الرئيسية » تحرر الكلام » الجيوش الوطنية والثورات العربية

الجيوش الوطنية والثورات العربية

وطندراسة منهجية تجريبية موثقة ننشرها على صفحات هذه الصحيفة 

(24)

ديكتاتورية “القذافي” تطغى على الجيش وتحوله إلى مسخ

أين الجيش الليبي في غياهب هذا النظام الشاذ ؟ لقد اهتم “القذافي” بالجيش الليبي بعد الانقلاب مباشرة ، وأراد تأسيس جيش حديث وقوي حدد أهدافه ليس في حماية ليبيا والدفاع عنها فقط ، بل في مهمة قومية مقدسة إأتمنه عليها “جمال عبد الناصر” قدوته ومثله الأعلى ، هي الوحدة العربية والقضاء على إسرائيل وتحرير القدس ، واتساقاً مع اشتراكية “القذافي” الأكثر التزاماً بالنموذج ووفاءً له من الاتحاد السوفياتي نفسه ، كان عليه أن يتجه في تشكيل وتسليح وتدريب وصياغة عقيدة الجيش الليبي إلى الاتحاد السوفياتي والصين .

الجيوش الوطنية والثورات العربية

ولم يكن المجتمع الليبي ومن ثم الشعب يملك المقدرات الأساسية والإرادة الحقيقية الجادة في تأسيس جيش يحقق طموحات “القذافي” المتناقضة والخيالية ، فالشعب الليبي لا يعشم في أكثر من حياة مدنية كريمة بسيطة يمتلك فيها كرامته ويستشعر إنسانيته ، مثل بقية شعوب الأرض .

ووفق رؤية “القذافي” ورغبته أُبرمت صفقات السلاح بينه وبين الاتحاد السوفياتي ، وانهالت الأسلحة على الجيش الليبي ، وتحولت ليبيا إلى مخزن للأسلحة مترامي الأطراف ، واستقوى “القذافي” ودفعت به أفكاره وسلوكاته وأسلحته إلى نهج سلفه القدوة “عبد الناصر” في مناصبة أميركا والغرب العداء ، وكان الاحتكاك الأول حول خليج سرت في عام 1986م مع الولايات المتحدة التي أغارت طائراتها على مدينتي طرابلس وبنغازي ، وكانت بمثابة اختبار حقيقي لما يمكن أن تؤدي إليه الاحتكاكات مع أقطاب النظام الدولي شديد الاستقطاب ، وأن الاتحاد السوفياتي لا يمكنه كسر قواعد النظام الدولي بين الأعظمين من أجل تغطية ودعم مغامرات “القذافي” السياسية والعسكرية .

وعلى أثر ذلك ارتد “القذافي” إلى العمق الأفريقي ليباشر فيه هوايته في المغامرة والبطولة الوهمية ، وكانت تشاد هي الموقعة التي بددت جيش “القذافي” بقيادة “خليفة حفتر” ، ومن ثم أجبرته على إعادة التفكير في ولاء الجيش ، والطريقة الأمثل لتأسيس جيش مطلق الولاء ، وقد سبق لنا تناول هذا الأمر بالتفصيل في مقال سابق .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.