الرئيسية » أرشيف - تقارير » ما قصة السعودي (العتيق) التي تناولتها (فورين بوليسي) وبماذا نصحت حكومات الخليج..؟!

ما قصة السعودي (العتيق) التي تناولتها (فورين بوليسي) وبماذا نصحت حكومات الخليج..؟!

وطن – في الوقت الذي توسع فيه المملكة العربية السعودية مشاركتها في الحروب في منطقة الشرق الأوسط، أعطت المملكة منبرا لرجل دين متطرف يبدو أنه يؤمن بأن هذا الصراع ليس فقط ضد «الدولة الإسلامية» أو المنافسين في اليمن. فقد تضرع «سعد بن عتيق العتيق»، داعية سعودي له علاقات طويلة الأمد مع حكومة المملكة،إلى الله مؤخرا بأن «يدمر» الشيعة والعلويين والنصارى واليهود.

ويصر العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» على أن الكراهية بين السنة والشيعة مدفوعة فقط من قبل تدخلات «القوى الإقليمية» الأخرى، في إشارة منه إلى إيران. ومع ذلك يروي «عتيق» قصة مختلفة، ففي حديثه لقناة الإخبارية المملوكة للدولة السعودية بعد يوم واحد من ذهاب الرياض إلى الحرب، قال إن الأراضي اليمنية كانت مخصصة «فقط للتوحيد» و«ربما لا تكون قد تلوثت، لا من قبل الحوثيين ولا الإيرانيين». لقد وصف هذه المجموعات بـ«الروافض»، وهي تسمية مهينة لاحتقار الإسلام الشيعي، وتحدث بشكل أكثر فجاجة قائلا: «نحن نطهر الأرض من هذه الفئران».

وأظهرت المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، الأعضاء الثلاثة الأكثر تأثيرا في مجلس التعاون الخليجي، مؤخرا توحدا مثيرا للدهشة من خلال مشاركتهم المشتركة في العمليات العسكرية المتعددة الأطراف؛ أولا ضد الدولة الإسلامية في سوريا، والآن ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

ولا تزال هذه الحكومات الثلاثة تمتلك شيئا مشتركا آخر، فقد وفرت جميعها منبرا للوعظ المتشدد على شاكلة «عتيق»، والذي يوازي تحريضه السام ضد الديانات الأخرى قصص وحكايا المجموعات المتطرفة مثل «الدولة الإسلامية» وتنظيم القاعدة. إن حلفاء الولايات المتحدة من الممكن أن يعاملوا زعيما دينيا بشدة في الوقت الذي يظهر فيه هذا الداعية السعودي تهديدا لمصالح الولايات المتحدة، ويكشف فشل دول الخليج في الارتقاء إلى مستوى التزاماتها الصريحة لنبذ الأيديولوجية البغيضة للدولة الاسلامية.

إن الأمر ليس كما لو كانت تلك الدول في الخليج بإمكانها ادعاء عدم معرفة شيء عن هذه الكراهية التي يفيض بها حديث «عتيق»، لقد دأب على تكرار ذلك لسنوات في أماكن بارزة وبكل علانية تحت سمع وبصر الحكومات. وفي وقت سابق من هذا العام، ألقى «عتيق» خطبة متلفزة في المسجد الكبير الخاضع لسيطرة الدولة في قطر متضرعا إلى الله أن «يدمر اليهود ومن هاودهم، وأن يدمر النصارى والعلويين ومن ناصرهم، وأن يهلك الشيعة ومن شايعهم. كما دعا الله أن يحرر المسجد الأقصى من براثن اليهود».

عادل #الجبير_الحوثيين_جيراننا ومغرّدون #داعش أيضا جيراننا، وش راي معاليك نتصالح معها

وفي فبراير / شباط 2013، ألقى «عتيق» خطبة الجمعة في مسجد قطر الكبرى تكاد تكون نفس ما قاله وكرره، ودعا أيضا ربه أن يهلك اليهود والنصارى. وبالمثل في أكتوبر / تشرين الأول من نفس العام، أعلن «عتيق» من مسجد قطر الكبير أن اليهود والنصارى أعداء الله، وفي فبراير / شباط المنصرم ألقى خطبة أخرى على ما يبدو من السودان، ودعا بهلاك النصارى والعلويين والشيعة واليهود.

