الرئيسية » الهدهد » هل تتحول “الأبراج البريطانية” إلى أزمة سياسية بين نظام الأسد وبيروت؟

هل تتحول “الأبراج البريطانية” إلى أزمة سياسية بين نظام الأسد وبيروت؟

وطن – عادت قضية الأبراج التي أنشأتها بريطانيا منذ سنوات على الحدود السورية اللبنانية إلى الواجهة مؤخراً لتنذر بفتيل أزمة ديبلوماسية بين البلدين، بعد أن اعتبر نظام الأسد أن هذه الأبراج تشكل تهديداً للأمن القومي في رسالة شديدة اللهجة وجهها إلى الحكومة اللبنانية.

وكانت المملكة المتحدة قامت ببناء العشرات من أبراج المراقبة المتطورة على الحدود اللبنانية السورية في السنوات الأخيرة. ظاهرياً، وكانت الذريعة الأولية هي أن سبب إنشاء هذه الأبراج المحصنة المتصلة بالأقمار الصناعية هو مراقبة عبور أو حركة الأفراد والمركبات، وبالتالي ردع الجماعات الإرهابية عن دخول لبنان من سوريا.

ومع ذلك، بعد هزيمة داعش والقاعدة، استمرت خطة بناء المزيد من أبراج المراقبة بلا هوادة.

تهديد للأمن القومي

وعاد نظام الأسد بسياسته المعتادة إلى ممارسة الابتزاز السياسي حتى مع حلفائه الإقليميين، وهذه المرة في لحظة إقليمية فارقة، حيث عمدت وزارة خارجية النظام لتقديم مذكرة مستعجلة لوزارة الخارجية اللبنانية أشارت فيها إلى أن هذه الأبراج التي كان مسكوتاً عنها طوال السنوات الماضية باتت تمثل تهديداً “للأمن القومي السوري”.

متناسياً هجمات إسرائيل على دمشق ومناطق سورية عدة والاغتيالات التي تنفذها بحق أعوان إيران بشكل بات شبه يومي مع احتفاظه بحق الرد.

ويعد هذا التصريح من دمشق هو الأول من نوعه بعد سياسة شديدة الحذر في التعامل مع الدولة اللبنانية منذ بدء التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. في عام 2009، وحتى خلال ذروة الحرب السورية.

وقال موقع “تلفزيون سوريا” المعارض إن وزارة الخارجية اللبنانية تلقت رسالة من نظيرتها التابعة للنظام، تشير إلى أن هناك اعتراضات سورية على الأبراج البريطانية انطلاقاً من عدة أسباب جرى تفنيدها.

وهي أن المعدات الاستخبارية التي تحويها منظومات الأبراج، تغطي مسافات عميقة داخل الأراضي السورية وتقوم بجمع المعلومات عن الداخل السوري.

  • اقرأ أيضا:
مصر تنتهي من تعزيز السياج الحدودي مع غزة.. جدار خرساني وسواتر ترابية وتفكيك أبراج مراقبة (شاهد)

ضباط بريطانيون

وبحسب الرسالة السورية فإن “المعلومات الناتجة عن هذه المعدات تصل إلى أيدي البريطانيين، ويستفيد العدو الإسرائيلي من المعلومات لقصف الأراضي السورية وتنفيذ ضربات في العمق السوري”.

وادعت الرسالة السورية أن هناك حضورا لبعض الضباط البريطانيين إلى الأبراج، في وقت لعب فيه البريطانيون دوراً سلبياً تجاه دمشق وشاركوا مع الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى في حربها ضدها منذ عام 2011.

لا تعليق من سفارة النظام

وفيما رفضت مصادر من السفارة السورية في بيروت التعليق على المذكرة من دون نفي إرسالها، أكدت مصادر في الخارجية اللبنانية بحسب وسائل إعلام محلية، أنها تسلمت الرسالة السورية وأرسلت نسخاً منها إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والحكومة وقيادة الجيش والجهات ذات العلاقة في الدولة.

لكن مصادر وزارة الخارجية اللبنانية رفضت التعليق على مضمون المذكرة، مشيرة إلى أنها سترد على الرسالة السورية بعد بلورة الموقف الرسمي.

ووفق وسائل إعلام لبنانية تأتي الرسالة السورية بأهميتها وتوقيتها ومضمونها في ظروف سياسية وأمنية دقيقة، ويتفرع تأثيرها المباشر إلى جانبين. الأول يتعلق بالأبراج الموجودة على الحدود الشرقية والشمالية نفسها.

والثاني هو المشروع البريطاني المقترح للحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، والذي أثاره وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون رسمياً خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت في وقت سابق من هذا الشهر.

السفارة البريطانية تعلق

وبالمقابل أشادت السفارة البريطانية في لبنان بإنشاء هذه الأبراج التي اعتبرت جزءاً من مشروع الحدود المشترك الذي عزز سلطة الدولة اللبنانية على طول حدودها البرية مع سوريا، حيث تم نشر أربعة أفواج حدود برية من الجيش اللبناني من الشمال في العريضة إلى الجنوب في جبل الشيخ.

وعلقت مصادر مقربة من السفارة البريطانية، بأن “السفارة تفتخر بالدعم البريطاني المستمر للجيش اللبناني وأفواج الحدود التي ساعدت في تأمين الحماية للحدود اللبنانية مع سوريا. ومن خلال أبراج المراقبة، تمكن الجيش من تحديد الأنشطة ومنعها”. بما في ذلك التهريب”، دون التعليق على مضمون الرسالة.

ضبط التهريب

وتأتي هذه الرسالة في ظل قيام الجيش اللبناني منذ أشهر بعملية ضبط واسعة وكبيرة لحركة تهريب الأفراد المنظمة والتي يشارك بها ضباط رفيعي المستوى في الفرقة الرابعة، والتي تمول جزءا من نشاطها عبر شبكات تهريب السوريين واللبنانيين في البحر باتجاه أوروبا. ما يوقف كل الحركة المالية الجارية والتي يعتمد عليها النظام السوري في تمويل الفرق والمجموعات بطرق غير شرعية.

وقال مصدر حكومي لبناني أن الاعتراض السوري في هذا التوقيت “ليس بريئاً”، وأنه يتزامن مع عدة معطيات أساسية لا يمكن القفز فوقها ولا تجاهلها نهائياً”

ونقل موقع “نهار نت” اللبناني عن مصادر مقربة من السفارة البريطانية قولها أن “السفارة فخورة بالدعم البريطاني المستمر للجيش اللبناني وأفواج الحدود البرية، التي ساهمت في حماية الحدود اللبنانية مع سوريا”.

وأضافت المصادر أن “الجيش تمكن من خلال أبراج المراقبة من تحديد ومنع الأنشطة التي تشمل التهريب”، دون التعليق على مضمون الرسالة.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.