الرئيسية » تقارير » ماذا وراء الخلاف الأمريكي الروسي على قاعدة بحرية في البحر الأحمر في السودان؟

ماذا وراء الخلاف الأمريكي الروسي على قاعدة بحرية في البحر الأحمر في السودان؟

وطن– كرّرت الولايات المتحدة الإعراب عن مخاوفها، بشأن اتفاق من شأنه أن يسمح لروسيا ببناء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر السوداني، مما قد يمنحُ الكرملين موطئَ قدم على طول الممر المائي الإستراتيجي، في وقتٍ تصاعدت فيه التوترات مع الغرب، بسبب الحرب في أوكرانيا.

وأثار جون جودفري، السفير الأمريكي في السودان، القضيةَ في مقابلة مع صحيفة “التيار” السودانية، قائلاً: “إذا قررت حكومة السودان المضي في إنشاء هذه المنشأة، أو إعادة التفاوض بشأنها، فإنها سوف يضر بمصلحة السودان”.

السفير الأمريكي في السودان جون غودفري
السفير الأمريكي في السودان جون غودفري

وقّع السودان الاتفاق الذي يسمح لموسكو ببناء قاعدة قادرة على استضافة سفن تعمل بالطاقة النووية، خلال إدارة الرئيس عمر حسن البشير، الذي أطيح به من السلطة في عام 2019.

من المقرّر أن تستأجرَ روسيا الموقْع لمدة 25 عامًا، ويمكن أن تمدّد الصفقة لمدة 10 سنوات أخرى، مما يتيح لها الوصول إلى المياه الدافئة للبحر الأحمر، ونقطة الاختناق التجارية الدولية لباب المندب.

القواعد

القوى العالمية لديها قواعد مطمئنة منذ فترة طويلة على البحر الأحمر، لإظهار القوة وحماية المصالح التجارية.

جيبوتي، الواقعة إلى الجنوب من السودان، موطنٌ لقواعد عسكرية من الصين وفرنسا وإيطاليا واليابان، في عام 2016، افتتحت الصين أيضًا أول موقع عسكري خارجي لها في جيبوتي.

المنطقة هي أيضاً ملعب لدول الخليج، تتمتع المملكة العربية السعودية ومصر بالفعل بإمكانية الوصول إلى البحر الأحمر من سواحلهما، لكن تركيا وقطر والإمارات تتنافس أيضًا على النفوذ في المنطقة.

تدير تركيا قاعدة تدريب للقوات الصومالية في مقديشو، في عام 2017، وقّعت اتفاقية مع السودان لاستعادة جزيرة سواكن، وهي ملكية عثمانية سابقة على ساحل البحر الأحمر.

أنشأت الإمارات قاعدة في ميناء عصب الإريتري في عام 2015، واستخدمت المنشأة كنقطة انطلاق لهجمات بحرية وجوية ضد قوات الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن.

وحتى لا يتفوّق عليها أحد، فقد تمكنت طهران أيضًا من بناء جثم على البحر الأحمر، مما أثار القلق في الولايات المتحدة بشأن التهديدات البحرية، التي يُحتمل أن تشكّلها قوارب الطائرات بدون طيار المحملة بالقنابل.

ذهب

يأتي تحذير واشنطن بشأن روسيا وسْط الكشف عن جهود ضخمة من قبل الكرملين، لاستخراج الذهب من الدولة الأفريقية.

ذهب السودان
ذهب السودان

ويقول مسؤولون أمريكيون، إنّ هذا قد يدعمُ صندوق حرب الكرملين، في الوقت الذي يواجه فيه انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية.

إذا تمّ بناء قاعدة بحرية روسية في السودان، فإن ذلك سيمثّل خطوة مهمة في العلاقات الثنائية بين البلدين.

