الرئيسية » تحرر الكلام » شفافية أوروبا، وموظفو قطاع غزة

شفافية أوروبا، وموظفو قطاع غزة

هل صحا ضمير الأوروبيون فجأة، وخجلوا من دافع الضرائب الذي يحاسبونه وظيفياً على خمس دقائق تأخير عن العمل، في الوقت الذي غضوا فيه الطرف عن استنكاف ألاف الموظفين في قطاع غزة عن أعمالهم عشر سنوات، وبقرار من رئيس السلطة الفلسطينية؟

جاء قرار الاتحاد الأوروبي بوقف صرف رواتب موظفي السلطة المستنكفين متأخراً ولكنه متوازناً، إذا قرر تحويل مبلغ 300 مليون دولار يقدمها سنوياً من حساب الموظفين المستنكفين عن العمل إلى حساب الشئون الاجتماعية، والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية لمواطني قطاع غزة.

عملياً، لن يتناقص المبلغ المقدم من الاتحاد الأوروبي إلى سكان قطاع غزة، إلا إذا تلاعب مسئولو السلطة الفلسطينية في طريقة التوزيع للمحتاجين وللبنية التحتية، مثلما فعلوا مع أموال الوقود المقدمة لسكان قطاع غزة، وهذا ليس من حقهم، وإنما النقص سيكون على حساب بند الموظفين في ميزانية السلطة، والتي يتوجب عليها أن تتحمل المسئولية كاملة، وأن توفر رواتب 42 ألف موظف في قطاع غزة، طلبت منهم الاستنكاف عن العمل عمداً.

خطوة الاتحاد الأوروبي تشكل بداية خطوات لاحقة لمؤسسات وحكومات غربية وشرقية أخرى لما تزل تقدم دعمها للموظفين الفلسطينيين، وهذه رسالة سياسية إلى رئيس السلطة، ورئيس الوزراء كي يتوبوا عن كبرهم وعنادهم، وأن يسعوا إلى إدراج الموظفين المستنكفين عن العمل في مؤسساتهم، وهذا يتطلب التنسيق الكامل مع حركة حماس، التي ملأت الشواغر بمن استعد للعمل بأدنى مقابل مالي، وأضحوا جزءاً مركزياً من الوظيفية العمومية في قطاع غزة.

إن مأساة الموظفين المستنكفين عن العمل لا تكمن في مصير رواتبهم التي صارت تحت رحمة محمود عباس مباشرة، والذي لن يتورع في لحظة عن عقابهم، والادعاء بأن ميزانية السلطة لا تسمح بصرف رواتبهم، وهذا متوقع، مأساة الموظفين المستنكفين تكمن في فقدانهم لشخصيتهم المستقلة من خلال فقدانهم لعملهم الذي منحهم إنسانيتهم أولاً، وفقدانهم لقدرتهم على التأقلم مع الحياة بلا عمل ثانياً، وهذا أوقعهم في المشاكل الاجتماعية جراء تعودهم على القعود في البيت لسنوات طويلة، وثقوا خلالها بالسلطة الفلسطينية ورئيسها، ليكتشفوا الحقيقة المرة متأخراً.

يا حبذا لو التقى موظفو سلطة رام الله مع بعضهم البعض، وتدارسوا أمرهم، وناقشوا مستقبل أولادهم، وفتشوا عن مخرج قانوني لما قد يلحق بهم من ضرر، فالركون إلى الصراف الآلي مخادع، والوثوق بالوظيفة غير القائمة باطل، والنوم الهانئ على قرار محمود عباس بالاستنكاف عن العمل أضغاث أحلام، انجلى ليله، وانقشع غباره.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.