الرئيسية » تقارير » واشنطن وموسكو وطهران والرياض.. الصراع القادم على الشرق الأوسط

واشنطن وموسكو وطهران والرياض.. الصراع القادم على الشرق الأوسط

 

في الوقت الحاضر، ثمة أربع خطط تتصادم مع بعضها البعض في منطقة مليئة بالألغام المخفيّة. مجموع المؤامرات سيكون مختلفًا تمامًا عن أهداف كل من اللاعبين. لكنَّ الأسوأ هو أنّه لا يوجد أحد لديه القدرة على التنبؤ بالنتائج، ولا حتى اللاعبين أنفسهم.

 

موقع “ميدل إيست بريفنج” نشر تقرير عن الوضع في الشرق الأوسط, متناولاً بايجاز شديد كل خطة كما يراها كل لاعب قبل أن نتطرق بشكل عام المسارات المحتملة لهذه اللعبة الخطيرة.

 

المملكة العربية السعودية:

من وجهة نظر السعوديين، تمادت إيران إلى حد بعيد. من الناحية الأيديولوجية، قدّست طهران تصدير ثورتها إلى دستورها. ومن الناحية العملية، لديها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني للتأكد من تطبيق هذا المبدأ. وعلاوة على ذلك، حققت إيران تقدمًا كبيرًا من خلال التسلل داخل العراق بعد الغزو الأمريكي-البريطاني كما أنها حاضرة بنشاط في دمشق الآن. جاء ذلك بعد إنشاء حزب الله في لبنان وتلاه التمرد الحوثي في اليمن والسيطرة على صنعاء. لقد تطور الهلال الشيعي وتحوّل إلى قمر.

 

تنتشر علامات تقدّم إضافي من القوات الموالية لإيران في العالم العربي هنا وهناك لمزيد من التهديد. الهجمات الإرهابية من قبل هذه القوات أصبحت طبيعية في العديد من دول الخليج العربي. كما تمّ تشجيع الشيعة البحرينيين على الثورة. وخرجت طهران من عُزلتها بعد حصاد جميع الأرباح المحتملة للأنشطة النووية غير الشرعية.

 

في حين أنَّ الولايات المتحدة، التي اعتادت أن تكون الضامن لنظام الأمن الإقليمي، أظهرت علامات على تغيير الاتجاهات. لقد سعت واشنطن وراء ما اعتبرته مصالحها من خلال فتح قنوات مع طهران، وسحب قواتها من العراق، والتخبط والتردد في سوريا قبل أن تقدم في نهاية المطاف إلى العمل مع موسكو للحفاظ على الأسد في السلطة وخذل حكامها المخلصين في لحظة الحاجة إليها.

 

هذا التقلب الأمريكي بشأن سوريا والهجوم الإيراني الناجح في العراق أثار غضب السعوديين. إنَّ السماح لهذا الاتجاه من التوسّع الإيراني كان يعد بوضع المملكة تحت الحصار وحرمانها من أي عمق استراتيجي في الشرق الأدنى.

 

وهذا ما دفع السعوديين إلى إما الاستسلام للتدخل الإيراني المتصاعد أو أخذ زمام المبادرة، بغض النظر عما يقوم به حلفاؤها التقليديون في واشنطن، لتفعل ما يجب القيام به لوقف الموجة الإيرانية.

 

إيران:

أثناء سنوات العقوبات والعزلة، اعتبرت طهران التدخل في العراق ولبنان كأولوية قصوى للأمن القومي. لم يتم خفض أيديولوجية الثورة الإيرانية لخطاب سطحي؛ بل أصبحت أداة لحشد الشيعة داخل وخارج إيران. كما أنها تعطي الحرس الثوري المزيد من الصلاحيات والسلطة والأرباح كذلك. وعلاوة على ذلك، فمن المفيد استخدام تلك الأيديولوجية كأداة للمصلحة الوطنية. ولذا، فمن الخطأ أن نفترض أنَّ القادة الإيرانيين أو الحرس الثوري يتخذ رد فعل معين أو يتظاهر عندما نتحدث عن قضيتهم الإقليمية. إنهم يؤمنون بخطابهم طالما لا يوجد شيء، في المصالح الدنيوية، يحملهم على التشكيك في صحة هذا الخطاب. هذا لا يبدو وكأنه اعتقاد بالأفضلية على الآخرين، بل إنّه أمر مفيد كذلك.

 

يعتقد قادة الحرس الثوري وجزء لا بأس به من “المؤسسة” الإيرانية ورجال الدين أنَّ لديهم مسؤولية تجاه “المضطهدين” في العالم الإسلامي. ويعتقدون أيضًا أنَّ معظم دول مجلس التعاون الخليجي هي دول رجعيّة، موالية للغرب، تتآمر على الدوام ضد الثورة الإسلامية، وتناصر الإرهاب، وتقمع الأقليات الشيعية، وتضعف المسلمين، وبالتالي يجب الإطاحة بها.

