الرئيسية » أرشيف - هدهد وطن » نيران صديقة تلهب احتجاجات الجنوب الجزائري

نيران صديقة تلهب احتجاجات الجنوب الجزائري

 

أجمع مراقبون في مدينة ورقلة الجنوبية، أن”النيران الصديقة” هي التي ألهبت الاحتجاجات مجددا في المدينة.
 
فرغم هشاشة الاستقرار الاجتماعي بسبب الاحتواء غير الفعلي من طرف الحكومة لمطالب المحتجين حول الشغل والسكن، تفاجأ سكان المدينة النفطية بالكشف عن القائمة الاسمية للمستفيدين من السكن الاجتماعي المدعوم من طرف الدولة، بطريقة “استفزازية “.
 
وتضمنت القائمة معلومات عن مستفيدين ينحدرون من محافظات أخرى وحتى من دول الجوار (تونس)، كما تضمنت القائمة محسوبية مكشوفة لفائدة البعض، على حساب المستحقين الحقيقيين للسكن من أبناء المحافظة.
 
وهو ما اعتبره متابعون للشأن المحلي “نيرانا صديقة” من طرف جهات رسمية تريد دفع الوضع الاجتماعي في المنطقة إلى المزيد من التعفن والاحتقان، ومضاعفة متاعب الحكومة المتخبطة في التعاطي مع اتساع دائرة الاحتجاجات في مدن الجنوب.
 
ولفت المتابعون إلى أن هذا الوضع يعزز الطرح القائل بعدم “براءة” الحراك المشتعل في الجزائر سواء على مستوى الاحتجاجات الاجتماعية أو الفضائح السياسية والمالية التي هزت أركان السلطة، والمرتبطة باستحقاق الرئاسيات العام المقبل.
 
وأصبح توزيع السكن الاجتماعي في الجزائر قنبلة موقوتة، إذ تتحاشى السلط المحلية الإقدام على العملية، خوفا من اندلاع احتجاجات تحولت في الكثير من الأحيان إلى أعمال عنف وشغب وتخريب للمصالح العمومية، على غرار ما وقع منذ أسابيع في محافظتي برج بوعريريج وقسنطينة بشرق البلاد ما أخر تسليم 200 ألف مسكن جاهز في مختلف مناطق البلاد.
 
ورغم ذلك شدد الوزير الأول، عبد المالك سلال، نهاية الأسبوع الماضي على الشروع في توزيع العدد المذكور في الآجال القريبة.
 
ويشكل السكن أبرز المعضلات التي تواجه مختلف الحكومات الجزائرية المتعاقبة، فرغم الاعتمادات الضخمة التي رصدت للتخفيف من الأزمة، إلا أنه لم يتم تقليص الفجوة بين العرض والطلب.
 
وتعهد بوتفليقة في حملاته الانتخابية للمدتين الرئاسيتين الثانية والثالثة بإنجاز مليوني وحدة سكنية، إلا أن “محسوبية” السلط المحلية، ومعوقات الانجاز كنقص المواد الأولية واليد العاملة، والمؤسسات المحلية غير المؤهلة، عطلت ذلك، ما حدا بالسلطات المركزية إلى الاستعانة بالخبرات والشركات الأجنبية الكبرى لانجاز مشروعات السكن، لكن ذلك لم يكفل تحقيق وعود بوتفليقة والتخفيف من الأزمة.
 
ولا يستبعد مراقبون أن تتحول مدن الجزائر إلى بؤر توتر اجتماعي قريبا، إذا لم تحسن الحكومة احتواء الموقف، خاصة بعدما عرفت السبت مدينة ورقلة سقوط أول الضحايا، وهو شاب في العشرين من العمر قضى بالمستشفى بعد إصابته بمضاعفات الغاز المسيل للدموع، إلى جانب حوالي 100 جريح من ضمنهم ثلاثون عنصرا من أفراد الأمن، أحدهم في حالة خطيرة، بالإضافة إلى عشرات الموقوفين حسب رواية منسق حركة الدفاع عن حقوق العاطلين عن العمل، طاهر بلعباس.
 
بلعباس اتهم الحكومة ” بالتسويف وعدم الجدية في تلبية مطالب الشغل”، وحمّل السلط المحلية مسؤولية الأحداث التي استفزت برأيه سكان المدينة “بالكشف عن قائمة سكن لفائدة الغرباء والمحظوظين، وأصحاب المال والنفوذ “.
 
على صعيد آخر حذرت أحزاب سياسية من محاولات توظيف مطالب سكان الجنوب لأغراض سياسية، وحملت السلطة الجزء الأكبر من مسؤولية الاحتجاجات التي تشهدها عدة مناطق في الجنوب .
 
وقال الأمين العام لحركة النهضة الاسلامية المعارضة، فاتح ربيعي، “إن الأحداث في الجنوب وفي مختلف مناطق البلاد تظهر أن المعالجة غير صحيحة والمعالجة الخاطئة تترتب عنها مشاكل أخرى”.
 
واعتبر ربيعي أن جوهر المشكل في الجزائر هو بالأساس سياسي قبل أن يكون اجتماعيا واقتصاديا لأن الجزائر لم تتوجه نحو إصلاحات جدية وإنما ما زالت تناور، وكانت آخر مسرحياتها إنشاء لجنة لتعديل الدستور على مقاس السلطة.
 
أما الناطق باسم حركة أمل الجزائر، المعروف اختصارا بـ “تاج”، نبيل يحياوي، فصرح بأن ما تشهده محافظة ورقلة هو ما تشهده مناطق أخرى من البلاد أيضا، ولكن لا بد للجنوب من عناية خاصة واستدراك الأخطاء خاصة اجتماعيا واقتصاديا.
 
وقال يحياوي: “نحن نحذر من تسييس المطالب بمعنى أن تدخل في أجندات أخرى مثل الدعوات إلى انفصال جنوب الجزائر عن شمالها وتقسيم البلاد”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.