الرئيسية » الهدهد » خاشقجي يكتب بعد طول غياب: “العلمانية ليست دكانا” والسعودية دولة إسلامية.. وهذا ما قاله عن “القحطاني”

خاشقجي يكتب بعد طول غياب: “العلمانية ليست دكانا” والسعودية دولة إسلامية.. وهذا ما قاله عن “القحطاني”

في مقال جديد له بعد طول غياب، تحدث الكاتب السعودي والمغرد المعروف جمال خاشقجي عن “العلمانية” ومفهومها الحقيقي بعدما أثارت تصريحات سفير الإمارات بواشنطن عنها جدلا واسعا وكذلك تصريحات سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي التي دعمت “العتيبة” وأفكاره.

 

وإليكم نص مقال “خاشقجي” الذي نشر بجريدة “الحياة” السعودية..

 

العلمانية ليست دكاناً يدخله أحدنا، يقلب بضاعته، ينتقي منها شيئاً أو اثنين يعجبانه ويترك البقية، ولكن البعض يفهمها هكذا، ففجأة انهالت على الصحف السعودية مقالات في فضائل العلمانية، ويريد أصحابها أن يزجوا بها إلى داخل نظام طبيعته وتركيبته لا تتفق معها، بل إن قليلاً منها يمكن أن يفسد المزاج ويفقد الدولة أهم مقوماتها وركائزها في الحكم.

 

المملكة العربية السعودية «دولة إسلامية» في نظامها الأساسي للحكم، الذي يعادل الدستور عند غيرها، وفي تاريخها وأسباب وظروف نشأتها، وأقصى ما تستطيع فعله للحفاظ على كيانها هو أن تجتهد في فقه الإسلام الذي تمضي عليه، أما أن تستبدل «أيديولوجيا» التأسيس والاستمرار والبقاء ببعض من العلمانية فهذه مخاطرة، والغريب أن هذه الدعوة صدرت من أروقة أعطتها أهمية، وأثارت حيرة متلقيها.

 

أعتقد أن سبب هجمة المقالات هذه هو مقالة المستشار في الديوان الملكي صديق الصحافيين الأستاذ سعود القحطاني، المنشورة في صحيفة «الرياض» الأسبوع قبل الماضي، ومعها التصريح الشهير للسفير الإماراتي في واشنطن الواسع النفوذ يوسف العتيبة، الذي قال في مقابلة تلفزيونية وفي معرض شرحه الخلاف مع دولة قطر، إن بلاده والسعودية تريدان مستقبلاً علمانياً للشرق الأوسط بينما تريده قطر إسلامياً متطرفاً، ولكني أحسب أن كتّاب المقالات استعجلوا فهم مقالة القحطاني وتصريح العتيبة، فالأول لم يذكر مصطلح العلمانية مطلقاً، وإنما حام حول حاجة شرعية الدولة السعودية الحقيقية الممثلة «بقوة السلطة الحاكمة، ولتلبيتها حاجات المواطن، وإنجازاتها الملموسة والمشاهدة على أرض الواقع، إلى شرعية أيديولوجية غير تلك التي كانت أحياناً سبباً للضعف وتكالب الأعداء والتفتت والتفكك في نهاية المطاف» بحسب قوله.

 

ذكرني الأستاذ القحطاني بمقالة قديمة كتبتها قبل عقدين، بحثت عنها فلم أجدها، ولكن وجدت إشارة إليها في مقالة نشرها الكاتب الأميركي المعروف لورنس رايت في مجلة «النيويوركر» عام 2004، تحدثت فيها عما سميته «السعودية الحقيقية وتلك الافتراضية»، وعنيت به الفرق بين الأيديولوجيا والتطبيق، إذ يعيش البعض افتراضاً في النظرية بينما الواقع مختلف، مثل تحريم صحون استقبال الفضائيات والقروض «الربوية»، بينما نحن أكثر المستهلكين والمنتجين في عالم الفضائيات (كانت هذه أمّ القضايا وقتها)، وكذلك يقوم نظام المملكة البنكي على القروض بالفائدة بينما النظرية تحرم ذلك. هنا أختلف قليلاً مع الأستاذ القحطاني، إذ دعوت إلى ضرورة الجمع بين «السعودتين» أو «الشرعيتين» كما سماهما بالاجتهاد في إطار الأيديولوجيا ذاتها.

