الخلاف الفلسطيني المصري “المكتوم” قد يصل إلى أزمة.. السلطة تهاجم القاهرة وتتهمها باستهداف شرعيتها
قال محللون سياسيون فلسطينيون، إن الخلاف الفلسطيني المصري “المكتوم”، بدأ يتحول لأزمة تظهر للعلن، على خلفية الدعم المصري للقيادي المفصول من حركة فتح “محمد دحلان”.
وأكد المحللون في أحاديث منفصلة لوكالة “الأناضول”، أن السبب الرئيسي للخلافات يعود لدعم مصر للقيادي محمد دحلان، الخصم السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالإضافة إلى رفض الأخير التام للجهود المصرية الساعية لإعادته لحركة فتح.
تصريحات غير مسبوقة
في أحدث شواهد تفاقم الخلافات، نقلت وسائل إعلام فلسطينية تصريحات للناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، عدنان الضميري، قال فيها إن المؤتمر الذي رعته السلطات المصرية مؤخراً في مدينة “العين السخنة”، وضم شباناً فلسطينيين من قطاع غزة، بدون تنسيق مع السلطة في رام الله “يستهدف الشرعية الفلسطينية”.
وتعد تصريحات “الضميري” غير مسبوقة، حيث يحرص الفلسطينيون تاريخياً على تقليد سياسي يقوم على إقامة علاقات جيدة مع مصر، وعدم إظهار الخلافات السياسية للعلن.
كما نقلت وسائل إعلام فلسطينية عن مسؤول في جهاز المخابرات العامة المصرية، لم يكشف عن هويته، قوله خلال محاضرة عقدت في المؤتمر “إن السلطات المصرية كانت لديها القدرة على التعامل مع أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب بأسلوب أسوأ من الترحيل” من مطار القاهرة.
وكانت السلطات المصرية قد منعت الرجوب، الأسبوع الماضي، من دخول مصر، عبر مطار القاهرة، وقامت بترحيله إلى العاصمة الأردنية “عمان”.
من جانبه، قلل القيادي في حركة فتح، يحيى رباح، أهمية الخلافات الحاصلة بين الجانبين، رغم إقراره بوجودها.
وقال رباح في حديث خاص لوكالة الأناضول: “العلاقة بين فتح والسلطة من جانب، ومصر والسلطة من جانب آخر استراتيجية”.
وأضاف: “لا يمكن أن نسمح لأي خلاف أو تباين بخلخلة العلاقة، وعندما يحدث تباين يُحل بالحوار العميق والصادق والمخلص، ولا خوف على العلاقة”.
الخلاف المكتوم
من جانبه، يقول جهاد حرب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، إن الخلاف الفلسطيني المصري مكتوم منذ فترة طويلة وبدأ بالظهور للعلن.
ورأى حرب أن السبب الأساسي للخلاف يعود لعلاقات دحلان الوثيقة بالقيادة المصرية، بالإضافة إلى تقارب مصر مع حركة حماس في غزة، حيث تعتقد السلطة الفلسطينية أنه سيكون على حسابها.
وأشار “حرب” إلى أن الخلاف سيتعزز في حال “عدم وأدها في فترة قصيرة”.
وقال: “ستخسر فلسطين الدعم والثقل المصري السياسي العربي والدولي”.
وبين “حرب” أن التوتر تفاقم بمنع دخول الرجوب لمصر، بالإضافة إلى عقد مؤتمر “العين السخنة” بمصر، الذي وصفته حركة “فتح” بالداعم لدحلان.
وقال: “عدم تدارك الموقف يطور الخلاف”.
وأشار إلى أن فلسطين “لا تستطيع التخلي عن مصر أو أن تكون العلاقات سيئة، رغم التباين في المواقف”.
في المقابل يرى “حرب” أن علاقة مصر مع قطاع غزة وحركة حماس، التي بدأت بالتحسن، لن تتعدى المسرب الأمني.
واتفق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين، أيمن يوسف، مع “حرب”، في أن الخلافات بين القيادتين، بدأت بالظهور للعلن وقد تتحول لأزمة.
واستدل “يوسف” فيما ذهب إليه بقوله: “الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان يزور القاهرة بشكل مستمر، ومن الملاحظ أنه يزور عواصم عربية وإقليمية مؤخراً ولا يزور القاهرة”.
وقال: “يبدو واضحاً أن القيادي المفصول في حركة فتح، محمد دحلان، له تأثير على عدد من الدول العربية من بينها مصر، ويسوّق نفسه على أنه البوابة الفلسطينية القادرة على تحقيق الاستقرار، مما انعكس سلباً على العلاقة بين البلدين”.
ولفت إلى أن الأمن يلعب دوراً كبيراً في السياسية المصرية، حيث ترى مصر أن إقصاء “دحلان” من حركة فتح وإبعاده عن صورة المشهد الفلسطيني له انعكاسات قد تمس الأمن المصري.
وأشار “يوسف” إلى أن تنمية النزاعات الداخلية في الأحزاب الفلسطينية لن تجلب الاستقرار في المنطقة.
بدوره، يقول أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية، فريد أبو ضهير، إن ترك الخلاف بين البلدين دون تدارك قد يؤدي إلى اتساعه.
وأعرب عن اعتقاده بأن “دولاً عربية ستتدخل لتضييق الخلافات، وإقناع الجانب المصري بأن السلطة الفلسطينية قد تخدم الرؤية المصرية أكثر من دحلان”.
ولفت إلى أن القيادة الفلسطينية ستسعى إلى “تضييق الخلاف لتمضي قدماً في برنامجها السياسي في مجابهة إسرائيل عبر العمل السياسي، بدعم مصري”.
وأشار “أبو ضهير” إلى أن أجندة السياسة المصرية “غير متوقعة لدى قطاعات سياسية فلسطينية، بما فيها حركة فتح”.