الرئيسية » اقتصاد » سفينة السيسي توشك على الغرق.. مصر تتخلف عن سداد ديونها وكل المسارات فشلت

سفينة السيسي توشك على الغرق.. مصر تتخلف عن سداد ديونها وكل المسارات فشلت

وطن – في خضم أزمة اقتصادية عاصفة، تعثرت مصر في مناقشاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار، سيكون بمثابة مقدمة لحصول الدولة على قروض أخرى، ما ينذر بالمزيد من المصاعب التي يعيشها أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.

الحكومة المصرية كانت قد توصلت قبل نهاية العام الماضي، إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، تحصل من خلاله على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار تقريبًا، موزعة على 46 شهرًا، بعد مفاوضات شاقة استمرت نحو عام.

من أجل بلوغ هذه الخطوة، أُجبرت القاهرة على القبول بقرض ضئيل القيمة، مقارنة بآمالها في الحصول على أضعاف هذا المبلغ، في حين جاء القرض محملًا باشتراطات متعددة يراجعها الصندوق وفقًا لجدول زمني وافقت عليه الحكومة، وفق تقرير لموقع مدى مصر.

إلا أنه منذ توقيع اتفاقية القرض نهاية العام الماضي، فشلت الحكومة في الالتزام بتعهداتها، وهو ما دفع الصندوق لتأجيل مراجعته الأولى التي كان من المفترض إجراؤها في مارس الماضي.

قرض مصر
أجّل صندوق النقد الدولي مراجعته الأولى لقرض مصر

وجراء ذلك، لم تحصل مصر على دفعة القرض التي كان مُفترض الحصول عليها، وفي حين من المتوقع أن تكون المراجعة الثانية في موعدها في سبتمبر المقبل، فإن محللين أكّدوا أن المراجعة سترصد ما نفذته الحكومة من تعهداتها حتى نهاية يونيو، مقارنة بخطة الإصلاح المُتفق عليها مع الصندوق، والتي لم تنفذ منها الحكومة على أرض الواقع سوى بقدر ضيئل.

وكان صندوق النقد قد وضع عدة شروط، بينها تحرير سعر الصرف، وبيع أصول مملوكة للدولة بما في ذلك المملوكة للقوات المسلحة، بخلاف بعض الأهداف الإرشادية التي سيتابع الصندوق تحقيقها خلال سنوات القرض في صورة مراجعات نصف سنوية لأداء الاقتصاد المصري.

يثير هذا الواقع، تساؤلات جمة عن علاقة مصر بالصندوق، وتحديدا ما يتعلق ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، وسط ترجيحات بأن تغرق الدولة في المزيد من المصاعب الاقتصادية، ولعل من أبرز هذه المصاعب تراكم الديون.

ديون مصر
تشكل ديون مصر تحدياً كبيراً للإدارة الاقتصادية في مصر خاصةً في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة

وفي مشهد يوثق خطورة الوضع الراهن تناقش السلطات حاليا فكرة تراكم الديون كأحد الحلول المتاحة، وذلك من خلال التخلف طواعية عن سداد بعض هذه الديون، والتفاوض على إعادة جدولتها.

وفيما يخص قيمة العملة، فمنذ مارس الماضي، حافظ الجنيه المصري على سعره ثابتًا تقريبًا أمام العملات الأجنبية، بعد انخفاضات متواضعة خلال يناير وفبراير الماضيين، رغم تعهد الحكومة والبنك المركزي بترك سعره للعرض والطلب وظروف السوق.

وعلى الرغم من الضغوط الشديدة التي يتعرض لها الجنيه، سواء ضغوط اقتصادية حقيقية أو مضاربات تراهن على تراجع قيمته، اتسعت الفجوة بين سعر الجنيه الرسمي، وسعر السوق الموازية للعملات.

سعر الجنيه
تراجع قيمة الجنيه المصري

بينما تتسع الفجوة وفي ظل وعود لم تتحقق من دول الخليج بضخ استثمارات دولارية لشراء أصول الدولة المصرية، وصل الأمر إلى ما يشبه الطريق المسدود.

فمن ناحية، تنتظر صناديق الخليج السيادية تحريك قيمة الجنيه لشراء الأصول، وفي المقابل، تنتظر الحكومة استثمارات تلك الصناديق كشرط لتحريك السعر، ورغم مرور الموعد النهائي (يونيو) الذي وضعته الحكومة لنفسها لبيع ما قيمته ملياري دولار من أصولها، لكنها لم تحقق من هذا المستهدف سوى 7% بالكاد.