وقال «علي سعد الهاجري»، مدير المكتب الإعلامي في السفارة القطرية بواشنطن إن الدوحة «لا توافق أو تؤيد هذا الشخص وترفض أي انقسامات في المجتمع العربي على أسس طائفية». وأضاف «الهاجري» أن قطر «تواجه التحدي المتمثل في تحقيق التوازن بين احتياجات المجتمع الحر وحرية التعبير والحاجة إلى اتخاذ أقوى موقف ممكن ضد الإرهاب وخطاب الكراهية». من ناحية أخرى رفضت السفارات السعودية والإماراتية في واشنطن الاستجابة لطلبات إبداء تعليق على الأمر.

وعلى الرغم من تحريض «عتيق» الواضح على الكراهية الدينية، إلا إنه يُعامل كرجل مؤسسة في منطقة الخليج. فهو يعظ بانتظام في قطر، ويلقي خطابات أمام حشد في الإمارة الغنية بالغاز في 13 مناسبة على الأقل منذ عام 2010، وعادة ما يكون ضيفا على وزارة قطر للشؤون الإسلامية. ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى أن هذه الدعوات جاءت بعد مناسبات في عام 2013، وتحت إشراف الحكومة، وكلها تطالب بتدمير الديانات الأخرى. وقد تحدث عدة مرات لمختلف فروع الأجهزة الأمنية في دولة قطر، وذكرت وسائل الاعلام المحلية أنه ألقى محاضرة في يوليو / تموز 2013 للبحرية القطرية،والتي هي شريك للجيش الأمريكي باستمرار في الخليج، حضرها قائد القوات البحرية الملكية القطرية. وفي الشهر نفسه، قدم «عتيق» محاضرة أخرى لمسؤولين أمنيين تحت رعاية إدارات أمن المطار والجوازات وزارة الداخلية القطرية. واستثمرت قطر مليارات الدولارات في مطاراتها أملا في أن تصبح مركزا للطيران العالمي، وتُعد وزارة الداخلية هي المحور الرئيسي لواشنطن فيما يتعلق بمناقشة موضوع تمويل الإرهاب.

ولكنها ليست قطر فقط، التي لطالما وُجهت إليها اتهامات بغض الطرف عن المتطرفين الإسلاميين، هي الوحيدة التي منحت الشرعية الرسمية لرسالة «عتيق». الإمارات العربية المتحدة، والتي تظهر اتجاها مضادا قويا ضد القوى الإسلامية في مصر وليبيا، قد أعطته أيضا منصة، ففي يوليو / تموز من عام 2014، تم الإعلان عن أن هذا الداعية سيكون ضمن المتحدثين في جائزة القرآن الكريم الدولية بدبي، وهي مسابقة سنوية تعزز وتشجع على تحفيظ القرآن الكريم والثقافة الإسلامية. وقد تم تنظيم هذا الحدث تحت رعاية الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم»، نائب الرئيس ورئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك حاكم دبي.

وفقا للموقع الرسمي لصاحب السمو الشيخ «محمد»، فقد أعلن مستشاره للشؤون الإنسانية والثقافية أن حضور «عتيق» جاء على اعتبار أنه عالم بارز وداعية معروف، دعته الإمارات ضمن آخرين لحضور الحدث. وخص المستشار أثناء كلامه «عتيق» بالاسم، قائلا إنه يشكر الله ثم يشكره على حضوره، وتم تصويرهما وهما يتصافحان على خشبة المسرح.

وفي المملكة العربية السعودية يعتبر «عتيق» جزءا لا يتجزأ من المؤسسات الحكومية. ووفقا للسيرة الذاتية المنشورة على موقعه على شبكة الإنترنت، فإنه عمل كــ «مشرف على الوعي الإسلامي» في وزارة التعليم السعودية، ويقود مجلسا للوعي الإسلامي في إدارة التربية والتعليم في العاصمة الرياض. وتعود مشاركته في إدارة العملية التعليمية في الرياض على، ما يبدو، إلى وقت أن كان الملك الحالي للمملكة العربية السعودية، «سلمان بن عبد العزيز»، أمير المنطقة. وقد شارك «عتيق» بانتظام في الأحداث التعليمية في المنطقة، بما في ذلك إلقاء المحاضرات على الأطفال.

