الرئيسية » تقارير » متى يعلنون وفاة جماعة الإخوان؟

متى يعلنون وفاة جماعة الإخوان؟

ألا رحمة الله على الإخوان المسلمين، هذا ما يمكننا قوله بعد مشاهدتنا لمصير الجماعة بمختلف تفرعاتها ومسمياتها في العالم العربي، حيث أصبح حاضر إخوان ما بعد الثورات أسوأ بكثير من ماضيها في ظل حكم الطغاة ومنذ تأسيسها على يد حسن البنا قبل نحو 9 عقود من الآن.

 

لم يكن يخطر ببال المرجع الروحي للإخوان المسلمين حسن البنا عام 1928 بعد إعلانه عن تأسيس الجماعة، أن أحفاده حاملي راية “الإصلاح السياسي” و”إخراج الناس من الظلمات إلى النور”، سيتخلون عن منهجه ويتبرؤون من أطروحاته ومعتقداته التي وضع أسسها عام 1928، فالرجل الذي بدأ بتكوين النواة الأولى للإخوان المسلمين من الدعاة المتحمسين من طلبة دار العلوم والأزهر على إثر سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924، وذلك بخروجه رفقة آخرين إلى الناس في المساجد والمقاهي يخاطبونهم بأسلوب بسيط، ويرشدونهم إلى التمسك بدينهم واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، أضحى اليوم مدانا من قبل بعض قيادات الإخوان المسلمين، حتى أصبح التبرؤ منه ومن أطروحاته قرينة لديمقراطية الحزب أو القيادات التي نهلت من معارفه لسنوات حتى فطمت.

 

لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أصبح “مبايعو” حسن البنا “على السمع والطاعة في المنشط والمكره”، ينتقدون بعضهم البعض في المجالس العامة بعد أن كادوا يقتتلون في مجالسهم الخاصة، وكان آخر هؤلاء، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” خالد مشعل الذي أكد في أحدث تصريحاته أن “على الإسلاميين أن يتحملوا نقد الآخرين لهم، هناك خطآن وقع الإسلاميون فيهما خلال وقت الثورات، الأول عندما بالغوا في تقدير الموقف، وقلة الخبرة وغياب المعلومة الدقيقة، والثاني الخلل والنقص في التعامل مع شركاء الوطن، واعتماد نظرية البديل خاطئة، والصحيح يجب أن يكون هناك شراكة مع كافة شرائح الوطن”.

 

شتات وتفرّق وتشرذم في جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وتبرؤ “نهضاوي” من أي انتماء فكري أو عقائدي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وتأكيد من قبل رئيس الحكومة المغربية “الإسلامي” عبد الإله بنكيران على عدم انتماء حزب العدالة والتنمية إلى مدرسة الإخوان، وحزبان “إخوانيان” في الأردن أحدها موال للحكومة وآخر معارض، وقائمة الإستقصاء لو فتحت على مصراعيها ستطول ولا يتسع هذا المجال لذكرها.

 

ضغوط كبيرة، كانت السبب في هذه التصريحات من الأحزاب الإخوانية، ونؤكد هنا أنها إخوانية حتى وإن تبرأت في الظاهر من إخوانيتها وادعت عدم ارتباطها بها تنظيميا وفكريا، ونعني هنا بإخوانية هذه الأحزاب بمختلف تفرعاتها ومسمياتها، الإخوانية الفكرية العقائدية وليست التنظيمية، حيث أن جميع الأحزاب الإسلامية العربية انطلقت ومازالت من أسس ومرجعيات فكرية هي نفسها، ومن توجهات عقائدية متفق عليها.

 

لقد كان سقوط حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بواسطة انقلاب عسكري دموي راح ضحيته مئات القتلى والجرحى وآلاف المعتقلين والمهجرين، صيحة إنذار لمختلف الأحزاب الإسلامية حاكمة كانت أم معارضة، كما أن اعتصام الرحيل الّذي قادته أحزاب المعارضة في تونس بعد أقل من شهر من إسقاط إخوان مصر، والمطالب بتكرار المشهد مع حركة النهضة، كان إيذانا ببدء حرب الإنقلابات بعد الخسارة في صندوق الإنتخابات.