 

وفي مقدمة هذه الاتهامات تلك التي تعيق الخطة الإيرانية في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، تعتقد طهران أن وجود الولايات المتحدة في المنطقة يهدد ويعرقل استعادة ما تعتقد طهران أنه حقها في أن تصبح قوة عظمى إقليمية.

 

تتكيّف إيران مع رسالتها في الدول العربية وفقًا لخصوصيات كل حالة. قوة القدس تلعب بطاقة القومية العربية في لبنان من خلال حزب الله، وفي سوريا من خلال بشار الأسد، لكنها تلعب الورقة الطائفية في العراق من خلال نوري المالكي وبعض الفصائل في قوات الحشد الشعبي. وفي اليمن، تلعب بطاقة “الاستقلال” وفي بلدان أخرى تلعب بطاقة “الديمقراطية”.

 

وتستند خطة طهران على التدخل المبرر لذاته في جيرانها الغربي. والأيديولوجيا والمصالح الوطنية تأتي لتوفير قاعدة لهذه الاستراتيجية.

 

روسيا:

ثمة نوعان من الآراء المتضاربة عندما يتعلق الأمر بفهم خطة موسكو في الشرق الأوسط. الرأي الأول ينظر في السياسات الروسية كرد فعل على استراتيجية غربية طويلة الأمد للحدّ من نفوذ روسيا والإضرار بمصالحها الوطنية. وعلاوة على ذلك، يرى هذا الرأي أنَّ نوايا الرئيس بوتين في المنطقة وما وراءها تنبع من رغبته في جعل العالم يدرك روسيا كلاعب رئيسي ويتعامل معها باحترام ومساواة.

 

والرأي الآخر ينظر إلى دور روسيا الحازم واستخدام، وفي بعض الأحيان، تهديدها بالعمليات العسكرية باعتبارها محاولة لقلب النظام العالمي رأسًا على عقب كانتهاك للمعاهدات الدولية. ومن هذا المنطلق، تعتبر روسيا قوة عالمية على استعداد لاستخدام التخريب والإجراءات العسكرية لتعزيز أجندتها العالمية. وعلى هذا النحو، ينبغي معاملتها كقوة معادية من وجهة نظر النظام العالمي القائم.

 

في الشرق الأوسط، ساعدت روسيا الأسد من خلال التدخل العسكري المباشر، الأمر الذي عزّز الخطة الإيرانية. لقد لعبت روسيا دورًا هامًا في التوصل إلى الاتفاق النووي مع طهران، وهو ما أدى إلى إنهاء العزلة الدولية الإيرانية. وتتطلع روسيا حاليًا إلى بعض المشاريع المهمة في مجال الطاقة، وخاصة في وسط وجنوب آسيا مع طهران. وعلاوة على ذلك، تراقب موسكو كيف ستتطور الخريطة السياسية في الشرق الأوسط، وكيف سيؤثر ذلك على مساراتها المحتملة في الغاز الطبيعي إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن هناك إلى أوروبا الغربية في المستقبل. من الواضح أنَّ موسكو لديها مصلحة حقيقية في تشكيل نتائج اللعبة بطريقة أو بأخرى.

 

تستخدم موسكو دورها في المنطقة كورقة مساومة في التعامل مع القوى العالمية الكبرى. هذه اللعبة الكلاسيكية تسفر عن بعض النتائج الإيجابية كما رأينا في العرض الأخير من إدارة أوباما لموسكو فيما يتعلق بسوريا. وتستخدم أيضًا دورها هناك لكسب ود الأوروبيين وهم يتعرضون لضغوط أزمة اللاجئين.

 

تدعو روسيا دول مجلس التعاون الخليجي للاستثمار في منطقة شمال القوقاز في محاولة للحدّ من نمو التطرف الديني من خلال تحسين الظروف الاقتصادية في المنطقة. وهناك سبب واحد أساسي لمشاركة موسكو في الشرق الاوسط؛ وهو وقف انتشار الجهاديين من المصدر. ولكن الطريقة التي تلعب بها موسكو هناك قد تجلب بعض النتائج العكسية.

 

الولايات المتحدة:

لقد قمنا بتغطية شاملة لسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في الأعداد السابقة. ونحن نرى هذه السياسة كفشل ذريع في التكيّف مع الظروف الطارئة الناجمة إما من قيود مفروضة على قدرات الولايات المتحدة أو التغيّر السريع في المنطقة. من وجهة نظر العرب، تحوّل هيكل مصالح الولايات المتحدة في لحظة التوقيع على الاتفاق النووي. إغواء استعادة إيران كحليف مرة أخرى أعمى المسؤولين الأمريكيين.

