الرئيسية » الهدهد » مشاهد درامية لا يمكن تخيلها.. كيف تبدو الولادة في المنزل بغزة في زمن الحرب؟

مشاهد درامية لا يمكن تخيلها.. كيف تبدو الولادة في المنزل بغزة في زمن الحرب؟

وطن- باستخدام مقص الورق ومشابك الملابس البلاستيكية والضوء الخافت للهواتف المحمولة، قطعت نور معين الحبل السري لابنة أختها المولودة حديثًا.

في ظل القصف الإسرائيلي المكثف، لم تكن هناك أي معدات أو كهرباء لتستخدمها الممرضة البالغة من العمر 25 عاماً أثناء ولادة طفلتها الرضيعة وسط أصوات الغارات الجوية والمدفعية.

كان أقرب مستشفى لهم في قطاع غزة مفتوحاً. لكن العائلة لم يكن بوسعها المخاطرة بمغادرة المنزل في منتصف الليل والمشي إلى المستشفى بينما كانت الأحياء المحيطة بها تتعرض للقصف.

علاوة على ذلك، اكتظت المستشفيات وسيارات الإسعاف في غزة بالفلسطينيين الذين قتلوا أو جرحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ولادة اضطرارية في المنزل

لم يكن أمام آية، شقيقة “نور “، خيار سوى الولادة في منزل عائلتها، حيث نزحت إليه في وقت مبكر من الحرب.

تقول ندى نبيل، 31 عامًا، شقيقة الزوج، لموقع ميدل إيست آي: “في حوالي الساعة الواحدة صباحًا، بدأ ألم المخاض لدى آية وكان قويًا جدًا لدرجة أنها لم تستطع تحمله.. في غضون نصف ساعة، بدأ رأس الجنين في الظهور وكان علينا التصرف فورًا”،

وتضيف: “بالطبع، لم نتمكن حتى من التفكير في الذهاب إلى المستشفى لأنه كان بمثابة حكم بالإعدام على آية والطفلة وكل من يرافقها. وكان القصف مكثفا وكنا نسمع الدبابات الإسرائيلية تتحرك في المناطق المجاورة”.

على الرغم من أن “نور” ساعدت الأطباء في توليد الأطفال وإجراء العمليات الجراحية القيصرية في الماضي، إلا أنها لم تفعل ذلك بمفردها أبدًا. قالت ندى: “لكنها قررت القيام بهذه المهمة، وإلا فإن أختها وطفلها سيموتان”.

واحدة من أهم القضايا الأساسية التي تؤدي إلى إجراء مثل هذا الإجراء في المنزل ليلاً هي نقص الكهرباء.

وقطعت إسرائيل جميع إمدادات الكهرباء والوقود عن قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، يعتمد الفلسطينيون على ضوء الشموع، ومصابيح ليد التي تعمل بالبطاريات، والألواح الشمسية. ومع ذلك، لم يكن أي منها متاحًا في منزل عائلة آية.

مشهد سينمائي

تذكر ندى: “خلال الحرب، اعتدنا على الجلوس في الظلام، وأحيانًا مع شمعة صغيرة أو ضوء ليد.. لكن هذه المرة لم نتمكن من الاعتماد على ضوء الشموع، وعلى الرغم من أن بطاريات هواتفنا كانت على وشك الانتهاء، إلا أننا جميعًا قمنا بتشغيلها.. المشاعل على هواتفنا المحمولة لمساعدة نور على الرؤية بشكل صحيح”.

  • اقرأ أيضا: 
ولادة في الشوارع والسيارات.. حوامل غزة ضحايا وحشية الغارات الإسرائيلية

غادرت آية وزوجها وطفلاهما منزلهم في شارع الرمال وسط مدينة غزة خلال الأسبوع الأول من الحرب، ولجأوا إلى منزل عائلتها في حي الصحابة شرقي غزة.

يتكون المنزل من عدة طوابق وشقق، لذلك تم الترحيب بالعائلة الممتدة بأكملها.

خلال أوقات الحرب، تميل العائلات في غزة إلى التجمع في مكان واحد بحثًا عن الحماية والراحة. فهناك رغبة مشتركة في العيش معًا أو الموت معًا.

وصفت ندى ولادة أحدث فرد في العائلة، بأنه شيء من مشهد سينمائي وأبعد من الواقع، وتقول: “كانت النساء يوجهن مشاعلهن نحو آية وكان الرجال في الخارج يصلون من أجل سلامتها. كان جميع من في المبنى، وجميع النازحين في جميع الشقق، مستيقظين ويرددون “يا رب، يا رب”.

وتضيف: “كانت أصوات القصف عالية جدًا، ممزوجة بصرخات آية وهي تكافح من أجل الولادة، وأصوات أقاربها وغيرهم من النازحين الذين يصلون ويطلبون منها أن تظل قوية وتصمد. كان كل شيء سرياليًا. بغض النظر عن مدى وصفي له”. التفاصيل، لن يتخيل أحد المشهد”.

لا توجد معدات طبية

ودمر جيش الاحتلال، 52 منشأة طبية و56 سيارة إسعاف في قطاع غزة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، وقتل ما لا يقل عن 283 من العاملين في مجال الرعاية الصحية.

لم تتوقع عائلة آية أن تلد بهذه السرعة، لذلك لم يتم الاتفاق على خطط الطوارئ. وبدون المعدات الطبية، كان عليهم فقط استخدام الأدوات المنزلية التي وجدوها في المنزل.

وتقول “ندى”: “الوقت كان ينفد وخشينا على حياة الطفلة حيث كانت نور وآية تكافحان لإخراجها. وكانت أصوات الدعاء ترتفع وكنت أحمل هاتفي المحمول مع الشعلة، وأقرأ القرآن، وأبكي”.

وتضيف: “بعد دقائق قليلة، ولدت الطفلة أخيراً، وبمجرد خروجها، انفجرت آية والجميع من البكاء. لقد كانت لحظة ارتياح لنا جميعاً. احتضنت نور آية بقوة وقبلتها على جبينها، والنازحون كانوا يهتفون ويشكرون الله”.

وأشارت إلى أنهم تمكنوا من تدبير أمورهم باستخدام مقص ورق ومشابك ملابس معقمة، لكن عندما يتعلق الأمر بالولادة، لم يكن هناك أي شيء مناسب في متناول اليد للتعامل معها.

اضطرت نور إلى إجراء رعاية ما بعد الولادة بيديها العاريتين، حيث قامت بتنظيف رحم آية واستخراج المشيمة يدويًا.

في صباح اليوم التالي، ذهبوا إلى مجمع الصحابة للاطمئنان على صحة آية والطفلة، وكانا في حالة ممتازة.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.