الرئيسية » الهدهد » الكويت تدشن مرحلة جديدة من قمع الحريات بتنفيذ “قانون جرائم المعلومات”

الكويت تدشن مرحلة جديدة من قمع الحريات بتنفيذ “قانون جرائم المعلومات”

“تكميم للأفواه ومحاولة لإسكات المعارضة.. إغلاق مواقع إلكترونية ..ملاحقة المغردين.. مزيد من القمع والاستبداد”.. هذه هي السيناريوهات التي توقعها خبراء ومراقبون حقوقيون للأوضاع الحقوقية بالكويت بعدما دخل قانون جرائم تقنية المعلومات الجديد رقم 63 حيز التنفيذ.

ويتضمن قانون جرائم تقنية المعلومات “21 مادة” تهدف إلى تنظيم عددٍ من الأنشطة عبر الانترنت في الكويت. وأدرج مواقع التواصل الاجتماعي ضمن أحكامه، مما عرّضه لانتقادات كثيرة، نتيجة المخاوف من استهداف النشطاء والمغردين والمدونين والصحفيين والمواطنين استناداً إلى أحكام القانون وفق موقع “شؤون خليجية”.

رافقت مناقشة هذا القانون اعتراضات واحتجاجات واسعة لم تؤد حتى اللحظة إلى تعديله أو إلغائه، بل دخل حيّز التنفيذ، وهو ما جعل الحقوقيين يخشون من أن يحوّل هذا القانون البلاد إلى دولة أكثر قمعية، حين سيتم معاقبة المدونين والمواطنين لتعبيرهم عن رأيهم أو معارضتهم للسلطة على شبكة الانترنت.

 تقييد للحريات وملاحقة الحقوقيون

وأثار هذا القانون- كونه مكمماً للأفواه- غضب المؤسسات الحقوقية العربية والعالمية والتي طالبت بإلغائه ورفع يد الدولة عن مواطنيها وتركهم يعبرون عن آرائهم عبر مختلف وسائل الإعلام المتاحة، سواء التقليدية أو الحديثة.

وأكدت المنظمات الحقوقية العربية والعالمية من بينها “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، “مركز الخليج لحقوق الإنسان” أن  قانون جرائم تقنية المعلومات الجديد هو اعتداء مباشر على الحق في حرية الرأي والمعتقد والتعبير وأنه سوف يتم استخدامه من قبل السلطات في الكويت لتقييد حرية التعبير والرأي على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

وأعربت المنظمات، في بيان لها، عن قلقها من استخدام القانون  ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن في ذلك المدونون والناشطون على شبكة الإنترنت، الذين يغطون قضايا حقوق الإنسان في كتاباتهم فيجلبوا لها انتباه الهيئات الدولية لحقوق الإنسان أو المنظمات.

وحثت المنظمات الحقوقية، الموقعة على البيان، السلطات الكويتية ذات الصلة بأن تلغي فوراً المواد: الرابعة والسادسة والسابعة من قانون جرائم تقنية المعلومات. وقالت إنه ينبغي، على أقل تقدير، وقف تطبيق المواد الثلاث المشار إليها بانتظار إلغائهم وذلك لضمان أن المدونين والناشطين سوف لن يتم استهدافهم على نحو غير ملائم.

كما طالبت المنظمات بالإلغاء الفوري لقانون المطبوعات والنشر، وقالت إنه ينبغي، على أقل تقدير، وقف تطبيق المواد 19، 20، 21، 27 و28 بانتظار إلغاء القانون.

ودعت المنظمات إلى ضمان قدرة المدافعين عن حقوق الإنسان ومن بينهم ناشطو الإنترنت في كل الظروف على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام وبلا قيود تُذكر وبما في ذلك المضايقة القضائية.