كما يمارس «عتيق» تأثيرا على الجيل القادم من القوات المسلحة السعودية، حيث يتولى منصب مدير مكتب الإرشاد للسكن في كلية الملك خالد العسكرية. وتصنف الأكاديمية من قبل وزارة الحرس الوطني السعودي كأحد «الإدارات والوحدات»، وخريجي الأكاديمية تلقائيا يحصلون على رتبة ملازم أول. دوره كواعظ في الجامعة يعود إلى عام 1994، عندما كان الملك الراحل «عبدالله بن عبدالعزيز»، الذي كان من المفترض أنه إصلاحيا، القائد المسؤول عن الحرس الوطني.

وساهم «عتيق» أيضا بوسائل أخرى في تشكيل فكر أفراد من قوات الأمن السعودية. ففي عام 2013، استضاف فروعا وأقساما تابعة لوزارة الداخلية، منها الفرع المسؤول عن حماية المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، «عتيق» في مقرها لإعطاء ندوة تحت إشراف القائد العام للمنتدى فيما يخص الحج. وزارة الداخلية الآن تحت سيطرة الأمير «محمد بن نايف»، الذي تمت ترقيته ليكون الشخص التالي في خط وراثة العرش السعودي.

علاوة على ذلك، تكشف سيرة «عتيق» أنه ترأس مجلس إدارة السلطة الدينية السعودية شبه الحكومية المعروفة باسم «المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد والتوجيه» في أحياء غرب النسيم في الرياض. وقد رعت هذه المكاتب التعاونية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية العشرات من محاضرات «عتيق» في جميع أنحاء البلاد بمنشورات تحمل شعار وزارة الشؤون الإسلامية التي تشرف على المكاتب التي تدعمها الحكومة. وأذاعت وكالات الأنباء السعودية الرسمية كذلك عشرات المحاضرات التي يلقيها «عتيق» على مدار عشر سنوات مضت تقريبا.

وفي مارس / أذار من هذا العام ألقى «عتيق» محاضرة في مسجد الملك خالد بالرياض. وترعى مؤسسة الملك خالد الخيرية الأنشطة الدينية والاجتماعية بالمسجد، ويشرف على تلك المؤسسة ستة من الأمراء والأميرات جاءوا من نسل الراحل الملك خالد. المنشورات التي يستخدمها المسجد للإعلان عن محاضرة «عتيق» تحمل شعارات وزارة الشؤون الإسلامية السعودية ومؤسسة الملك الراحل، كما كان شعار المؤسسة بارزا وراء «عتيق» أثناء حديثه. ولم تستجب مؤسسة الملك خالد الخيرية لطلبات التعليق على مشاركتها مع عتيق.

وبصفتها راعي قوة عظمى في المنطقة، فإن الأمر متروك لواشنطن للإعراب عن استيائها إزاء استمرار تدفق امتيازات الدولة لدعاة الكراهية. هذا التحريض بلا شك يشكل تهديدا طويل الأمد لمكافحة الإرهاب والأمن القومي الأمريكي.

وينبغي على الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» أن يقول الكثير عندما يجلس مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد في وقت لاحق من هذا الشهر. وحذر الرئيس نفسه مؤخرا من أن دول الخليج تواجه تهديدا داخليا من أيديولوجية «مدمرة»، عندما يلتقي مع زعماء دول الخليج يمكنه القول بأن معالجة هذا النوع من التحريض الديني هو في مصلحة هذه الأنظمة. من خلال توفير منصة رسمية لدعاة الكراهية أمثال «عتيق»، يرعى حكام الخليج هذا الوهم الإيديولوجي الذي يهدد بقائهم على قيد الحياة في نهاية المطاف.

المصدر | أورين آداكي وديفيد أندرو واينبرج – فورين بوليسي

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.