الرئيسية » أرشيف - فضاء واسع » الاعتداء الطائفي على المسجد العمري في درعا

الاعتداء الطائفي على المسجد العمري في درعا

 

لا نشك أن حقد النظام على محافظة درعا، يتجاوز كل حد يمكن للمرء أن يتصوره. فدرعا هذه هي من فجر الثورة السورية المباركة، أي هي التي ستطيح برأس الأسد قريباً، ولنقل أنها هي من أطاح بالفعل برأس الأسد في اللحظة التي سال فيها دم حسام عياش على ثراها الطاهر. وإن كان الحقد على درعا حادّاً فلأنه ممتزج بين انطلاقة الثورة وبين الحقد الطائفي البغيض الذي يغذيه الأسد من جهة وحزب الله والعدو الإيراني من جهة أخرى. وعلينا أن نعلم جميعاً أن نصيب درعا كان في يوم الثامن عشر من آذار عام 2011، ثلاثمائة قناص من العدو الإيراني اعتلوا المباني وأطلقوا النار على أهالي المدينة السلميين بما فيهم الأطفال والنساء، بل واستهدفوا بعض الناس في بيوتهم فقتلوهم من خلال النوافذ المفتوحة.
 
لا نحتاج إلى كثير من التفكير حتى نفهم الحقد الأسدي – الإيراني على المسلمين في أي مكان في العالم و ليس في سوريا فحسب، بل حتى في إيران نفسها حيث يعاني المسلمون من أشد أنواع القهر والظلم، فكيف إذاً ونحن نتحدث عن المسجد العمري، وما أدراك  من عمر رضي الله عنه، قاهر الكفرة حياً و ميتاً. إنه الرجل الذي لا يزال يأتيهم في كوابيسهم إلى اليوم. وبهذا المنطق نستطيع أن نفهم لماذا دمر بشار الأسد والعدو الإيراني وميلشيات حزب الله والمالكي حتى اليوم ما يقارب من 785 مسجداً على التراب السوري، ولماذا يسربون المصورات التي تبين اعتزازهم خاصة بإيذاء مسجد خالد بن الوليد في حمص والمسجد العمري في درعا.
 
إن الاعتداء على المسجد العمري اليوم، يعني اعتداء على تاريخ سورية وثقافتها ودينها وشعبها، إذ كيف يتجرأ بشار الأسد هذا على تدمير مئذنة مسجد بني في السنة الرابعة عشرة للهجرة. أمر ببنائه عمر رضي الله عنه وأشرف على تشييده أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما. ليس فحسب بل تعلّم في هذا المسجد وعلّم فيه كبار علماء الإسلام وثقاتهم ومنهم الإمام النووي، وابن كثير، وابن القيم الجوزية، والقاضي محمد بن محمد بن أبي العز الأذرعي، وإسحق بن إبراهيم الأذرعي، والإمام شهاب الدين أبو العباس الأَذرعي.
 
يعتقد الأسد أنه بتدميره مساجد سورية يستطيع القضاء على المسلمين وإنهاء ثورتهم، ولكن الجاهل لا يعلم أنه ومن خلال هذه الأفعال الإجرامية المشينة يزيد الثورة اشتعالاً، ويرفع إصرار الثوار على سحله في شوارع سورية. فمن الواضح أنه، وبسبب ثقافته الضحلة، يعتقد أن قلوبنا في المساجد فحسب، ولا يدرك أن المساجد في قلوبنا أيضاً، وإنه علاقة حب مستمرة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً.
 
إنني أنتظر من لواء اليرموك والكتائب المقاتلة في درعا مهد الثورة، رداً مزلزلاً يرضي حجارة المسجد التي سقطت اليوم. أما عن المسجد فلا بأس عليه، فسيعيد السوريون ترميمه، وسيبقى شاهداً على عمر وأبي عبيدة ومعاذ رضي الله عنهم، كما سيبقى شاهداً على طائفية العدو وإجرامه. 
 
د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام. فرنسا
 
 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.