 قيود غامضة

من جانبها اعتبرت المحامية والناشطة الحقوقية الكويتية، سهى عودة، القانون “خطير جداً، لأنه يستهدف حرية الأفراد في العالم الافتراضي، كما أنه يضفي صفة جنائية على عدد من الأفعال والأنشطة، التي تعد حريات يكفلها الدستور”.

وأشارت “عودة” في تصريحات صحفية إلى أن المادة الرابعة تتضمن مصطلحات يشوبها الغموض كعبارة “معلومات وبيانات بقصد الاستغلال”، لافتة إلى أن “جميعنا يهدف إلى استخدام المعلومات واستغلالها، وأيضاً عبارة الآداب العامة، التي تستخدمها السلطة لمحاربة أي نشاط”.

 تقييد الإعلام الإلكتروني

وحول المادة رقم “6” التي تستند على المادة 27 (1، 2 و 3) من قانون المطبوعات والنشر رقم (3) لسنة 2006، فتعاقب رؤساء التحرير والكتّاب الذين يرتكبون الأعمال الموضحة في المواد 19، 20، و21 من القانون، بالسجن لمدة تصل إلى سنة واحدة، وغرامة تصل إلى 20 ألف دينار، أوضحت “سعى عودة” أن “القانون تم إقراره لملاحقة الناشطين السياسيين واحتواء أي نشاط يهدف إلى نشر مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو أي أفكار تدعو إلى إحداث التغيير، سواء في النظام السياسي، أو في الثقافة العامة للشعب”.

وأكدت “عودة” أن هذا القانون جاء كرد فعل على استخدام النشطاء لوسائل الإعلام الالكتروني لإحداث تغيير على مستوى الدولة، أو تسليط الضوء على قضايا مجتمعية مثل البطالة والفقر والفساد والإرهاب”، مضيفة: أن “الحكومات تدرك أن مجرد التواصل والتحدث في الشأن العام سيخلق نوعاً من الضغط الشعبي وهذا الضغط سيتحول إلى حركات احتجاجية أو تنظيمات وأحزاب سياسية، والسلطة تخشى ذلك”.

وبحسب القانون الكويتي الجديد، فإن المادة تعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على 5 آلاف دينار كل من أنشأ موقعاً أو نشر أو أنتج أو أعد أو هيأ أو أرسل أو خزن معلومات أو بيانات بقصد الاستغلال أو التوزيع أو العرض على الغير عن طريق الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات وكان ذلك من شأنه المساس بالآداب العامة أو أدار مكاناً لهذا الغرض.

بدورها قالت المنظمات الحقوقية: إن هذا النص فضفاض وإنه فشل في تحديد ما يعنيه “الإخلال بالآداب العامة”، وتابعت: “لذلك نشعر بالقلق من أن هذه المادة يمكن استخدامها في استهداف الناشطين على الإنترنت، من الذين يعبرون عن آراء مثيرة للجدل حول الأمور الدينية أو غيرها من المسائل التي تجذب الرأي العام، على أسس الأخلاق العامة الزائفة”

 الكويت تلاحق المعارضة بدون قانون

اعتبر مراقبون أن تنفيذ هذا القانون ليس أمرا مستغربًا، خاصة وأنه يأتي في توقيت ملاحقة الكويت للعديد من قادة المعارضة ونشطائها، وللصحفيين وغيرهم من منتقدي الحكومة.

وأوضحت  سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن “هذا القانون الجديد قد صُمم كي يتيح للسلطات مساحة قانونية أوسع لتقليص حقوق الكويتيين في حرية التعبير”.

وقال طارق المطيري، رئيس الحركة الديمقراطية المدنية (حدم)، ليس من المستغرب أبداً بالنسبة لنا أن يصدر “قانون الجرائم الإلكترونية” والذي يعد بذاته جريمة في حق الحريات لاسيما حق التعبير عن الرأي”، معتبراً بأن الكويت تحاكم أصلاً أشخاصاً في جرائم رأي قبل صدور هذا القانون.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.