الرئيسية » أرشيف - هدهد وطن » الأسد يرى تطورات الأحداث في سوريا تسير في صالحه

الأسد يرى تطورات الأحداث في سوريا تسير في صالحه

من يزور قصر الرئيس السوري بشار الأسد يمر بأربع نقاط تفتيش يديرها الحرس الجمهوري وأفراد شرطة بملابس مدنية ليصل إلى البوابة الرئيسية.
 
بداخل (قصر الشعب) الواقع على تلال تطل على العاصمة السورية دمشق يقول من زاروا الرئيس السوي في الشهر الأخير إن إجراءات الأمن ضعيفة بشكل مذهل بالنسبة لرجل فقد السيطرة على نصف بلاده في انتفاضة شعبية على حكمه.
 
وبدت الثقة التي تحلى بها الأسد والمستمرة معه طوال أكثر من عامين من الصراع وهمية تقريبا عندما كانت قذائف مقاتلي المعارضة وقنابلهم تمزق وسط دمشق وأدى القتال إلى اغلاق مطار العاصمة السورية أمام رحلات الطيران الأجنبية اواخر العام الماضي.
 
ولكن بعد هجوم مضاد شنه جيش الاسد طوال الاسابيع الماضية في جنوب البلاد على خطوط امداد مقاتلي المعارضة شرقي دمشق وفي الآونة الأخيرة على بلدة القصير القريبة من حدود لبنان بدت ثقته منطقية أكثر.
 
وبعد سقوط الرئيس محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين في مصر الأسبوع الماضي أعلن الاسد هزيمة الإسلام السياسي. وتلقى فرع جماعة الاخوان في سوريا الذي يتعرض لضغوط من جماعات أكثر تشددا صفعة معنوية بما حدث في مصر جاءت إضافة إلى تأخر امدادات السلاح التي وعدت بها واشنطن.
 
وقالت مصادر من الأمن القومي الأمريكي لرويترز إن لجانا بالكونجرس تعطل خطة ارسال سلاح امريكي لمقاتلي المعارضة لان رجال الكونجرس يتشككون في أن تحسم هذه الامدادات الحرب كما يخشون ان يصل السلاح في نهاية الأمر إلى متشددين إسلاميين.
 
وفي حديث في مايو ايار مع شبكة تلفزيون المنار التابعة لجماعة حزب الله اللبنانية حليفة الأسد قال الرئيس السوري إن الرياح غيرت اتجاهها في أرض المعركة وكرر ما ظل يردده منذ اندلاع الاحتجاجات على حكمة في مارس آذار 2011 بأنه واثق ومتأكد من النصر.
 
وقتل أكثر من مئة ألف من الشعب السوري في الصراع الذي دفع مليون ونصف مليون من السكان لعبور الحدود كلاجئين ودمر مناطق شاسعة من المدن السورية.
 
ولم يظهر تغير يذكر على الرئيس البالغ من العمر 47 عاما منذ أن بدأ الصراع سوى أن شاب شاربه وتعمقت التجاعيد في وجهه الجاد.
 
ومن مظاهرة لشبان في درعا اندلعت الانتفاضة على حكم أسرة الأسد المستمر منذ أكثر من أربعين عاما لتتحول إلى احتجاجات في كل ارجاء البلاد ثم إلى تمرد مسلح تحول في نهاية الأمر إلى حرب أهلية ذات سمة طائفية تجتذب أطرافا اقليمية.
 
ومنذ البداية كان الأسد يلقي اللوم على “إرهابيين أجانب” في العنف. وصعد هو استخدامه للعنف من إطلاق للنار إلى قذائف الدبابات وطائرات الهليكوبتر والمقاتلات ومن قذائف المورتر إلى القصف الصاروخي العشوائي بل ان خصومه في العالمين الغربي والعربي يشتبهون في أن قواته استخدمت الأسلحة الكيماوية.
 
وقال?? ??الرئيس الذي درس طب العيون?? ??ردا على اتهامات بإراقة الدماء للبرلمان إنه عندما يعمل الجراح مشرطه في جرح تسيل الدماء فهل يقول له أحد يداك ملوثة بالدماء أم يشكره أهل المريض. ?? ??وفي فترة التحضير لمفاوضات محتملة للتوصل إلى حل سياسي وهو ما يبدو أقل ترجيحا الآن نظرا لعناد الطرفين وصف الأسد المتمردين بأنهم عبيد لسيد أجنبي.
 
وأثارت حملة الأسد على المتظاهرين ضده قبل عامين مقارنات حتمية بينه وبين والده الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي وصل الى السلطة في انقلاب عام 1970 وقمع بعنف انتفاضة إسلامية في حماة بعد نحو 12 عاما.
 
