الرئيسية » الهدهد » مركز أبحاث الأمن القوميّ بتل أبيب بكتابٍ جديدٍ: خطر اندلاع الـ”ثورات” بدول الخليج ما زال قائمًا

مركز أبحاث الأمن القوميّ بتل أبيب بكتابٍ جديدٍ: خطر اندلاع الـ”ثورات” بدول الخليج ما زال قائمًا

 

الخوف من التمدّد الإيرانيّ والخشية من توقّف الولايات المُتحدّة عن الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط، هما العاملان الأساسيان اللذان يُوثّقان ويُوطدان العلاقات شبه السريّة بين إسرائيل وبين دول الخليج العربيّ، هذه هي النتيجة التي يتوصّل إليها الباحث في الشؤون العربيّة، يوئيل غوجانسكي، في الكتاب الجديد الذي أصدره مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، وتناول فيه مصير دول الخليج العربيّ ومدى استمرار استقرارها السياسيّ على ضوء المُتغيّرات التي تعصف بالوطن العربيّ منذ العام 2010، وهي الفترة التي سُميّت بـ”الربيع العربيّ”.

 

ويقول الباحث غوجانسكي في الكتاب الذي يقع في 94 صفحة من الحجم المُتوسّط، يقول إنّ الكثيرين قاموا برثاء الأنظمة الملكيّة في الخليج قبيل أكثر من خمسين عامًا، زاعمين أنّ هذه الدول تُمثّل هياكل سياسيّة مُعادية للتاريخ، والتي تقف جحر عثرةٍ أمام رياح التقدّم والتغيير.

 

وأوضح المُستشرق الإسرائيليّ أنّ هذه التوقعات لم تتحقق على أرض الواقع، على الرغم من أنّ عوامل عدم استقرار الممالك والإمارات في الخليج، ما زالت قائمةً في البنية السياسيّة والاجتماعيّة، وعلى ضوء فشل التقديرات، شدّدّ الكتاب، يتحتّم إجراء دراسةٍ جديدةٍ لسبر غور هذه الظاهرة، أوْ كما سمّاها “لغز البقاء”، أيْ استمرار الاستقرار النسبيّ في هذه الدول، على حدّ تعبيره.

 

وبرأيه، فإنّ لهذه الدول لا يوجد أيّ عامِلٍ تفضيليّ مؤثرٍ على الدول الأخرى لكونها تتبع نظام حكمٍ ملكيٍّ، ولا يبدو في الأفق أنّ الشعوب العربيّة تتجّه نحو إتبّاع هذا النموذج من الحكم. ومن الأهميّة بمكان، الإشارة في هذا السياق إلى أنّ الـ”نظرية” الأساسيّة التي يعتمدها الكتاب الجديد تؤكّد على أنّ طبيعة أنظمة الحكم في الخليج لم تكُن ولن ستكون مُستقبلاً عاملاً فاعلاً رفي تثبيت استقرار هذه الدول، على حدّ قول المُستشرق الإسرائيليّ. حسب ترجمة زهير أندراوس.

 

الكتاب يُشدّد على وجود أربعة عوامل كان لها التأثير البارز والمركزيّ، لا بلْ المفصليّ في استقرار دول الخليج. وهذه العوامل، وهي نتاج التكتيكات التي انتهجتها هذه الدول، هي كالتالي: أولاً، الاستخدام والتوظيف الناجعان للأرباح العائدة من بيع النفط والغاز، ثانيًا، وأد التظاهرات والاحتجاجات ضدّ الأنظمة الحاكمة بشكلٍ ممتازٍ، العامل الثالث، طرق ووسائل نبذ وـ”تصفية” المعارضين في الداخل سياسيًا، كما حدّدّ ذلبك المصطلح المأخوذ من علم الاجتماع ׁ(Cooptation)، والعامل الرابع والأخير، بحسب كتاب مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، يمكن في اعتماد هذه الدول، أوْ الأنظمة الحاكمة على الدعم الخارجيّ، دون أنْ يُشير بشكلٍ واضحٍ إلى دور الدولة العبريّة في ذلك.