ورغم أهمية شرط تعويم الجنيه، رفضت الحكومة القيام بذلك للمرة الرابعة، بعد ثلاثة تخفيضات متتالية العام الماضي، فقد خلالها الجنيه نحو نصف قيمته.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد صرح قبل أسبوعين، بأن مصر تتمتع بمرونة في سعر الصرف، لكنه استبعد في الوقت نفسه، إمكانية خفض جديد في قيمة العملة، وهو الأمر الذي توقعته مراكز بحثية وبنوك متعددة خلال الأشهر الماضية.

وآنذاك، رفض السيسي في تصريحاته، توجه الحكومة إلى خفض جديد للجنيه، وقال نصا: “عندما يتعرض الأمر لأمن مصر القومي والشعب المصري يضيع فيها لأ، عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم إحنا ما نقعدش في مكاننا، حتى لو هيتعارض مع شروط …. إنتو فاهمين قصدي”، في إشارة إلى صندوق النقد الدولي.

وبعد أيام، ردت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، قائلة إن دعم قيمة الجنيه لا يُمكن أن يستمر للأبد، مُشبهة ذلك بـ”صب الماء في إناء مثقوب”.

وأضافت أن الصندوق أجّل المراجعة الأولى للاقتصاد المصري، والتي كانت مقررة في مارس الماضي، كشرط للإفراج عن الشريحة الثانية من قرض الصندوق الأخير لمصر، حتى تُحقق الحكومة تقدمًا في بعض الشروط مثل التخارج من الاقتصاد، والتأكيد على مرونة سعر الصرف.

وكان خبراء بنك جولدمان ساكس الأمريكي قد أجروا مؤخرا زيارة لمصر، التقوا فيها مسؤولين حكوميين، وفي أعقاب هذه الزيارة، قال البنك في مذكرة بحثية، إن انتقال مصر إلى سعر صرف أكثر مرونة للجنيه خلال الأشهر المقبلة أمر مستبعد، في ظل نقص الموارد الدولارية في البلاد.

وأضاف أن الحكومة تخشى انفلات كبير في سعر العملة المحلية، مؤكدا أن مصر تعيش حالة عالية من عدم اليقين، فيما تواجه سيناريو مشوش بشأن التعامل مع أزمتها الاقتصادية.

وتتمثل وجهة نظر الحكومة في أن الانتقال لمرونة أكبر في سعر الصرف، يتوقف على توفّر احتياطيات كافية من العملات الأجنبية لإدارة مخاطر انفلات سعر الصرف بعد تحريره، وهذه الاحتياطات قدرها البنك بنحو خمسة مليارات دولار.

واستبعد محلل مالي بأحد البنوك الاستثمارية، قدرة مصر على جمع هذا المبلغ، وقال إن الدولة حاولت في غضون ستة أشهر، جمع ملياري دولار لكنها فشلت، ما يعني أن التعويم أمر مستبعد في الوقت الحالي.

تعويم الجنيه المصرى
صندوق النقد الدولي يؤكد أن دعم قيمة الجنيه لا يُمكن أن يستمر للأبد

يُشار إلى أن الحكومة أعلنت في فبراير الماضي، عن خطتها لجمع الملياري دولار عبر بيع حصصها في 32 شركة، على الأقل، تدريجيًا خلال عام واحد تقريبًا، من ضمنها ثماني شركات قبل نهاية أغسطس المقبل.

وحتى الآن، اقتصرت الطروحات على بيع حصة الحكومة في شركتين فقط، الأولى حصتها في شركة باكين، بقيمة أقل من 25 مليون دولار، و10% من أسهم شركة المصرية للاتصالات بقيمة حوالي 121 مليون دولار، لتصبح القيمة الإجمالية للصفقات، حتى الآن، حوالي 146 مليون دولار، أي أقل من 7% من المستهدف قبل نهاية يونيو.

ومع بيع “باكين” لشركة إماراتية، فإن الجزء الأغلب من صفقة «المصرية للاتصالات» الأكبر، بيع لمستثمرين محليين، لم تعلن عنهم الحكومة حتى الآن.