حتى الآن، كان تورّط روسيا في السودان بقيادة فاغنر، وهي شبكة غامضة من المرتزقة، الذين قيل إنّهم قاتلوا في صراعات من ليبيا إلى سوريا على صلة بالكرملين. وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، قادت الجماعة عمليات تهريب الذهب في السودان.

في أبريل، تحدّث موقع Middle East Eye مع شهود عيان تحدّثوا عن سلسلة من الهجمات، التي يُزعم أن الجماعات المسلحة الروسية نفّذتها في منطقة تعدين الذهب في جمهورية إفريقيا الوسطى، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص، وفرار الآلاف عبر الحدود إلى السودان.

وأفاد أحد شهود العيان، أن الروس استخدموا في الهجوم أسلحة ثقيلة، من بينها مروحيات هجومية ودبابات وسيارات مسلحة رباعية الدفع.

“ما رأيناه كان وحشيًا وداميًا للغاية. استخدموا هذه القوات والأسلحة العدوانية ضد المدنيين، بما في ذلك ذبح التجار وعمال المناجم، وكذلك نهب الذهب والمال”، قال آدم زكريا البالغ من العمر 35 عامًا، وهو أحد الناجين من الهجوم، أخبر ميدل إيست آي.

“وحشية ودموية”

كانت روسيا لاعباً رئيسياً في إفريقيا خلال الحرب الباردة، لكن نفوذَها تضاءل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

فتحَ اجتماع عام 2017 في سوتشي -بين فلاديمير بوتين والرئيس السابق البشير- الطريقَ لعودة موسكو إلى القارة، حيث تعهّد البشير بأن السودان يمكن أن يكون “مفتاح روسيا لأفريقيا”.

منذ ذلك الحين، وسّع الكرملين بصمته عبر القارة. وبحسب ما ورد تمّ نشرُ مرتزقة فاغنر في موزمبيق وجمهورية إفريقيا الوسطى ومؤخراً مالي، حيث ملأوا فراغ السلطة الذي تركته القوات الفرنسية المغادرة. واتهمت فاغنر بارتكاب فظائع ضد المدنيين في العديد من هذه المناطق.

فاغنر
فاغنر

لجأت روسيا إلى إفريقيا بحثًا عن شركاء، لأنها تجد نفسها أكثر عزلة في الغرب بسبب غزوها لأوكرانيا. في يوليو/تموز، سعى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى تعزيز العلاقات مع دول المنطقة في جولة عبر القارة، ألقى خلالها باللوم على الغرب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

شهدت روسيا بعضَ النجاح من انتشارها. عندما أجرت الأمم المتحدة تصويتًا في مارس لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، صوّتت 25 دولة أفريقية إما بالامتناع عن التصويت، أو لم تصوّت على الإطلاق، وصوّتت 28 دولة أفريقية فقط لصالح القرار.

“الآثار”

من غير الواضح، ما إذا كان الكرملين سيتمكن من متابعة خططه لإنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر.

تفاقمت الأزمة الاقتصادية في السودان، منذ أن أطاح الجيش بالحكومة الانتقالية في البلاد، في أكتوبر من العام الماضي.

لقد جمّدت الولايات المتحدة بالفعل 700 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية.

علّق البنك الدولي صرف المساعدات للسودان. كما علّق صندوق النقد الدولي برنامجَه الذي يقارِب 50 مليار دولار، لتخفيف ديون البلاد حتى استعادة الحكومة التي يقودها المدنيون.

في مقابلته يوم الثلاثاء، حذّر جودفري السفيرُ الأمريكي، السودانَ من عواقب متابعة اتفاقه مع روسيا.

وقال: “لجميع الدول حقّ سيادي في تحديد الدول الأخرى التي ستشارك معها، لكن هذه الخيارات لها عواقب بالطبع”.

وأضاف السفير أنّ أيّ قاعدة من هذا القبيل على البحر الأحمر، “ستؤدي إلى مزيد من العزلة للسودان في وقت، يريد فيه معظم السودانيين الاقتراب من المجتمع الدولي”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.