الرئيسية » تقارير » عام على قناة السويس الجديدة.. هكذا خدع السيسي وبطانته الطالحة ملايين المصريين

عام على قناة السويس الجديدة.. هكذا خدع السيسي وبطانته الطالحة ملايين المصريين

“خاص-وطن”-شمس الدين النقاز- عاد موضوع “قناة السويس الجديدة” لتصدّر الأحداث مجدّدا في مصر، حيث أعلنت الحكومة المصرية عن تنظيم احتفال كبير السبت بمناسبة مرور عام على افتتاح التفريعة الجديدة للقناة يوم السادس من آب/ أغسطس عام 2015.

 

واستقبلت مدينة الإسماعيلية الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قام بزيارة للمحافظة برفقة كبار المسؤولين للإحتفال بهذه المناسبة.

 

وفي كلمته التي ألقاها بالمناسبة، انتقد السيسي، المشككين بجدوى المشروعات التنموية التي تقوم الدولة بإنشائها مؤخرا، قائلا “خير في إيه، إيه الحكاية، دى حاجة عجيبة جدا”.

 

وأضاف “هناك نسبة صغيرة من المصريين تحاول بقصد أو دون قصد التقليل من الإنجازات وبثّ اليأس في نفوس المصريين.. نحن نرفع كفاءة وتصنيف القناة عشان تواكب التطور خلال العشرين عاما القادمة يقولوا القناة بتخسر أنت مش عارف دخلها كام ومساره فين، نقضي على أزمة الكهرباء يقولوا الفواتير نار حاجة عجيبة أوي”.

 

ولفت الرئيس المصري إلى أن عبارة “يا نحكمكم يا نقتلكم” التي قالها منذ عامين لتحذير المصريين لا تعني فقط القتل ولكنها تشمل هدم إرادة المصريين التي يتم بذلها لكي تتحول إلى إحباط ويأس.

 

كما طالب السيسي، المصريين بالاستمرار في العمل والبناء والتنمية والتعمير لأنها سنن ربنا في الأرض، موضحا أن الله لا يدعم الشر والقتل والتخريب، مضيفا “ربنا ييساعد الأفاضل والطيبين والمصلحين، النصر معاكم والله النصر معاكم شايفه زي ما شايفكم كدة، مفيش قوة تنال من مصر وشعبها.”

 

قناة السويس الجديدة خدعة كبرى للمصريين

ورغم الوعود الكبيرة التي أطلقها ومازال يطلقها الرئيس المصري حول المنافع الإقتصادية الكبيرة لقناة السويس الجديدة، إلّا أنّ الأرقام المنشورة والتقارير الإعلامية وتصريحات الخبراء تفنّد هذه الوعود وتؤكّد أنّ التفريعة الجديدة للقناة كانت خدعة كبرى للمصريين لم تساعد بلدهم في تجاوز الأزمة الإقتصادية الطاحنة.

 

تكلفة هذا المشروع التي وصلت إلى حوالي سبعة مليار يورو، ساهم فيها المصريون من خلال اقتناء شهادات استثمار، على أساس الإستفادة مستقبلا من الأرباح، ولكن الأرقام الرسمية التي نشرتها الجهات المسؤولة في مصر وأدت حلم المصريين بالثراء السريع.

 

وبعد أيام من افتتاح التوسعة الجديدة للقناة، قال موقع “بلومبيرج”، إن التوسعة الجديدة لن تضيف شيئًا للإقتصاد المصري، نظرًا لكون القناة الأصلية لا تعمل بكامل طاقتها، خاصة في السنوات الأخيرة، ومع تراجع أسعار النفط، ما تسبب في قلة عدد الشاحنات التي تعبر القناة، بحسب ما نقله موقع “بزنس إنسايدر”، وتعليقًا على تصريحات السيسي بأن التوسعة الجديدة ستضيف 100 مليون دولار سنويًا، نقل الموقع عن الخبيرة الإقتصادية ريم عبدالحميد، قولها لصحيفة “نيويورك تايمز”، إن حديث السيسي مستحيل حدوثه، وهو “مجرد خيال”.

 

ورأى الموقع في تقريره المنشور بتاريخ 18 أغسطس، أن كل ما يقال عن المشروعات التكميلية لمشروع توسعة القناة إنما هو كلام لم يظهر بدراسات جدوى أو خطط ملموسة بمواعيد محددة، لكن كالعادة هناك مبالغة من الإعلام المصري لتضخيم الأمر كما حدث مع مشروع التوسعة، وذكر معد التقرير ديفيد ويلي، أن السيسي افتتح مشروع توسعة قناة السويس التي أنجز في عام واحد بتكلفة بلغت 8.5 مليار دولار أمريكي، جمعت من أموال الشعب بهدف الاستثمار.

