الرئيسية » تحرر الكلام » الجيوش الوطنية والثورات العربية

الجيوش الوطنية والثورات العربية

دراسة منهجية تجريبية موثقة ننشرها على صفحات هذه الصحيفة 

(26)

المواجهة المسلحة الدموية بين كتائب أبناء “القذافي” وثوار 17 فبراير 2011م

واجه “القذافي” الثورة التونسية باكورة ثورة الكرامة العربية بحملة هزلية من التحامل والنقد اللاذع والتجريح للثورة والثوار ، في مقابل التعاطف مع النظام المباد ورمزه مبرراً أفعاله وتصرفاته ، ما جعل الشعب التونسي يواجه خزعبلات “القذافي” بعاصفة من المظاهرات الغاضبة ، ولم يلبث الزعيم القائد أن وجّه كلاماً مشابهاً إلى الشرق منتقداً الثورة المصرية ، ومعلناً تأييده للنظام في مصر ، بل وأساء إلى الشعب المصري الثائر ، ولم يكن يدري أن ليبيا ستعلن ثورتها العارمة بعد أيام قلائل .

لقد كان لمواقف “القذافي” العدائية من الثورتين والثوار في تونس ومصر أثره البالغ على موقف الشعبين التونسي والمصري من الثورة الليبية ، إذ شكلا معاً ظهيراً مهماً واستراتيجياً لثورة الشعب الليبي ، فإمدادات السلاح والمعونات من البر والبحر والجو للمنطقة الشرقية معقل الثورة كان لها أثرها الذي لا ينكر في نجاحها وصمودها في وجه نظام أعلن الحرب على الشعب الليبي .

ولم يكن مستغرباً أن يلجأ “القذافي” إلى القوة القاتلة في مواجهة الشعب الليبي الثائر في بنغازي وعموم المنطقة الشرقية ، وهو العدو الأول والمعلن لثورة الكرامة العربية ، حسب ما أعلن عنه في أحاديثه المتكررة إبان ثورتي تونس ومصر .

ومضت التطورات سريعاً ، وكان قرار المشروعية الدولية الذي بدأ من جامعة الدول العربية ، بالتدخل للحفاظ على الشعب الليبي ، الذي كان القذافي على استعداد لأن يبيد ثلثيه دون مبالاة .

ولم يتورع القذافي من فتح مخازن السلاح بكل انواعه أمام الليبيين حتى يقاتلوا الثوار ثم يقاتلوا أنفسهم ، ويعد هذا التصرف من أسوأ ما قام به “القذافي” في حق الشعب الليبي ، فقد اختتم حياته السيئة بهذا الفعل المشين الذي لن ينساه الليبيون أبداً .

لقد كان إصدار قرار المشروعية الدولية إيذاناً بالتدخل العسكري الصريح والمباشر ضد كتائب أبناء “القذافي” ، الذي أكد أنه ماض نحو تدمير ليبيا بلاداً وعباداً ، ولكن إصرار الشعب الليبي من أول شرارة للثورة على إزهاق النظام ، دفع ركب الإجماع الدولي الميمم شطر دعم الثورة الليبية حتى النهاية .

وبمقتل “القذافي” أتمت الثورة دورها في القضاء على رموز النظام البارزة ، إلا أن مضادات الثورة شرعت في مباشرة دورها في تقويض ما تبنيه الثورة من نظم وتنظيمات وسلوكات ، عن طريق تشكيل ميلشيات عسكرية تقاتل الثوار في كل  مكان ، وتنشر في البلاد الفوضى والدمار وتحول دون تأسيس الدولة المدنية الحديثة بنظمها وتنظيماتها وسلوكاتها .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.