الرئيسية » تحرر الكلام » في فلسطين سيبقى صوت الأذان يشنّفُ القلوبَ والآذان

في فلسطين سيبقى صوت الأذان يشنّفُ القلوبَ والآذان

من لم يقم لصلاة الجهاد في سبيل حق.. لن يكترث إن مَنعَ الصهاينة الأذان في الأقصى وفي مساجد فلسطين.

الواضح  أنّ  عربَ  ومسلمي اليوم  ليسوا  أهلاً  لعروبتهم وإسلامهم.

لقد افتقدوا الأرض والعرض والرحم والقربى والإحسان للجار والكرامة والنخوة والشهامة والإباء وإغاثة الضعيف  والملهوف.. وتحللوا من عروبتهم وإسلامهم  وتنازلوا عن مقدساتهم..  لذلك كله

فإنّ ما أزمع عليه الصهاينة في فلسطين بخصوص صوت الأذان.. لن يثير فيهم حميّة ولا إحساسٍ أو حفيظة

سيبقى ابن فلسطين وحده يتصدى للصهاينة دفاعا عن أرضه ومقدساته.. وعن كرامة العرب والمسلمين أجمعين.

كنت دائما أحسب أننا  ننتمي  إلى أمّة..  وأنّ هذه الأمة لا بدّ لها أن تشعر بما نشعر  وتعاني من ما نعاني.. وتهبُّ كما نهبُّ عند كل نازلة تحط على  شعبٍ من شعوبها..  مع أنّ الواقع على الأرض اليوم يقول.. أن لا أمّة ولا أم ولا حاضنة ولا نسب.. والأوجاع لا تؤلم إلاّ أصحابها.

بقيت عمري كلّه أعجب من البرود والتّبلد ومن ذهاب النخوة وضياع الكرامة والإباء وفقدان الإحساس بحجم الأخطار والكوارث التي لحقت بشعوب وبلدان العرب والمسلمين.. وما زلت أعجب وأستغرب وقد انفرط العقد وأصبحنا شعثًا لا يُعتدّ فينا ولا بمشاعرنا ولا بمقدّساتنا.. لذلك  يبدو  أن عجبي واستغرابي هو العجب في بقائي على ظني بوجود هذه الأمة وأنه من العبث  الإيمان بأننا  سنجد من يأبه لاسترجاع ما ضاع منّا.. كضياع فلسطين منذ أكثر من ثمان وستين عاما.. أو انهيار دولٍ كالعراق وسورية وليبيا واليمن في لائحة انهيارات  تتتالى لا يعلم أحد منا أين ستقف ومتى ينتهي هذا الأتون وهذا السقوط.

كثيرا ما كنت عند الحديث عن واقعنا أتهم الحكام والحكومات الخانعة بالمصير الذي وصلنا إليه اليوم والهوان والضعف الذي نحن فيه والأسباب التي جعلت من شعوبنا شعوبا راضخة مستكينة لا يُعوّل عليها  في إحداث تغيير وارتياد سبل الخلاص من ما هي فيه.  ولكن.. والحقُّ يقال.. إنّ الشعوب هي من سمحت لحكام وحكومات كهذه أن تمتطيها وتُسرِج لها وتنعرها وتهشّها كي لا تقوم لها قائمة وتتجرأ على الخروج من القطيع.. ولكي تبقى على دونيتها وصغرها ملجومة بالتخويف والترهيب والفقر والجهل وبالقطرية والطائفية والإثنية.. فباتت هذه الشعوب أرضًا خصبة للشوائب والطحالب وكل ما  يجعل طبيعتها غير صالحة لوحدة ولا لحسٍّ بمسؤولية أو غيرة أو انتماء.

ما لم يكن عاديا هو قبولها – وأقصد من ظنناها أمة – بالحدود التي  قطّعت جغرافيتها  وهي تنتمي لنفس القبيلة والعشيرة والدم واللغة والتاريخ.. فكان ذلك أول  إسفين دُقّ في  جسدها.

ما لم يكن عاديًّا وقد تكون هذه قراءة مبكرة عن حال الأمة  تسليمها بخسارة فلسطين ورضاها بقبول  كيان غريب يجثم على قلبها ليكون هذا الكيان   الإسفين الثاني  الذي دُقَّ في  جسدها وتركها تترنح منذ ثمانٍ وستين عاما.

ما لم يكن عاديا  أن  تنام  هذه الأمة  في سبات عميق تفترش الشعارات الرنانة وتلتحف بالقومية.. بينما القطرية والكرسي  والحاكم المؤلّه الخطوط الحمراء التي لا يجب أن تتعداها ولا تقترب نحوها.. ليكون ذلك الإسفين الثالث الذي دُقَّ في جسد هذه الأمة

ما لم يكن عاديًّا  وبقي عصيًّا على الفهم أن  تكون أمة تمتلك كل مقومات العظمة والقوة وتدعي عداءها للكيان الصهيوني في فلسطين لكنها لم تستطع أن تكسب مع هذا الكيان الخبيث حربًا حقيقية.. وبت على يقين أن كل الحروب التي نشبت بين العرب والصهاينة في فلسطين وبرغم كل المخلصين الذين حاربوا فيها والذين سقطوا في أتونها شهداء ولا أحسبهم إلا كذلك.. كانت حروبا وهمية ومصطنعة ومدبرة لتكريس حقيقة آمنتْ بها حكومات العرب أن هذا العدو عدوا لا يقهر ولا يمكن اجتثاثه واستعادة كل أراضي العرب المحتلة.. وجميعنا شهد ما تلى هذه الحروب دائما من مفاوضات سلم فيها المفاوضون العرب بعنجهية الغاصب المحتل  وأقاموا سلاما معه دون أن يسترجعوا سيادتهم على أراضيهم التي أعيدت بمفاوضات طويلة  سيئة الصيت والنتائج.. ولم يُطهى في مطبخ كامب ديفيد إلا اتفاقيات كبَّلت العرب ببنودها وشروطها وساعدت بزيادة غطرسة العدو الصهيوني  وعنجهيته في عدائه لنا.

المضحك المبكي أن  يستطيع كيان مصطنع كالكيان الصهيوني لا يزيد تعداد سكانه عن 5 ملايين في مساحة صغيرة جدا من أراضي العرب فرض سيطرته وإرادته  إلى اليوم على محيطه العربي  الشاسع الممتد من المحيط إلى الخليج  بساكنيه الذين تجاوزوا اليوم 370 مليون نسمة..  يمتلكون ما يمكن أن يجعلهم القوة الأولى في العالم  ويُخضعون القاصي والداني إن أرادوا.

ألا يؤكد ذلك أنّ الهوان والضعف والذّل  والانحطاط  والدونية التي أصبحت صفتنا المطلقة بين الأمم.. كلّه مدبّر ومخطط له.. وأن من فعلوا ذلك بنا وأوصلونا إلى هذا النحو من الصغر هم أعداء وليسوا أحباء أو أصدقاء وأن مهادنتهم وطواعيتنا لهم يجعل من  انتحارنا وموتنا وفنائنا عن هذه البسيطة أكرم وأشرف وأنبل لنا من أن نبقى على حالنا هذا؟؟

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.