ووفق المحلل المالي، فإن 90% من حصة “المصرية للاتصالات” التي باعتها الحكومة كانت لمستثمرين محليين، منهم بشكل أساسي، الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، أي أن حتى الصفقة الأكبر لبيع أصول الدولة تمت بالجنيه المصري، ولم تشهد دخول استثمارات بالعملة الصعبة.

ورجح المصدر، أن الهدف من بيع حصة المصرية للاتصالات لم يكن جذب عملة صعبة، لكن كان من أجل التأكيد لصندوق النقد والمستثمرين الأجانب إن الحكومة تستهدف التخارج من المشروعات.

كما فقدت الحكومة قدرتها على الوفاء بتعهداتها لصندوق النقد الدولي بترك الجنيه لقوى العرض والطلب في السوق.

بالتوازي مع ذلك، تأخرت مراجعة الصندوق لوضع الاقتصاد المصري، والتي كان لها أن تسمح بتوفير قسط جديد من القرض الذي اتفقت عليه مصر مع الصندوق نهاية العام الماضي.

هذا الأمر فسره عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب محمد بدراوي، بانخفاض قيمة القسط، وقال إن الحكومة لم تتعجل في الحصول على القسط الأول، كما أنّ الصندوق أدرك المصاعب التي تواجه برنامج الإصلاح، وبالتالي أصبح هناك شبه اتفاق على إن تأجيل المراجعة أفضل للطرفين.

وبرأي بدراوي، فقد كان أحد أهم المعوقات للمراجعة، تحرير سعر الصرف، حيث يبدو السوق العالمي متفقًا تقريبًا على ضرورة خفض قيمة الجنيه المصري، وإن اختلفت التقديرات حول قيمة ذلك الخفض والتوقيت المناسب له.

في حين قالت وحدة الإحصاءات في “دويتشه بنك” الألماني، إن أي تخفيض جديد لقيمة العملة لن يساهم في حل التحديات الأساسية التي تواجهها مصر، بل يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية في جذب التدفقات المستدامة.

وأضاف البنك أن التخفيضات الثلاثة للعملة المحلية خلال العام الماضي لم تؤتِ بثمارها، لذلك فمن غير المعقول أن يساهم تخفيض رابع في حل الأزمة.

وأشار إلى أنّ تخفيض قيمة الجنيه سيؤدي إلى ارتفاع التضخم، ما سيدفع البنك المركزي لرفع سعر الفائدة المرتفعة بالفعل، والتي ستمرر إلى تكاليف الاقتراض الحكومي.

بالإضافة لذلك، سيتطلب ارتفاع التضخم دعمًا ماليًا إضافيًا لحماية الفئات الاجتماعية الأفقر، وبالتالي، فإن تخفيضًا آخر لقيمة العملة يخاطر بترك مصر في نفس الوضع مرة أخرى بعد بضعة أشهر.

وقدر بنك تقرير “دويتشه بنك”، أن يستمر سعر الدولار عند 31 جنيهًا مصريًا، قبل أن يرتفع تدريجيًا ليصل إلى 37 جنيهًا بنهاية العام.

وبحسب بنك “كريدي سويس”، فإنه حتى لو ارتفع سعر الصرف خلال الفترة القليلة المقبلة، فإن من شأن الإصلاحات الاقتصادية، وفي مقدمتها تخارج الدولة من الاقتصاد والاستمرار في برنامج صندوق النقد الدولي، أن تساهم في تراجع سعر الصرف ليصل إلى ما بين 33-34 جنيهًا للدولار خلال عام.

وتقول المحللة الاقتصادية في “أكسفورد إيكونوميكس” كالي ديفيس، إن تأخير المراجعة الأولى يقول للمستثمرين الأجانب إن مصر لم تفعل ما يكفي فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي في نظر الصندوق، وهو ما ينطوي على مخاطر جسيمة على سمعة البلاد، بالرغم من محاولات الصندوق خلال الفترة الماضية على التأكيد إعلاميًا على إحراز مصر لتقدم، الأمر الذي يهدد حصولها على استثمارات أجنبية جديدة.

المصريون متخوفون

وفيما تجاهد الحكومة للحصول على ملياري دولار عبر بيع أصول، فقدت أكثر بكثير من هذا المبلغ، فبسبب حالة عدم اليقين وفقدان ثقة المصريين في الداخل في الاقتصاد، سارعوا لشراء الدولارات من البنوك أو تحويل جنيهاتهم لذهب للاحتفاظ بقيمتها.