 

ورأى مؤلّف الكتاب أنّ فشل الانتفاضات العربيّة ضدّ الأنظمة الجمهوريّة، هو السبب الرئيسيّ الذي أدّى لاستقرار دول الخليج، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه حتى أولئك الذين يرغبون في تغيير أنظمة الحكم في الخليج توقّفوا عن المُطالبة بذلك، لأنّهم، شدّدّ المُستشرق الإسرائيليّ، لا يرغبون في الوصول إلى ما آلت إليه الأوضاع في كلٍّ من اليمن، ليبيا، سوريّة والعراق، على حدّ قوله.

 

علاوة على ذلك، أوضح الباحث غوجانسكي أنّ دعاة التغيير في دول الخليج باتوا يفهمون ويّذوتون أنّ قوى مُتطرفة ومًنظمة جدًا تقوم بالاستيلاء فورًا على الثورات الشعبيّة، الأمر الذي يجعل نتائج هذه الثورات سلبيّةً وغيرُ مرغوبٍ فيها، وأخطر مرّات كثيرة من الوضع القائم الآن في الدول الخليجيّة.

 

وأشار الباحث إلى أنّ الأنظمة الملكيّة في الخليج ستتعامل مع المُتغيّرات والتجديدات التي وصلت لأبوابها عن طريق انتهاج إصلاحاتٍ ديمقراطيّة وحقيقيّة، ذلك أنّه، برأيه، فإنّ الحكّام الديكتاتوريين لا يميلون إلى تشجيع المسّ سلبًا بمركزهم، وللتدليل على ذلك، أوضح غوجانسكي، فإنّ الخطوات لإشراك المواطنين في عمليات اتخاذ القرارات كانت قليةً جدًا ومحدودةً جدًا، وأيضًا مصحوبةً بقيام السلطات في تل الدول باستخدام القوّة المُفرطة ضدّ المواطنين، الأمر الذي ألغى عمليًا التغييرات، على الرغم من قلّتها.

 

وعلى الرغم من أنّ دول الخليج، أردف الباحث قائلاً في كتابه الجديد، على الرغم من أنّها أبرزت مناعتها في الحفاظ على السلطة، فإنّ هذه الحصانة لا تضمن ولا تؤمّن بقاء هذه الأنظمة الحاكمة لمدّةٍ طويلةٍ. وبرأيه، فإنّه من أجل الحفاظ على مناصبهم ومكانتهم، يتحتّم على زعماء الدول الخليجيّة، وتحديدًا الملوك، إيجاد الردّ الكافي، الوافي والشافي لطموحات الجيل الشّاب الجديد والمُتعلّم، وهذا الجيل بطبيعة الحال، أكّد الباحث، يطمح في ابتكار أساليب من أجل الانخراط في هيئات إدارة الدولة، بحسب تعبير غوجانسكي.

 

ومع ذلك، شدّدّ الكتاب على أنّ خطر اندلاع العنف السياسيّ في دول الخليج ما زال قائمًا، وهناك قوى معارضة بالداخل وقوى إقليميّة ستسعى لإذكاء التباينات الداخليّة في دول الخليج في محاولةٍ لزيادة تأثيرها بالمنطقة.

 

لجهة إسرائيل، أكّد الكتاب على أنّ الخشية من التمدد الإيرانيّ والقلق من عزوف أمريكا عن المنطقة، يُعتبران عاملان أساسيان في توثيق العلاقات شبه العلنيّة بين دول الخليج والدولة العبريّة. ولكن، أشار إلى أنّ مصلحة دول الخليج في توثيق العلاقة مع إسرائيل أكثر بكثير من مصلحة إسرائيل في توطيد علاقاتها مع هذه الدول، ع أنّ تل أبيب معنية جدًا باستقرار دول الخليج لتكون حلفًا ضدّ إيران.

 

وخلُص الباحث إلى القول إنّ العلاقات الثنائيّة ستتعزز كثيرًا بين إسرائيل ودول الخليج، على الرغم من أنّها ستبقى شبه سريّة وشبه علنيّة، ذلك لأنّ العلاقات، كما هي قائمة الآن، تُعتبر مُريحةً للطرفين، دول الخليج وإسرائيل.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.