ما بعد طوفان الأقصى لن يكون كما قبله.. مصير مشاريع التطبيع بالمنطقة

وطن- يبدو أن مشاريع التطبيع العربي مع إسرائيل التي كانت قائمة قبل عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة، ليست كما بعدها، فالتفكير في تلك الخطوة وتداعياتها وآثارها على الشعوب لن يكون كما الماضي.

ولطالما حذرت قادة في المقاومة الفلسطينية من مشاريع التطبيع ومنهم رئيس المكتب السياسية لحركة حماس إسماعيل هنية، الذي أكد أن أي خطوة في هذا الجانب ستؤدي لإهدار حقوق الشعب الفلسطيني وتضحياته.

وذكر “هنية” حول ذلك في سياق تعليقه على طوفان الأقصى والتطورات الجارية: “يجب على الأشقاء العرب أن يعرفوا أن هذا الكيان الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام هؤلاء المقاتلين، لا يقدر أن يوفر لكم أمنا ولا حماية”.

الحسم في الميدان

وتطرق هنية إلى التطبيع بشكل مباشر قائلاً: “التطبيع والاعتراف بهذا الكيان، وكل الاتفاقيات التي تم توقيعها معه، لا يمكن أن تحسم هذا الصراع، فالصراع يتم حسمه في أرض الميدان، ويتم حسمه على أيدي هؤلاء الأبطال”.

وقبل أسابيع قليلة من انطلاق عملية طوفان الأقصى، كان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان قد تحدث عن المفاوضات الجارية بشأن تطبيع علاقة بلاده مع إسرائيل قائلاً: “نحن نقترب كل يوم”.

وتذرع بن سلمان بتلك الخطوة بأن من شأنها (حسب زعمه) أن “تسهل الحياة للفلسطينيين، وجعل إسرائيل لاعبا في الشرق الأوسط” في خطوة لطالما حذرت حماس من أنها تقدم خدمات مجانية للكيان الصهيوني.

  • اقرأ أيضا: 
أبو عبيدة يكشف: هكذا خدعنا “إسرائيل” (فيديو)

فشل التطبيع بفضل طوفان الأقصى

ونقل موقع “عربي 21” عن الكاتب والصحفي المصري المعروف، جمال سلطان قوله عن تداعيات معركة “طوفان الأقصى” على التطبيع بين السعودية وإسرائيل، بأن العملية ستفشل هذا المسار بسبب انكشاف هشاشة الاحتلال وقدراته العسكرية.

ورأى سلطان أن تلك الهشاشة ستجعل السعودية تتجه للتشدد في مطالبها وشروطها والاقتراب أكثر من حقوق الشعب الفلسطيني في أية مفاوضات تسعى لتسوية القضية الفلسطينية، أو أية نقاشات تجري في الشرق الأوسط، أو في العالم حسب قوله.

الموقع نقل أيضاً عن الصحفي المغربي نور الدين الشهب قوله، إن ما بعد “طوفان الأقصى” لن يكون كما قبله، وأن التطبيع في حقيقته يتجاوز إسرائيل، لأنها دولة وظيفية للغرب، وهي قد تكون الولاية الواحد والخمسين لأمريكا، وفق قوله.

وأوضح الشهب أن إسرائيل “رأس الرمح للاستعمار في المنطقة، وهي سرطان يتفشى في جسم الأمة، وقد آن الآوان كي يزول هذا السرطان، والذي يدفع باتجاه التطبيع ليست إسرائيل وحدها، وإنما هو الغرب وزعيمة الامبريالية أمريكا”.

لكن الصحفي المغربي لم يستبعد استمرار التطبيع ما استمرت الفرقة والتشرذم بين الدول العربية، وعدم وجود مشروع عربي سياسي واستراتيجي واقتصادي موحد، رغم الفشل الذريع في نتائج التطبيع الذي أقدمت عليه العديد من الدول العربية قبل ذلك.

الدول المطبعة تمتص غضب مواطنيها بقرارات شكلية

وفي حين تبرعت الإمارات العربية المتحدة بمزيد من الأموال للجهود الإنسانية الفلسطينية، إلا أنها قالت إن الحرب المستمرة لن تؤثر على صفقاتها الاقتصادية مع إسرائيل، ووصفت هجوم حماس بأنه “تصعيد خطير”.

ويفسر مركز “ستراتفور” هذه المواقف المختلفة جزئياً من خلال الطرق المختلفة التي تستجيب بها حكومات الشرق الأوسط لغضب مواطنيها من تصرفات إسرائيل ضد الفلسطينيين، وفي الحالة الإماراتية، مدى فعالية السرد الإعلامي المحلي لحكومة الإمارات في إزالة وصمة العار عن إسرائيل.