 

لقد كان من البديهي أن تشهد إيرادات قناة السويس انخفاضا كبيرا في العام 2016، ففي عام 2015 تراجعت أرباح مصر من رسوم عبور القناة بنحو 290 مليون دولار (نحو 260 مليون يورو) عما كان عليه الحال عام 2014، رغم الإرتفاع النسبي لعدد السفن التي عبرت القناة. وحسب آخر الأرقام المنشورة على الموقع الإلكتروني لهيئة قناة السويس فإن حمولة السفن تراجعت في شهر مارس/ آذار تراجعاً كبيراً مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لكن ورغم ذلك فالرئيس عبد الفتاح السيسي له قراءة أخرى حيث قال في كلمة له أوائل شهر مايو/ أيار الماضي “سمعت أن الناس يقولون بأن عائدات قناة السويس تراجعت. بالطبع لم تتراجع… بل ارتفعت”.

 

وشهدت إيرادات هيئة قناة السويس خلال عام 2016 تراجعا منذ بداية العام الجاري في شهري يناير وفبراير، قبل أن ترتفع في مارس (محسوبة بالجنيه) بنحو 11.8% مقارنة بالشهر السابق، لتصل إلى 3.477 مليار جنيه، وتحصل قناة السويس إيراداتها بالدولار، إلا أن الهئية حجبت إيراداتها بالدولار منذ فبراير الماضي، واقتصرت على إعلانها بالجنيه، ثم توقفت الهيئة عن إعلان إيرادات القناة منذ مارس الماضي سواء بالجنيه أو بالدولار.

 

وكشف تقرير البنك المركزي عن إيرادات القناة نهاية أبريل الماضي، أن رسوم مرور السفن عبر قناة السويس، تراجعت بنحو 200 مليون دولار خلال النصف الأول من العام (2015 -2016)، لتحقق 2.646 مليار دولار كإيرادات، مقارنةً بإيرادات تجاوزت 2.857 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

 

خبراء يشرحون أسباب التراجع

وعن هذا التراجع في إيرادات القناة، يقول الخبير الألماني في شؤون الملاحة البحرية أولريش مالشوف، من جامعة بريمن الألمانية، إن تراجع إيرادات قناة السويس يعود إلى التنافس مع قناة بنما، التي شهدت أيضا توسعة مؤخرا، موضحا أن الكثير من شركات النقل البحري صارت تفضل عبور قناة بنما الآن للإنتقال من آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

 

وأضاف مالشوف أن انخفاض أسعار النفط أيضا جعل طريق رأس الرجاء الصالح ـ رغم طوله ـ أكثر جذبا لشركات النقل البحري، وذلك في مقابل الرسوم المرتفعة لعبور قناة السويس رغم قصر المسافة.

 

من جانبه قال الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، إن إيرادات قناة السويس مرتبطة بحركة التجارة العالمية، وتراجع حركة الإقتصاد العالمي أدى إلى انخفاض الإيرادات، وانتقد قرار حفر التفريعة موضحًا أنه كان من الأفضل أن تستثمر أموال الشعب في مشاريع إنتاجية قصيرة المدى من 6 أشهر إلى سنة لتساعد على تعافي الاقتصاد المصري وسد فجوة عجز الموازنة من خلال زيادة الصادرات.

 

وأوضح سليمان، أن تفريعة قناة السويس تؤدى إلى زيادة الدخل في حال تعافي حركة التجارة العالمية، متسائلًا، لماذا لم تتجه الدولة إلى المشاريع الإنتاجية قصيرة المدى؟؛ وعلل ذلك بأن الحكومة تسوق لنفسها داخليًا وخارجيًا حتى الآن، ولا تزال تبحث عن المشاريع الضخمة التي تحدث ضجة إعلامية لكسب فئة معينة من الشعب والخارج مثل مشروعات المليون وحدة سكنية، والعاصمة الإدارية، واستصلاح مليون فدان وغيرها، موضحًا أن كل هذه المشروعات ليس لها دراسة جدوى أو دليل نجاح من أرض الواقع.

 

واتفق معه الدكتور صلاح جودة، مدير مركز البحوث الاقتصادية، الذي قال إن أسباب انخفاض إيرادات قناة السويس ترجع إلى تباطؤ نمو الإقتصاد العالمي والركود الضاري في منطقة اليورو، وسلسلة الأعمال الإرهابية بشمال سيناء.

 

وأضاف أن قناة السويس تعتبر أسرع ممر ملاحي بين أوروبا وآسيا وهي المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، إلا أن الحكومات السابقة ومنذ عام 1969 حتى الآن تتعامل مع القناة بصفة الـ”الكمسارى” فقط، رغم أن هناك العديد من الصور التنموية التي ترفع إيرادات القناة، على حد قوله.