 

سقط مرسي وحل محله الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي حكم البلاد بالحديد والنار، حتى أضحت مصر من أسوأ دول المنطقة على كل الأصعدة، وبعد 5 أشهر، سقط حكومة حركة النهضة في تونس بانقلاب ناعم، تم تكريم منفّذيه بجائرة نوبل للسلام، ومع سقوط هاتين الحكومتين الناشئتين، ارتأى حزب العدالة المغربي الإنسلاخ فكريا عن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

المؤتمر العاشر لحركة النهضة

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فإخوان الأردن أيضا كانوا معنيين بهذه المتغيرات والقلاقل التي حدثت داخل الإخوان المسلمين، حيث تأزمت العلاقة بينهم وبين السلطات، التي منحت ترخيصا لجمعية تحمل اسم “الإخوان المسلمون”، في آذار/مارس 2015، تضم مفصولين من الجماعة الأم التي تحمل الإسم نفسه وذلك بزعامة عبد المجيد ذنيبات، المصنف من فصيل “الحمائم كما نقلت عمّان الأصول الضخمة لجماعة “الإخوان المسلمين” المحظورة إلى التنظيم الجديد، لتتهم الحركة الإسلامية السلطات بمحاولة شق الجماعة التي تشكل مع ذراعها السياسية، حزب “جبهة العمل الإسلامي”، المعارضة الرئيسية في البلاد.

 

وخلال العقد الأخير، اشتبكت عناصر أكثر اعتدالاً وموالية للنظام تابعة للإخوان المسلمين في الأردن، وهي بشكل أساسي “الحمائم” القبلية من الضفة الشرقية، مع “الصقور” الأكثر تشدداً ونفوذاً، وتمحور القسم الأكبر من الخلاف حول الأولوية النسبية للجهاد في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، إلا أن الفصائل اختلفت أيضاً حول ما إذا كان يجدر بها المشاركة في النظام السياسي الأردني الذي يضرّ بمصالحها بصورة منهجية.

 

وفي هذا السياق يقول “ديفيد شينكر” الباحث الأمريكي في معهد واشنطن “خلال السنوات الأربع الماضية، استغل القصر الملكي الأردني و”دائرة المخابرات العامة” هذه الخلافات الداخلية لإيقاع المزيد من الشرخ في صفوف الإسلاميين وإضعافهم. وفي عام 2012، قام مسؤول كبير سابق في «جبهة العمل الإسلامي» هو الدكتور رحيل غرايبة – بمباركة من القصر الملكي وربما بدعمه المالي – بإطلاق “مبادرة زمزم”، وهي عبارة عن منظمة كان هدفها المعلن إنهاء احتكار الخطاب الإسلامي من قبل «الإخوان المسلمين» في المملكة.”

 

وأضاف “شينكر” “يُشتبه إلى حد كبير أن تكون “دائرة المخابرات العامة” قد دعمت «حزب الوسط الإسلامي» في الانتخابات النيابية عام 2013، فساعدته على الفوز بـ 16 مقعداً من أصل 150 في البرلمان المنتخب، ليصبح بذلك أكبر كتلة برلمانية. وفي عام 2014، حُكم على زكي بني أرشيد، نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، بالسجن لمدة ثلاثة عشر شهراً. وبعد انقضاء بضعة أسابيع على إطلاق سراحه، وجهت الحكومة الضربة القاضية لجماعة «الإخوان» من خلال حظرها بحجة افتقارها للترخيص الملائم وعبر اتهامها بأنها مدينة بالفضل لزعيم أجنبي بصورة غير مشروعة (أي المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، محمد بديع).”

إخوان الأردن

بدورها شنت دولة الإمارات العربية المتحدة حربا لا هوادة فيها على من قالت “إنهم قياديون في جماعة الإخوان المسلمين”، حيث سجنت عددا من النشطاء بجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي والتي يترأسها سلطان كايد القاسمي، المعتقل حاليا مع العشرات من رفقائه.

 

وربطت السلطات الإماراتية جمعية الإصلاح بالإخوان المسلمين بسبب تشابه هيكلها التنظيمي لهيكل جماعة الإخوان في الدول العربية، بوجود منسق عام، ومكتب تنفيذي، ومجلس شورى، وإدارة القواعد للجان فرعية على مستوى كل إمارة في الدولة، وكل ذلك في إطار ثلاثة أهداف رئيسية “أولها تهيئة المجتمع للتنظيم، بعد التغلغل فيه، ثم الإستيلاء على السلطة، وإقامة حكومة دينية، وقبل ذلك استقطاب اثنين في المائة من المواطنين لعضوية التنظيم، على أن يكون لهم في الحكومة نحو خمس حقائب وزارية، واستثمارات تتعدى مليار درهم في الدولة”، حسب تصريحات أجهزة الأمن الإماراتية.