 

وسنتفق بالقول إن المشكلة ليست في الإسلام، فلنسمّ الأشياء بأسمائها عوضاً من استخدام مصطلح «الأيديولوجيا» الفضفاض، وإنما في «أي إسلام»؟ فأتفق معه أن الإسلام الذي كان بحسب قوله «سبباً في أزمات كثيرة تعرضت لها البلاد»، هو ذلك الإسلام المتشدد، الرافض العصرنة ومفهوم الوطنية والدولة الحديثة ذات الحدود الجغرافية المحددة والأنظمة المستحدثة المسايرة للعالم والعولمة، وقد اصطدمت الدولة مبكراً بذلك التشدد في عهد الملك المؤسس في ما اتفق على تسميته «فتنة الإخوان» عام 1929، وتجدد الصدام مرات بعده في «حركة جهيمان» عام 1980، وإرهاب «القاعدة» بعد 2003.

 

باختصار، في الإسلام من السماحة والمرونة والعصرنة والقدرة على التجديد ما يغني عن البحث عن «أيديولوجيا» أخرى، كما أن الشرعية الحقيقية التي تمثلها الأسرة الحاكمة والوطنية السعودية تحتاجان دائماً إلى أيديولوجيا يقبلها الشعب وتحدد العلاقة بينه وبين الحاكم، والزج بمفهوم العلمانية وبخاصة في السعودية سيربك تلك العلاقة المريحة والتي يستفيد منها الطرفان، إذ إن السمع والطاعة أساسهما «إسلامي»، ذلك أن الحاكم هو «ولي أمر المسلمين»، وهو أيضاً «الإمام»، وهي مزايا لن توفرها العلمانية، بل تنقضها تماماً، فهي لمن يعرفها تقوم أساساً على الفصل بين الدين والحكم.

 

كما أن تصريح السفير العتيبة ما كان له أن يكون إيذاناً بالحديث عن فضائل العلمانية في دول الخليج، ناهيك عن السعودية، فهو لم يقصد علمانية دول الخليج ولا السعودية، وإنما علمانية تلك الجمهوريات العربية البائسة المضطربة، التي اتخذت ابتداء العلمانية أساساً للحكم حتى وهي تُحكم من أنظمة مستبدة، باسم حزب البعث وزعمائه «الأواحد» صدام حسين أو حافظ الأسد، وباسم الملكية الدستورية في مصر، وبعدها حكم عبدالناصر واتحاده الاشتراكي، لم تكن حكومات ديموقراطية، وإن اتخذت منها ديكوراً ومظهراً، فالعلمانية تقول بذلك.

 

وبعد ثورات الربيع العربي وصعود الإسلام السياسي تجدد الجدل حول هوية الدولة، هل تبقى علمانية أم ستصبح إسلامية، فالسفير يتحدث بعيداً من الخليج العربي، فلمَ الزج بالعلمانية في عالم خليجي تقليدي يحكم بالدين أو بعرف قبلي مشيخي صمد منذ زمن التأسيس؟

 

ليكن الحديث عن «أي إسلام نريد؟» وعن التحديث، بل حتى التحول التدريجي لدولة المؤسسات، وليس العلمانية. أما إن كان ولا بد، فهي أيضاً فكرة جيدة، فيها مخاطرة، ولكن هناك كثر متحمسون لها، شرط أن تؤخذ كلها أو تُترك كلها، فهي مرة أخرى ليست دكاناً تشتري منه شيئاً أو اثنين ثم تمضي.

