الرئيسية » تقارير » معهد واشنطن: الغاز الصخري الأمريكي يمثل تحدياً لسياسة الطاقة السعودية

معهد واشنطن: الغاز الصخري الأمريكي يمثل تحدياً لسياسة الطاقة السعودية

في 28 تموز/يوليو، نشر المستثمر والملياردير السعودي الذي يميل إلى الدعاية الذاتية الوليد بن طلال خطاباً على حسابه على موقع تويتر للتدوين المصغر. وكان الخطاب المؤرخ 13 أيار/مايو قد أُرسل سابقاً إلى وزير النفط علي النعيمي والعاهل السعودي الملك عبد الله وغيرهم، وجاء في محتواه “تواجه دولتنا تهديداً مستمراً بسبب اعتمادها الكلي تقريباً على النفط…ونرى أن ارتفاع إنتاج الغاز الصخري في أمريكا الشمالية يمثل تهديداً حتمياً”. ودعا الأمير إلى اتخاذ إجراءات حكومية لتسريع التنويع الاقتصادي.
يمثل الخطاب في حد ذاته ولا سيما نشره أحداثاً كبرى على الساحة السياسية السعودية – إذ يعتبر ذلك وقاحة مضاعفة بالتلميحات بأن الوليد انتابه القلق والضجر بسبب الرد الذي تلقاه (أو عدمه) عندما أرسل الخطاب في أيار/مايو. وتخضع القرارات المتعلقة بسياسة النفط السعودية بشكل محكم لسيطرة الملك ومجموعة صغيرة من كبار الأمراء، مع إسناد مهمة تنفيذها إلى النعيمي، التكنوقراط الذي يشغل منصبه لفترة طويلة، وتحظى كفاءته وحصافته باحترام على مستوى العالم. هذا وتستهجن الرياض المناقشات العلنية للمسائل السياسية، لا سيما عندما تشير هذه إلى وجود خلافات في العائلة المالكة.
وعلى الرغم من أن الوليد معروف دولياً بأنشطته التجارية، إلا أنه لا يعد من المؤثرين عادة في صنع القرارات السعودية. وقد ضعف موقفه منذ زمن طويل بسبب ما اشتُهر به والده (الأمير طلال، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله) من كونه غريب الأطوار، بينما تنتمي والدته إلى أصل لبناني وليس سعودي. وعلى الرغم من أن الوليد يمكن أن يكون وحده مسؤولاً عن هذا الخطاب المثير للجدل، إلا أن هناك تكهنات مفادها أنه قد يكون قد عبّر عن أفكار والده أو يعمل كمواجهة لمجموعة من الأمراء الآخرين.
وعلى كل حال، يورد الخطاب نقاطاً صحيحة تقتصر عادة على المناقشات بين المحللين في قطاع الطاقة. وتشهد الإمدادات العالمية للغاز الطبيعي نمواً يفوق في سرعته إمدادات النفط، وسوف تأتي الزيادة الأكبر في إمدادات النفط من المنتجين غير المنتمين لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل. واستجابة لذلك، يرجح أن تخفض السعودية وأعضاء آخرين من دول “أوبك” من إنتاجها في محاولة للحفاظ على ارتفاع الأسعار. وهذا من شأنه أن يشكل ضغطاً على نهج منظمة “أوبك” وقدرة الرياض على التحكم في الاتحاد الإنتاجي. وقد يتعين على السعودية تخفيض إنتاجها بشكل غير تناسبي، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من الإيرادات الحكومية.
وعلى الرغم من أن أسعار النفط المنخفضة تعد أمراً محموداً بالنسبة للاقتصاد العالمي، إلا أن الصعوبات التي تواجهها الميزانية السعودية قد تؤثر على الإنفاق الزائد الذي حال بشكل واسع دون وصول الاضطرابات الاجتماعية التي تجتاح دولاً عربية أخرى إلى المملكة. ومنذ أن قاد السعوديون حظر النفط العربي عام 1973 احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، فإنهم قد طوّروا من سياستهم النفطية وأقاموا شراكة مع واشنطن، في محاولة للحفاظ على إمدادات ثابتة وتلطيف تذبذبات الأسعار. وفي الأشهر الأخيرة، على سبيل المثال، زادت المملكة من امداداتها من أجل تعويض التخفيضات الإيرانية الناجمة عن العقوبات المتعلقة بالموضوع النووي المفروضة على طهران، والتي تقودها الولايات المتحدة.
ولم يكن هناك حتى الآن رد فعل سعودي رسمي على خطاب الوليد، كما رفضت وزارة النفط إصدار أي تعليق للصحفيين. وقبل عدة سنوات كان الأمير السعودي قد أبدى تعليقاً حول لبنان دفع إلى إصدار بيان رسمي رفض تدخله. أما الآن فتواجه المملكة معضلة: فقد يشير عدم التعليق إلى غض الطرف عن تحدي سياسي متنامي أو عدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة من قبل العاهل السعودي المريض الملك عبد الله، وولي العهد الذي يعاني من عته ذهني الأمير سلمان. لذا ينبغي على المسؤولين الأمريكيين البدء في العمل مع قادة المملكة العربية السعودية وغيرها من منتجي النفط في الخليج (على سبيل المثال، الكويت والإمارات العربية المتحدة) لكي لا يكون تغير أسواق الطاقة مفاجئاً لحلفائها العرب كما حدث من ناحية الانتفاضات الإقليمية خلال العامين الماضيين.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.