 

أما المملكة العربية السعودية التي كانت تجمعها بالإخوان المسلمين علاقة صداقة متينة، فقد قررت في 7 من شهر مارس 2014 إعلان جماعة الإخوان المسلمين في السعودية وخارجها جماعة إرهابية يجرم من ينظم إليها أو يمولها أو يؤيدها أو يُبدي التعاطف معها أو يستخدم شعاراتها أو يتواصل معها أو يستخدم ما اعتبره بيان وزارة الداخلية رموزاً للجماعة في مواقع التواصل الإجتماعي أو خارجها، رغم أن الباحثين يؤكدون على عدم وجود تنظيم بالشكل المعروف في السعودية بسبب طبيعة البلاد.

 

غير بعيد عن المملكة، وطمعا في إرضاء مناوئي الإخوان المسلمين والخروج من عزلته المحلية والإقليمية، أعلن حزب الإصلاح اليمني قبل أيام، في بيان سياسي أصدره بمناسبة ذكرى تأسيسه أنه يؤكد “بمنتهى الوضوح والشفافية وقطعًا لأي تأويلات أو إشاعات؛ عدم وجود أي علاقات تنظيمية أو سياسية تربطه بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولاسيما أن أولويات (الإصلاح) كحزب سياسي هي أولويات وطنية وكل جهوده تنصَبّ مع شركائه من القوى السياسية اليمنية، في إخراج اليمن من محنته الحالية، وفي النهوض باليمن من وهدته واستعادة مسيرته السياسية”.

 

تبرؤ رئيس حزب الإصلاح اليمني، محمد اليدومي، الموجود حالياً في تركيا من “الإخوان”، أثار جدلاً داخلياً في أوساط “الإخوان” الذين لا يكادون ينهضون من نكبة إلا ويسقطون في نكبات أخرى، بسبب إرضائهم لأعدائهم وخصومهم في نفس الوقت، حتى أن البعض رأى في إعلان “الإصلاح” تبرؤه من الإخوان تملّقا وإرضاء للإمارات التي قابلته بتجاهل تام.

 

دائما ما كانت تهمة انتماء الأحزاب الإسلامية المحلية إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، جاهزة لدى الحكومات لإعلان الحرب عليهم وتنفير الناس منهم، وقد يرى البعض أنه لا وجود فعليا على الأرض لتنظيم عالمي للإخوان المسلمين، ونحن أيضا نعتقد أن لا غرفة عمليات تجمع الإخوان بمختلف مسمياتهم ولغاتهم وتوجهاتهم فهل يعقل أن يدخل الإخواني العراقي على ظهر دبابة الجيش الأمريكي فيما رفض بقية الإخوان غزو العراق، ولكننا نرى أن الرابطة المعنوية هي التي شكلت وتشكل هذا التنظيم العالمي، فأطروحات حسن البنا وسيد قطب وأبو الأعلى المودودي ويوسف القرضاوي بالإضافة إلى العقيدة “الأشعرية”، كانت ولازالت الخيط الرقيق الذي يربط إخوان مصر بإخوان تركيا كما يربطهما بأطروحات الجماعة الإسلامية في الهند، حتى أن حسن البنا وجد في كتاب الجهاد في الإسلام الذي ألفه “المودودي” تطابقاً بينه وبين أفكاره التي يحملها عن الجهاد وأبدى إعجابه به.

 

إن إدراج جماعة الإخوان المسلمين في خانة الجماعات الإرهابية في كل من الإمارات ومصر والسعودية، زاد من أوجاع الجماعة، فمجرّد التعاطف مع التنظيم في هذه الدول يعتبر قرينة إدانة وجريمة كبرى يحاكم المتعاطف بمقتضاها بقانون الإرهاب قبل أن يذوق ألوانا من العذاب، لهذا بقيت الأحزاب السياسية الإخوانية تجتهد في تغيير خطابها وإبراز نفسها على الساحة الدولية، مشدّدة على أنها تطورت وتغيرت وتخلت عن خطابها الصدامي الإقصائي، حتى باتت الوطنية والمدنية والتعايش السلمي والحوار بين الأديان ديدن جل القيادات في كل ظهور إعلامي لهم.

