الرئيسية » أرشيف - هدهد وطن » هيومن رايتس تستنكر غياب التحقيق في مقتل المتظاهرين في مصر

هيومن رايتس تستنكر غياب التحقيق في مقتل المتظاهرين في مصر

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات المصرية لم تعلن حتى الآن عن أي تحرك للتحقيق في مقتل متظاهرين يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2013على أيدي قوات الأمن. بعد 3 أسابيع تقريباً من قيام الشرطة باستخدام القوة المفرطة لتفريق مظاهرات قام بها مؤيدو الإخوان المسلمين، لم تصرح السلطات بأنها استجوبت، أو تنوي استجواب، عناصر قوات الأمن بشأن استخدامهم للأسلحة النارية في ذلك اليوم.

خلفت الاشتباكات 57 قتيلاً في مختلف أنحاء القطر المصري، بحسب وزارة الصحة، مع عدم الإبلاغ عن مقتل أي فرد من الشرطة.

 

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “في التعامل مع مظاهرة بعد مظاهرة، تقوم قوات الأمن المصرية بالتصعيد السريع ودون إنذار إلى الذخيرة الحية، بنتائج مميتة. لقد فقد 1300 شخص أرواحهم منذ يوليو/تموز، فما الذي يلزم حتى تتولى السلطات كبح جماح قوات الأمن أو حتى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في استخدامها للقوة المميتة؟”

 

لم تقم السلطات القضائية بمحاسبة الأجهزة الأمنية إلا في حالة واحدة منذ قام الجيش بإزاحة   محمد مرسي عن السلطة في مطلع يوليو/تموز، مطلقاً موجة احتجاجات من طرف مؤيدي الإخوان المسلمين. في 22 أكتوبر/تشرين الأول أمر النائب العام هشام بركات بالحبس الاحتياطي لأربعة من أفراد الشرطة على وفاة 37 محتجزاً أثناء نقلهم إلى سجن أبو زعبل يوم 18 أغسطس/آب. وقد أحالهم إلى المحاكمة بتهمتي “الإهمال والقتل الخطأ” لإطلاق الغاز المسيل للدموع داخل العربة المغلقة، مما أدى إلى اختناق المحتجزين. بدأت محاكمة أفراد الشرطة يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول.

 

قال جو ستورك: “أظهرت النيابة في قضية أفراد الشرطة الذين أطلقوا الغاز المسيل للدموع داخل عربة مليئة بالمحتجزين أنها قادرة على محاسبة قوات الأمن. وعليها أن تفعل نفس الشيء حين يفتح رجال الشرطة النار على مظاهرات سلمية في مجملها”.

 

على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، ورغم مقتل على الأقل 1300 شخص أثناء المظاهرات، لم تشكل السلطات لجنة لتقصي الحقائق ولا حاولت كبح جماح الأجهزة الأمنية.

 

ولكن حين يتعلق الأمر بعنف صادر عن المتظاهرين فإن وكلاء النيابة اعتقلوا متظاهرين وحققوا معهم وأحالوهم للمحاكمة بتهم الاعتداء واستخدام العنف. وعلى السلطات القضائية أن تحقق مع عناصر أجهزتها الأمنية الذين يصيبون أو يقتلون أشخاصاً أثناء استخدام درجات من القوة لا يمكن تبريرها، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

 

وطوال الشهرين الماضيين خرجت مظاهرات صغيرة كل جمعة تضم أعدادا تصل حتى بضعة آلاف من مؤيدي الإخوان في القاهرة ومدن أخرى. وبينما كانت قوات الأمن تقوم في أحيان كثيرة باعتقال المشاركين، إلا أن السرعة التي لجأت بها الشرطة إلى العنف المميت واسع النطاق يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول لم تسبق رؤيتها منذ قيام الشرطة بتفريق اعتصامين كبيري الحجم في القاهرة يوم 14 أغسطس/آب، وقتل ما يزيد على ألف شخص، بحسب هيومن رايتس ووتش.

