تنازلات إيران قوة …. وفشل عملية الحزم رضوخ
وطن _ زيارات عديدة شهدتها الرياض خلال الأسابيع الماضية، الهدف منها تكوين تحالف عربي لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، خصوصاً مع سيطرة عبد الملك الحوثي على اليمن، واتحاده مع الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح الذي وجد أن مصالحه البرجاماتية تتوافق مع رؤية جماعة الحوثي، ما يعني ضمنياً إسقاط الإتفاقات والتفاهمات مع دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية. وما زيارة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إلى طهران، وزيارات المراجع الشيعية إلى عمان، إلا وسيلة لنقل رسائل تحذيرية من السعودية وحلفائها إلى طهران ومشاريعها التوسعية في المنطقة.
العملية السعودية، وإن كانت متأخرة، إلا أنها تصرف النظر عن العمليات العسكرية الموجهة ضد تنظيم داعش الإرهابي، ما يعني منح الأفضلية للرئيس السوري بشار الأسد، الذي يتوجب عليه إنهاء مهمته بسرعة.
عملية الحزم، التي تقودها السعودية وحلفها اليوم في اليمن، تفتح الباب على مصرعيه لحرب طائفية، قد تمتد ١٠٠ عام، وأكثر، الهدف منها لا إستنزاف طهران وحلفائها فقط، بل والرياض ومن معها، وكأننا هنا أمام نبوئة تتحقق أطلقها وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كسنجر، الذي يهوى تصفية الأعداء بعضهم لبعض، دون منتصر وفق سياسة لا غالب ولا مغلوب، يخلق مشكلة جديدة، كما حصل في الحرب العراقية الإيرانية، حيث أعتمدت هذه السياسة لإسقاط كلتا الدولتين وإضعافهما.
بالمقابل الذي ينظر إلى المنطقة يجد أن التحالف الجديد، لم يتخطى جاجز ستينيات القرن الماضي، الحرب اليمنية السعودية، وما نتج عنها من إنهيار دول وخسارتها، وأقصد هنا مصر عبد الناصر آنذاك، أي بمعنى أن المستنقع اليمني الذي يراه البعض مجرد نزهة بالقرب من سد مأرب، مجرد وهم قد يفجر السد، بحيث يغرق كامل المنطقة، ما يتحولها إلى كابوس حقيقي، يمتد لعشرات السنين، دون أن تلتئم جراحه، ودون أن يرحم من أثارة أحد.
يبقى السؤال هنا، والذي لا علاقة له لا بسنة ولا بشعة، يدور في فلك الخاسر الأكبر من نتائج العملية -بعيداً عن المشهد الإنساني طبعاً – هل النتائج ستصب فعلياً في صالح دول التحالف، أم تراها تحرك العجلة الإيرانية التي ما زالت إلى الأن ممسكة بزمام الصبر، على أمل إيجاد حلاً سريعاً لهذا المستنقع دون أن تقدم تنازلات قاتلة لا على طاولة التفاوضات الغربية أو على أرض الواقع.
السؤال الذي لابد أن يطرح، ماذا لو قدمت إيران تنازلات مصيرية في ملفها النووي، إرضاء للغرب؟ فهل تستجيب دول التحالف العربي لرغبة الغرب، بحيث تصمت هدير الطائرات، ودوي الانفجارات، أم ترانا أمام مشروع عربي إسلامي حقيقي بدأ يتشكل في المنطقة للوقوف بوجه إيران كقوة اقليمية معترف بها عالمياً تقود المنطقة بمشاركة اسرائيل الحليف الأقرب لها، وكأننا حقب الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي من جديد، عندما كانت إيران الحليف المحبب لإسرائيل في المنطقة.