كما آثر المصريون بالخارج الاحتفاظ بالدولار خارج الجهاز المصرفي وتحويل العملة في السوق السوداء، ما جعل الاقتصاد يفقد نحو ربع تحويلاتهم في شهور معدودة.

وفي النصف الأول من العام المالي الماضي، انخفضت تحويلات المصريين 23% مقارنة بنفس الفترة من عام 2021-2022، لتصل إلى 12 مليار دولار مقابل 15.6 مليار دولار.

هذا الأمر أرجعه البنك الدولي، إلى تصاعد الاتجاه نحو بيع العملات الأجنبية في السوق السوداء، أو الاحتفاظ بها تحسبًا للتخفيض المحتمل لقيمة الجنيه.

يُضاف إلى ذلك الضغط على الواردات، الذي يعني الضغط على خامات ومواد أولية تستخدم في التصنيع من أجل التصدير، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض الصادرات المصرية أو قيمتها خلال الفترة المقبلة.

وقد كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع العجز في الميزان التجاري لمصر 23.8% خلال أبريل الماضي، لتصل إلى 2.33 مليار دولار.

جاء ذلك بعدما انخفضت قيمة الصادرات المصرية 44.9% خلال أبريل فقط، لتتراجع إلى نحو 3.03 مليار دولار، مقارنة بنحو 5.50 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بالتزامن مع تراجع قيمة الواردات المصرية خلال الشهر نفسه 27.4% لتسجل نحو 5.36 مليار دولار.

الحكومة غير ملتزمة بتعهداتها

وبينما تحتاج إدارة النقد الأجنبي وتخارج الدولة من الاقتصاد خططًا طويلة، فقد فشلت الحكومة في اتخاذ إجراءات صريحة تعهدت بتنفيذها، مثل تعهدها بأن تُلزم جميع الشركات المملوكة للدولة (بما فيها شركات القوات المسلحة) تقديم حسابات مالية إلى وزارة المالية على أساس نصف سنوي، والتي كان من المفترض أن تقوم، بدورها، بتوفير تلك المعلومات للعامة، كما تعهدت الحكومة بتقديم معلومات تحدد مقدار المميزات المقدمة للشركات المملوكة للدولة سواء مملوكة لها بالكامل أو كشريك، بما في ذلك التخفيضات والإعفاءات الضريبية، قبل نهاية أبريل الماضي.

يُضاف إلى ذلك تعهد الحكومة بنشر جميع عقود المشتريات العامة التي تتجاوز 20 مليون جنيه، وأيضًا أحدث ثلاثة تقارير تدقيق سنوية للجهاز المركزي للمحاسبات، قبل نهاية يناير الماضي، فضلا عن التعهد بتطوير حوكمة وإدارة الشركات المملوكة لها، عن طريق إسناد إدارتها لمتخصصين وفقًا لعقود تعتمد على الأداء، ونشر إرشادات لعمليات اختيار مجالس الإدارة ومؤهلات ومكافآت أعضائها في كل شركة مملوكة للدولة، لكن أيًا من هذه الشروط لم يُنفذ.

مستقبل مراجعات صندوق النقد

وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المحللين أن مصر قد توقف البرنامج، فقد أكّدت ديفيس، أنه رغم تأخر مصر في تحقيق الأهداف الإرشادية المختلفة بموجب صفقة صندوق النقد الدولي الحالية، فإنها ما زالت تعتقد أن الحكومة المصرية لم تتخل عن البرنامج بعد.

وتوقعت أن الصندوق سيؤجل الانتهاء من المراجعة الأولى حتى توافق السلطات المصرية على اتخاذ الخطوات التالية للتحول نحو نظام مرن لسعر الصرف -أي تخفيض آخر لقيمة العملة- وهو ما قد يحدث في منتصف سبتمبر.

وتابعت: “عندما يتعلق الأمر بتقليص دور الدولة في الاقتصاد، نعتقد أن صندوق النقد الدولي سيكون أكثر تساهلًا. أما الأهداف الإرشادية فقد يستمر في مد مهلتها، كما فعل في الماضي”.

مرونة لوائح الصندوق

وتتيح لوائح صندوق النقد الدولي لمجلس إدارته، التغاضي عن تحقيق دولة ما بعض الشروط المُتفق عليها في برامج دعم اقتصادها، بشرط أن يكون لذلك مبررات واضحة وأسباب يُمكن لمسؤولي تلك الدول تقديمها.