قد يعجبك أيضاً

رأيان حول “خاشقجي يكتب بعد طول غياب: “العلمانية ليست دكانا” والسعودية دولة إسلامية.. وهذا ما قاله عن “القحطاني””

  1. كيف ينتصر من مستشاره القحطاني المأفون المأبون ومستشار أبيه البغل الخصي سلمان نمر ودحلان المتاجر بزوجته؟ قصيدة شوقي عن الأسد ووزيره الحمار تلخص الوضع:

    الليث ملك القفار******وما تضم الصحاري
    سعت إليه الرعايا******* يوماً بكل انكسار
    قالت: تعيش وتبقى ******يا دامي الأظفار
    مات الوزير فمن ذا** يسوس أمر الضواري؟
    قال: الحمار وزيري*** “ماذا رأى في الحمار؟”
    وخلفته، وطارت****** بمضحك الأخبار
    حتى إذا الشهر ولى****** كليلة أو نهار
    لم يشعر الليث إلا ******وملكه في دمار
    القرد عند اليمين ******والكلب عند اليسار
    والقط بين يديه ****** يلهو بعظمة فار!
    فقال: من في جدودي** مثلي عديم الوقار؟!
    أين اقتداري وبطشي***وهيبتي واعتباري؟!
    فجاءه القرد سراً****** وقال بعد اعتذار:
    يا عالي الجاه فينا****** كن عالي الأنظار
    رأي الرعية فيكم***** من رأيكم في الحمار!

    رد
  2. الخلاصة أنه يرفض ضمنا العلمانية؟!،يرفضها ليس لوجه ربك ذو الجلال والإكرام؟!،ولكن يرفضها لأن سيده لا يجد فيها ضالته؟!،والمتمثلة في البيعة والسمع و الطاعة واللقب(أمير المسلمين)؟!،لو كانت العلمنة توفر هذه الثلاثية لقبلها؟!،قلنا من قبل إنهم يلغون فقط؟!،لأن العلمنة بمفهومها الأوربي والغربي لا يقدرون عليها؟!،وهذا ما وعاه الكاتب ؟!،عندما قال بأن العلمانية تقبل جملة وتفصيلا؟!،وليس من العلمانية في شيء الإنتقاء على الهوى والمزاج؟!،وهو ماكنا قد تحدينا به العتيبة أن يقبل خمسا فقط مما تنص عليه العلمانية؟!،يعني هل تقبل الإمارات حرية انشاء الأحزاب؟!،هل تقبل اجراء الانتخابات لتنصيب برلمان منتخب؟!،هل تقبل بتعدد الإعلام وحرية الرأي في السمعي البصري وفي المقروء وفي الشبكات الاجتماعية كالتويتر والفايس بوك؟!،هل تقبل المساءلة حول الميزانيات وأوجه صرفها؟!،كل هذا لا يمكن قبوله من الطغاة الذين شعارهم لا أريكم إلا ما أرى؟!،ولا أهديكم أيتها الشعوب الطَيعة إلا سبيل الرشاد؟!،أطيعوا ونفذوا؟!،وإلا بالسياط جلودكم تحرق؟!،إذا فمقال الكاتب رسالته واضحة؟!،مفادها أن العبوا بعيدا عن العلمانية؟!،ففي العلمانية مايضركم ولا يسركم؟!،ابقوا كما كنتم؟!،فمكانكم احمدوا؟!،يالهم من كتاب التنوير؟!،يالهم من كتاب لعن الظلام؟!،لكن بإيقاد نصف شمعة ؟!، في زمن عولمة الكهرباء؟!،الخلاصة أن العلمانية لا تقبل اعطاء صكوك الطاعة لولاة الأمر وإن أخذوا المال-والحق أنَهم يأخذون-؟!،أو جلدوا الظهور-والحق انهم يجلدون-؟!،لهذا فهي مرفوضة؟!،أما أن يشتروا من دكان العلمانية شواطيء العراة؟!،ويعمموا فيها لباس البيكيني ومادونه؟!،فتلك مسألة فيها نظر؟!.

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.