الرئيسية » غير مصنف » المسلم والاسلامي

المسلم والاسلامي

 

عمــاد عــودة

 

يا ابن ادم كن مسلما كما تشاء وحيثما تشاء فالعالم لا يعنيه دينك في شيء , مرحبا بك في كل بقاع الارض طالما كانت الشعائر هي ما يعنيك من دينك , اقم الصلاة وابني المساجد ومارس كل العبادات التي تشاء , كن المسلم الذي تريد ولكن اياك ان تكون اسلاميا . بامكانك ان تسمي نفسك صوفيا او اشعريا او حتى سلفيا ان شئت , كن ما تشاء مما سبق أو اجترح لنفسك مذهبا جديدا ولكن اياك ان يكون الاسلام هو المنهج الحاكم لحياتك أو لبلدك .

هذا حال العالم معنا معشر المسلمين وسواءا عشت في بلاد العجم او بلاد العرب فلا مانع لديهم ان تمارس كل الطقوس والعبادات والشعائر ولك ان تجهر بالتسبيح والتكبير والتهليل ان اردت فهذه حرية المعتقد التي تكفلها المواثيق الدولية . لكن المسألة تختلف تماما عندما تطمع ان يكون الدين حاكما على تصرفاتك وسياساتك ونهجا لحياتك .

القضية ذاتها تحكم الدول الاسلامية ايضا وليست حكرا على الافراد فبامكان اي دولة ان تتوج دستورها بجملة تقليدية تقول ” الاسلام دين الدولة ” فهذه الجملة مقبولة اذا اراد بها واضع الدستور الاسلام الشعائري وليلحق بوزاراته ما يشاء من اسماء والقاب ومحاكم شرعية وغير ذلك من هيئات اغاثة اسلامية ودوائر اوقاف وما شابه ذلك .

اما متى تتحول هذه الدول والانظمة والحكومات الى دول ارهابية فهذا منوط بتفسير تلك الدولة لمعنى ” الاسلام دين الدولة ” , فاذا كان الامر يعني الشعائر والعبادات فلا بأس اما ان يصبح الاسلام حاكما على الأرض فهنا تكمن المشكلة  لهؤلاء وهذا هو السر الحقيقي خلف معاداة الانظمة العربية والغـرب الداعم لها لفكرة وصول جماعة الاخوان المسلمين للسلطة .

بدأ الامر ايها السادة منذ زمن بعيد فلطالما كانت جماعة الاخوان المسلمين مرحبا بها في الكثير من الدول العربية والعالم ايضا لسبب واحد يعتقدونه وهو ان هذه جماعة دعوية تؤمن بهداية القاعدة العريضة من الناس لنور الاسلام الصحيح ولا يعنيها امر الحكم ابدا ولهذا السبب كانت جماعة علنية ومرضي عنها لدرجة ان اعداء هذه الجماعة كانوا يعيرونها برضى الحكام عنها ويتغامزون وكان للامر باطنا عفنا .

نعم لقد عرفت هذه الجماعة بسلميتها المبالغ بها احيانا مع ابناء دينها وقدرتها الفائقة على تربية الانسان كلبنة اساسية في المجتع ولها نشاطات وهيئات وادوات مجتمعية وتقدم خدمات جليلة ومحترمة للناس على اختلاف احوالهم .

 

عندما انتقلت عدوى الديمقراطية للعالم العربي ورأت الانظمة انه لا بد من اعتماد صندوق الانتخابات لتحديد سياسات الدولة كما هو الحال في العالم الغربي مثلا وذلك على سبيل التمسح بصورة الديمقراطية وامعانا في الخداع والمراوغة وارضائا للسيد الغربي بدت قوة الاخوان وقدرتهم على الحشد والفوز بنتائج الانتخابات في اكثر من مكان, وحيثما سمح لهم بالمنافسة كانوا يكتسحون الصناديق ويسيطرون على البرلمانات ومن ثم الحكومات .

أزعم ان فوز حماس في ما تبقى من الأرض الفلسطينية وتشكيلها لأول حكومة اسلامية النهج في التاريخ الحديث وضع المشروع الاسلامي برمته امام الحقيقة , لقد فاز الذين رفعوا شعار القران دستورنا وصار لزاما عليهم ان يطبقوا الاسلام كمنهج سياسي فيه ما فيه من الصدق والامانة وقول الحق ورفض الظلم وعدم اعطاء الدنية لغير الله الى اخر ما في هذا الدين العظيم من مثل عليا تصطدم مباشرة بسياسة الاستحذاء والاستحمار والفساد والتبعية المتعارف عليها عربيا .

مشكلة السياسي الاسلامي انه كشخص لا يملك القرار حسب هواه فكل ما سيقرره وسيفعله يجب ان يعرض على الكتاب وصحيح السنة أولا فان خالف فالى سلة المهملات وان توافق فليس من قوة على وجه الارض تعطيه الحق بمخالفته ناهيك عن أن النهج الاسلامي في الحكم يمثل الخطر الأكبر على الفساد المستشري في هذه الامة ولا يتسامح مع وجود سرطان كاسرائيل بين ظهرانينا .

صفقنا جميعا لفوز حماس باعتبارها أول تيار اسلامي عربي مقاوم يشكل حكـومة وفي فلسطين المحتلة بالذات او فيما تبقى منها . أعترف انني وبكل سذاجة ظننت حينها ان هذا الفوز يعتبر نصرا استراتيجيا لدول عربية مهمة كانت وما زالت تقدم نفسها وتأخذ مشروعيتها من ادعائها حماية الدين والسعي لنشره ناهيك عن انها تدعي تطبيق هذا الدين على أراضيها بل ولطالما تفاخرت بهذا الادعاء .

لكن الحقيقة ما لبثت ان ظهرت على السطح وتبين ان مثل هذه الكيانات ترى في الأمر خطرا داهما يزلزل اسباب وجودها وأن جل ما يعنيه الدين لها ان تقام الصلاة في موعدها ولا بأس بعد ذلك ان يبقى المسجد الأقصى اسيرا وليذبح كل اهل غزة بما فيهم من اطفال ونساء وشيوخ ولا يبقى تيارا يريد تطبيق الاسلام الحقيقي على الأرض ويعمل لتحرير الأرض المغتصبة .

بعد حكومة غزة جائت حكومة الرئيس مرسي في مصر من نفس المنبع الذي جائت منه حكومة حماس ولاعتبارات الجغرافيا والتعداد السكاني فان تجربة الحكومة الاسلامية في مصر كانت اكثر وضوحا وتاثيرا لاسباب نعرفها جميعا وبالتالي كان العداء السافر لها اكثر فجاجة وعلنية , ومن الدرس المصري بدا الفرز اكثر حدة وانكشف اللاعبون جميعا فحتى الطفل الصغير صار يميز الان بين المزروعين بيننا وحولنا من حكام ونخب ومثقفين كنا حتى الأمس القريب نحسبهم منا لكن الله ابى الا ان يعريهم رغم انوفهم حتى تتضح الصورة تماما .

بعد التجربتين في غزة والقاههرة فهمنا معنى الاسلام الذي يرضى عنه العم سام واعوانه في الداخل والخارج , اسلام الشعائر والسقاية والرفادة اما الاسلام الذي يؤدي الى الاعتماد على الذات والدعوة لتحرير الارض المغتصبة والارادة المغتصبة ايضا فاسمه في عرفهم ارهاب وعليه فانهم انما يحاربون الارهاب .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.