الرئيسية » أرشيف - فضاء واسع » تفجيرات الريحانية ورسائل الأسد

تفجيرات الريحانية ورسائل الأسد

 

من اغتيال السيدة بنان العطار في ألمانيا في مطلع الثمانينيات إلى اغتيال رفيق الحريري وتنفيذ التفجيرات الإرهابية في لبنان، وبعدها إرسال انتحاريين إلى العراق. ثم تفجيرات في سوريا بل في قلب دمشق، من القزازين إلى مسجد الإيمان. لا يزال نظام بشار الأسد يعتمد على إرهاب الدولة في "محاورة" خصومه، و" إقناع" أصدقائه، ولا يزال العالم " المتمدن" يستفيد من تلك التفجيرات ليفرض سيطرته على سورية ويشارك في تدميرها وإنهاكها بحيث لا تقوم لها قائمة أبداً.
إن من قام بكل تلك التفجيرات الإرهابية السابقة ضمن صمت دولي رخيص ومريب، يستطيع أن يقوم بتفجيرات أخرى داخل الأراضي التركية فيزهق أرواح خمسين من الأبرياء عقاباً لهم على استضافة جيرانهم من السوريين الذين ما فرّوا إلا نتيجة  لإجرام الأسد وشبيحته.
يرسل الأسد اليوم للعالم رسالة يقول من خلالها إنه لايزال قوياً ولا يزال يمسك بخيوط اللعبة جيداً، إنه يريد أن يقول للعالم الغربي أنه سيفرض نفسه في أي حل سياسي قادم في سورية، فهو ليس بقادر فقط على الصمود أمام الثوار، بل وقادر على أن يصدر إرهابه  فيضرب البلاد الأخرى، إنها رسالة ما قبل المؤتمر الدولي المزمع عقده حول سورية في الأسابيع القليلة القادمة.
الرسالة الثانية وهي خاصة بتركيا، تريد أن تقول لأردوغان وحكومته إن الأسد قادر على إحداث البلبلة والفوضى داخل تركيا، حتى مع اتفاق السلام الذي عقدته أنقرة مع حزب العمال الكردستاني، إذ من الطبيعي أنه لا يزال من يريد لتركيا عدم الاستقرار ولا يوافق على السلام معها، ولا بد أن بشار الأسد يستفيد من هذا الوضع في دعم تلك الجماعات وتسليحها. الرسالة الثالثة يوجها الأسد إلى الشعب التركي الذي احتضن جيرانه من السوريين، ومفادها أن مخابراته قادرة على إلحاق الأذى ليس باللاجئين فحسب، بل بمضيفيهم من الأتراك. إن بشار الأسد يستفيد اليوم من تفجيرات الريحانية بإذكاء  الخلافات بين الشعب التركي وبين اللاجئين السوريين.
لا نشكك أن عدد اللاجئين الكيبر في تركيا قد يغضب بعض الأتراك من عدة نواح لا مجال لتفصيلها في هذه العجالة، وتشمل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأن أي أذى يتعرض له الشعب التركي سينعكس غالباً على علاقة المضيف التركي بضيفه السوري وقد يؤدي إلى تخوف الأتراك من استضافة السوريين بل قد يؤدي إلى التضييق عليهم والنفور منهم.
نؤكد على تقديرنا لموقف أنقرة المسؤول من هذه التفجيرات، والذي حاول أن يوضح للشعب التركي مسؤولية الأسد المباشرة عنها. ونبدي استغرابنا في الوقت نفسه من عدم تحرك الحكومة التركية بشكل حازم ضد الأسد، خاصة وأنه حاول العبث بأمن تركيا مرات عديدة من خلال التفجيرات الإرهابية أو القصف بالمدفعية بالإضافة إلى إسقاط الطائرة التركية.
إن السكوت على نظام دمشق بأي شكل ولأي سبب هو محاولة لفرض الرؤية الاستعمارية على المنطقة بما فيها تركيا، وليس الحل للتخلص من كل هذه الفوضى التي يسببها بشار الأسد أن يعقد مؤتمر دولي حول سورية يعيد المسألة إلى نقطة الصفر ويفرض على السوريين حواراً مع قاتل أبنائهم، إنما الحل الذي يجب أن تسعى إليه دول الجوار، خاصة تركيا، هو التخلص من الأسد نهائياً بإسقاطه وتقديمه إلى المحاكم الثورية كي ينال جزائه العادل.
د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام. فرنسا

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.