 

وطالب جودة، بوضع خطة استراتيجية واضحة لتطوير القناة، والاتجاه إلى الصناعات البحرية بالكامل مثل الحاويات والمراكب والتعدين لتعزيز إيرادات القناة، وضرب المثل باستعادة سنغافورة اقتصادها لتصبح أسرع دولة في إنعاش النمو الاقتصادي.

 

من ناحية أخرى، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، رئيس قسم الإقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر، إن المحور الثاني من توسيع قناة السويس له تأثير إيجابي على القناة بزيادة عبور عدد السفن خلال وقت قصير، واعتبر أن الرئيس السيسي يعبر عن وجهة نظر قومية من خلال إنشاء تفريعة قناة السويس، مثلما فعل الرئيس السادات في حرب 73، مؤكدًا أن السبب الرئيسي فى انخفاض إيرادات قناة السويس هو التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي.

 

وأوضح أن هناك انخفاضا في حركة التجارة العالمية؛ نتيجة الضغوط الشديدة لمكافحة الإرهاب، بجانب الخلافات العديدة بين روسيا وأمريكا، إضافة إلى حرب السعودية على اليمن، مشيرا إلى أن السعودية لأول مرة تسحب 50 مليار ريال من رصيدها الاحتياطي لمعالجة العجز في الموازنة.

 

وطالب فهمي، الحكومة الحالية بسرعة إنشاء مشاريع قصيرة الأجل على جانبي القناة خلال عام من الآن لتساعد في زيادة الدخل القومي مثل الموانئ واللوجستيات.

 

قناة السويس الجديدة إهدار للمال العام

“قناة السويس الجديدة” لم تدفع الخبراء فقط للتصريح بعدم جدواها وفاعليتها، ففي شهر يوليو الماضي، قالت الإعلامية المصرية لميس الحديدي مذيعة قناة سي بي سي في برنامجها هنا العاصمة “احنا بندفع فلوس على قناة السويس كل يوم بدل ما هي تعطينا فلوس؛ ومر عام على إنشاء وحفر القناة بعد استئجار آلاف الكراكات من خارج مصر والقناة كلفت الحكومة 25 مليار دولار ولحد الآن مجبناش ربع تكلفتها بعد عام من إنشاء القناة”.

 

وأضافت “الحديدي” “احنا بندفع فلوس على محطات الكهرباء وعلى تشغيلها بشكل يوم أكثر من ضعف إيرادات قناة السويس؛ فلو اهتمينا شوية بمحطات الكهرباء وتركنا القناة الوضع هيفضل زي ما هو؛ وأتمنى من السيسي أنه يتابع القناة الجديدة اللي تم حفرها وكلفت الدولة ميزانية ضخمة وعالية جدا”.

 

بدوره انتقد الدكتور حازم حسني الأستاذ بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية قيام الدولة وقياداتها بالإحتفال بمرور عام على افتتاح مشروع قناة السويس.

 

وقال “حسني” في تدوينته “إذا بليتم بالفشل فاستتروا” عبر حسابه الشخصي “فيسبوك” “ساعات وتنطلق الإحتفالات بعيد ميلاد تفريعة القناة التى تقف شاهدة على ارتجالية النظام وغياب الرؤية وفساد الحسابات، وأعجب من أن ثمة أنظمة سياسية فى عصرنا هذا لديها جرأة الإحتفال بمثل هذه الإخفاقات”.

 

وأضاف “أنتظر بشوق سماع الكلمات التى ينطبق على أصحابها – مقدماً – المثل القائل بأن اللى اختشوا ماتوا ـ على أية حال، فهي أقل من ساعتين وتنطلق الإحتفالات بالأولمبياد، ولا أعتقد أن المصريين سيتركون أخبار الأولمبياد لمتابعة هذه الإحتفالات الهزلية بإنجازات السيد الرئيس التي تزيد مالية الدولة المنهكة إنهاكاً فوق إنهاك فى دولة صارت مصابة بالحول وهى تقرأ الخرائط وتضع الرؤى والتصورات … ولله الأمر من قبل ومن بعد”.

 

يذكر أن تكلفة حفر قناة السويس الجديدة أثرت على الإقتصاد المصري، وساهمت في أزمة نقص العملة الأجنبية التي تعانيها مصر منذ العام الماضي.

 

وأكد محافظ البنك المركزي السابق، هشام رامز، قبل تقديم استقالته في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، في تصريحات صحفية، على أن “حفر قناة السويس، وإنشاء محطات كهرباء جديدة كلفت مليارات الدولارات، وهذا سبب الأزمة التي حدثت في الدولار.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.