الرئيسية » تحرر الكلام » المملكة العربية السعودية.. الى أين ؟!

المملكة العربية السعودية.. الى أين ؟!

منذ تولي الامير محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة العربية السعودية والساحة الوطنية  تشهد احداث ساخنة  افقدت المملكة الكثير من مكانتها السياسية والاقتصادية وهوت بسمعة البلاد الى الحضيض  في سابقة لم يشهدها التاريخ السعودي منذ تأسيس المملكة على يد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمنبن فيصل ال سعود في 23 سبتمبر 1932 من القرن الماضي ، فبعد الاستيلاء بطريقة مخالفة لدستور العائلة السعودية الذي أقره المؤسس و الذي يتضمن مادة اساسية في محتواه تمنع تولي الاحفاد للحكم ما دام احد الابناء على قيد الحياة وهو الامر الذي بدأ محمد بن سلمان بالانقلاب عليه في سابقة خطيرة هددت بيت الحكم السعودي ولازالت بحيث انتجت الصراعات والضغائن بين ولي العهد الجديد واعمامه من جانب وبينه وبين ابناء عمومته من جانب اخرى .
لقد استهل الاميرمحمد بن سلمان مشواره السياسي للانقاض على الحكم من خلال الانقلاب على عمه الامير مقرن بن عبدالعزيز الذي كان وليا للعهد بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتولي الملك الحالي والده الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم خلفا لاخيه الملك عبدالله بحيث تم عزل الامير مقرن بعد فترة من الوقت وتم استبداله بالامير محمد بن نايف بن عبدالعزيز الذي اصبح وليا للعهد وتم تنصيب الامير محمد بن سلمان ليكون في منصب ولي ولي العهد ليتم انجاز الخطوة الاولى بكل سلاسة ونجاح بعد تأمين موافقة بقية الاحفاد وذلك بإعطاء ولاية العهد لمحمد بن نايف ومن هنا فتح باب الصراع داخل بيت الحكم السعودي وبدأت الاجنحة تتصارع فيما بينها علنا و خفية.
بعد نجاح عملية عزل الامير مقرن بن عبدالعزيز بدأ الاميرمحمد بن سلمان بالخطوة الثانية وهي عزل ولي العهد الجديد محمد بن نايف بعد فترة قصيرة من تنصيبه الصوري الذي اراد منه محمد بن سلمان اعطاء صورة من الاطمئنان لبقية افراد العائلة السعودية والتقليل من تخوف بعض افراد العائلة الحاكمة بخططه للاستيلاء على الحكم فيما بعد والذي امتد لفترة قصيرة فقط بدأ بعدها الامير محمد بن سلمان بالخطوة الثالثة وهي خطة عزل الامير محمد بن نايف بن عبدالعزيز من ولاية العهد ووضعه تحت الاقامة الجبرية وهو الامر الذي استطاع من تحقيقه بنجاح تام بعد أن بدأ بعزل اغلب القيادات العسكرية بوزارة الداخلية الموالين للامير محمد بن نايف لضمان نجاح الانقلاب المخطط له، وهو الامر الذي تحقق بسرعة غير متوقعة سارعت بنجاح عملية نقل ولاية العهد للامير الشاب ، ثم بدأت الاحداث تتوالى تباعا انطلق منها ولي العهد الجديد والقوي لتأمين إحكام قبضته السياسية على البلاد وليكون الامر السياسي برمته تحت تصرفه فكانت اولى أعماله هي عزل الامراء المنافسين له والمهددين له بحكم  مناصبهم العليا  ، فعزل منافسه الاقوى الامير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني ووزراء الداخلية والمالية والديوان الملكي والنفط وغيرهم من الوزراء الذين يديرون الوزارات السيادية المهمة وعزل الكثير من قادة الجيش والامن والمخابرات والبحرية والجوية في خطوة جذرية نحو ترسيخ الحكم في البيت السلماني، كما عين اخيه الاصغر الامير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز سفيرا لدى الولايات المتحدة تبعه بعد ذلك تغيير العديد من سفراء المملكة في الخارج لضمان المرحلة السياسية القادمة وتسويقها في الخارج حال الحاجة لذلك مستقبلا.
