الرئيسية » حياتنا » كيف تستقر مدينة بحجم البندقية على سطح الماء؟

كيف تستقر مدينة بحجم البندقية على سطح الماء؟

لا شك في أن البندقية، من أجمل وأروع مدن العالم، فهي مدرجة عند محبي السفر وعاشقي الهندسة المعمارية الخاصة، كواحدة من المدن الرئيسية، التي ينبغي زيارتها عندما تسنح الفرصة. وعلى الرغم من أنها عرفت بمدينة الرومانسية، إلا أنها تخفي سرًا مغمورًا تحت الماء. فهل تريد أن تعرف ماذا يوجد تحت البندقية ولماذا تطفو بشكل مستقر فوق سطح الماء؟.

بحسب موقع “سوبر كوريوسو” الإسباني، فإن تلك المدينة العائمة، التي تشاهد صور شوارعها وهي ممتلئة بالمياه ويتحرك فيها الناس بالقوارب الصغيرة. وتتركز البيوت على جانبي مجرى المياه في شكل مذهل ومثير، تجعلك تطرح العديد من التساؤلات. وأولها هو كيف بنيت مدينة البندقية بهذا الشكل؟ وكيف غمرت المياه شوارعها بهذه الطريقة؟

بشكل عام تشكل المدينة، واحدة من روائع البشرية. ليس فقط بسبب عراقتها فحسب، بل أيضًا لما يقع تحت البندقية بالتحديد. إنها باختصار، عبارة عن بحيرة بالكامل وتبلغ مساحة اليابسة فيها حوالي 8 بالمئة فقط.

وهذه المساحة تحتوي على بعض أكبر وأثقل المباني الدينية والإدارية في إيطاليا، وتم بناء مدينة البندقية العائمة كواحدة من أكثر المدن إستثنائية في العالم، على 118 جزيرة في منتصف بحيرة البندقية على رأس البحر الأدرياتيكي في شمال إيطاليا. وبالنسبة لأولئك الذين لم يزوروا مدينة البندقية بعد، تظل البندقية لغزا جميلا نحاول البحث عن حله.

من الأشياء التي تثير فضولك حول البندقية، أنها تأسست في القرن الخامس من قبل المستوطنين. الذين فروا من اعتداءات الشعوب الألمانية (الهون و اللومبارد)، واستقروا هناك، ولكن كيف بنوا مدينة على الماء؟

نظام البناء في البندقية

عندما وصل المستوطنون الجدد إلى الجزر في حوالي عام 402 ميلاديا، كانوا يواجهون الحاجة إلى مساحة أكبر وأساس أقوى للعيش فيه. وكان عليهم أن يجدوا طرقًا لتقوية الجزر، واستخدامها، وتوسيعها، وحماية البيئة الهشة. لذلك قاموا بحفر مئات القنوات وقاموا بتدعيم البيوت ببنايات خشبية. وفي هذه البحيرة كان هناك مجموعة من الجزر الصغيرة. ونفس هؤلاء الناس بدأوا يثبتون دعامات الخشب في الطين والرمل.

أصبحت دعامات الخشب هي الأساس الأولي، ومع ذلك، هناك سؤال آخر يجب الإجابة عليه، وهو من أين أتت الأخشاب؟

فلا تمتلك مدينة البندقية أي غابات لتجميع الخشب، لقد تم جمع الخشب في الغابات البعيدة، في جبال سلوفينيا وكرواتيا والجبل الأسود، ثم تم نقل الأخشاب بالمياه إلى مدينة البندقية.

من جانبه، يقول أستاذ الهندسة المعمارية فرانكو مانكوسو، من جامعة IUAV في البندقية: “توجد القصور والكنائس والجسور على أعمدة خشبية موضوعة في الوحل تحت مستوى الماء. موضوعة يدويًا على مدار التاريخ”.

في سياق متصل، تعتبر الركائز الخشبية هي نوع من الأساسات العميقة التي بدأ استخدامها في العصور القديمة، فهي فعالة ورخيصة، وإذا تم توزيعها جيدًا. فهي قادرة على تحمل الأحمال الكبيرة مثل وزن مدينة بأكملها! فالملايين والملايين من الأخشاب، تتحكم في استقرار البندقية.

البندقية: فوق الماء أو تحته

البندقية مكان تاريخي، مرت بها شخصيات عظيمة من عالم الفن والعلم، ومن أعظم كنوزها العمارة التي تتضمنها.

