذاراتك مرغماً .. ويقبل عقله كلماتك البسيطة عن بلايا مقبلة ..يراها لمجرد إنه يعمل في “نظام صغير” أنت “الدينمو” منه .. بعد قليل فاض به من تبسط التفسير المُقدم منك .. وعميق البلايا والمصائب التي يراها أمام عينيه.. وحين ولى وجهه مبتعداً قدمتْ له أصعب تفسير لكل شىء لما أستأجرت “بلطجياً” لإثنائه عن المضي ..

لما صمم على الابتعاد عنك .. 

حاذر أن ينظر إليك .. إذ تحاولين الاعتذار..نظرة تقلل من قيمتك لديه .. أو قيمتك لدى نفسك، إنك لديه أكبر من أن يسىء إليك، وإن رفض المضي في فلك اختياراتك في الحياة .. ولو كانت فيه أو به..

يعرف كم كان قاسياً إذ يهرول من أمامك .. تفضحه خطواته، يعرف إنه آلمك ..

ولكنه خشي عليك في المنتصف من عنفوان جرحه ..لو احتواك من جديد .. وهو يعرف إنه سيمارس فن تقويمك بقسوة .. ولن يعفو عنك من قريب .. حتى لو كان الهدف أن تكوني صحيحة الشعور .. “مُقومة” النفس ولو كنت من بعد لغيره ..

كان قاسياً مستديراً عنك .. لا يعرف كيف يوجه بقسوته التي هي امامه .. وبالتكوين الداخلي العميق منه!

تفسير

يقول أكثر المحيطين به فهماً للأمر إنه سعيد بكونه مطلوب لديك ..

لكنه يعرف إنه سعيد سعادة حقيقية بوجودك في حياته .. ولو هنيهة .. فترة بسيطة .. ولو آثر الانسحاب من أمام “ضلالتك”.. وخياناتك الصغرى أو المتوسطة القامة أو حتى العديمة الطول، إنه سعيد بوجودك لديه، ولو في العدم، ينمو الشعور في العدم يا “مارية” دون أن تدري أنت .. إنه سعيد لإنك جعلته يدرك إنه حي ما يزال يتنفس برغم موت الحياة في نفسه وبلاده!

خسارة

خساراته بمعرفتك لا حد له على المستوى المادي أما المعنوي فإن مدينة عملاقة أقامها مهندسون عالميون في أيام قليلة، وبالفعل “نضروا” بجانب الخضرة منها كل وجهها في أسبوعين، وجئت في ثانية لتسمحي ل”دعي” مدسوس بنسفها .. بالصعود إلى نتن عالمه ساعة وأخرى، فلوى نقي وجدان كان صاحب الخسارة يبثه فيك، واستطاع استمرار جذبك إليه..

نسف “الإرهابي” المدعي النضال، المترنح الشرف، كل امل في نقائك ..ثم فاض بك طوفان الخيلاء فرقيّته عليه ..

بعد نسف المدينة .. وغرق سفين الخضرة .. ومُرّ توسله إليك ألا تنغمسي في عود حطب لن يهبك إلا العطش من جديد .. بعدها يسأله المقربون عن أجل خسارة، وأكبر خيبة حلت به منذ عرفك ..

نطق برقم .. وقال الشعور منه ثلاثة حروف:

ـ أنتِ!

عجب

إذ يلجا إلى “ذروة سنام الجمل” .. المدخرات القليلة ليغطي عجزه المادي بسببك.. إذ يفتقد أخص أشياءه بيد “بلطجي” تدعين كونه من دمك .. إذ يبتعد عن جميع الذين يعرفون مواقفك الدامية منك.. إذ يكتاب لحال بلاده ثم حالك أسابيع لا يتعجب إلا من شعور بداخله إنك “مظلومة” معه .. لم تفهمي عنه شيئاً . وليس من المتوقع أن تفهمي!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.