بعد التغييرات المحلية في الشأن الاداري والسياسي تفرغ الامير محمد بن سلمان الى تنظيف ادارة الحكم من رجال الدين المتشددين ورجال الاصلاح الذين كانوا يطالبون بإعطاء الدين دورا في الحياة السياسية بالمجتمع السعودي كما نادى الاصلاحييون بضرورة اجراء تغييرات ملحة لضمان التعاضد المجتمعي وحفظا للوحدة الوطنية وذلك من خلال إشراك جميع اطياف المجتمع في الحياة السياسية وخاصة الطائفة الشيعية المنبوذة والتي تسكن في اغنى مناطق النفط والثروات الطبيعية بالمملكة العربية السعودية وخاصة في المنطقة الشرقية ومنطقة الاحساء ، فبدأ ولي العهد الجديد مراحل حكمه بتفكيك هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي تعتبر سلطة رجال الدين في المجتمع السعودي والتي تحظى بالعناية والاهتمام من لدن السلطات السعودية والتي عملت لإرضاء رجال الدين والذين هم احد أعمدة الحكم في الادارة السعودية طوال العقود الماضية ومنذ تأسيس المملكة  وبعد ذلك اصدر ولي العهد السعودي اوامره بالقبض على العديد من رجال الدين والمفكرين الذين عارضوا سياساته ومنهم سلمان العودة وعوض القرني وحسن السقاف والشريف وغيرهم من رجالات المملكة المعروفين.
واصل الامير محمد بن سلمان سياسة الاعتقالات بحق المعارضين له فكانت هذه المرة بحق الوزراء السابقين ورجال الاعمال وتمت المساومة معهم على إرجاع الاموال التي يقول عنها ولي العهد انها سرقت في السنوات الماضية ولابد من إرجاعها وتعهد بمحاسبة كل فاسد فتم حبس العديد منهم في فندق الريتز في خطوة لم يشهدها التاريخ السياسي للمملكة العربية السعودية وبدأ بتنفيذ الامر اول ما بدأ بحق ابن عمه رجل الاعمال والملياردير الامير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز ال سعود لتهميش دوره في اي مستقبل قادم وخوفا من تحرك ربما يكونه الامراء الاخرين.
كذلك اصدر ولي العهد عدة حزم من القرارات المهمة والتي كانت محظورة في المملكة منها السماح للمرأة بقيادة السيارات والسفر دون محرم وامر بإنشاء العديد من الاندية والمنتجعات السياحية التي تم اعدادها لتشجيع الحركة السياحية نحو المملكة وسمح بالعديد من الانشطة التي كانت محرمة نهائيا في خطوة نحو تفريغ المجتمع من هويته الاسلامية المعهودة عنه طوال القرون المنصرمة.
بعد تأمين الامور الداخلية سعى ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان نحو فرض نفسه على دول الجوار فبدأ بمقاطعة الدولة الخليجية الشقيقة قطر والتي تربطها علاقات تاريخية وقبلية ودينية بالمملكة اكثر من اي دول بالجوار بتلفيقات كاذبة من خلال اختراق وكالة الانباء القطرية وبث اخبار كاذبة على لسان الامير تميم بن حمد امير قطر وهو الامر الذي اتخذته القيادة السعودية الجديدة حجة لمقاطعة قطر وفرض حصار شامل عليها شمل كل شيء واتضح بعد ذلك انه جاء من اجل اسكات قناة الجزيرة القطرية التي فضحت مؤامرات ولي العهد السعودي بحق الامة العربية والاسلامية والتي ساهمت في كشف مايجري في الكواليس من قبل الادارة السعودية الجديدة منها مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تعهد فيه ولي العهد بالتعاون مع الكيان الصهيوني من اجل انهاء اي مقاومة فلسطينية تستهدف الكيان وعمل مع عدة انظمة عربية من اجل ذلك وخاصة النظام المصري كما سربت الجزيرة اخبار عن لقاءات ولي العهد بقيادات صهيونية في المملكة ولزيارات قام بها الى الكيان الصهيوني في خرق واضح لثوابت السياسة السعودية التي ترفض التطبيع بالكامل وبشتى انواعه مع الكيان الصهيوني الغاصب للاراضي العربية .
