الرئيسية » تحرر الكلام » الشباب .. ثقافة الإبداع .. وممارسة المسئولية هي آليات بناء الدولة الرشيد (3)

الشباب .. ثقافة الإبداع .. وممارسة المسئولية هي آليات بناء الدولة الرشيد (3)

ثالثاً : ممارسة المسئولية نتاج العناق بين الشباب وثقافة الإبداع:
لقد أصبحنا أمام ثلاثة ثوابت تربطهم علاقة عضوية تأتي على النحو التالي : الشباب الثابت الفاعل الرئيس في هذه العلاقة ، وثقافة الإبداع العدة والعتاد ، التي ينبغي أن يستعين بها الشباب من أجل القيام بدوره في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الأمتين العربية والإسلامية ، والمسئولية حلبة النزاع ومحك التجربة التي ستمحص فعل الشباب وتختبر قدرتهم على القيام بدورهم .
أ ـ العناق بين الشباب وثقافة الإبداع : الشباب وثقافة الإبداع ، ينبغي أن يذوب كلٌ منهما في الآخر ، فالشباب عليهم أن يعتنقوا ثقافة الإبداع حتى تصبح جزءً منهم لا ينفصل عن شخصيتهم ، وثقافة الإبداع ينبغي أن تتغلغل في عقل وقلب الشباب حتى تصبغ شخصية الشباب بصبغتها .
وفي هذا الصدد يعن سؤال لا يعفينا من الإجابة عليه ، وهو هل يصنع الشباب ويصيغون ثقافة الإبداع ، أم أن ثمة من يصنع تلك الثقافة وينحصر دور الشباب في إعتناقها ، لقد شهد التاريخ الإنساني تجارب من النموذجين ، إلا أن التقييم المنهجي ينتهي إلى حصيلة مؤداها أن قيام الشباب بصياغة ثقافة الإبداع هو الأمثل والأروع والأكثر جدوى ، ولكنه الأصعب على الإطلاق ، لما يحتاج إليه من استعدادات خاصة ومقدرات خارقة ومكنات هائلة ، ولكن أليس ذلك في مقدور شبابنا !
وإذا كانت صياغة ثقافة الإبداع من فعل غير الشباب ، فمن ذا الذي يصنع ثقافة الإبداع ، ثم يسلمها للشباب كي يتبنونها ويعتدّون بها في بناء الدولة الرشيدة ، المنطق يفرض علينا الإجابة على ذلك التساؤل ، فأصحاب الخبرة والتجربة من الكبار سيكون شغلهم الشاغل في مرحلة ما بعد نجاح الثورات في القضاء على الأنظمة الفاسدة هو صياغة ثقافة الإبداع ، ولكن هذا المنطق يبدو جائراً ولا يتسم بالاستقامة على الإطلاق ، ويصلح ذلك المنطق ويستقيم إذا قلنا بأن مشاركة الشباب في صياغة ثقافة الإبداع تمثل ضرورة بل قد تكون حتمية ، ومن ثم يسهل عليهم اعتناقها ، بل والذوبان فيها حتى النخاع والتذرع بها في مهمة البناء .
ب ـ ممارسة المسئولية نتاج العناق : انتهينا إلى أن ثقافة الإبداع عُدة الشباب من أجل البناء ، هي جماع تعاون وثيق بين الشباب وأصحاب الخبرة والتجربة ، وانتهينا كذلك إلى القطع بحتمية الذوبان بين الشباب وثقافة الإبداع ، ولكن ما هي نتيجة ذلك الذوبان ، إن النتيجة المنطقية والحتمية هي أن يمارس الشباب المسئولية ، فهل هم أهل لتلك الممارسة ؟ !
إن من أهم مفردات ثقافة الإبداع هي الثقة في الشباب والإقدام بقوة وثبات على منحهم فرصة تلك الممارسة ، ولكن من ضمن المفردات أيضاً أن يقدّم الشباب الدليل على أهليتهم بممارسة المسئولية ، ليس هذا فقط بل عليهم أن يبحثوا عن دورهم دون كلل أو ملل ، ثم عليهم أن ينتزعوا ذلك الدور إذا لزم الأمر ، وهذا أيضاً ضمن ثقافة الإبداع .
ت ـ ثقافة الإبداع مدخل إلى تواصل الأجيال وتفادي صراع الأجيال : يستوقفنا في دراسة التاريخ الإنساني وتوارد الأجيال ، ظاهرة العلاقة بين الأجيال ، وهذه العلاقة محفوفة بالكثير من المعطيات والحيثيات ، التي تجعل منها إما علاقة صراع وانقطاع ، وإما علاقة تعاون وتواصل ، ولا نريد أن نذهب بعيداً في تحليل تلك العلاقة ، حتى لا تلفتنا عن الهدف الأساس من هذه المطارحة ، ولكن ما نريد التأكيد عليه هو أن ثقافة الإبداع ـ وكما سبق وأوضحنا ـ جماع بين الشباب وأصحاب الخبرة والتجربة ، وإذا كان الأمر هكذا فسوف نتفادى بسلام صراع الأجيال ونأمن الصدام ، ونتحول إلى وضع آخر مجدٍ وحميد ، وهو التعاون والتواصل بين الأجيال ، حيث يسلّم الجيل السلف الريادة ومسئولية البناء للجيل الخلف ، وبصفة خاصة في الظروف القاهرة كالتي تمر بها أمتانا العربية والإسلامية ، وهي ظروف تجعلهما في غنى عن الصراعات بين الأجيال ، وفي أمس الحاجة للتعاون والتواصل .

[1] سورة النحل : 97 .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.