الرئيسية » أرشيف - الهدهد » كارنيجي: الأسد يتجاوز “الخط الأحمر” برفع سعر الخبز ويخشى توقف الدعم الروسي والإيراني

كارنيجي: الأسد يتجاوز “الخط الأحمر” برفع سعر الخبز ويخشى توقف الدعم الروسي والإيراني

وطن- دمشق ـ الأناضول ـ بينما تقترب الإضطرابات في سوريا من إنهاء عاملها الرابع، قال تقرير دولي أن النظام السوري خسر أحد الأسلحة التي اعتمد عليها لفترة طويلة للسيطرة على البلاد بعد خفض الدعم الحكومي للخبز، موضحا أن الخبز المدعوم يحتل مكانة أساسية في العقد الاجتماعي السوري.

وقبل تفجر الصراع الحالي، فقد شكل “ميثاق الخبز″ إطاراً للمنظومة السياسية في البلاد منذ ستينيات القرن العشرين، ودأب المسؤولون السوريون الكبار التأكيد على أن الدعم الحكومي الذي يضمن بيع الخبز بأقل من سعر السوق “خط أحمر” .

ويؤكد التقرير أن ارتفاع سعر ربطة الخبز (8 أرغفة) 0.06 دولار ليس مدعاةً للقلق بالنسبة للمراقب العادي، ولكنها زيادة كبيرة للغاية في سياق الأهمية الغذائية والسياسية والرمزية التي يمثلها الخبز في سوريا، موضحا أن انهيار الدعم الحكومي للخبز يوضح أن النظام في مأزق شديد، وأن الخط الأحمر لم يعد الخبز، بل مجرد البقاء على قيد الحياة.

وفي الشهر الماضي، أصدر الأسد مرسوماً تشريعياً بمنح العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بعقود سنوية تعويضا قدره 4000 ليرة سورية (22 دولار) شهريا، بعد يوم واحد من قرار حكومته برفع أسعار عدد من السلع الأساسية بنسب تتراوح بين 36 إلى 56%، بما في ذلك مواد الوقود وسعر ربطة الخبز (8 أرغفة) إلى 35 ليرة (0.193 دولار تقريبا) بنسبة ارتفاع 40%.

واقترب الصراع في سوريا من دخول عامه الرابع حيث خلّف نحو 200 ألف قتيل، بحسب آخر إحصائيات أصدرتها الأمم المتحدة قبل أشهر، وأكثر من 300 ألف قتيل، بحسب مصادر المعارضة السورية، فضلًا عن أكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها.

واعتبر معهد كارنيجي في تقرير حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه اليوم الأربعاء أن تجاوز الأسد مرة أخرى “الخط الأحمر” سيشكل صدمة لعدد كبير من السوريين، حيث شكل الغذاء أداة أساسية لاسترضاء السكان، وأن الزيادة في سعر الخبز توضح تراجع موارده.

وزير سوري يثير السخرية بدراسة عن “السعرات” التي يحرقها السوريون يوميا

وقبل بدء الأزمة السورية في عام 2011، كان الخبز يمثل نحو 40 % من السعرات الحرارية التي تستهلكها الأسر السورية، وأدى النقص في الموارد وارتفاع التضخم في الأعوام الماضية إلى اعتماد الفقراء بشدة على المواد الغذائية التي تدعمها الحكومة.

ويضم “مركز كارنيجي للشرق الأوسط”، الذي أسسته في العام 2006 مؤسسة “كارنيجي للسلام الدولي”، مجموعة من الخبراء في السياسة العامة وهو يشكّل مركز أبحاث مقره بيروت في لبنان، ويعنى بالتحديات التي تواجه التنمية والإصلاح الاقتصاديين والسياسيين في الشرق الأوسط والعالم العربي وهو يضم كوكبة من كبار الباحثين في المنطقة من الذين يتابعون أبحاث معمقة حول القضايا الحيوية التي تواجه دول المنطقة وشعوبها.

ويضيف التقرير الذي كتبه خوسيه سيرو مارتينيز وهو طالب دكتوراه في قسم السياسة والدراسات الدولية في جامعة كامبريدج البريطانية، في ضوء قطع الإمدادات الغذائية عن المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار ونقل الجزء الأكبر من المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تحظى بموافقة الحكومة، تحوّل النظام “المصدر الموثوق الوحيد للغذاء الذي يشكّل مورداً أساسياً للبقاء على قيد الحياة”.

وأصبح توزيع المواد الغذائية أداة يستخدمها النظام السوري لاسترضاء المدنيين المنهكين في حين يذكّرهم بأسلوب رائع بالمنافع التي تترتب عن بسط الدولة سلطتها ونفوذها.

ولعب التناقض الصارخ في توافر المواد الغذائية بين الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة و النظام، دروا أساسيا وراء الكثير من الانتصارات التي يحققها النظام السوري على المعارضة.

وتسببت الأزمة السورية الحالية في إحداث تحول في سلسلة التموين في قطاع الخبز السوري، حيث أدت عمليات النهب الواسعة، بالتزامن مع شن هجمات بشكل منتظم ضد المستودعات سواء من جانب قوات النظام والمعارضة إلى التراجع بشكل حاد في قدرات التخزين والإنتاج.

وتذكر التقارير أنه لم يتبق سوى 40 مركزاً فقط من أصل 140 مركزاً لتجميع القمح كانت تعمل في البلاد قبل اندلاع الأزمة الحالية، كما أن المطاحن والمخابز في سوريا، إما أغلقت أبوابها أو تعمل بأقل من طاقتها.

وأدى تراجع قيمة الليرة السورية إلى ارتفاع فاتورة الواردات، مع الزيادة في تكلفة الدعم للخبز.

ويكشف كارنيجي أن ما تردد عن اعتمادات مالية تقدمها روسيا وإيران لسوريا سنويا بقيمة 6.4 مليار دولار مجتمعة لإنقاذ النظام وعدم خفض الإعانات، أصبحت تواجه خطر التدفق بسبب تراجع أسعار النفط العالمية. وتراجعت أسعار النفط بنحو 60% منذ منتصف العام الماضي.

ويضيف أن النقص في الحبوب والمحروقات والخوف من قيام إيران وروسيا بخفض الدعم المادي ربما أرغم نظام الأسد على اتخاذ تدابير جذرية تحسّباً لما قد يحدث في المدى الطويل.

ومنذ منتصف مارس/آذار (2011)، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين القوات النظامية وقوات المعارضة، ما تزال مستمرة حتى اليوم.

لبنان على حافة مجاعة.. طوابير الخبز تنذر بكارثة والمشهد السوري يتكرر

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.