الرئيسية » أرشيف - هدهد وطن » هل يراجع الإخوان المسلمون الأردنيون أنفسهم؟

هل يراجع الإخوان المسلمون الأردنيون أنفسهم؟

يتساءل جميع المتابعين لما يجري اليوم في مصر، هل سيجري الإخوان المسلمون في الأردن مراجعة شاملة لأفكارهم ومواقفهم ويحاولون تجنب مواجهة مع الدولة و/أو المجتمع و/أو الأطراف والاتجاهات السياسية والفكرية الأخرى؟ وما واجبهم لتفادي الازمة والصراع واستباق وقوعها مرة أخرى في الأردن؟ كيف لا يحدث في الأردن ما حدث في مصر؟
 
أظهرت الأحداث الكثير مما أغفلته جماعة الإخوان المسلمين أو لم تحسن التعامل معه أو لم تشغل نفسها به ابتداء، فلا يبدو أن الجماعة الإسلامية تلاحظ التحولات الكبيرة والمهمة في خريطة العمل الإسلامي، ولا تريد أن تستوعب أن الحالة الإسلامية أصبحت مجتمعية تخص جميع الناس والمؤسسات ويجب مشاركتها جميعا، ومازالت تتعامل بعقلية تنظيمية، وتخلط بين نفسها وبين الإسلام، وتعتقد أن الخلاف معها هو خلاف مع الإسلام وربما حرباً على الإسلام! 
 
وهذا الانفصال عن الواقع ينشئ متوالية من الكوارث والأزمات، فهو أولا يمنع الجماعة من القدرة على فهم الواقع وإدارة التعامل معه وتقدير الموقف السليم، وينشئ أيضاً نفوراً من الدين والسلوك الديني، ويحول الصراع السياسي الجاري إلى صراع ديني علماني عميق وممتد من السياسة إلى الثقافة والسلوك وأسلوب الحياة، وينشئ أنماطاً مختلفة متباعدة من المجتمعات في الإقامة والمدارس واللباس والطعام والمؤسسات وأسلوب الحياة، وأخيرا الهوية ووعي الذات.
 
جماعة الإخوان المسلمين مدعوة اليوم إلى مبادرة ذاتية تقوم بها بنفسها قائمة على شبكية العمل الإسلامي وليس هرميته ومجتمعيته وليس تنظيميته، فتجري انسحابا لمشاركة غيرها وفصلاً تاماً وحقيقياً في القيادة والعمل بين العمل السياسي الحزبي وبين العمل النقابي والخيري والعمل الدعوي، ولا يعقل أن تقع قيادات الحركة الإسلامية فيما يفترض ان تكافح من أجل محاربته من احتكار وسيطرة، فترى القائد قائداً في العمل الخيري والدعوي والسياسي والنيابي. وقادة الجماعة ونوابها ونشطاؤها بسلوكهم هذا لا يقعون في زلل الاستبداد والاحتكار فقط، ولكنهم أيضاً يجعلون الجماعة نفسها هدفاً معزولاً يسهل إصابته وتصفيته، ويجعلون مغانمهم الشخصية قضية الأمة أو قضية إسلامية ينتظرون من الناس أن يؤيدوهم بها، ويقعون ويجرون معهم العمل الإسلامي إلى الفساد والتجاوزات والمخالفات القانونية.
 
إن هذا الفصل الإجرائي في التطبيق والذي يبدأ بمنع الجمع بين فضاءات العمل ومجالاته الكثيرة والواسعة، من عمل سياسي ونقابي وبلدياتي وخيري ودعوي، سوف ملكية العمل الإسلامي وخبراته وتجاربه إلى المجتمع بأسره أو أكبر قدر ممكن منه، وفي ذلك خدمة عظيمة للمجتمع والدين بعامة، ويقلل أيضاً من الاحتكار والوصاية وعدم الثقة بالآخرين، ويحمي الجماعة نفسها من العزلة، ويجعل الحالة الإسلامية أكثر تجذرا وانتشارا في المجتمع وليست مسألة تخص تنظيما أو جماعة بعينها.
 
فمسؤولية العمل والدعوة والإصلاح منوطة بكل مسلم بل جميع المواطنين وليست حكرا على أفراد او فئة من الناس، ووظيفة الجماعات الإسلامية أن تحشد جميع الناس والفئات والحكومات والمؤسسات في مشروع إصلاحي شامل، وليس منافسة الأحزاب والناس بعامة على الفرص، وكلما تراجعت المصالح الذاتية والتنظيمية تزيد المصداقية والقبول.
 
من يسير في ردهات المستشفى الإسلامي في عمان على سبيل المثال تدله اللوحات النحاسية المثبتة على مدى القبول والمشاركة التي كان يحظى بها الإسلاميون في الستينات والسبعينات، ولا أعتقد أن هذه المشاركة باقية اليوم بعد سياسات احتكار المواقع والأدوار وإقحام المشروعات الخيرية والتنموية في التنافس السياسي والتنظيمي والشللي.
 
وعندما بدأ حزب جبهة العمل الإسلامي عمله لقي إقبالا من فئات كبيرة من الناس وذوي الهيئات ممن لم يجدوا مكانا في جماعة الإخوان المسلمين ولكن خوف بعض الإخوان على المغانم السياسية والنيابية والوزارية صد الناس وعزل الحزب.
 
هل سوف يتلافى الإخوان المسلمون جر المجتمعات والدول إلى الانقسام والصراع ويكونون محضر "خير" وليس طرفاً في الصراع؟
 
ابراهيم غرايبة  – كاتب ومحلل سياسي اردني 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.