رغم ذلك، ففي 2017، قرر الصندوق نفسه إيقاف اتفاق كان عقده من أوكرانيا في 2014، بعدما فشلت الحكومة الأوكرانية في الوفاء بتعهداتها، ورغم صرف نصف القرض البالغ 17.5 مليار دولار، قبل أن يعود الصندوق ويوافق، في 2018، على قرض جديد لحكومة أوكرانية جديدة، ليتوقف صرف القرض، مرة أخرى، بعد غزو روسيا لأوكرانيا العام الماضي، ثم تحصل الحكومة الحالية على قروض جديدة لمساعدة اقتصادها.

وتحتاج مصر إلى حلول طويلة الأمد، فبيع أصول الدولة لسداد القروض هو مجرد حل مؤقت لمشكلة هيكلية دائمة في وضع الاقتصاد المصري، تساهم بدورها في تأجيل الأزمة، لكنها ستتركها بلا حل نهائي.

وارتفع الدين الخارجي المصري بنحو 2.43 مليار دولار، خلال الأشهر الثلاثة الأولى (الربع الأول) من العام الجاري، ليصل إلى 165.4 مليار دولار، وبذلك يكون الدين الخارجي ارتفع بقيمة 7.56 مليار دولار خلال عام واحد، بين مارس 2022 ومارس 2023.

تراجع التصنيف الائتماني المصري

ويبدو المستقبل قاتمًا ليس فقط في رأي المواطنين، ولكن أيضًا في رأي المؤسسات الدولية، وهو ما دفع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني لخفض التصنيف السيادي طويل الأجل لمصر من مستوى “B+” إلى “B”، مع تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، ما ينذر بمزيد من التراجع في المستقبل، نظرًا لارتفاع مخاطر التمويل الخارجي، بعد مرور أسبوعين من تغيير وكالة “ستاندرز آند بورز” نظرتها المستقبلية للديون السيادية المصرية من مستقرة إلى سلبية.

ما السيناريوهات المتاحة؟

وأحد السيناريوهات البديلة، وفق “ديفيس”، هو أن ينتهي صندوق النقد الدولي من المراجعة الأولى قبل إجراء تخفيض آخر لقيمة العملة، تعللًا بحماية الاستقرار الاجتماعي.

وفي هذه الحالة، فإن تخفيض قيمة العملة مرة أخرى في الأشهر ال 12 المقبلة سيكون أمرًا لا مفر منه. ومع ذلك، فهناك شكوك حول هذا السيناريو، حيث كان الصندوق متمسكًا بمرونة سعر الصرف في الماضي.

وهناك سيناريو ثالث، يتمثل في رفض الصندوق التوقيع على المراجعة الأولى حتى يتم تحقيق بعض الأهداف الإرشادية، بينما تتلكأ السلطات المصرية في تنفيذ هذه المتطلبات.

وفي ظل هذا السيناريو، يستمر برنامج الإصلاح وتتباطأ الإصلاحات، وتُلغى بعض أهدافها، قبل أن يعلن أحد الطرفين وفاة البرنامج.

وهناك أحد الحلول التي بدأت تلقى اهتماما داخل أروقة الحكومة، يتمثل في التخلف طواعية عن سداد بعض الديون، والتفاوض على إعادة جدولتها، وهو ما يعني تخفيض التصنيف الائتماني لمصر ثانية.

وأشار “دويتشه بنك”، إلى هذا التوجه، قائلا إن الحل الوحيد لأزمة مصر الاقتصادية هو أن تتفاوض لتزيد من أجل استحقاق رصيد ديونها، بينما قالت ديفيس إن من مصلحة الطرفين الجلوس على طاولة المفاوضات، مع اقتراح إعادة هيكلة محتملة للديون إذا أصبحت الضغوط الخارجية لا تطاق.

انتخابات الرئاسة مشكلة جديدة

ثمة مشكلة أخرى تتمثل في اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وفيما لم يُعلن بعد السيسي عن نيته في الترشح، قالت الباحثة السياسية بجامعة كولومبيا كارين يانج، إن الضغوط الاقتصادية ستستمر بالتزامن مع ضبابية المشهد السياسي.

وأضافت: “لا أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل، لكن حكومة السيسي قد تضطر لتخفيض العملة مرة أخرى في النهاية. في ذلك الوقت، بالتأكيد، سيُلقي السيسي اللوم على الضغوط الخارجية”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.