الرئيسية » الهدهد » اليونان تذل وتهين الناجين من كارثة السفينة الغارقة وغضب عارم

اليونان تذل وتهين الناجين من كارثة السفينة الغارقة وغضب عارم

وطن- كشف عمال المنظمات غير الحكومية، أن الناجين من حطام حادثة غرق سفينة بيلوس، التي خلفت ما يقدّر بنحو 500 شخص في عداد المفقودين، واجهوا استقبالاً غير مقبول في اليونان، ولا يزالون محتجزين في ظروف غير مناسبة.

وغرقت سفينة الصيد التي كانت تحمل ما يقدّر بنحو 750 شخصًا، أمام خفر السواحل اليوناني، الأسبوع الماضي، في أعقاب محاولة فاشلة قام بها خفر السواحل لسحب السفينة.

وتم نقل الناجين، الذين بلغ عددهم 104 أشخاص ولا يوجد من بينهم أي امرأة أو أطفال، إلى كالاماتا، وهي مدينة في شبه جزيرة بيلوبونيز، حيث احتُجزوا في مستودع تخزين لمدة يومين إلى ثلاثة أيام، قبل نقلهم إلى منشأة لتسجيل اللجوء في مالاكاسا شمالي أثينا عاصمة اليونان.

وقالت إيليني سباثانا، المحامية المتطوع في منظمة دعم اللاجئين في منطقة إيجه، وهي منظمة تقدم المشورة القانونية للناجين من حطام السفينة: “لقد شهدنا استقبالًا غير مقبول للأشخاص المعرضين للخطر للغاية في كالاماتا”، وفق موقع ميدل إيست آي.

وكان الناجون ينامون على مراتب على أرضية المستودع، وكانت المنطقة المحيطة به محاطة بسياج، وقد أظهر مقطع فيديو نُشر على تويتر مراهقًا سوريًا يحاول معانقة شقيقه من خلال القضبان.

وبحسب سباثانا، لم تبذل السلطات جهودًا متضافرة في الأيام القليلة الأولى لتسهيل الاتصال بأسر الناجين، على الرغم من أن الصليب الأحمر اليوناني كان يوفر بعض الوصول إلى الهواتف المحمولة.

تجربة خانقة

وتم نقل الناجين إلى مرفق تسجيل في ملكاسا في 16 و17 يونيو، وبحسب سباثانا، لا تعتبر الظروف في المدينة أكثر تحسّناً عن تلك الموجودة في كالاماتا، حيث يتم إيواء الناجين في حاويات شحن مشتركة، وكما هو الحال في كالاماتا، فإن المرفق محاط بسياج، مع تقييد شديد للوصول إليه.

وفيما شبهت هذه الأوضاع بأنها أقرب ما تكون للسجون، فقد قالت سباثانا: “لقد شهدنا أناسًا وهو في حالة صدمة ودمار.. لم يتمكنوا حتى من فهم مكان وجودهم.. لم أستطع أن أفهم سبب وضعهم في مركز مغلق. بالطبع، هذه الظروف ليست مناسبة للأشخاص الذين نجوا للتو من غرق سفينة”.

وأضافت أنه لم يتمّ احتواء هؤلاء الأشخاص بعد هذه التجربة الخانقة، وبعدما فقدوا أصدقاءهم وبعض أقاربهم، مؤكدة أن هؤلاء لا يمكنهم حتى تصور ما حدث.

وبحسب سباثانا، لم تتمّ تلبية بعض الاحتياجات الأساسية للناجين، حيث أفاد بعضهم بأنه تم رفض طلبات الحصول على ملابس إضافية للتدفئة ليلاً، بجانب رفض طلبهم لاحتساء الشاي والقهوة أو تدخين السجائر.

ووجدت سباثانا وزملاؤها أيضًا، أنه على الرغم من معاناتهم من ضائقة شديدة، فقد تم إجراء تتبع سريع للناجين من خلال عملية تسجيل طلبات اللجوء.

وقالت: “كانت هذه مشكلة كبيرة لأن معظم الأشخاص الذين التقيناهم لم يقابلوا محامياً حتى قبل اجتياز هذه العملية”.

خطر صحي مستمر

ويتم تقديم المساعدة الطبية والنفسية الطارئة في المرفق من قبل منظمة أطباء بلا حدود (MSF) غير الحكومية. وقالت رئيسة بعثة المنظمة سونيا باليرون: “لقد رأينا محنة كبيرة.. الناجون جميعهم معرضون لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة”.

وأبلغ الفريق عن علاج حروق كيميائية، وإصابات ناتجة عن التعرض للشمس ومياه البحر، وكذلك صدمة نقص السكر في الدم، بسبب حرمان الأشخاص على متن القارب من الطعام لمدة تصل إلى ستة أيام.

وبحسب باليرون، يعاني العديد من الناجين من اضطرابات النوم والذعر الليلي في أعقاب الكارثة، وقالت: “ما نسمعه في الغالب هو أن الناس [يتذكرون] رؤية أصدقائهم يموتون أمام أعينهم”.

وأضافت: “يتحدثون أيضًا عن عدم معرفة من نجا ومن مات، الأمر الذي يسبب كثيراً من التوتر.. العائلات تسأل كثيرًا لمحاولة فهم ما إذا كان أقاربهم من بين الناجين أم لا”.

خيار سياسي

ووفق سباثانا، فإن الظروف التي عاشها الناجون من الحطام عند وصولهم إلى كالاماتا ومالاكاسا ليست مصادفة، بل هي “خيار سياسي”.

وفي نهاية عام 2022، تم إنهاء مخطط الإقامة ESTIA، وهو برنامج إسكان يموله الاتحاد الأوروبي لطالبي اللجوء الضعفاء. كان الهدف من البرنامج، الذي بدأ في عام 2015، مساعدة العائلات التي لديها أطفال، وذوي الاحتياجات الخاصة والناجين من التعذيب في السكن والرعاية الطبية المناسبة.

وعندما تم إغلاقها في 16 ديسمبر، تم نقل طالبي اللجوء المستضعفين من مساكن ESTIA إلى مخيمات نائية مع إشعار قبل أقل من 24 ساعة، فيما حذرت جماعات حقوق الإنسان، من أن تقليص المخطط قد يؤدي إلى تفاقم عزلة طالبي اللجوء، وإعادة صدمة الناجين من العنف والتعذيب.

وقالت سباثانا: “لدينا هؤلاء الناجون المستضعفون، وليس لدينا خيار إيوائهم في ظروف كريمة ومناسبة.. لا أعتقد أنه إذا كان ركاب حطام السفينة من السائحين، فإنهم سيعاملونهم بهذه الطريقة. لن يضعوهم في مستودع”.

ولم يغب هذا الأمر عن المجتمع الدولي، فقد سلطت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب الكارثة، الضوء على التناقض في الجهود التي يبذلها خفر السواحل اليوناني مقابل ما تم إنفاقه على استعادة غواصة تيتان المفقودة في المحيط الأطلسي.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.