 

وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير هي العرض الأخير الذي تقدّمت به الولايات المتحدة للتعاون مع روسيا من أجل التغلب على مجموعة خطيرة من المعارضة السورية، وتجميد قضية التحوّل في سوريا، وقبول الأسد في الوقت الراهن والتركيز على الحدّ من العنف وتقديم المساعدات الإنسانية.

 

هذا العرض أثار غضب العواصم العربية؛ فهو يعتبر تراجعًا عن الالتزامات السابقة ومكافأةً للأسد وإيران. وحذّر الدول العربية من إمكانية ربط الرئيس أوباما الإدارة القادمة بسياسة مواتية لطهران.

 

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عقد اجتماعًا طارئًا مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في يوم 7 يوليو ليبلغه، وفقًا لبيان رسمي من وزارة الخارجية، أنَّ الرياض مستعدة لإرسال قوات برية إلى سوريا. ومع ذلك، أوضح الجبير المعارضة السعودية لأي اتفاق بين موسكو وواشنطن يهدد خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في جنيف. حتى إنَّ عدم الاكتراث لبيان وزارة الخارجية أظهر درجة من التناقض بين الحليفين؛ فأحدهما يتحدث عن صفقة لقصف المعارضة السورية والحفاظ على الأسد، والآخر يتحدث عن إرسال قوات لدعم المعارضة وإسقاط الأسد.

 

وأعقب اللقاء بين الجبير وكيري خطابًا ملتهبًا ألقاه الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل إلى حركة مجاهدي خلق في مؤتمر “إيران حرة” في باريس في 9 يوليو. أثناء الخطاب، رد الفيصل على الآلاف الذين يهتفون “يسقط النظام” بالقول: “أنا أيضًا أريد إسقاط هذا النظام”. كما وعد المعارضين لآيات الله “بنصر مبين”.

 

عندما أشار السعوديون إلى إمكانية إرسال قوات برية واتخاذ موقف واضح في دعم المعارضة الإيرانية، فهذا يعني نفاذ صبرهم وأنهم على استعداد للتصعيد.

 

هذه اللعبة سوف تستمر في حين أنَّ المنطقة تمر بتحول عام قائم على تزايد السخط الشعبي. المنافسة الاستراتيجية، الموضحة أعلاه، تولّد موجة من الاستقطاب الطائفي. وعندما ينعكس التحريض الطائفي على المجتمعات التي تبحث عن قنوات لجمع وتوجيه سخطهم، فإنّه يهدّد بتحويل أي حركة شعبية إلى مواجهة قائمة على وجهات نظر طائفية. وهذا من شأنه تمزيق المنطقة إلى جانب منعها من التقدم بطريقة بنَّاءة.

 

نحن نتجه ببطء نحو تصعيد إقليمي شامل في الشرق الأوسط. هذه الخطط الأربع تتصادم الآن في تلك المنطقة وكل واحدة تسير في مسارها بناء على حسابات منفصلة. ليس لدينا قوة عظمى عالمية راغبة أو قادرة على رؤية المخاطر والتدخل بسرعة لخلق مساحة للتسوية. وفي النهاية، لن تنتصر أي خطة؛ لأنّه في تلك الحالات لا يوجد شيء اسمه نصر مبين. ولكن حتى الآن، يبدو أنّه لا يمكننا وقف الجمود.

 

“ميدل إيست بريفنج + ايوان 24”

قد يعجبك أيضاً

3 رأي حول “واشنطن وموسكو وطهران والرياض.. الصراع القادم على الشرق الأوسط”

  1. وهل من جديد بل على العكس اتضح الآن محوران محور الشر مجوس وصلبان وروافض ومتصهينه عرب .
    ومحور المسلمين أتراك وفلسطين وقطر والسعودية الذين معهم فعلى شعوب المنطقه دعم هؤلاء المسلمين.
    فالمعادله أما نكون أو لا نكون وقد وعد الله المسلمين بأن يرثو الأرض ومن عليها

    رد
  2. المحور الاول هو محور المقاومه ضد إسرائيل والانظمه المصطنعه في دول الخليج الفارسي وأمريكا المحور الاول ضد عباد الاصنام ومشركين قريش الجدد من ال سلول التحالف الصهيو وهابي مستمر منذ 70 سنه دوله الوهابيه قامت ضد الخلافه العثمانيه قامت من اجل تحقيق الأهداف الصهيونيه وتدمير المجتمعات الإسلامية السعوديه هدفها ضرب أي نظام يقاوم إسرائيل جمال عبد الناصر كان كافر صدام حسين المقبور كان كان كافر والحين ايران تاريخهم مليء بالخيانات

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.