 

أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 23 شاهداً على الاشتباكات الثلاث الكبرى في القاهرة يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول. وكان 14 منهم قد شاهدوا الأحداث في حي الدقي بغرب القاهرة، و6 في منطقة ميدان رمسيس، و3 في جاردن سيتي. كما راجعت هيومن رايتس ووتش تسجيلات فيديو مطولة للأحداث. وتشير الأدلة إلى أن الشرطة لجأت لإطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين في مواقف لم تكن تمثل تهديداً للحياة. ورغم أن بعض المتظاهرين كانوا يلقون بالحجارة وزجاجات المولوتوف على الشرطة إلا أن الشهود الـ23 قالوا إنهم لم يلاحظوا أي متظاهر يستخدم أو يحمل سلاحاً نارياً قبل قيام الشرطة بفتح النار عليهم.

 

زارت هيومن رايتس ووتش المشرحة الرئيسية بالقاهرة وشاهدت جثث ستة أشخاص أشارت سلطات المشرحة إلى أنهم قتلوا في اشتباكات 6 أكتوبر/تشرين الأول. وقال مصدر بمصلحة الطب الشرعي لـ هيومن رايتس ووتش إن الذخيرة الحية أدت إلى وفاة 44 من جملة 49 شخصاً تعاملت المشارح في القاهرة والجيزة مع جثثهم، وإن الخرطوش تسبب في مقتل الخمسة المتبقين. قال المصدر لـ هيومن رايتس ووتش إن 20 منهم كانت بهم جراح مميتة في الصدر، و17 في الرأس، و6 في البطن، و4 في الأطراف، و2 بمواضع متعددة من الجثة، وإن أحد القصّر كان بين القتلى.

 

تلزم المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر الحكومة بكفالة الحق في التجمع السلمي وعدم تقييده إلا في حدود القانون وحين يلزم تقييده لتحقيق مصلحة عامة أعلى. وعند تفريق مظاهرة أو الرد على أعمال عنف، يتعين على قوات الأمن أن تلتزم بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.

 

تقرر هذه المبادئ أن على الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون “أن يستخدموا، إلى أبعد حد ممكن، وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة والأسلحة النارية”. في الحالات التي لا مناص فيها من استخدام القوة، لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية ضد الأفراد “إلا في حالات الدفاع عن النفس، أو لدفع خطر محدق يهدد الآخرين بالموت أو بإصابة خطيرة”.

 

وقد وعد الرئيس المؤقت عدلي منصور فعلاً بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في أحداث 8 يوليو/تموز في القاهرة التي قتل فيها 51 متظاهراً وفردين من قوات الأمن ـ وكانت أول واقعة تشهد الإفراط في استخدام القوة بعد عزل الرئيس مرسي. ولكن لا توجد بوادر على اتخاذ الرئيس المؤقت لأية خطوة نحو تشكيل مثل تلك اللجنة.

 

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الرئيس منصور أن يشكل لجنة لتقصي الحقائق مكونة من خبراء مستقلين للنظر في أحداث العنف طوال الشهور الثلاثة الماضية. وعليه أن يضمن حيادية التحقيق ومصداقيته، واتفاقه مع المعايير الدولية، وبحثه في ما إذا كانت قوات الأمن قد استخدمت القوة المفرطة فتسببت في وفاة متظاهرين. وعلى السلطات أن تعلن عن نتائج التحقيق وتوصياته.

 

علاوة على هذا، يتعين على السلطات المصرية محاسبة قوات الأمن على الاستخدام المتكرر للقوة المميتة غير المبررة. وعلى الحكومة أيضاً أن تضمن التزام قوات الأمن باحترام حق التظاهر السلمي وعدم استخدام القوة إلا بالقدر اللازم والمتناسب لحماية النظام.

 

يجب على السلطات العسكرية والمدنية أن تأمر قوات الأمن علناً بالتقيد بمعايير تتفق مع مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، بحسب هيومن رايتس ووتش.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على البلدان الأخرى وقف أية شحنات من الأسلحة الصغيرة والخفيفة والذخائر والمعدات الخاصة بها إلى مصر، إذا رجح لديها أن قوات الأمن المصرية ستستخدم تلك الأغراض في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان تتضمن استخدام القوة المفرطة المميتة والعشوائية ضد متظاهرين، وفي تفريق الحشود.

 

قال جو ستورك: “لا جديد في استخدام الشرطة المصرية للقوة المفرطة المميتة، لكنها الآن تفتح النيران وكأنها لا تخشى المحاسبة. ولحين اتخاذ حكام مصر العسكريين خطوات قوية لكبح جماح قوات الشرطة، فإن قتل المتظاهرين سيستمر”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.