لقد كانت زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب للرياض السنة الماضية هي الضربة التي قصمت ظهر البعير وجعلت من سمعة المملكة العربية السعودية تهوي نحو الحضيض وذلك بعد تفاخر وتبجح الرئيس ترامب بانه استطاع اخذ مئات المليارات من الدولارات بعد زيارته للملك سلمان بن عبدالعزيز والتي قدرت ب460 مليار دولار اي تقريبا نصف تريليون دولار والتي جعلت ادارة الرئيس ترامب قادرة على  توفير العديد من الوظائف للشباب الامريكي وفي تحسين الاوضاع المعيشية للعديد من العوائل الامريكية وفي تنشيط حركة المصانع بالولايات المتحدة بحيث اخذت الامور بعد ذلك لناحية التهديد والوعيد من قبل ترامب في لقاءاته التلفزيونية بحق المملكة مهددا وساخرا من القيادة السعودية في عبارات صريحة دون مجاملات سياسية او دبلوماسية وهو الامر الذي وضع القيادة السعودية في وضع لايحسد عليه ، كما افتعلت الادارة السعودية بقيادة ولي العهد الجديد العديد من الخلافات مع الاشقاء والاصدقاء ، فحاربت باليمن بحجة دعم شرعية الرئيس هادي الموضوع حاليا رهن الاقامة الجبرية في الرياض وضخت المليارات من الدولارات في شراء السلاح والعتاد و دخلت في حرب استنزاف طويلة كبدت الميزانية السعودية الكثير من الاموال وازهقت الالالف من ارواح الجنود السعوديين في الحد الجنوبي ، كما عمل ولي العهد الجديد على تصعيد الوضع السياسي في لبنان وذلك من خلال وضع سعد الحريري رئيس تيار المستقبل اللبناني وأحد اعمدة السياسة في لبنان قيد الاقامة الجبرية في الرياض في اسلوب يدل على بلطجة سياسية بإمتياز ولا يمت للاعراف الدولية بصلة وهو الامر الذي كاد ان يتسبب بازمة سياسية حقيقية لولا تدخل رئيس الجمهورية الفرنسية لاطلاق سراحه لتجنب اي تداعيات سياسية اخرى على المنطقة ، كما دخلت الادارة السعودية الجديدة في صراع سياسي مع الجمهورية الايرانية على مختلف الاصعدة وصعدت من لهجة العداء وعملت على التدخل في الشان الداخلي الايراني وخاصة في قضية الاحواز العربية التي ارادت استغلالها لمصالحها السياسية لاغير ، كما عملت على تصعيد الخلافات السياسية مع دول عالمية كبرى كالمانيا الاتحادية وكندا وغيرها من الدول ، وعملت كذلك على مخاصمة الجمهورية التركية ومحاولة زعزعة استقرارها من خلال دعم حزب العمال الكردستاني والاحزاب الانفصالية الاخرى في تركيا وكذلك من خلال دعم عملية الانقلاب الفاشلة في اسطنبول صيف 2016م كما عملت على افتعال ازمات وافعال مشينة داخل الاراضي التركية اخرها ما يتداول من اخبار عن خطف الصحفي السعودي المخضرم جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول وهي القضية التي لاتزال مثارة حتى الان دون التوصل لحقيقة ماجرى وهو الامر الذي ربما يؤدي الى قطيعة سياسية بين اكبر بلدين اسلاميين في المنطقة مستقبلا.

إن المتتبع للسياسات الحالية للادارة السعودية بقيادة ولي العهد الجديد الامير محمد بن سلمان يدرك حقيقة ان المملكة فقدت سمعتها ومكانتها السياسية على المستوى العالمي ، وأن الامر اصبح يهدد كينونة النظام السعودى برمته ويهدد العلاقات السياسية بين المملكة وأصدقائها ويزيد من معاناة المواطن السعودي في الخارج ويسهم في تأجيج الصراع المجتمعي داخل ارض الحرمين نتيجة الاجراءات التعسفية بحق فئات معينة من الشعب السعودي ، كما انه يساعد على اثارة الرأي العام ضد الادارة الحاكمة نتيجة المصاعب اليومية التي يعيشها المواطن السعودي جراء تلك الاعمال الثقيلة التي ترهق كاهله، وتخلق حالة من التذمر في أوساط المجتمع السعودي والتي ستكون بالحصيلة عاملا من العوامل التي تتهدد ارض المملكة أرضا وحكومة وشعبا دون شك.
حفظ الله المملكة وشعبها

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.