وبحسب “ستراتفور“، فإن حزب الله يحاول، حتى الآن، تجنب التورط بشكل مباشر في الصراع في غزة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحفيز قصف إسرائيلي كبير لقواته.

  • اقرأ أيضا: 
المصدر الرئيسي لأكذوبة “قطع حماس رؤوس الأطفال”.. من هو ديفيد بن صهيون؟

ومع ذلك، فمن المرجح أن تسمح الجماعة المسلحة اللبنانية للجماعات الفلسطينية باستخدام جنوب لبنان كنقطة انطلاق لعمليات ضد إسرائيل، الأمر الذي سيدعو مع ذلك إلى خطر حدوث غزو إسرائيلي للمنطقة لإنشاء منطقة عازلة.

ومن شأن التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان أن يجبر حزب الله على التورط في الصراع، ما قد يتسبب في آثار غير مباشرة على بقية لبنان تتراوح بين العنف وسلسلة التوريد والتحديات الاقتصادية.

ومن الممكن أن يمتد الصراع في غزة أيضًا إلى دول شرق أوسطية أخرى لها علاقات بإيران، بما في ذلك سوريا والعراق وحتى اليمن.

مصر والأردن

ووسط الغزو البري الإسرائيلي المتوقع، ووفق تحليل “ستراتفور” تشعر مصر بالقلق من أن بعض الفلسطينيين الذين يزيد عددهم عن مليوني فلسطيني في غزة قد يحاولون الفرار إلى سيناء، حيث يمكن أن يصبحوا لاجئين دائمين إذا قررت إسرائيل منعهم من العودة إلى ديارهم.

ومن شأن عبء اللاجئين أن يجهد اقتصاد مصر المتعثر بالفعل، وليس هناك ما يشير بوضوح إلى أن المجتمع الدولي، الذي بدأ بالفعل في قطع المساعدات عن الفلسطينيين، سيقدم الدعم المالي لمصر.

وإضافة لذلك، ستحاول الحكومة المصرية منع المشاعر المعادية لإسرائيل من إنتاج الاحتجاجات والإضرابات وأعمال الشغب التي يمكن أن تتحول إلى حركة مناهضة للحكومة، خاصة أن معاهدة مصر مع إسرائيل ودورها في إدارة الحصار الإسرائيلي لغزة لا يحظى بشعبية كبيرة.

ومن المرجح أن تتسامح مصر مع بعض الاحتجاجات في مواقع محددة، مثل محيط السفارة الإسرائيلية، والتي يمكن أن تمتد أيضًا إلى احتجاجات ضد السفارة الأمريكية والمؤسسات الأخرى ذات الصلة بالولايات المتحدة، بحسب تقدير “ستراتفور” مرجحا إمكانية وقوع “هجمات فردية” على المصالح والمواطنين الإسرائيليين والأمريكيين أيضًا.

كما سيؤدي الصراع في غزة وفق التحليل، إلى زيادة المشاعر المؤيدة للفلسطينيين في الأردن، خاصة بين مواطنيه من ذوي الأصول الفلسطينية.

ومن المرجح أن يدين البرلمان الأردني الحملة العسكرية الإسرائيلية ويطالب بطرد السفير الإسرائيلي، وأن تتسامح الحكومة مع الاحتجاجات الجماهيرية في المدن الكبرى مثل عمان.

لكن في الاستجابة الفعلية لمطالب المتظاهرين، ستكون عمان مقيدة بالتزاماتها بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل وعلاقاتها الدفاعية مع الولايات المتحدة.

وهذا يمكن أن يؤدي إلى أعمال عنف عامة، خاصة في المدن الجنوبية مثل معان (حيث كافحت الحكومة لاحتواء المسلحين الإسلاميين)، إلى جانب هجمات فردية على المواقع المرتبطة بإسرائيل وربما بالولايات المتحدة.

ومقارنة بحكومات الشرق الأوسط الأخرى، فإن الأنظمة الملكية في الخليج العربي ليست مضطرة إلى الاستجابة بنفس القوة لدعوات مواطنيها لدعم القضية الفلسطينية، الأمر الذي سيحررها من اتخاذ نهج أكثر واقعية.

ولكن في أعقاب الغزو البري الإسرائيلي المتوقع لغزة، من المرجح أن تجمد دول مجلس التعاون الخليجي جهود التطبيع والصفقات التجارية الجديدة مع إسرائيل، وهو ما سيعرقل بشكل خاص جهود محمد بن سلمان للتطبيع الرسمي مع الاحتلال.

  • اقرأ أيضا:
اختراق أنظمة اللوحات الإعلانية في شوارع إسرائيل وهذا ما تم بثه عليها (شاهد)

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث