الرئيسية » تقارير » فوضى السودان يدفع ثمنها المدنيون.. رحلات سوداوية وعرة للخروج من الخرطوم (تقرير)

فوضى السودان يدفع ثمنها المدنيون.. رحلات سوداوية وعرة للخروج من الخرطوم (تقرير)

وطن- مع انزلاق السودان في فوضًى دامية، توجّهت مئات العائلات إلى مصر في رحلات برية مروّعة بطول 1000 كيلومتر (600 ميل) عبر الصحراء، متحديةً نقاط التفتيش العسكرية على طول الطريق.

تحدث بعض أولئك الذين نجحوا في عبور الحدود المصرية بحثًا عن مخاوفهم، حيث انطلقت الحافلات المزدحمة، التي تحمل أطفالًا ومسنين على متنها، خلال الليل على طول الطرق المليئة بالحفر، وفق تقرير نشره موقع “المونيتور“.

غادر معظم اللاجئين مع القليل من المتعلقات أو الطعام أو الماء أو النقود في الرحلات الغادرة، بعد أن دفعوا مبالغ كبيرة مقابل تذاكر الحافلات النادرة خارج منطقة الحرب، وسط نقص شديد في الوقود.

وقال رجل إنّ أخطر ما في الأمر هو مجرد ركوب الحافلة في الخرطوم، المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، والتي هزّها القتال العنيف بين الجيش والقوات شبه العسكرية بما في ذلك الضربات الجوية والمدفعية.

وقال الرجل الذي طلب عدم نشر اسمه، مشيراً إلى مخاوف أمنية: “عبرنا 25 نقطة تفتيش لمجرد الوصول إلى محطة الحافلات على أطراف الخرطوم”.

كان قد أمضى اليوم السابق والليل بلا نوم ينظم بشكل محموم كل شيء لعائلته المختبئين في منزلهم في العاصمة تحت ضجيج وابل مستمر من إطلاق النار.

جاء بعد ذلك انتظار مؤلم حتى امتلأت الحافلة ذات الـ45 مقعدًا أخيرًا بما يكفي لمغادرة الخرطوم، في وقت كان المقاتلون واللصوص يجوبون المدينة.

خلال فترة الانتظار الشديدة، تضاعف سعر المقعد أكثر من ثلاثة أضعاف من 115 دولارًا إلى 400 دولار للفرد، وهو ما يعادل الراتب الشهري لموظف الخدمة المدنية.

وقال الرجل، “إنه حتى عندما تمتلئ بعض الحافلات لا تغادر ليوم كامل، بينما يتدافع السائقون للحصول على وقود أصبح أغلى بثماني مرات منذ بدء القتال”.

ويبدو أنّ وقف إطلاق النار الذي استمرّ ثلاثة أيام، والذي أُعلن يوم الثلاثاء، ما زال صامداً إلى حدٍّ كبير، حيث واصلت الدول الأجنبية جهود الإجلاء الجماعي لموظفي السفارة والمواطنين.

لكن الخوف العميق ساد مما سيأتي بعد ذلك في السودان في الصراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، وهو صراع أودى بحياة أكثر من 450 شخصاً.

رحلات سوداوية وعرة للخروج من الخرطوم
رحلات سوداوية وعرة للخروج من الخرطوم

“طرق شديدة السواد”

في القاهرة، قالت طالبة الطب السودانية نون عبد الباسط (21 عاماً)، إنها وصلت يوم الأحد بعد ليلتين من مغادرتها الخرطوم.

وقالت لفرانس برس، إنّها قطعت أكثر من 2000 كيلومتر في المجموع مع عشرة أقارب تتراوح أعمارهم بين 4 و70 عاماً، وأكملت الرحلة المصرية بالقطار.

وأضافت أنه في طريقهم للخروج من العاصمة السودانية المحاصرة، أوقف حافلتهم “مرتين من قبل الجيش ومرة ​​من قبل قوات الدعم السريع“.

وقالت: “كنا قلقين من أن يصعدوا على متن السفينة بأسلحتهم أو يؤذون شخصًا ما”، متحدثةً عن شعورهم بالارتياح عندما “قاموا للتو بفحص من كان على متن الحافلة وطرحوا بعض الأسئلة”.

وبمجرد الخروج من العاصمة، شعر الركاب أنّ بإمكانهم التنفس أخيرًا في أثناء توجههم شمالًا لمدة 13 ساعة إلى المعبر الحدودي في أرجين.

لم يعد هناك حواجز على الطرق من قبل رجال مسلحين، ولكن لم يكن هناك مكان للحصول على الطعام أو الماء على الطريق “الأسود”، قال عبد الباسط: “لم يكن هناك شيء يسارًا أو يمينًا” بقدر ما تراه العين.

بمجرد وصول اللاجئين إلى الحدود، لا يزال أمامهم طريق طويل ليقطعوه. وتقع المدينة الرئيسية الأولى، أسوان، على بعد 300 كيلومتر إلى الشمال، وتبعد القاهرة 20 ساعة أخرى بالحافلة.

وقال رجل سوداني في الثلاثينيات من عمره، إنه وصل ليلاً مع أسرته بعد “رحلة طويلة ومرهقة”، ثم انتظر تحت شمس الصباح الحارقة لفتح المعبر.

وأضاف: “يوجد الكثير من الناس هنا، لذا من الأفضل الوصول في الصباح الباكر لتجنب الانتظار لفترة طويلة”.

فوضى السودان يدفع ثمنها المدنيون.. رحلات سوداوية وعرة للخروج من الخرطوم
فوضى السودان يدفع ثمنها المدنيون.. رحلات سوداوية وعرة للخروج من الخرطوم

نزوح جماعي

أولئك الذين وصلوا إلى الحدود المصرية يرسلون كلمات النصح إلى أولئك الذين يخرجون، ويحثونهم على حساب وقت وصولهم إلى معبر أرجين الحدودي المزدحم.

بالعودة إلى الخرطوم، الطالب مصعب الهادي البالغ من العمر 22 عامًا هو جزء من مجموعة صغيرة تساعد أولئك الذين يخططون للفرار، وقال: “عندما يتصلون بنا في محاولة للعثور على ممر آمن إلى مصر، فإن أول شيء نفعله هو تقييم ما إذا كان لديهم ما يكفي من الطعام والماء لهذه الرحلة”.

ويمكن أن تسبّب البيروقراطية الحدودية صداعًا إضافيًا. في ظلّ الظروف العادية، يُسمح فقط للنساء والأطفال والرجال السودانيين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا بالدخول إلى مصر بدون تأشيرة، حيث يعيش أربعة ملايين سوداني، وفقًا للأمم المتحدة.

أما الآخرون، وهم رجال دون سن الخمسين، فيتعيّن عليهم التوجّه إلى القنصلية المصرية في وادي حلفا، وهو معبر حدودي آخر، للحصول على تأشيرة دخول.

مع اندلاع الاضطرابات الوحشية في السودان، بدأ مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المصريون في دعوة الفارين إلى السماح لهم بالدخول دون أوراق إضافية.

وأدرجت إحدى المؤسسات الخيرية المحلية أرقام الطوارئ للوافدين الجدد الذين يحتاجون إلى “حليب الأطفال أو الخدمات الطبية”.

قال كاميرون هدسون من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقرّه واشنطن، إنه إذا استمرّ الصراع، فمن المؤكد أن يأتي عدد أكبر، وأوضح أنه ينبغي توقّع نزوح جماعي للمدنيين، بمجرد أن يبدأ وقف إطلاق النار الدائم، محذّرًا من سيناريو يحاول فيه ملايين الأشخاص عبور الحدود.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.