- Advertisement -
وطن– يعدّ البحر الميت أعجوبةً طبيعية لا مثيل لها في الدنيا، إذ يُعدّ أخفض منطقة في العالم كما حدّد العلماء، ويعدّ من ضمن المنتجعات الصحية الأقدم بالعالم. كما كان مصدراً مهماً لبعض المواد التى استخدمها قدماء المصريين فى عمليات التحنيط.
البحر الميت يُحتَضر
لكن اليوم، البحر الميت يُحتضر نتيجة انخفاض منسوب المياه تدريجياً بمعدل متر سنوياً.
يبلغ عمق الجزء الرئيسي من البحيرة الآن حوالي 950 قدمًا، أي نحو 15٪ أقل عمقًا، وثلث مساحة السطح، مقارنة بشكلها قبل نصف قرن.
ومع انحسار البحيرة، فإنها تغيّر المناظر الطبيعية من حولها، وتخلف وراءها أكواماً متراكمة من الملح كالتلال البيضاء، وفقاً لما أورده موقع “wfsu“.
فقدان للحلول
في الواقع، تمّ اقتراح عدة حلول لتجديد البحر الميت. ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء مهم لإنقاذه، كما أن تغيّر المناخ يجعل إعادة تأهيل البحيرة تبدو بعيدة المنال.


البحر الميت بحيرة غير ساحلية تقع جزئيًا في الأردن وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة. والبحر -الذي يُعرف بشدة ملوحته- بدأ يشهد منذ عقود انخفاضَ منسوب مياهه.
عوامل بشرية
يقول باحثون ومسؤولون بيئيون، إن انخفاض منسوب مياه البحر الميت تعود أسبابه إلى عوامل بشرية. في منطقة تندر فيها المياه، قامت إسرائيل والأردن وسوريا بتحويل المياه العذبة -والتي كانت تغذي البحر الميت في العقود الأخيرة- للاستخدام في أغراض أخرى في المنطقة، كالري والتعدين ومياه الشرب.
بالإضافة إلى ذلك، قامت مصانع إسرائيلية وأردنية باستغلال مياهه ومعادنه، للتصدير.

من جهته، يقول جيك بن زاكين، وهو إسرائيلي يُدير قوارب الركاب الوحيدة في البحر الميت: “إنه لأمر مروع أن نرى التلال على طول الشاطئ، وهي انخفاض واضح بمقدار أربعة أقدام كل عام. ينحسر البحر المالح بسرعة كبيرة، ويترك وراءه تكوينات ملحية على طول الشواطئ”.

محاولات الإنقاذ المعلّقة
أبرمت إسرائيل والأردن مؤخرًا اتفاقيات بشأن التعاون في مجال المياه، تشمل صفقة لإعادة تأهيل نهر الأردن الذي يمدُّ البحر الميت بمياه عذبة.
وفي مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي في القاهرة، قال العاهل الأردني الملك عبد الله: “البحر الميت ونهر الأردن المقدس كنوز من الماضي وموروث للمستقبل”.

لكنّ اتفاق نهر الأردن -كما أعلنته إسرائيل- لا يبدو أنّه يعالج المشاكل العديدة التي تهدّد حياة هذا النهر التاريخي.
قدّم البنك الدولي والحكومة الإسرائيلية، ومنظمة السلام البيئي في الشرق الأوسط، مقترحاتٍ لإعادة تأهيل البحيرة. يتمثل أحد الحلول المقترَحة، في بناء قناة لتزويد البحر الميت بالمياه المحلاة من البحر الأحمر.
أما الاقتراح الآخر، فيتمثل في زيادة تدفق مياه نهر الأردن، للمساعدة في تجديد البحر الميت، والثالث سيطلب من شركات التعدين أن تدفع مقابل إعادة تأهيل البحيرة.
لكن، لم يتمّ اتخاذ أي إجراء مهم لاعتماد أيٍّ من هذه الخطوات.

البحر الميت وآثار تغيّر المناخ
كما أن تغيّر المناخ له تأثير غير مباشر. مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، تزداد حرارة المنطقة الصحراوية حول البحر الميت، ويصبح هطول الأمطار أكثر ندرة.
ومع نمو السكان، سيزداد الطلب على المياه للشرب والري، مما يترك القليل من الموارد لتجديد البحر الميت.

من جهته، أكد مدير وزارة البيئة الإسرائيلية، غاليت كوهين، أن الحلول ليست سهلة الصنع، ومكلفة للغاية الآن.
وأضاف: “إذا كنت تريد إعادة المياه إلى البحر الميت، فهذا يعني تحلية المياه في كل مكان. هذا مكلف للغاية بالطبع، ولا تستطيع جميع البلدان من حولنا دفع هذا المبلغ من المال”.

أخيراً، أمضى الأمريكي شاي رابينيو، الذي يدرّس الدراسات الإسرائيلية في جامعة بينغهامتون بنيويورك، والمصوّر جوليان بندر، أسبوعينِ وهما يتجولان في محيط البحر الميت، حيث يخطّط الثنائي لكتابة كتاب عن هذه البحيرة المتلاشية، وتأثيرها على المجتمعات المحيطة.

وقال رابينيو: “ما سمعناه كثير من التشاؤم، قال الناس في الجانب الأردني إن حياتهم أصبحت أسوأ … يبدو أن معظم الناس يقبلون أن مستوى هذا الجزء من البحر الميت قد ينخفض 100 متر أخرى، 150 مترًا، في المستقبل”.
قد يستغرق هبوط 100 متر (نحو 330 قدمًا) أكثرَ من قرن، وعند هذه النقطة يقول بعض العلماء، إن مستويات المياه قد تستقر، لكنها قد تصبح بحيرة صغيرة جدًا.
والسؤال هنا: “متى سيتم اتخاذ محاولات حقيقية وجادة، لإنقاذ البحر الميت من حالة الانحسار التي يتعرض لها، خاصة وأنّه كان موجوداً منذ ملايين السنين؟”.