الرئيسية » تحرر الكلام » ماذا بعد مقتل الرئيس السابق عبد الله صالح؟

ماذا بعد مقتل الرئيس السابق عبد الله صالح؟

واقع مر ومؤلم تمر به الدول العربية من المحيط الى الخليج، وخصوصا دولة اليمن السعيد، الذي أنهكته ومزقته المعارك الدائرة بين قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد قوات صالح والحوثيين (أنصار الله) المدعومين من طرف ايران، حيث خلفت هذه المعارك المئات من القتلى والجرحى، والالاف من الأرامل والمشردين، وحطمت البنية التحتية لليمن، معارك ونزاعات طائفية وعرقية دائرة بينهم، ولهم عقيدة واحدة، أسفر هذا الصراع عن مقتل الرئيس المخلوع صالح على يد مسلحين حوثيين، بينما كان عائدا الى مسقط رأسه في سنحان، حيث أعلنت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين عن مقتله، ونعتته ومن معه بمليشيا الخيانة والغدر والفتنة الداخلية، وبمصرعه سيبسط الأمن في ربوع العاصمة، وجميع المحافظات كما وصف زعيم الحوثيين عبد الملك هذا اليوم باليوم التاريخي والاستثنائي.

استعادة سريعة لشريط الأحداث ما سبقها وما أعقبها، وما حدث للرئيس المخلوع على يد الحوثيين، عبد الله صالح نجا من محاولة اغتيال بأعجوبة داخل أحد المساجد سنة 2011، ونجا منها مشوه الوجه في أحداث ما كان يسمى بالربيع العربي، حيث سافر الى السعودية، ثم الى أمريكا وخضع لعملية تجميل ناجحة، وبعد الاحتجاجات الكبيرة ضد نظامه، سلم السلطة والصلاحيات الدستورية الكاملة لنائبه عبد ربه منصور هادي، وبقبوله بخطة انتقالية تحت ضغط الدول الخليجية مقابل الحصانة له وللمقربين منه.

على علي عبدالله صالح: 33 عاما في الحكم، حكم اليمن بقبضة من حديد، شهد خلالها اليمن السعيد العديد من المؤامرات التي تحاك ضده، لكن ظل متماسكا ومتلاحما، وينعم بالأمان والاستقرار، حيث نجح في توحيد اليمن خلف حكومة مركزية ووضع اليمن على خريطة العالم، وأصبح اللاعب الوحيد في الميدان، الناهي والامر، حيث كان معروفا بدهائه وفطنته وشخصيته السياسية المرموقة، كما أنه كان كثير التحالفات ثم يبطلها، هل هو حس وذكاء أم رغبة وارادة؟ تحالف مع السعودية ضد الحوثيين ثم تحالف مع الحوثيين ضد السعودية وأخيرا صرح بأنه سيبطل التحالف مع الحوثيين ويتحالف مع السعودية، حيث دعا صالح الشعب اليمني للانتفاضة ضد الحوثيين، مؤكدا استعداده لفتح صفحة جديدة مع دول الجوار، مما ادى الى مصرعه وهو عائد الى سنحان.

ان مقتل صالح أثار غضبا كبيرا في الاوساط العربية والعالمية، حيث دعت الجامعة العربية العالم الى اعتبار الحوثيين منظمة ارهابية، كما دعا أحمد صالح نجل الرئيس للثأر لأبيه، كما خرج الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي بدعوة العالم الى التخلي عن الحوثيين ومحاربتهم، والسؤال الذي يطرح نفسه:

من هو القاتل الحقيقي للرئيس السابق صالح، الحوثيون أم التحالف العربي (السعودية)؟ وان كانت الاجابة هي تصفية صالح على يد الحوثيين مؤكدة ، الا أن سر الرسالة التي كشف عنها صالح عن الملك فيصل بن عبد العزيز للعالم، كانت بمثابة القطرة التي افاضت الكأس، لم تمض الا أيام قليلة على هذا التصريح حتى اشتعلت النار بين الحليفين، وبدت عدم الثقة بينهما، يبدو أن السعودية أرادت أن تتخلص من صالح حتى لا يكشف او يسرب وثائق اخرى كانت بحوزته، حيث أعطت له الأمان ونسجت خطتها، بعد أن يعلن انهيار ونهاية التحالف بينه وبين الحوثيين، واعلانه هذا بمثابة نهايته وهو لا يدري، حيث أرادوا أن يشقوا التحالف الحوثي بيم حزب المؤتمر الشعبي وأنصار الله الحوثيين.

لتصفية الرئيس ثم يخلق حربا أهلية، وفعلا لقد تخلصت السعودية من صالح بالكفالة، لأنه كان علقما في حديقتها، ويعتبر مقتل صالح بمثابة اعلان السعودية الحرب على نفسها، لأنها لم تضع في حسبانها أن مقتل عبدالله صالح سيضع اليمن على حافة حرب أهلية، ويفتح الأبواب للمد الشيعي، وتصبح ايران على مقربة من حدودها، وسيتقلص دور الزعامة السعودية في المنطقة، وسينعدم الأمن في الخليج واستقراره، كما ستشهد اليمن معارك طاحنة بين قوات الرئيس اليمني المغدور والمسلحين الحوثيين، وستزداد وتيرتها بعد أن دعا صالح للانتفاضة بعد انهيار التحالف وقتله، وسيبقى اليمن السعيد غامضا الى حد بعيد، وتطوراته تبقى مسايرة للزمن.

ان عبد الله صالح زعيم عربي أصيل، وداهية العرب والحرب، لم تسعفه اخر خططه، وكان ضحية مؤامرة بين جميع الأطراف، ووقع في مصيدة العنكبوت الحوثي والخفاش السعودي، وكانت الرقصة الأخيرة فوق رؤوس الثعابين.

قوارف رشيد كاتب صحفي الجزائر

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.