 

لا نبالغ إذا قلنا إن إخوان حسن البنا في طور الإندثار و”رحمة الله عليهم”، بسبب طبيعة الحرب المعلنة عليهم من كل الجهات بالإضافة إلى سذاجتهم السياسية المفرطة، فلا هم فهموا طبيعة الصراع مع الحكومات ولا حقيقة معركتهم مع القوى الكبرى التي تحرّكهم وتستعملهم متى شاءت ثم تستغني عنهم باتصال هاتفي لا تتجاوز مدته دقائق معدودة ربما، لكن في مقابل هذا الإندثار والموت السريري، يبدو أن جيلا إخوانيا آخر في طور الصعود اليوم، قرّر بدون رجعة أن يتخلى عن “حمائمه” و”صقوره” ليتوجّه إلى “صقور” أخرى أشد تدميرا وأكثر فتكا بكل من يعترضها، لا تعرف إلا صناديق الذخيرة بعد أن أقنعت المنضوين تحتها أن صناديق الإنتخابات و”السلمية الأقوى من الرصاص”، لم تجلب إلا الذل والمهانة إلى كل الأحزاب الإخوانية بلا استثناء، فهل تعي الحكومات العربية والأحزاب الإسلامية المتناحرة إلى أين يمضون بالمنطقة بسياساتهم الإقصائية؟

قد يعجبك أيضاً

3 رأي حول “متى يعلنون وفاة جماعة الإخوان؟”

  1. الاخوان اثبتوا فشل نموذجهم للدولة و عدم نجاعة قدرته على الصمود في وجه القوى السياسية و التغيرات الاجتماعية الداخلية و الخارجية على حد سواء.

    المفاهيم العامة الجمعية لم تكن كافية لايجد تصور ضمن مفاهيم البنا و غيرهم من قيادات الاخوان لمفهوم الدولة و عناصرها وفقا للمنهج الاخواني مما ترك مجالا للاجتهاد فغنى كل على ليلاه و خرجوا بتصورات مشوهة بعيدة و قريبة من جوهر الاسلام.

    حركة الاخوان حركة دعوية غير ناضجة ليس لديها مشروع حقيقي منظور و محدد المعالم و المكونات لاقامة دولة اسلامية حديثة تعيش الحاضر بروح الدين و قيمه و تحل المشاكل الداخلية الخارجية و التحديات التي تواجه الشعوب و الامم الاسلامية.

    لن يستطيع الاخوان ان يحكموا لان ليس لديهم خريطة لتغيير الدولة او قواعد لارسائها منا المفاهيم الحاية التي تطورت بناءا على رؤى استعمارية اسس لهذه الانظمة و ما حصل في مصر اكبر دليل على ذلك فعندما وصلوا اخيرا و بعد كفاح طويل الى الحكم لم يعرفوا كيف يتصرفون و ماذا يفعلون و فشلوا فشلا ذريعا.

    ما يجذب الناس للاخوان هو الجانب الخلقي التعاوني و النبيل الذي يقدم العون و الارشاد باسلوب جميل و قريب من النفوس ولكن هذا لا يكفي لحل عقد ما تنفك تشتد حول الاسلام و شخصية المسلم الذي يجد نفسه ممزقا بين ارث كبير و عميق و عظيم من الاسلام و حاضر مجهول الهوية مسخت معالمه العولمة و التفسخ الحضاري و التغير الاجتماعي و الوقوع في معضلة الهوية الحقيقة للوطن ام الامة،المسلم ام العربي الحديث ام القديم .

    الانسان في مجتمعنا يعيش صراعا لا يمكن للاخوان ان يخرجوه منه بنموذجهم الحالي و لا بد من التطور و المخاض الحالي سينتج نسخ كثيرة من الاخوان ثم يقوم الانتقاء الطبيعي بدحض هذه الافكار المتضاربة للخروج بنسخة مطورة ذات مناعة يمكنها ان تطرح حلولا واقعية ناجحة او تقضي تلك الافكار على بعضها لتنتهي الحركة الى لا رجعة و تصبح جزءا من التاريخ و ارهاصاته.

    رد
  2. الذي أسقط الإخوان المسلمون هم علماء السلطان والمؤامرات التي حيكت بليل في عواصم عربيه معروفة بولائها للصليبيين والصهاينة ودعم مالي قذر

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.