وبعد مرور 30 عاما على أحداث حماة وفي عصر الانترنت والهواتف المزودة بكاميرات ووسائل الإعلام العالمي لم يعد من الحكمة أن يسحق رئيس انتفاضة كما فعل الأسد الأب عام 1982 ويقتل أكثر من عشرة آلاف شخص ثم يستمر في السلطة.
 
في تونس ومصر أطاح الشعب بالرئيسين في أقل من اسبوعين بعد احتجاجات سلمية وعندما استخدم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الجيش ضد معارضيه تدخلت قوات حلف شمال الأطلسي لتقدم الدعم للمعارضين لإسقاطه.
 
لكن الاسد المدعوم بقوات أمن قوية تهيمن عليها الأقلية العلوية والمحمي بحليفين دوليين هما روسيا وإيران بدا أكثر صلابة.
 
ويتعارض ذلك مع المشاعر العامة التي كانت سائدة عام 2000 عندما ورث بشار الرئاسة خلفا لوالده وكان عمره 34 عاما حين كان ينظر إليه في ذلك الوقت باعتباره إصلاحيا. وكرس زواجه من مصرفية درست في بريطانيا صورة زوجين من القرن الحادي والعشرين قد يخرجان سوريا من جمود سياسي على النمط السوفيتي.
 
ولكن الاسد بعد أن داعب أحلام الناس بالتحرر السياسي أغلق الباب بحدة على تجربة “ربيع دمشق” وخلال خمس سنوات من حكمه كانت علاقاته بالغرب دخلت في أزمة بسبب اغتيال السياسي اللبناني رفيق الحريري الذي ألقى تحقيق دعمته الأمم المتحدة اللوم فيه في باديء الامر على دمشق.
 
وفي إشارة مبكرة على صلابته تحمل الاسد هذه العاصفة مراهنا على أن سوريا أهم من أن تنبذ إذا كان الغرب يريد إحراز تقدم في حل الصراع العربي الإسرائيلي أو الاضطرابات في العراق بعد سقوط حكم صدام حسين.
 
وكان على حق. ففي صيف عام 2008 كان الاسد ضيف شرف في العرض العسكري الذي اقيم في ذكرى يوم الباستيل بفرنسا في اعادة تأهيل لمكانته الدولية.
 
ولم يؤثر العنف أو الانهيار الاقتصادي فعليا على قاعدة نفوذه التي ترتكز على الأقلية العلوية وأجهزة المخابرات وجيش مدعوم بميليشيات محلية.
 
لكن الانشقاقات أفقدته بعضا من المحيطين به ومنهم مناف طلاس ابن وزير الدفاع السوري السابق الذي نشأ وكبر مع الاسد.
 
وقال شخص زار الأسد في مايو أيار الماضي “خدعه الكثير من اصدقائه… فقد العديد من اصدقائه لقد حزن أكثر لفقده مناف”.
 
لكن الأسد لم يخسر اصدقاءه فقط. فعلى الرغم من مكاسبه العسكرية في الفترة الأخيرة مازال شمال وشرق البلاد بما فيها حقول النفط الشرقية خارج نطاق سيطرته.
 
وتمتع الأكراد السوريون في شمال شرق البلاد بالحكم الذاتي الذي فرض كأمر واقع منذ عامين مثل اقرانهم في شمال العراق ومن الصعب تصور ان يستعيد الأسد السيطرة الكاملة على البلاد التي ترفض أغلبيتها السنية ان تحكمها الأقلية العلوية الشيعية.
 
وكثيرا ما يلجأ الاسد إلى إيران الشيعية طلبا للعون وهو ما دل عليه اجتماعه مع كبار المسؤولين الايرانيين في اعقاب انفجار في يوليو تموز من العام الماضي أدى الى مقتل أربعة من المقربين له.
 
ودعمت أموال إيران الاقتصاد السوري وقالت مصادر أمنية اقليمية ان ضباطا إيرانيين ساعدوا في تدريب الجيش السوري ووضع استراتيجيته لقمع الانتفاضة.
 
وكانت جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية مسؤولة بدرجة كبيرة كذلك في استعادة القوات السورية لمدينة القصير في أوائل يونيو حزيران الماضي فيما اعتبر رمزيا أكبر انتصار عسكري تحققه القوات في عامين.
 
وقال بيتر هارلينج من مجموعة الأزمات الدولية مشيرا إلى اعتماد الأسد على حزب الله “هذا حقا عالم مقلوب رأسا على عقب … إنه يعكس التغير في العلاقات بين النظام ومن اعتادوا ان يكونوا وكلاء له”.
 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.