في الواقع، تم إعلانها كموقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو منذ عام 1987. ومع ذلك، مع تغير المناخ الذي شهدناه على مدار الثلاثين عامًا الماضية، فإن البندقية التي نتخيلها ونعرفها ستختفي.

يقول البروفيسور مانكوسو أن الهيكل الموجود أسفل البندقية يمكن وصفه بأنه “معجزة”، حيث إنه من المدهش كم من الوقت قد استمر معنا.

ومع ذلك، داخل المدينة لا توجد حركة مرور على عجلات ويتم النقل الجماعي بواسطة قوارب تعرف باسم فابوريتوس. وبالطبع الجندول الشهير، وهي وسائل تحمل أثقالا، تجعل من الصعب الحفاظ على أكوام الخشب.

ومن العوامل التي يمكن أن تتسبب في زيادة خطورة المشاكل الهيكلية في البندقية. هي السفن التي تتحرك عبر القناة، حيث تلمس هذه السفن الكبيرة قاع القناة. مما يؤدي إلى ارتفاع الرواسب المستقرة في قاع البحر وتتلوث المياه في القنوات.

في ثلاث من الجزر الخارجية، توجد الموانئ التي تربط البحيرة بالبحر الأدرياتيكي، وتسمح هذه الأفواه الثلاثة لمدخل المياه، والتي تسمى كيوجيا وماليموكو وليدو، بارتفاع منسوب المياه في البحيرة عندما يرتفع المد. مما ينتج عنه خطورة الفيضانات بشكل رئيسي في فصلي الربيع والخريف.

جانب آخر يضاف إلى قائمة الأضرار الجانبية للأكوام الخشبية، هو “الأمواج” التي تسببها القوارب التي تتحرك عبر القناة. وفقًا لفريق من المرممين من نفس الجامعة. فإن الخشب الذي صنع به الأكوام يقاوم ملوحة الماء، ولأنه لا يتلامس مع الأكسجين فهو خال تمامًا من العفن. إنهما عاملان على الأقل يطمئنان سكان البندقية. ومع ذلك، لا يعتبر هذا حل لمشكلة بهذا الحجم.

حل الفيضانات

حان الوقت لإيجاد حلول للمشاكل الوشيكة التي تظهر، مثل الفيضانات المتكررة، التي تصل في كل مرة إلى ارتفاع أكبر.

كما تعلمون بالفعل، البندقية هي مدينة تحافظ على كمية كبيرة من المياه من حولها. وفي الواقع، تغير المناخ يمكن أن يسبب كوارث.

في الثمانينيات، على سبيل المثال، بدأت المشاريع ودراسات الهندسة المعمارية لبناء حواجز احتواء مهمة. وهي تقنية جديدة تتمثل في الإغلاق التلقائي لفم البحيرة في وقت ارتفاع المد.

ومع ذلك، لم يبدأ المشروع المعقد والمكلف المسمى Monse (الوحدة التجريبية الكهروميكانيكية). إلا في عام 2003. ويستند هذا المشروع إلى بناء مجموعة من العوامات الضخمة التي لم تكتمل بعد. التي تعمل على النفس في فم البحيرة عندما تهدد المياه الغالية المدينة.

وفقا للموقع، إن معرفة ما هو تحت البندقية، يؤكد أن المدينة في خطر وشيك. كما أن بعض الناس يقولون إن مدينة البندقية يجب أن تسمى المدينة الغارقة بدلاً من المدينة العائمة. فقد بدأت مدينة البندقية في الغرق لحظة بنائها.

ومنذ البداية، تم دفع وزن المدينة إلى التراب والطين، حيث تم بناؤه على الأرض، ثم ضغط على الماء والتربة. وهذه الظاهرة، جنبا إلى جنب مع الحركة الطبيعية ومع المد العالي (تسمى أكوا ألتا). تسبب فيضانات دورية في المدينة، تخلق إحساس بالغرق.

وعلى مدى المائة عام الماضية، غرقت المدينة تسع بوصات، ويحذر بعض الخبراء من أن ارتفاع درجة حرارة الأرض سوف يؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحر. وفي النهاية سيغطي الساحل الأدرياتيكي ومدينة البندقية بحلول عام 2100.

(المصدر: سوبر كوريوسو – ترجمة وطن)

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.